وجه صندوق النقد الدولي، الذي منح المغرب قرضا ائتمانيا بقيمة 6.3 مليار دولار، تعليمات صريحة للحكومة بضرورة إصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، حيث اعتبرت نعمت شفيق نائب العضو المنتدب للصندوق أن السياسة الجبائية للمغرب «بما في ذلك ميزانية 2013 تبقى مطابقة» لالتزامات البلاد المتمثلة في الحفاظ على سياسة جبائية مستدامة»، مؤكدة على أهمية «السير قدما في إطار هذه الاستراتيجية، وفي إصلاح صندوق المقاصة ونظام التقاعد والضمان الاجتماعي. غير أن مصادر مقربة من الحكومة أكدت ل «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك خلافا كبيرا بين مكوناتها حول إصلاح صندوق المقاصة، وأضافت أن مقاربة حزب الاستقلال لهذا الاصلاح تختلف تماما عن مقاربة حزب العدالة والتنمية لهذا الموضوع. فبينما يدافع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ومعه وزيره في الشؤون العامة نجيب بوليف عن حذف الدعم بشكل تدريجي في اتجاه التخلي عن صندوق المقاصة بشكل نهائي، إذأوضح بوليف خلال اليوم الدراسي حول المقاصة أن تحرير جميع المواد المدعمة لن يكلف الأسر المغربية أكثر من 600 درهم شهريا، سيتم تداركها من خلال توزيع الدعم الذي كشف بوليف أنه سيمس حوالي 5،3 مليون أسرو مغربية. في المقابل يشدد حزب الاستقلال وعلى رأسه وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة على ضرورة الحفاظ على صندوق المقاصة مع مراجعة سقف الدعم بشكل يضمن التوازن بين البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي والبعد الموازناتي. وقد كشف وزير الاقتصاد والمالية عن هذا التوجه خلال اليوم الدراسي المنظم أول أمس بين مكونات الأغلبية ، حيث نبه بركة إلى صعوبة إصلاح هذا النظام ، بما يمكن من وضع الآليات الكفيلة بتحصين المكتسبات المتعلقة بالقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وإنصاف المعوزين والعمل على إيجاد معادلة تتجاوز المنظور المحاسباتي الضيق إلى خلق توازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والحكاماتية للنظام . وكشف بركة أن مخصصات المقاصة سنة 2012 قد تجاوزت، لأول مرة، الغلاف المرصود للاستثمارات وهو مؤشر قال إنه لا يبعث مطلقا على الارتياح، لأن الرهان الأساسي يجب أن ينصب على الاستثمار، والمجهود المالي ينبغي أن يتجه نحو إنجاز الاستثمارات والأوراش الكبرى لأنها هي التي ستمكن من إحداث المزيد من فرص الشغل وخلق الثروة. كما نبه إلى ارتفاع نفقات الدعم إلى ما يناهز 55.5 مليار درهم (6,6% من الناتج الداخلي الخام) خلال سنة 2012 مقابل فقط 4 مليار درهم (0,9% من الناتج الداخلي الخام) خلال سنة 2002، بحيث أصبحت هذه النفقات تؤثر بشكل سلبي على توازن الميزانية العامة، خصوصا في السنوات الأخيرة. هذا الوضع المقلق يساهم في تفاقم عجز ميزان الأداءات وتراجع احتياطي العملة من جراء ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الأولوية، والتزايد المسجل في حجم استهلاك هذه المواد، خاصة المواد النفطية التي امتصت لوحدها أكثر من 86 في المائة من المخصصات المرصودة للدعم خلال سنة 2012، كما أن مادتي الغازوال والغاز بوطان باتا تمثلان حوالي 74 في المائة من الدعم المرصود للمواد النفطية.