يفقد كل بلد من المنطقة المغاربية نقطتين من معدل نموه بسبب غياب التكتل بينها، وهي كلفة مهمة تدفعها الشعوب من إمكانياتها التنموية بسبب عدم تفعيل الاتحاد المغاربي . ذلك ما أكدت عليه بعض المداخلات في الندوة التي احتضنتها نهاية الاسبوع المنصرم مراكش في موضوع « الأمن والديمقراطية في البلدان المغاربية « التي نظمتها فرق برلمانية بتنسيق مع التحالف الأوربي للمحافظين والإصلاحيين بالبرلمان الأوربي . وكشفت مداخلات المشاركين، ومنهم زعماء بعض الأحزاب السياسية ،أن التنمية الاقتصادية بالمنطقة رهينة بالاستقرار الديمقراطي ، حيث أن بعض البلدان المغاربية تأخرت كثيرا في بنائها الديمقراطي مما أثر على بعض جيرانها وعطل مشروع الاتحاد المغاربي الذي يظل رهينا بمجموعة من الشروط، في مقدمتها إنضاج التجربة الديمقراطية داخل بلدانه، والتجاوب مع تطلعات الشعوب والسعي الحقيقي نحو توفير فرص التنمية الشاملة . وحسب بعض المشاركين، فوضعية المنطقة سواء على مستوى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها البلدان المغاربية، أو على مستوى التهديدات الأمنية التي تحيط بها ، يفرض ضرورة التعجيل ببناء اتحاد مندمج بينها لتحقيق طموحات الشعوب وإرساء التوازنات المطلوبة في الفضاء الأورو متوسطي والاستفادة من شراكة منصفة وناجعة مع بلدان الشمال . وحضرت التجربة المغربية بقوة في نقاشات الندوة ، التي أكدت أن المغرب انخرط في المسلسل الإصلاحي منذ سنين ، ولم يكن الأمر لديه تأثرا بما وقع في ظل ما سمي بالربيع العربي . ساعده في ذلك توفره على قوى سياسية حقيقية، مما ساهم في تعميق تجربته الديمقراطية. وهو ما عانت من غيابه بلدان مغاربية أخرى التي أدت فاتورة غياب أحزاب قوية، تسبب في تعثر بنائها لديمقراطي . وألح بعض المشاركين على ضرورة تحيين الشركاء الأوربيين وتطوير مقارباتهم ونظرتهم لبلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط لتسهيل بناء فضاء أورومتوسطي له مكانته في النظام العالمي الجديد على أساس قيم إنسانية مشتركة ،بعيدا عن كل تعصب من أجل مواجهة أي انفلات أمني أو سلوك إرهابي قد يواجهه من الخارج. بل إن ذلك يعتبر ضرورة لحل معضلة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تجتازها منطقة الأورو، والتي يبقى الحل الأنجع لها هو تفعيل تعاون حقيقي مع دول شمال إفريقيا في ظل الاتحاد المغاربي وتحيين إيجابي للشراكة بين الشمال والجنوب، ومد الجسور لتوطيد التفاعل بين دول الجنوب نفسها. وكل ذلك من أجل بناء منطقة للشراكة تتشكل كمجال للاستثمار والتنمية وتوفير شروط السلم الاجتماعي وعوامل الاستقرار والأمن التي تجد أساسها في الاستجابة لتطلعات الشعوب في العيش الكريم والازدهار والرفاه .