نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    البطولة... المغرب التطواني يواصل نزيف النقاط والجيش الملكي يرتقي إلى الوصافة    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    وفاة الشاعر محمد عنيبة الحمري مخلفا وراءه "تكتبك المحن"    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تعزز إجراءات محاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    أخبار الساحة    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    الرشيدية .. لقاء جهوي لبلورة خارطة طريق التجارة الخارجية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    مهرجان جازا بلانكا يعود من جديد إلى الدار البيضاء    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع حفيظ حفيظ, الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل .. بعد الثورة شاهدنا ارتدادا أكثر من الذي عشناه

حفيظ حفيظ, الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل, المسؤول عن قسم الوظيفة العمومية ومناضل سابق في قطاع التعليم الأساسي.. حضر المؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم, العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، ولقيت كلمته في الجلسة الافتتاحية صدى قويا,حيث أسهب في توضيح معاناة الشعب التونسي والارتدادات التي عرفتها تونس بعد الثورة من خلال هيمنة الفكر الظلامي والذي بلغ أقصى درجات الإرهاب باغتيال المناضل الكبير شكري بلعيد, وقد استغلت الاتحاد الاشتراكي الفرصة لتلتقيه في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن الكثير من الأسئلة المقلقة والتي طرحت نفسها بإلحاح بعد المؤشرات التي تؤكد استهداف الدولة الحداثية وهيمنة قوى الظلام, والنضالات التي تنتظر القوى الحداثية والتقدمية وضرورة تشكيل جبهة بتفاعل مع الشعب لحماية الحريات وترسيخ قيم الحداثة
- كيف هو الوضع التعليمي في تونس الآن؟
- الوضع التعليمي في تونس غير مرتبط بهذه المرحلة التي تعيشها بلادنا, باعتبار أن الخيارات المتبعة منذ عقود والمعتمدة أساسا على إعطاء مزيد من الفرص للقطاع الخاص على القطاع العام, مما انعكس على وضعية المؤسسات التربوية، وانعكس على المناهج ومحتوياتها، نعتبر أن الوضع الحالي للتعليم في تونس فيه تواصل مع الخيارات السابقة، ولم نر بعد الثورة أي مؤشرات تدل على أننا سنتجاوز تلك الخيارات، وبالتالي كل نقابات التربية والتعليم لازالت ترفع نفس الشعارات التي من أهمها النضال من أجل مدرسة عمومية ذات محتوى ديمقراطي وعقلاني..
بعد الثورة و في مسارها شاهدنا ارتدادا أكثر من الارتداد الذي كنا نعيشه قبل الثورة, إذ أصبحت المسألة تستهدف لا عمومية المدرسة بل عقلانية التعليم وديمقراطية التعليم، وأصبحت تهدد المكاسب التي ناضل من أجلها شعبنا طيلة عقود وناضل من اجلها النقابيون، فظهرت مدارس قرآنية وظهرت أصوات تطالب بالحد من البرامج التي تنتصر للفكر النقدي وتنتصر للعقلانية وتنتصر لروح التحرر، وبالتالي نعتبر أن التعليم شأنه شأن المكاسب الأخرى كالحريات النقابية والحريات السياسية وحرية المرأة, أيضا التعليم يعتبر مستهدفا من طرف هذه القوى التي أعطتها صناديق الاقتراع فرصة الحكم.
- هل يعني هذا أن الوضع الآن أخطر مما كان عليه في عهد النظام المخلوع أو بعبارة أخرى هل يعني هذا أن الفكر الظلامي هو السائد, وبالتالي فهو يزحف بقوة للقضاء على الدولة المدنية؟
- ما نشاهده خلال سنتين من مؤشرات ومن معطيات نعيشها على الأرض تدل على أن المستهدف الأساسي هو كل ما هو مدني، والمستهدف بالدرجة الأولى هو قيم الحرية وقيم الحق وقيم العدل وقيم المساواة بين الجنسين والمستهدف أساسا هو العقل, نعتبر أن تونس شأنها شأن العديد من الأقطار العربية هي الآن مستهدفة من قوى تربت على ممارسة, لا أقول فقط الإرهاب, وإنما نشر كل ما هو ظلامي واستطاعت أن تستغل انتفاضة هذه الشعوب التي ناضلت طيلة عقود ضد الظلم والاستبداد والفساد والحيف الاجتماعي, استطاعت أن تقتنص هذه الفرصة معتمدة بطبيعة الحال على لوجيستيات أصبحت الآن مكشوفة ومعروفة واستطاعت أن تربح الجولة الأولى والانقضاض على الحكم، ومن خلاله تمرير هذه الأجندات، لكن في نفس الوقت بقدر ما أن هذه الهجمة ممنهجة وشرسة تتعرض لها شعوبنا, إلا أننا ما نلاحظه أيضا هو أن هناك مقاومة في مستوى هذه الهجمة، وبدأت تتشكل ملامحها في هذه الجبهات الديمقراطية التي نراها في العديد والعديد من الأقطار و التي أصبحت مقتنعة اليوم أن انتصار هذه الأطراف الظلامية هي في الحقيقة نتيجة تقوقعنا وتشرذمنا وتشتتنا, وبالتالي هذه الجبهات التي أصبحت قادرة على خلق تصور موازين قوة من شأنه أن تحد من هاته المشاريع.
- اغتيال المناضل شكري بلعيد هو عنوان كبير تعلن من خلاله الدولة الإسلاموية عن عزمها القوي لمحاربة الدولة الحداثية التي تطمح إليها الجماهير، لكن هذه الدولة الإسلاموية جاءت في نفس الآن بإرادة هذه الجماهير من خلال صناديق الإقتراع, فكيف يمكن تفسير هذه الجدلية علما أن الإسلاميين يؤمنون بالديمقراطية التي توصلهم للحكم وبعدها يغتالونها؟
- الحقيقة، لو أخذنا تجربة تونس في هذا المجال، نحن نعتبر كقوى تقدمية وديمقراطية أن الإرهاب والقمع الذي سلط على شعبنا طيلة أكثر من 25 سنة في فترة حكم بن علي أكثر المتضررين هم الديمقراطيون، والأقل تضررا رغم أن غالبيتهم قد عانوا السجون هم الإسلاميون، لأن هؤلاء استطاعوا أن يجدوا منافذ أخرى كالعيش في المنافي، التمويلات الخليجية، استطاعوا أن يستغلوا أهم فضاء موجود في تونس وفي العديد من الأقطار الأخرى وهي منابر المساجد، استطاعوا أيضا أن يتأقلموا مع وضعهم والعديد منهم بالآلاف الذين انخرطوا في هياكل حزب بن علي بيافطة جديدة ومثلوا خلايا نائمة ظلت طيلة عقود، وفي المقابل تضررت الحركة الديمقراطية واقتصر نشاطها على العمل النخبوي في قطاع المحاماة وقطاع التعليم، في النقابات وفي قطاع القضاة, لكن استطاع بن علي أن يخلق حاجزا متينا وسميكا بينها وبين الجماهير الشعبية على مستوى الأحياء وعلى مستوى الأرياف، إذن طبيعي جدا أول محطة ديمقراطية أن تكون الحركة الإسلاموية هي الجاهزة، لكن هناك معطيات نعتبرها مطمئنة ونبني عليها، أن عدد الناخبين في تونس كان ثمانية ملايين والذين سجلوا أربعة ملايين، الحركة الإسلامية التي حصلت على أربعين في المائة حصلت على مليون وأربعة مائة ألف صوت, مليون و500 ألف ناخب صوتوا لقائمات ديمقراطية مختلفة مشتتة بلغت 60 قائمة ولم تحصل على أي مقعد, الباقية هي قوى نستطيع أن نقول هي بين العلمانية وبين اليسارية, لكن استطاعت أن تحوز فقط على بعض المقاعد لكنها كانت مشتتة وبالتالي هناك أربعة ملايين لم يسجلوا ولم ينتخبوا, هناك مليون ونصف من القوى الديمقراطية ربما الآن بتوحدها وتشكلها في جبهة قد تصبح منافسا عنيدا، إذن، نحن نعتبر أن هذا المعطى لا يجب أن يجعلنا نحس بالإحباط ,لأن هذا التشكل في جبهات أكبر دافع له في الحقيقة هو أن بالفعل هذه الحركات الإسلامية والأمثلة عديدة في مختلف الأقطار العربية, لما تصل إلى الحكم عن طريق الصناديق فأول شيء تقوم به هو وأد الديمقراطية و وأد الحريات, وبالتالي منذ ان تسلمت السلطة بأغلبية نستطيع أن نقول أنها نوعا ما مرحة، بدأت في الاستحواذ على الإدارة، بدأت في السيطرة على الولاة، على المعتمدين، بدأت تمارس الإرهاب في الشارع، بدأت تشكل في أمن مواز، هناك أمن رسمي وهناك أمن مواز، تكون مليشيات، يعني أن هذه الحركات في الحقيقة لا علاقة لها بالديمقراطية, وبالتالي نعتبر أن هذه التجربة القصيرة على الأقل علمت شعبنا في تونس بأن هذا الخيار الذي وقع نتيجة رد فعل على حكم بن علي، وكذلك التعتيم الذي كان موجودا وكأن هؤلاء فقط هم الذين قاوموه، وكانوا في السجون إضافة إلى عدم وجود وعي نتيجة عدم التحام القوى الديمقراطية بأبناء شعبنا، جعلت أن الصراع وكأنه بين من «يؤمن» ومن لا «يؤمن»، هذا الوضع أصبح الآن يتغير وقدرنا أن نواجه هذا الوضع لكن بسلاح واحد هو التوحد ولا شيء غير ذلك.
- هل تعتبر بأن اغتيال شكري بلعيد بداية لتوحيد القوى التقدمية والحداثية بتونس؟
- نعم، بالفعل، استشهاد الرفيق والمناضل شكري بلعيد يشكل العنف في أقصى درجاته، لما يصل إلى الاغتيال والتصفية الجسدية ، والحقيقة أن هذا جاء في إطار سلسلة بدأت من تحريم الإبداع والفن والتدخل في الحريات الاكاديمية، منع التظاهرات، منع الاجتماعات، وكانت في كل مرة تُواجه باحتجاجات و تظاهرات ومسيرات تنديدية، لكنها لم تصل إلى درجة الوعي بأن المسألة تتطلب أكثر من هذه التظاهرات، وتتطلب وحدة.
واستشهاد المناضل الكبير شكري بلعيد كانت فرصة كي تتوحد هذه القوى الديمقراطية، صحيح أننا قطعنا نصف الشوط والآن أصبحت هذه القوى الديمقراطية تلتف حول أكبر منظمة نقابية جماهيرية في تونس منذ الخمسينات بمصداقيتها بتراكماتها بنضاليتها, وبالتالي نعتبر أن هذا مؤشر إيجابي، في نفس الوقت على مستوى الأطراف السياسية, فالأطراف اليسارية الراديكالية تشكلت في جبهة، واليسار الوسطي في جبهة، ولكن نعتبر أن هذا يتطلب خطوات أخرى، لأن المطلوب اليوم هو جبهة تقدمية ديمقراطية حتى تستطيع أن تقف حاجزا أمام هذا الزحف الظلامي.
- تتشكل الآن في تونس لجن أمنية تحت مسميات حماية الثورة، ألا ترون بأنها مدخل لفرض نوع من القهر المادي قد يؤدي إلى صدام مجتمعي؟
- هذا هو شعورنا بخطورة هذا المشروع، الذي نراه في رأينا ممنهجا ومتدرجا، بدأ بالسيطرة على الإدارة، لكن ذلك غير كاف, فالمشروع يتطلب جهازا آخر يمكن أن نسميه أمنا موازيا في بعض الأحيان تحت عنوان الشرطة السلفية، تحت عنوان روابط حماية الثورة، والحقيقة أن لا دور لها سوى أن تحمي الحزب الحاكم، ولا مهمة لها إلا إفشال أي تحرك لأي طرف ديمقراطي أو يساري، وهذا تجسد في العديد من المناسبات, خاصة في الأحياء الشعبية وفي الأرياف التي تعتبر حاسمة في الانتخابات القادمة، وهي ممارسات لا تختلف بأي شكل من الأشكال مع ممارسات حكم بن على الذي كان يستعمل قوى أخرى في شكل لجن يقظة، لجن أحياء، ولكنها هي هيكلة للميليشيات، وبالفعل نعتبر هذا أكبر خطر، وهذا هو في الحقيقة السبب الرئيسي كي تتوحد الحركة الديمقراطية حول مطلب أساسي، وهو حياد الإدارة، وهو ضرورة ملحة، خاصة تحييد وزارة الداخلية ووزارة العدل.
وبعد استشهاد المناضل شكري بلعيد, لم يعد الإكتفاء فقط بالمطالبة بتحييد الإدارة, بل تعداه إلى تشكيل حكومة تقنوقراط تتكون من كفاءات مستقلة غير متحزبة هي التي بإمكانها أن توفر الظروف الملائمة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، هناك عدة أطراف تستعجل الانتخابات، لكن موعدها في نظرنا لا قيمة له إذا لم نوفر الظروف حتى يمارس الناخب حقه بكل ديمقراطية وحتى تمارس كل الأحزاب حقها في الاتصال بالناخبين بكل حرية.
- حركة النهضة بعثت برسالة قوية من خلال تكليف وزير الداخلية بتشكيل حكومة, مع أن الشارع التونسي يتهم هذا الجهاز باغتيال شكري بلعيد، هل تعتبر أن هذا التعيين بمثابة رسالة قطيعة؟
- نعتبر أن المعركة حتى داخل حزب حركة النهضة قد حُسِمت لفائدة الشق المتسلط أو ما يسمى بالصقور، وهذا في الحقيقة مؤشر خطير و يدل على أن المعركة ستحتد في الأيام القادمة بين الحركة الديمقراطية وحركة النهضة التي كما قلت حسمت خيارها في أنها لا تريد بأي شكل من الأشكال التخلي عن السلطة, وما اختيار الوزير الذي يعتبر المسؤول عن حماية المليشيات التي قتلت لطفي نكاد,أحد ممثلي نداء تونس في تطاوين، هذه المليشيات التي اعتدت على الفنانين و المبدعين، هذه الوزارة أيضا التي تحمي أجهزة أمنية موازية أحيانا لا علاقة لها مع المسؤولين الكبار داخل الداخلية، وهناك حديث شبه رسمي أن أحد الإرهابيين الكبار في تونس الذي كان يقود العمليات الإرهابية في الجزائر هو الآن مسؤول على الجهاز المخابراتي بوزارة الداخلية.
اختيار هذا الوزير يقدم إشارة واضحة إلى أن النهضة ستمضي إلى الأمام في خيارها، وهذا توجه فيه تسلط وفيه إشارة إلى عدم التنازل عن الحكم، يتطلب بالنسبة لنا فقط مزيدا من التوحد ومقاومة أكبر وأشرس..
- حضرت المؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم، وكما تعلم لم يستطع الحكام في المنطقة تحقيق وحدة المغرب الكبير، فهل تستطيع القوى النقابية بهكذا تعاون أن تحقق هذا الحلم الذي يراود الشعوب المغاربية, خصوصا وأننا في زمن التكتلات؟
- تجربة النقابات المغاربية على الأقل في مستوى نقابات التربية والتعليم, هي تجارب تعتبر إجماليا ناجحة, لأنها استطاعت في فترات معينة على الاقل أن تمثل قطبا في مستوى المنظمات العربية كالدور الذي لعبته نقابات المغرب العربي في اتحاد المعلمين العرب، والدور الكبير الذي لعبته في العالمية للتربية. كانت هذه النقابات دائما من القوى التي دافعت إلى الأمام ، لكن بطبيعة الحال كلما تتجه إلى تكريس اختياراتها ورؤاها ومقارباتها في مستوى ملف التربية والتعليم في أقطارها إلا وتصطدم بصعوبات كبيرة، صعوبات تترجمها الخيارات المتبعة في اٌقطارنا المغاربية، في علاقتها بعمومية المدرسة، في محتويات المناهج التعليمية، في البرامج المتبعة، وهذا يتطلب في الحقيقة مزيدا من التحام نقابات التربية والتعليم مع باقي المكونات النقابية في كل هذه الأقطار وفي العالم العربي, ومع ذلك نعتبر هذا غير كاف بل يتطلب التحام النقابات مع كل مكونات المجتمع المدني على المستوى القُطري وعلى المستوى المغاربي، صحيح الطرف النقابي يلعب دوره, لكن المعركة لا تحسم إلا إذا تكتلت كل القوى المدنية لتخوض الصراع من أجل تكريس هذه التوجهات.
الجانب الثاني ان هناك جريمة اخرى قد اقترفت قبل استشهاد الرفيق شكري بلعيد و هي مقتل لطفي مكاظ, أحد قيادي نداء تونس . و العديد من قياديي النهضة صرحوا بأن لاعلاقة لهم بالاغتيال ، بالرغم من اكتشاف أن مسؤولين في حركة النهضة في فرع تيطاوين قد ساهموا في تلك الجريمة . و المعطى الثالث و هو الاخطر, أن وزير الداخلية بنفسه كان عدة مرات يهدد شكري بلعيد في منابر حوارية و تلفزية ، و يحمله مسؤولية كل ما وقع في سيدي بوزيد و خاصة في جهة سريانة التي استعمل فيها سلاح الرش و أوقع العديد من الضحايا . و قياديو النهضة المتشددون كانوا في العديد من التجمعات يهددون شكري بلعيد ، و كذلك في المساجد, حيث كان بعض الأئمة في الخطب يحرضون ضد العلمانيين و خصوا شكري بالاسم . و كلها مؤشرات كافية كي توجه زوجة الفقيد و عائلته التهمة إلى وزارة الداخلية و حكومة النهضة مباشرة .
- في ظل الحكومة نصف الملتحية التي تحكم بالمغرب اليوم ، لاحظنا في مؤتمر النقابة الوطنية للتعليم غياب الإعلام العمومي ، كيف ترى هذا الغياب ؟
- حضرت عدة ملتقيات و مؤتمرات و من بينها مؤتمرات النقابة الوطنية للتعليم (فدش) بالمغرب ، و كانت تحظى بتغطية إعلامية لا مثيل لها ، حتى أنني كنت أقول في ذلك الوقت شتان مابين ما نعيشه في تونس و يعيشه المغرب . لكن في هذا المؤتمر فوجئت بهذا التعتيم الإعلامي غير المسبوق ، و عدم الحضور الرسمي على الأقل للتلفزة الوطنية المغربية . ففي تونس و رغم التراجعات المسجلة ، إلا أن المناضلين الإعلاميين بدأوا يكسبون المعركة ، و استطاعوا أن يخلقوا توازنا في المشهد الإعلامي . و هذا يجعلني أعتقد أن تجربة الإعلاميين الشرفاء بالمغرب تجعلهم قادرين على أن يواجهوا مثل هذا التعتيم .
- في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم ,وقف الجميع دقيقة صمت وقراءة الفاتحة ورُفعت شعارات تدين جريمة اغتيال المناضل بلعيد, وكانت ترتبط بجريمة سابقة في المغرب هي جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون هذه الجريمة التي مازالت مسجلة ضد مجهول ,ألا تخافون أن تسجل جريمة الشهيد بلعيد ضد مجهول أيضا؟
- المؤتمرون وكل الحاضرين من ضيوف وقفوا دقيقة صمت وعبروا بكل خشوع وإجلال لأرواح كل شهداء المنطقة المغاربية، لأن الظلام لم يغتل شكري بلعيد فقط, بل قتل قبله بنجلون في المغرب وبن حمودة في الجزائر, هذه الاقطار دفعت ثمن هذا الارهاب الذي يمارس جرائمه في الظلام وبتعتيم أيضا من طرف أطراف تحميه. ولذلك نعتبر ان مقترفي الجريمة ضد الشهيد عمر بن جلون لم يقع الكشف عنهم إلى الآن, وبالتالي هذا درس جعلنا في تونس نصر على أن نكون حازمين في تتبع هؤلاء الجناة وهناك مؤشرات ملموسة أنه سيقع الكشف على هؤلاء المجرمين في القريب العاجل.
{ التخوف الذي كان خلال الاحتجاجات ضد اغتيال الشهيد بلعيد هو أن هذه رسالة موجهة للمعارضة ، هل فعلا هذه الرسالة تقبلها التونسيون بخوف أم بالعكس دفعت الجماهير إلى تحدي هذا الخوف وتحدي الإرهاب.
- بالفعل هاته التخوفات التي بدأ الترويج لها في العديد من المجالات, سواء في المواقع الاجتماعية أو عبر تسريبات أمنية، جعلت المستثمرين يحولون وجهتهم عن تونس، وبدأت هناك حيطة من طرف الأوساط الشعبية, لكن نعتبر أنها لم تزد الديمقراطيين إلا مزيدا من الإصرار للوقوف ضد هذا الظلام الذي يأتي على الأخضر واليابس، بالأمس شكري وغدا سيكون آخرون, ونعتبر أن رب ضارة نافعة, رحل شكري لكن ربحنا شيئا آخر، أعطانا شيئا آخر هو إصرارنا ووحدتنا.
{ عائلة الشهيد بلعيد تتهم مباشرة حزب النهضة باغتياله, هل هناك سند أو إشارات دفعت الأسرة إلى أن تعلن هذا الاتهام المباشر؟
- هناك أسباب متعددة, ولو أنه في الحقيقة اتهام غير مباشر لكن له أسبابه، السبب الأساسي هو أن حركة النهضة منذ أن تسلمت مقاليد وزارة الداخلية وهي تتستر على كل الجرائم التي اقترفت في حق الديمقراطيين, وهذا سبب كاف كي تحملها المسؤولية باعتبارها هي التي تحكم, وبالتالي هي المسؤولة على الأمن وحماية كل نشاط سياسي.
الجانب الثاني أن هناك جريمة أخرى قد ارتُكِبت قبل استشهاد الرفيق شكري بلعيد وهي مقتل لطفي مكاظ قيادي نداء تونس، عديد من قيادات النهضة صرحت بأن هذه الروابط المتهمة لا علاقة لها بها, رغم أنه بعد ذلك وقع اكتشاف أن مسؤولين في حركة النهضة في فرع تطاوين قد ساهموا في تلك الجريمة.
المعطى الثالث وهو الأخطر أن وزير الداخلية بنفسه في عديد من المرات يهدد شكري بلعيد وفي منابر حوارية وتلفزية ويحمله مسؤولية كل ما وقع في سيدي بوزيد وخاصة في جهة سديانة التي مارس فيها سلاح الرش, وهناك العديد من الضحايا، قياديو النهضة المتشددون في العديد من التجمعات كانو يهددون شكري بلعيد، أيضا في المساجد في خطبهم يحرضون ضد العلمانيين وخصوا شكري بلعيد بالاسم وهي في الحقيقة مؤشرات كافية كي توجه عائلة الفقيد التهمة إلى وزارة الداخلية وإلى حكومة النهضة مباشرة.
- المنطقة المغاربية فيها تعدد ثقافي ولغوي وفي بعض الأقطار تم ترسيم اللغة الأمازيغية دستوريا, لكن مازال هناك ضعف كبير على مستوى مناهج تعليمها, كما أن الحكومات تتعامل معها بما لا يرق إلى مستوى الاعتراف بها دستوريا، انتم كنقابات, ماذا يشكل هذا في أجندة نضالكم؟
- في الحقيقة هذا الملف الذي تطرقتم إليه مازال إلى حد الآن بالنسبة لنا كتونسيين لم يطرح بحدة، لكن في نفس الوقت نعتبر أنه يمثل أهمية في بعض الأقطار والتي خطت خطوات في اتجاه تمتيع بعض الحساسيات من حقها في هويتها الثقافية والاعتراف بلغتها ,ونعتبر أن هذا يساهم في تكريس الوحدة الوطنية ويزيد في تكريس تعايش الثقافات واللغات والحضارات, وهذه علامة صحية تؤمن وحدة لا يمكن اختراقها من أطراف أخرى ربما تلعب على هاته التفريقات, وبالتالي فمبادرات هذه الاقطار باحترام هذه الثقافات بكل مكوناتها تسد الطريق على هؤلاء.
- في ختام هذا الحوار ، ماهي الرسالة التي تود أن تبعث بها للشغيلة التعليمية في حفلها النقابي هذا ، و من خلالها لعموم المغاربة ؟
- رسالتي استنتاج من مداولات الجلسة الافتتاحية ، التي جعلت المؤتمر ينجح قبل أن يبدأ . بحيث أن ما صرحت به القيادات النقابية و القيادات السياسية التي أخذت الكلمة في الافتتاح ، يؤكد أن الحركة النقابية لا يمكنها أن تكون فاعلة إلا عبر توحدها , فهذا التشرذم هو الذي مكن أعداء الحرية من التقدم خطوات إلى الأمام . و ما أفرحني أكثر في الجلسة الافتتاحية هو ذلك الوعي لدى القيادات السياسية و خصوصا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الذي أكد كاتبه الأول في كلمته ، أن الأولوية اليوم هي لم الصفوف ، و التوحد و لا شيء غير التوحد . و هذه هي الرسالة التي أعيدها من جديد . و ما يبعث فينا الأمل هو هذه القناعة التي ترسخت لدينا من خلال هؤلاء الذين اقتنصوا نضالاتنا ، فتعلمنا أنه لا خيار لنا سوى التوحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.