كل إنسان معرض للخطأ وخير الخطائين الثواب وبحكم أن البشر الذين يمارسون مهام القضاء بشر، وعليه فليس من المستغرب وقوع بعضهم في الخطأ لدى قيامهم بمهامهم لكن هذه الأخطاء ليس ككل الأخطاء نظرا لصدوره عن ممثلي العدالة ولما يتركه من أضرار تطال المتقاضين في حياتهم، وحرياتهم، وأموالهم....، وقد يقع إنسان بريء ضحية لخطأ قضائي، فتدمر حياته بكل جوانبها ماديا اجتماعيا وعائليا وقد يطال الأمر أسرته بأكملها والقاضي بحكم عمله الحساس فإنه مطالب بعدم السقوط في كل مراحل عمله في الخطأ القضائي وعدم حدوثه. ومع ذلك فهو لا يصدر عن القاضي لمجرد كونه بشر خطاء بالفطرة ، أو لأن تكوينه المهني غير كاف أو في حاجة الى الكفاءة المهنية وإنما أزمة القضاء التي هي أزمة دول حتى لا يكون الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة تعرف العديد من الدول ومن بينها المغرب السقوط في فخ الخطأ القضائي كأن يغفل القاضي أوراق أو مستندات مهمة للقضية أو أن يتعسف في استعمال القانون أو أن يخطئ في تفسيره أو يمس بشرعية الأدلة الجنائية كالاعتداد بأدلة شبه باطلة أو الاعتداد باعتراف كان وليد الإكراه أو الاعتداد بشهادة شهود يشوبها التزوير والتحريف أو تصفية الحسابات وغيرها من الأمور كما أن الأمور التي تدفع القضاة لارتكاب الأخطاء كثيرة منها تصرفات المتهم نفسه أثناء المحاكمة أو تضليل الإعلام وضغط الرأي العام وعلى وجه الخصوص في القضايا ذات الحساسية الكبيرة، أو التوظيف السياسي للقضايا التي تحمل بعداً سياسياً وقد يتضرر الأفراد من مسألة الأخطاء القضائية بشكل كبير كأن يحبس شخص لمدة من الزمن ومن ثم تتضح براءته كما حدث في ملفي النوري والمولي أو ما يعرف بسفاح الجديدة أو جريمة قتل حدثت في ضيعة فلاحية بضواحي الجديدة أو جريمة قتل وقعت بفيلا فرنسي في تمارة أو وقد يخسر وظيفته على إثر ذلك ومركزه الاجتماعي، وقد يطال أسرته وأهله ذلك الأمر بل ومستقبله بشكل عام، من هنا أثيرت مسألة القول بحدوث الأخطاء القضائية، والتي تعتبرها طائفة من الفقهاء اصطداماً بقاعدة تحصين الأحكام بحجية الأمر المقضي به، والتي تعني بأن الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة ولا اعتداد بحقيقة مغايرة لها مهما كانت ماسة بحقوق وحريات الأفراد...، ويعتبرون الأخطاء القضائية مساساً بحرمة القضاء. وعلى ذلك الأساس لا يعتدون بتعويض المتضررين جراء الأخطاء القضائية، ويقرون الاكتفاء بالانتقال للتدرج الهرمي للمحاكم ودرجاتها أو ما يخوله القانون لبعض المسؤولين السامين في جهاز العدالة وذلك بمنحهم بعض الامتيازات لرفع حالات الاعتقال عن المرتكب في حقهم الأخطاء القضائية في حين يرى عمداء القضاء بفرنسا خاصة بعد استحضارهم للعديد من القضايا التي شابتها أخطاء قضائية أن تعريف الخطأ القضائي بمعناه الواسع يخص كل القرارات المشوبة بخطأ والصادرة عن المحاكم عندما تصبح هذه القرارات غير قابلة لأي طعن عادي، وبهذا لا يتعلق الخطأ القضائي بالقرارات التي يكون هناك مجال لإمكانية الاستئناف، فإن المتقاضي ضحية الخطأ يمكنه سلوك الإجراءات العادية، أي أن المحكمة التي تصدر قرارها في الدرجة النهائية هي من تكون خاطئة في الأصل علي بن أبي طالب عليكم بالعدل في الصديق والعدو وأن السعي وراء تحقيق العدالة يجب أن يكون غاية القضاء الأولى خاصة وأن الإسلام هو الآخر عرف إصلاح الخطأ القضائي وخير ما نستشهد به في هذا الباب هو معالجة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لمسألة الخطأ القضائي حيث أقر مبدأ ضمان أخطاء القضاة، وهذا يعني أنه اعتد بالخطأ بل وألزم بتعويضه، فوضع قانوناً غاية في الاهمية يقضي بأنه على الدولة ضمان أخطاء القضاة، بحيث تدفع ما يستحق للمظلوم او لأوليائه في الدم والقطع والعقوبات الاخرى، فقد قضى الإمام علي بن أبي طالب خطأ القضاة في دم او قطع فعلى بيت مال المسلمين، وهذا يدل على ضرورة وجود هيئة ترفع الظلم وتقدر الضرر وتحكم به وذلك صيانة لحقوق الانسان من الضياع، كما رفض الإمام مسألة توظيف المسائل السياسية للقضاة في إصدار القرارات والأحكام، اذ أوصى كل قاض من قضاة الامة قائلاً: عليك بالعدل في الصديق والعدو كما أن في عهد الدولة الأموية قد تم العمل بنظام والي المظالم على يد الخليفة عبدالمالك بن مروان، حيث خصص يوماً للفصل في المظالم، أي في شكاية أحد الناس من أحد الولاة أو القضاة، وأنشأ هيئة مستقلة عن القضاء للفصل في الشكاوى والأخطاء المتعلقة بالقضاة، وبالتالي فقد اعتد بالأخطاء القضائية وألزم بالتعويض عنها أما باستقرائنا لواقع الأخطاء القضائية بفرنسا، نجد أن بدايتها كان بعصر التنوير والذي شهد تغيرا بمفهوم الدولة والسلطة والعدالة، وبعدما كانت الأخيرة مشمولة بالقداسة والعصمة، أزيلت عنها، واعتد كنتيجة بالأخطاء القضائية. وتعتبر حملة فولتير لإعادة اعتبار كالاس وعائلته البداية الحقيقية للتصدي للخطأ القضائي والتعويض عنه، حيث إن القصة باختصار تدور حول أب لعائلة بروتستانتية وهو (كالاس) اتهم إثر انتحار ابنه بأنه قتله، وذلك لرغبة الأخير باعتناق الكاثوليكية خلافا لمذهب والده، واتهم على إثرها (كالاس) بجناية قتل عمد نسبت إليه في 10 مارس/ آذار 1762، وبعد تعذيب وحشي اقتيد إلى مشنقة نصبت في ساحة الكابيتول في تولوز، وقد هزت هذه القضية سكان تولوز لتعصب القضاء حينها ضد مذهب البروتستانتية ولتبنيهم لمذهب الكاثوليكية، ونقلت وقائعها لفولتير الذي عمل خلال 3 سنوات بعزم حتى توصل إلى إثبات براءة كالاس وإعادة الاعتبار لذكراه ولعائلته وتعويض عائلته عن الخطأ القضائي، حيث صدر الحكم من مجلس الملك برد اعتبار (لكالاس)، واكثر من ذلك فقد رأى الملك التعويض لزوجته عما لقيه زوجها وابنها الثاني من تعذيب، وعما لقيته هي من قهر وحرمان، فأمر بمنحها تعويضاً مالياً بقيمة ثلاثين الفاً من امواله الخاصة. وكانت تلك القضية هي البداية الحقيقية للثورة الفرنسية التي قضت على التعصب ضد المذهب البروتستانتي الأخطاء القضائية بالمغرب ومبدأ رد الاعتبار والمولي والنوري عنوانا لها تعتبر قضية المولي والنوري إحدى أبرز القضايا الموشومة بالخطأ القضائي بالمغرب ذلك أن المذكورين أعلاه قضيا أكثر من ثماني سنوات خلف القضبان في قضية لا يد لهما فيها بعد أن أصدر المرحوم الحاج الشعيبي رئيس غرفة الجنايات أنداك حكما أذانهما من أجل جناية القتل العمد وحكم عليهما بثلاثين سنة سجنا نافذا بعد أن متعهما بظروف التخفيف في جريمة ستبين الأيام أن لا يد لهما فيها وكأن كل شيء كان مهيأ لهما سلفا من أجل التخلص من هذا الملف الذي كانت قد ذهبت ضحيته إحدى محترفات القوادة بأحد أحياء الجديدة وكانت هي ثاني ضحية تسقط بهذه الطريقة دون أن يتم الكشف عن الفاعل الحقيقي تم اعتقال المولي ذاك الخياط البسيط بدرب لهلالي رفقة صديق عمره المحاسب المولي اللذين اعتادا اللقاء كل مساء من أجل احتساء كؤوس الشاي أو الكؤوس الأخرى كانت فاطمة الشلحة الشاهدة الوحيدة التي أقرت عند اكتشاف جثة الهالكة أن آخر مرة رأت فيها الضحية كانت قبل يومين من الحادث وهي متوجهة رفقة النوري والمولي لتنقطع أخبارها وهي الإشارة التي التقطتها الشرطة القضائية ووضعت الشخصين المذكورين موضع شبهة وقامت باعتقالهما نفى كل واحد منهما المنسوب إليه إلا أن الضابط المحقق بنى استنتاجه على شهادة الشاهدة التي أكدت بل أجزمت أن كل من المولي والنوري هما من طرقا باب الضحية ليلة قتلها أحيل المشتبه فيهما حسب رواية الأمن على المدعي العام ومنها على التحقيق ورغم أن محاميهما ظل طيلة سريان مسطرة التحقيق يؤكد أن شهادة الشاهدة مشكوك فيها وأن المتهمين عندما طرق باب الضحية أطفأ شخص ما نور البيت إلا أن التحقيق أقر بثبوت جناية القتل العمد وأحالهما على غرفة الجنايات التي حضرت أمامه الشاهدة في حالة سكر طافح وطالب الدفاع باستبعادها لأنها في غير كامل قواها العقلية دون جدوى وأصرت على أنهما من قتلا عائشة فأدانتهما المحكمة بالسجن ثلاثين سنة قضيا منها ثلاثا في السجن المحلي بالجديدة رفض خلالها طلب النقض فنقلا الى السجن المحلي بآسفي حيث سيقضيان خمس سنوات أخرى حدثت فيها ثلاثة جرائم قتل ومحاولة قتل واحدة كلهم في مواجهة محترفات دعارة وقوادة وطريقة تنفيذها شبيهة بتلك التي حدثت في مواجهة عائشة قتلت فاطمة التي لا يبعد مقر سكناها إلا بأمتار قليلة عن مسكن عائشة وبعدها قتلت حياة ووالدتها إيجة بذات الطريقة وبين الجريمتين تم محاولة قتل الكوكاطية التي هي الأخرى وسيطة دعارة وتسترت على مقترف الاعتداء عليها إلا أن قتل بائعة الأرانب التي كانت تستغيث أثناء قتلها ومحاولة إنقاذها من بين يدي القاتل ستغير مجرى العديد من الأمور حيث سيتم تفكيك العديد من القضايا التي ظلت مقيدة ضد مجهول فبعد أن كانت الشرطة القضائية تتخذ الاحتياطات من أجل إعادة تشخيص جريمة قتل بائعة الأرانب أصيب المشتبه فيه بتأنيب الضمير وأنهار ليلا حيث سيعترف بقتل فاطمة وحياة وإيجة وسيعترف بقتل عائشة السليمي التي يقضيا كل من النوري والمولي ثلاثون سنة سجنا نافذا في ملفها وفي الوقت الذي ثارت فيها ساكنة الجديدة احتجاجا على اعتقال بريئين عمل رئيس الأمن الإقليمي آنذاك على إلغاء إعادة تشخيص الجريمة بعد استشارة المدعي العام خوفا من هيجان الساكنة وتحركت الأقلام الصحافية لتعيد قضية المولي والنوري الى الواجهة وقبل انتهاء التحقيق أمر الراحل عبد المجيد بوزوبع وزير العدل أنداك بنقل المعتقلين من آسفي الى الجديدة تمهيدا لرفع حالة الاعتقال عنهما وهو ما حدث بعد انطلاق التحقيق التفصيلي مع المتهم بالحرش الذي لقبته الصحافة أنداك بسفاح الجديدة غرفة الجنايات التي أدانت المتهم بالحرش من أجل جميع التهم المنسوبة إليه ومن بينها قتل عائشة السلمي التي حوكم من أجلها المولي والنوري تمت تبرئتهما ليسلكا بعد ذلك العديد من المساطير كان أهمها الحصول على حكم يقضي باعتراف الدولة المغربية بخطئها القضائي وتعويضهما عن سنوات قضاها الاثنين في غياهب السجون أصيب على إثرها النوري بشلل في يده بينما غادر المولي السجن وهو يحمل العديد من الأمراض الى أن غادر الى دار البقاء دون أن ينعم حتى بذلك التعويض الهزيل حيث قضت المحكمة بمليون وخمسمائة ألف درهم لكل واحد منهما إلا أنهما اصطدما بكل أبواب التنفيذ مغلقة وبقي النوري يعيش على الكفاف والعفاف وأحيانا بمساعدة الأصدقاء فيما الأحكام صادرة باسم جلالة الملك وباسم القانون لم تعرف طريقها الى التنفيذ أم أن النوري سيغادرنا هو الآخر في يوم من الأيام دون أن تنصفه الدولة المغربية الزعزاعي عميد الشرطة الذي فكك عصابة خطيرة واتهم بالابتزاز بعد مسار تاريخي مليء بالتنويهات على إثر العمليات النوعية التي كان يقوم بها تمت ترقيته الى رتبة عميد وأسندت له رئاسة الفرقة الجنائية الولائية للشرطة القضائية بالبيضاء الأمر يتعلق بعبد الكريم زعزاعي، الذي كان يزاول مهام خاصة جدا تتمثل في تعقب خيوط الشبكات الإجرامية، سنة 2010، ستغير حياته بشكل كبير فمن بطل استطاع تفكيك عصابة إجرامية مكونة من 32 عنصرا، متخصصة في تزوير خاتم الوزير الأول. إضافة إلى أختام وطوابع خاصة بسفارات أجنبية بالمغرب، ومجموعة من الوثائق البنكية المزورة، ومنها أوراق إثبات الهوية وشواهد إدارية وأوراق السيارات وجوازات سفر مغربية وأجنبية وديبلومات خاصة بمعاهد عليا وبطائق خاصة وفي الوقت الذي كان فيه العميد عبد الكريم منتشيا بفتحه المهني هذا وأعضاء فرقته كان المدعي العام لاستئنافية البيضاء ينظر في اتهامات خطيرة موجهة الى المجموعة برمتها من بينها اتهامات بالرشوة والابتزاز واستغلال النفوذ الأمر كان يتعلق بتصريحات تلقتها النيابة العامة من طرف أحد المخبرين الذي قدم نفسه على أنه كان وسيطا بين الشبكات الإجرامية والفرقة الجنائية في عمليات الابتزاز والارتشاء ليتم اعتقال العميد وباقي عناصر فرقته الجنائية، وإيداعهم المركب السجني عكاشة، مباشرة بعد إحالتهم على قاضي التحقيق لم يتوقف العميد عبد الكريم حيث ظل يدافع بشراسة ليس عن براءته ولكن عن براءة مساعديه بالدرجة الأولى وفي جميع مراحل التقاضي، معتبرا أن الشكاية ضدهم هي مجرد وشايات كاذبة واتهامات كيدية في حق أمنيين تخلو سيرهم من أية سوابق مماثلة. قضى عناصر الفرقة الجنائية الخامسة أكثر من سنة وراء القضبان على ذمة التحقيق. مدة نفوا خلالها كل الاتهامات الموجهة إليهم، حيث أكدوا أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات لتصدر الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء حكما قضى ببراءة عبد الكريم زعزاعي، ومساعده الأول من التهم الموجهة إليهم بالرشوة والابتزاز واستغلال النفوذ. أحكام زرعت الأمل في قلوب زملائه، ببداية حياة جديدة بعيدا عن متاهة الاتهامات الكيدية وتصفية الحسابات. إلا أن الحاجز الذي اعترضهم مباشرة بعد مغادرتهم السجن هو توقيف رواتبهم حتى قبل أن يقول القضاء كلمته مما حتم عليهم سلك مساطير أخرى أعادت لهم كرامتهم وأجرهم وما هده الوقائع سوى جزء يسير من مجموعة من القضايا التي أصابت العديد من الأجهزة الأمنية في قضايا راجت أمام المحاكم، وكان المتهم فيها رجال أمن وجمارك ، حصلت فيها أحكام بالبراءة كحكم البراءة في حق ضابط رئيس المحطة البحرية بمدينة الحسيمة، الذي توبع بتهم »تنظيم وتسهيل خروج مغاربة خارج التراب الوطني بطريقة سرية وبصفة اعتيادية والارتشاء«. إضافة إلى تبرئة ثلاثة متهمين في الملف نفسه، تابعين لمديرية الجمارك والمديرية العامة للأمن الوطني، حيث قضى القرار الاستئنافي بإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بحسبهم ثلاث سنوات حبسا نافذا وهو ما حصل في ملف الجبلية والعاملين في المفوضات الأمنية للحدود الذين تمت تبرئتهم وترقيتهم مع إسنادهم مسؤوليات بمناطق أخرى إلا أن المشرع لم يعتبر الاعتقال الاحتياطي خطأ قضائيا ولم ينص المشرع على وجوب مسؤولية الدولة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن الاعتقال الاحتياطي، لأن الأمر به عمل قضائي تختص به النيابة العامة وقاضي التحقيق، وليس من الأعمال الإدارية التي يمكن أن تكون موضوع دعوى الإلغاء أو دعوى التعويض ياسين الشاب الذي قضى سنتين سجنا بناء على مسطرة تحقيق مرجعية كانت العقوبة الحبسية الصادرة في حق ياسين قد شارفت على الانتهاء إلا أن مفاجأته كانت أكبر عندما وجد رجال الدرك في انتظاره عند بوابة السجن ، من أجل فتح تحقيق معه حول ملف جنائي آخر يتعلق بعملية إضرام النار في فيلا فرنسي عثر عليه مقتولا بشاطئ الهرهورة، فتم نقله الى تمارة. حيث مقر الدرك الملكي الذي كلفته هذه القضية أكثر من خمس سنوات حيث لم يعتقل المشتبه فيه الذي تحول الى ضحية إلا في سنة 2007 بعد أن ارتكبت الجريمة في يونيو 2002 المثير في هذه القضية أن الشاهد الوحيد في هذا الملف صرّح أمام المحققين أن الصورة الفوتوغرافية التي عثر عليها رجال الدرك داخل الفيلا وقامت بوضعها على جدران مخفر الدرك ، لتسهيل الوصول إلى الجاني، بأنها تعود للمتهم ياسين الموجود وراء القضبان بسجن سلا، فانتظرت عناصر الضابطة القضائية الإفراج عن المتهم للتحقيق معه استنادا إلى تصريحات المسطرة المرجعية، وتأكد، في نهاية المطاف، أن تصريح الشاهد جاء اعتباطيا، وحامت شكوك في توريطه من قبل الشاهد بعد مدة من التحريات، وللوصول إلى الحقائق ظل المتهم البريء رهن تدابير الحراسة النظرية، وكان يجهل كل الحقائق المرتبطة بعملية إضرام النار في فيلا الفرنسي في شاطئ الهرهورة. ورغم الصورة التي حجزتها العناصر ذاتها وتأكيد من الذي ذكره في المحاضر، أنها تعود للمتهم البريء، حاول الأخير الدفاع عن نفسه من التهم الموجهة له، وكان ينتظر الإفراج عنه من قبل النيابة العامة بعد استنطاقه، وواجه كل مراحل القضية بالإنكار، فنفى جملة وتفصيلا التهمة المتعلقة بإضرام النار المؤدي إلى الوفاة إلا أن قاضي التحقيق أمر بإيداعه السجن المحلي لسلا ووضعه رهن الاعتقال الاحتياطي، فظل ينتظر سنتين داخل السجن، وكلما أحضره قاضي التحقيق أمامه للاستماع إلى تصريحاته، تشبث بأقواله السابقة في النفي، مدعيا أنه لم يسبق له أن وطأ شاطئ الهرهورة في حياته أحيل المتهم على غرفة الجنايات في حالة اعتقال وكله أمل في معانقة الحرية بعدما تم الاعتماد على محاضر الضابطة القضائية وشهادة الشاهد ، ما أقلق عائلته، التي طالبت، عن طريق دفاعها، بإحضار الذي ذكر اسمه حاول دفاع ياسين، أكثرَ من مرة، أن يطلب السراح مقابل كفالة مالية لإثبات الحضور، وظل يُقدّم عددا من الدلائل التي تثبت عدم تورط المتّهم في المنسوب إليه، لكن المثير في أطوار هذه المحاكمة هو أن الصورة التي عثر عليها المحققون في فيلا الفرنسي في شاطئ الهرهورة اختفت من المحاضر فطالب الدفاع بإحضارها وهل تعود الى موكله متسائلا عن سر اختفائها من المحاضر المنجَزة وربط الوصول إلى الحقيقة في هذا الملف بإحضار الصورة حتى يتسنى لرئيس الهيأة والدفاع الاطّلاع عليها وعرضها على الشهود للتأكد منها بدأ بصيص أمل في الحصول على البراءة يلوح في الأفق، وظلت الهيأة القضائية تؤجل الملف لأكثرَ من مرة إلى أن أحضرت المحكمة الصورة إلى قاعة الجلسة بعد أن أدلى رئيس الهيأة القضائية بها أمام الشهود والمتّهم والدفاع، تبيَّن أنها لا تعود إلى ياسين، وهو ما أكده الشهود أمام الهيأة القضائية، إذ أنها لا تتطابق مع وجه ياسين الحقيقي، ما أحدث ذهولا وسط القاعة.. وفجأة، عادت علامات الطمأنينة والارتياح ترتسم على وجوه أعضاء عائلة ياسين. وبعد نهاية الجلسة، اصطدمت العائلة ودفاعها، مرة أخرى، بأن الوكيل العام يشكك في الصورة ويعتقد أنها تعود إلى المشتبه فيه، فطالب بإجراء خبرة عليها، بعدما انتابته شكوك في أن تكون قد تمّت عملية تحوير لها فاحتج الدفاع من جديد على قرار الخبرة التي طالب بها ممثل النيابة العامة، معتبرا أنه يستحيل إجراء الخبرة لكون المحققين عثروا عليها داخل فيلا الفرنسي، وهي التي عُرِضت على الشهود في مصالح الدرك بتمارة وأمام قضاة الحكم استمر الدفاع في مؤازرة المتهم، فاعتبر أن جريمة القتل وإضرام النار لا تمت بصلة إلى موكله، وقال إن ياسين في حالة اعتقال بسبب عقدة الأجنبي، رغم توفره على كل شروط الاستفادة من المراقبة القضائية، لكن الغرفة أنهت هذا الملف الطريف بعدما قررت الهيأة تمتيع ياسين بالبراءة من التّهم الموجهة له من قِبَل النيابة العامة عانى المتهم أكثرَ من سنتين ظلما وراء القضبان. ورغم أن دفاعه طالب بتعويضه في هذا الملف، فإنه لم ينل أي شيء منذ ثلاث سنوات سوى مرارة العذاب بعد مغادرته السجن، وكان كبش فداء للضغوطات التي ربما تعرضت لها مصالح التحقيق لأن الضحية فرنسي. الآن وبعد اعتراف الدولة المغربية بالخطأ القضائي هل سيتم تعويض ضحاياه وإعمال مبدأ الحراسة القضائية في ملفات تشوبها رائحة المساطير المرجعية وشهادة الزور أم أن الوضع سيبقى على حاله وتلك قصة أخرى