مؤسسة وسيط المملكة تنجح في وضع حد لاحتجاج طلبة كليات الطب والصيدلة    سانت لوسيا تشيد بالتوافق الدولي المتزايد لفائدة الصحراء المغربية بقيادة جلالة الملك (وزير الشؤون الخارجية)    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    بعد إضراب دام لأسبوع.. المحامون يلتقون وهبي غدا السبت    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    زياش: عندما لا يتعلق الأمر بالأطفال يفرون    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلحاق دكاترة التربية الوطنية بالجامعة - قراءة في تصريح للوفا -

مهما تبدو التطورات والوقائع الأخيرة، في ظاهرها، وكأنما لا تحمل جديدا، إلا أن مقاربتها بقدر أكبر من العمق والتحليل، يمكن أن تجعلنا نتبين أن ملف الدكاترة العاملين بوزارة التربية الوطنية إذا ما كان أصحابه والمدافعون عنه أكثر يقظة واستعدادا ، وأكثر وعيا ، أساسا ، بشروط موضوعية جديدة ناشئة ، فإنه يمكن أن يعرف نوعا من الحلحلة - كما يقول إخواننا المشارقة - غير مسبوقة ، قد تفضي إلى طيه على نحو نهائي. على أننا لا نستبعد أن هذه الرؤية قد تكون من منظور البعض ، وخاصة النقابيين الذين يشتغلون من قريب على الملف، في حاجة إلى دلائل موضوعية تثبت مصداقيتها؛ فالملف الآن يكاد لا يراوح مكانا واحدا، والوضع في مجمله يبدو مريحا بالنسبة للوزارة؛ فلا داعي لأي قلق أو توثر ، وخاصة أن الدكاترة يكادون لا يحركون ساكنا من النضال في هذه الأيام. وتدفعنا مثل هذه الرؤية ، غير العميقة في واقع الأمر ، إلى أن نعاود التأكيد أن الوقائع الحالية ، بسياقاتها وأبعادها ودلائلها المختلفة ، يجب أن تسمح بصورة أكثر تفاؤلا عن مسار هذا الملف ، وقرب طيه لمرة أخيرة. وإن ما نحتاجه لتحقيق الهدف الذي بات قريبا ، هو التزام حقيقي من أكبر عدد من الدكاترة ، إن لم يكن من جميعهم ، وتحرك عاجل على كل الجبهات ، بما يجعل الوزير المتفلت في ركن ضيق لا يملك معه إلا أن ينفذ ، وعلى وجه السرعة ، وعده بتغيير الإطار لمن تبقى من الدكاترة بوزارته ، تفاديا للأسوأ الذي بات هؤلاء أقرب إلى ارتكابه جراء ما مورس عليهم من ظلم وإقصاء..
والمقال الحالي سيجري تكريسه , في وعي بطبيعة الظرفية التي يعرفها الملف , لتوثيق وتحليل جملة من المضامين الأساسية ، التي تضمنتها تصريحات للسيد وزير التربية الوطنية ضمن سياقات رسمية. ولعل اللافت، في هذه السلسلة من التصريحات، أنها ترتبط ، على نحو حصري، بإمكانية إلحاق الدكاترة بالجامعة ، وكأنما بات هذا الإجراء بمثابة المدخل الوحيد لحل مشكل هذه الفئة بوزارة التربية الوطنية. وفي الحقيقة فإن هذا فعلا يمثل أفضل صيغة لحل مشكل الدكاترة يمكن أن تطوي لمرة أخيرة هذا الملف ، وذلك ضمن أفضل الشروط الممكنة سواء بالنسبة للوزارة أو بالنسبة للدكاترة.
وعلى الرغم مما نعلم من أن كثيرا من المسؤولين لا يلتزمون بتصريحاتهم ووعودهم ، فإننا نرى أنه سيكون ذا أهمية أن الرأي العام يقف على صورة من صور التدبير والتسيير التي تعتمد لدى مسؤولينا. إضافة إلى وضعه في قلب هذه الوقائع والأطوار ، شاهدا على المآلات القادمة لوعود وتصريحات قيلت بأسلوب الحقيقة ، بعيدا عن أي أداء مجازي..
ولقد كان ثمة حاجة منهجية إلى أننا ننتقي تصريحا واحدا نموذجيا يكون محور تحليلنا ونقاشنا في هذا المقال. وللعلم فقد صدر عن السيد وزير التربية الوطنية ، في الآونة الأخيرة ، عدد من التصريحات حول ملف الدكاترة ، فرضتها عليه الجامعة الوطنية للتعليم بجناحها الذي يرأسه السيد عبد الرزاق الإدريسي. وفي كل مرة وفي كل جهة، كان مجلس من المجالس الإدارية للأكاديمية ينعقد ، كان السيد الوزير يجد في انتظاره مناضلي الجامعة يرغمونه على المناقشة والتحاور، خاصة حول الملفات الفئوية ، وعلى رأسها ملف الدكاترة. والواقع أن هؤلاء المناضلين قد عبروا عن درجة عالية من الالتزام النضالي ومن الوفاء لملف الدكاترة الذي لم يعد يجد من نصير حقيقي برغم عدالة وشرعية مطالبه. وبالمناسبة، فإننا لا يسعنا إلا أن نعتب على الإخوة في العصبة على موقفهم المتراجع وغير المفهوم بإزاء الملف .. والتصريح ، موضوع نقاشنا ، يعد مثاليا لعكس صورة الموقف الذي انتهت إليه الوزارة حيال ملف الدكاترة. ومن ناحية أخرى فهو لا يختلف عن التصريحات الأخرى التي صدرت في نفس السياق ، إلا في كونه جمع أكثر ما تفرق فيها. وهذا في الواقع هو السبب لاختيارنا له برغم أنه صدر في بدايات انعقاد المجالس المذكورة. وقد يكون مهما للغاية أن نشير إلى أن الموقف الذي عبر عنه التصريح المنتقى لم يعرف أي تبديل أو تحول ، ولا تزال مضامينه هي نفسها حتى في آخر تصريح حول الملف قبل أيام. كذلك لابد أن نشير ، من جهة أخرى ، إلى أننا سننقل الشواهد والمقاطع التي تكون محور تحليلنا إلى العربية الفصحى ، ويمكن للقارئ الاطلاع على نص التصريح بالصوت والصورة على موقع اليوتوب ، أو في بعض المواقع التعليمية التربوية، ومواقع عدد من الجرائد الإلكترونية.
تعهد الوفا بطي الملف. لقد جرى اللقاء بالسيد الوزير، أمام مقر أكاديمية بني ملال، وقبيل انعقاد المجلس الإداري لهذه الجهة. وحرص الرجل على أن يتخذ هذا اللقاء طابعا رسميا ، وطلب مرة أن يسجل عنه مضمون محدد وهو يقوله بصوت عال لهذه الغاية. وضم اللقاء في الواقع أكثر من طيف نقابي ، لكن مناضلي الجامعة هم من كانوا معنيين دون غيرهم ، بمحاورة السيد الوزير بشأن ملف الدكاترة..
وضمن أول مضمون من مضامين تصريحه حرص السيد الوزير على التأكيد ، بطريقة قاطعة ، أنه سيطوي ملف الدكاترة بوزارة التربية الوطنية بصفة نهائية «موضوع الدكاترة ، هذا موضوع عالجته بحضورهم (الدكاترة والنقابيين) وسأنهيه إن شاء الله بصفة نهائية في وزارة التربية الوطنية». هكذا فإن بوسعنا أن نفهم عن السيد الوفا أنه يقطع على نفسه عهدا أنه سيحل مشكل الدكاترة حلا نهائيا. والأكيد أنه سيكون محض كذب ومحض تسويق متعمد للوهم ، بعد ذلك ، أن يتراجع أي مصرح عن كلام بمثل هذه الدرجة من القطع والتأكيد. كذلك فإن التنصل في مثل هذه الحالة لابد أن يكون في وعي الناس (الرأي العام)، وفي وعي المسؤولين ، أيضا ، شيئا فظيعا ومستهجنا ، ودليل خيانة وفساد بعيدي المدى ، بدلا عن هذه الحالة غير العادية ، التي بتنا عليها ، من التطبيع والتعايش ، بل والتقبل لأوضاع لا تقبل في كل الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها.
استدراك للتنصل !!
بعد قطعه بإنهاء مشكل الدكاترة بصفة نهائية في وزارة التربية الوطنية ، وكما نقلنا ذلك أعلاه ، يستدرك السيد الوزير مباشرة بقوله «ولكن بمراحل ، فإنه من غير الممكن أننا في يوم واحد نغير إطار 1500 دكتور ، فيصبحوا أساتذة مساعدين في الجامعة ، ونفرغ الثانوي من الأساتذة ، فلا ندرس أبناء المغاربة ، ونزيد من تكريس الطبقية في تعليمنا» . ويبدو هذا الكلام ، في واقع الأمر ، كأنما هو محاولة للتملص مما بدا أنه التزام وتعهد علني ورسمي ، أبداه السيد الوزير ، بحل ملف الدكاترة. لكننا ننبه أن الاستدراك هنا لا يخلي ساحته من المسؤولية الأصلية عن حل الملف؛ فإنه ، والحالة هذه ، سيكون ملزما بحله ولو على مراحل كما ذكر. على أننا نناقش السيد الوزير حتى في هذه الجزئية مضمون الاستدراك. فهل صحيح حقا أنه إذا تم نقل الدكاترة العاملين بالثانوي إلى الجامعة ، دفعة واحدة ، سوف لن تجد الثانويات من يدرس بها ؟ !! إن هذه ، في الواقع ، مغالطة مسفة ، كان حريا بالسيد الوفا أن ينأى بنفسه عنها. إن الألف ، أو الألف والخمسمائة دكتور ، الذين يعملون بالثانوي ، لا يكادون يشكلون أي نسبة يعتد بها من مجموع الأساتذة العاملين بالثانوي ؛ وإذا ما غادرت هذه الفئة الثانويات فإن هذا لن يؤثر ، مطلقا ، على دراسة التلاميذ.
وموضوعيا، فإنك لا تكاد تجد في الثانوية الواحدة دكتورا أو دكتورين ، ونادرا جدا ما تجد ثلاثة أو أربعة. هذا في الثانويات التي بها دكاترة على صعيد المغرب ، وهي قليلة جدا ، وإلا فمعظم الثانويات ليس بها دكاترة. إنه لمما يؤسف له جدا، أننا ندفع إلى مناقشة من هذا القبيل تعالج الواضحات. ولعل هذا أن يكون نذيرا باختلال بعيد المدى في أوضاعنا ، مثلما سيكون مؤشرا على حالة شاذة من الاستخفاف بالمواطنين ، وعدم الجدية معهم. أم أن السيد الوزير كان جادا حقا فيما يقول , وإن كل عامل في التعليم ، أو ملم بمعطياته ولو قليلا ، يعرف حق المعرفة أن هذا الكلام غير صحيح وغير دقيق ، بالمرة ، بل هو غريب في واقع الأمر. إن لدى الوزارة ، بأكاديمياتها ونياباتها، من الأساتذة، من تعوض به هذا العدد من الدكاترة ، بل وأضعافهم إذا أرادت. وكم هناك من الأساتذة الفائضين ، ومن العاطلين من حملة الشواهد العليا وحملة الإجازة كذلك ، يمكن تدبيرهم وإدماجهم بالمؤسسات الثانوية وغيرها. هذا فضلا عمن يتوظفون كل سنة عبر المراكز التربوية أو عن طريق الإدماج المباشر. ثم لو كان هذا هو السبب في تأخر حل ملف الدكاترة ، أفلم تكن الفترة الزمنية منذ تولي الوفا ، وإلى الآن ، كافية لتدبير بضعة أساتذة يعوضون الدكاترة. على كل حال ، فإننا نتمنى بكل صدق ألا يبقى مثل هذا العبث وهذه التفاهة وهذه المغالطات الفجة في حياتنا ، وأن نتحول إلى أوضاع أفضل ؛ أما ما نحن فيه ، وعلى الأقل في الوزارة التي نشتغل بها ، وفي التعليم الذي تسيره ، فهو شيء لا يبشر مطلقا ، وما تقدمت دولة في العالم ، وما تجاوزت صعابها بمثل هذه الفوضى ، وهذه الأساليب غير المسؤولة وغير الأخلاقية في التسيير.
ويتدخل أحد الحاضرين -من ضمن جمع النقابيين والمناضلين ? مقاطعا الوزير في هذه الجزئية من الاستدراك ، ومشيرا إلى أن هؤلاء الدكاترة عندما ينقلون إلى الجامعة فإنهم سيدرسون هناك حتما أبناء المغاربة ، وهذا أمر طبيعي. وهنا وكأنما وجد السيد الوزير حجة تفك من خناق بدأ يضيق عليه ، فإنه يبادر إلى التأكيد أنه لا يملك أية مسؤولية على الجامعة ، وإنما هو وزير للتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والأقسام التحضيرية. ولم تكن ثمة في الواقع حاجة، بالنسبة له، للاستطراد بتعداد مسؤولياته المعروفة. وعاود التأكيد أكثر من مرة ، بعد ذلك ، أنه ليس له أية سلطة على الجامعة ، مع الإشارة إلى أنه اقترح على السيد وزير التعليم العالي أن يسلمه الألف وخمسمائة دكتور العاملين بوزارة التربية الوطنية. ونود أن نؤكد هنا أن هذا المعطى الأخير هو في غاية من الأهمية بالنسبة لملف الدكاترة ، وسنناقشه بعد حين.
تناقض الوفا لكننا نود ، قبل ذلك ، أن نلفت نظر القارئ إلى ما في كلام السيد الوزير من تناقض صارخ يظهر بجلاء أنه إما يكذب ولا ينتبه إلى كذبه ، أو أنه يدلي بأي كلام مهما يكن متناقضا ، غير مقيم أي وزن لعقول من يخاطبهم من الشركاء النقابيين ومن المناضلين. وأي واحدة تكن فسيكون الأمر غاية في الاستهتار واللامسؤولية. وما نقصد بالكلام المتناقض ، الذي نود أن يتأمله القارئ ، هو قول الوزير ، في البداية من تصريحه، إنه لا يمكنه أن يستغني دفعة واحدة عن الألف وخمسمائة دكتور العاملين بوزارته ، وأن الأمر يحتاج مراحل زمنية ، وهو عمليا غير ممكن ، لأنه لن يبقى هناك من يدرس بالثانويات ، ثم هو في الوقت ذاته ، وبعد ثوان بالمعنى الحرفي ، يصرح أنه كان اقترح على وزير التعليم العالي أن يسلمه كل الدكاترة العاملين بوزارته ، دفعة واحدة وبمناصبهم المالية.
الداودي يقبل الإلحاق
والرؤساء يرفضون
«اقترحت على وزير التعليم العالي.. سجلوا على هذا الكلام ، أنا أقوله بصوت عال.. اقترحت عليه أن أسلمه الألف وخمسمائة دكتور بمناصبهم المالية ، كي يدرسوا بالتعليم العالي ، والوزير قبل العرض ، لكن رؤساء الجامعات رفضوا ، لماذا... ؟ لأنه هو ليس مثلي فأنا أسير الوزارة مباشرة ، أما هو في التعليم العالي ، فالرؤساء هم الذين يتحكمون في القرار !!..»
كان هذا بالضبط تصريح السيد الوفا فيما يخص قرار الإلحاق ، الذي يبدو أن الوزيرين لا مانع لديهما بخصوصه. ونلاحظ أنه يبرر عدم إمضاء القرار بكون رؤساء الجامعات رفضوا، والسيد الداودي ? وزير التعليم العالي ? لا يملك أي شيء حيال هذا الرفض..
وإني أؤكد أن السيد الوزير لم يكن في قوله هذا صادقا. بل إنه كان يكذب وهو يعلم أنه يكذب. والأكثر غرابة أنه في هذا الوقت كان قد أصبح من الحقائق المسلمة أن كل الجامعات تعرف خصاصا مهولا في الموارد البشرية تحاول سده كيفما اتفق بالأساتذة العرضيين. على أنني سأطلع القارئ على واقعة أخرى تثبت أن السيد الوزير كان بكل تأكيد يكذب مع علمه بذلك. فقبل أيام بمدينة تزنيت كان للوزير لقاء وحوار مع بعض الدكاترة والنقابيين حول ملف الدكاترة. ويؤكد الدكتور عبد الرحمن إتخالد ، المسؤول بالهيئة الوطنية للدكاترة ، أنه قاطع السيد الوزير في هذه الجزئية ، موضحا أن ما قاله ليس كله صحيحا ، وأن رؤساء ستة من أكبر الجامعات بالمغرب، والتي تعرف خصاصا ، عبروا عن رغبتهم واستعدادهم ، دون قيد أو شرط ، لضم دكاترة التربية الوطنية التابعين لترابهم في إطار وضع مؤقت ، على أساس تحويل مناصبهم في غضون سنتين أو ثلاث.
ولم يكن من السيد الوزير ، وبعد أن التفت - في حركة تمويهية ربما- إلى أحد مرافقيه من المسؤولين بالوزارة ، ودارت بينهما وشوشة ما ، إلا أن يقر بأن هذا الأمر صحيح ، وأن هناك فعلا اتصالات بهؤلاء الرؤساء وأنهم لا مانع عندهم مطلقا.
لماذا كان الوزير يخفي هذه المعطيات ؟ وهل من حقه أن يخفيها عن الشركاء النقابيين المحاورين بشأن ملف الدكاترة ، والطرفان كما يفترض يبحثان عن حل للملف ، ويجب أن يتعاونا على ذلك ؟ إن تفسير هذا المعطى يحتمل ثلاث قراءات : فإما أن يكون هذا المسعى بإخفاء هذا الأمر ، هو لغرض مريب وغير قانوني ؛ ونحن لا نستبعد هنا ، بكل وضوح ، أنه كان يجري إخفاء هذه المعطيات لأجل أن يتم تصريف هذه المناصب ? ويجب أن نستحضر هنا كم يباع المنصب الواحد ? عن طريق الرشوة والزبونية والمحسوبية والحزبية.. وما إلى ذلك من هذه الطرق غير القانونية ، والتي تفشت بدرجة كبيرة جدا في وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي ، بل في معظم الوزارات في الواقع ، وبات المسؤولون عنها كأنهم محصنون ضد طائلة القانون ، يتصرفون بجرأة وتسيب كأنما لا رادع لهم في هذا البلد بملكه وقانونه وسلطاته. هذه قراءة أولى ، أما الثانية فهي أن يكون السيد الوزير غير عالم بهذه التطورات الرئيسية ، وهذه إن صدقت ستكون ثالثة الأتافي ؛ أن يكون وزير غير محيط بما يدور في وزارته، وخاصة إذا كان هذا الذي يدور على درجة عالية من الحساسية والأهمية. وأما الثالثة ? وهي على درجة كبيرة من الظن الحسن ? فهي أن يكون السيد الوزير يتعامل بحكمة وتكتم فلا يريد فضح مجريات الحلول المتدارسة حتى تنضج وتصل إلى نهايتها. لكن الواضح أن هذه القراءة لا تبدو منطقية ودقيقة بالمرة. وذلك لأن الوزير لم يكن يجب عليه مطلقا أن يخفي هذا الأمر ؛ والأكيد أن هذه الجامعات الستة وما تضمه من عشرات الكليات تكفي لضم كل الدكاترة ولن يسدوا خصاصها ، وهذا أمر يقيني وخارج أي جدل. ولذلك فما كان على السيد الوزير عمله، في هذه الحالة، هو أن يباشر جملة الإجراءات الإدارية التي تفعل عملية الإلحاق ، وهي لن تكلف شيئا ، ولن تستغرق وقتا. وعليه فإننا نقول إن حل ملف الدكاترة الآن هو حل تتوافر له كل الشروط، ولن يحتاج إلا إمضائه من الوزيرين. إننا لا ندري لماذا تتم إحاطة بعض القرارات البسيطة ، والمحققة لمصلحة راجحة ومؤكدة ، بتعقيدات لا حصر لها ، وبروتوكولات لا تنتهي. وما أكثر ما ضاعت مصالح عظيمة ومحققة على الوطن والمواطنين بسبب أن بعض المسؤولين كأنما تستل الإرادة منهم استلال الروح من الجسد. إن على السيد الوزير أن يفهم أنه مسؤول عن مصالح الفئات العاملة بوزارته كي يحققها ، وليس من حقه تماما أن يتلاعب بهذه المصالح ، أو أن يتهاون في تحقيقها.
وموقف مثل هذا الذي يستقر عنده في ملف الدكاترة ولا يتزحزح هو موقف لا يخدم مصلحة الوطن في هذا القطاع الحساس ، وبل ولا يزيد إلا من تعقيد الوضع ، في وقت تستفحل فيه الأزمة العامة في البلد ، وتتفاقم إشكالياتها. وعندما قلنا إن الملف الآن يحتاج فقط للإرادة ولإمضاء حله ، فلقد كنا نقصد حرفيا ما نقول ؛ وذلك لأن هذا الحل للملف ? كما يجب أن يعلم الجميع ? لن يكلف المالية أي شيء ، وهذا أمر مؤكد ، وسنجد الدليل عليه فيما يأتي من هذا المقال ، عند وقوفنا مع ما تبقى من تصريح السيد الوزير. ولذلك فالتعليل بإكراه الميزانية لا معنى له في هذه الحالة ، وغير مطروح بالنسبة لملف الدكاترة. وإذن ، وكمصلحة لمجموع كلامنا هنا ، فإن الوزيرين لا حجة لهما مطلقا في تأخير حل الملف ، ما دام هنالك عدد كاف من الجامعات التي يمكن أن تضم الدكاترة ، ورؤساؤها يرحبون بالأمر ، بل هو بالنسبة لهم صفقة جد رابحة ، وما دام الوزيران أبديا موافقتهما رسميا.
رؤساء الجامعات لا يعترضون
بحسب السيد الوفا, فإن رؤساء الجامعات هم من يعترض على قرار الإلحاق بالكيفية التي اتفق عليها مع وزير التعليم العالي ، يقول في تصريحه : «رؤساء الجامعات هم الذين يتحكمون في التعليم العالي وليس الوزير، يقولون : امنح لدكاترتك الترخيص، ويسر لهم الأمر ، كي يجتازوا المباراة.. يريدون بهذا الإجراء أن ينتقوا الدكاترة الأكفاء -(المخيرين) بتعبير الوزير ? ويدروا لي الآخرين..».
لقد أشرنا قبل حين إلى أن رؤساء ست من أكبر الجامعات , ويمكن أن يكون العدد قد زاد الآن , يوافقون على ضم دكاترة وزارة التربية دون قيد أو شرط، ويعتبرون الأمر صفقة رابحة تماما. ولذلك فإن ادعاء الوزير هنا بكون الرؤساء يرفضون لا أساس له من الصحة. كما أن كلامه عن الانتقاء عبر المباراة ينطوي على مغالطات وتضليل. فوزير التعليم العالي، وكذا الرؤساء لا يشترطون المباراة، بحسب التطورات الأخيرة للملف، والتي أشرنا إلى بعضها فيما سبق. بل هم ، في الواقع ، يرحبون بإلحاق دكاترة التربية الوطنية ، لأن هذا الأمر يحل مشكل الخصاص في الموارد البشرية الجامعية ، والذي لم يعد تأخير معالجته أمرا ممكنا ، ومشكل المتعاقدين الذي يستنزف الميزانية ، بلا طائل على صعيد المردودية العلمية والعطاء المعرفي.
دكاترة.. ودكاترة !!
نتوقف هنا مع الجزء الأخير من تصريح السيد الوزير، والذي يكشف فيه عن سبب يمكن أن يجعله يرفض عملية الإلحاق برمتها ، ويتمثل - أي هذا السبب - في أن يصر الرؤساء على المباراة ، والتي ستؤدي برأيه إلى أن تنتقي الجامعات أجود الدكاترة وأكفأهم وتبقي له ال.. من الدكاترة. ما الذي كنى عنه هنا السيد الوزير بقوله «الآخرين» ؛ ونحن نسعفه في التعبير فليقل النطيحة والمتردية وما أكل السبع من الدكاترة !! ، وإذا لم يكن هذا مقنعا بالنسبة له وموفيا بالغرض فليقل ما هو أبعد في الإهانة والتمييز مما يرضيه. لكن لا يجب على السيد الوزير أن ينسى أن الدكاترة ، في وزارته ، إنما حصلوا على هذه الشهادة، التي لم يتمكن هو من الحصول عليها ، والتي تعد الأعلى في البلد ، من لجان علمية معتمدة رسميا في المنظومة التعليمية بالمغرب ؛ وأي شك أو تنقيص هنا سواء في الدكاترة، أو في شهاداتهم، أو في اللجان المعتمدة، إنما هو شك في المنظومة التعليمية كاملة ، والتي يعتبر الوفا نفسه واحدا من كبار المسؤولين فيها. وعليه ، فإذا كان من طرف يمكن تحميله المسؤولية ، في هذه الحالة فلن يكون أبدا هو طرف الدكاترة ؛ وهذا منطقي وطبيعي ما دام هؤلاء غير مسؤولين على وضع اللجان العلمية، ولا على الشهادة التي تمنحها. ولذلك فليتحمل المسؤول الحقيقي عن هذا الوضع مسؤوليته ، وكفى مغالطة للناس ، ولتكن لدينا الجرأة والشجاعة لنتحمل المسؤولية عن أخطائنا فلا نحملها من لا يد له فيها. وبالعودة إلى السياق الأصلي في هذا المحور في مقالنا ، فإننا نؤكد أن الإجراء الموضوعي والقانوني يجب أن يقضي بإلحاق جميع الدكاترة تحت فرض أن هؤلاء ينجحون الآن في أداء مهمة تربوية هي أكثر تعقيدا ، بكل تأكيد ، من التدريس بالجامعة ، وهذا فضلا عما أهلتهم إليه هذه التجربة من خبرات ديداكتيكية وبيداغوجية لا تتوفر لكثير من العاملين بالجامعة ، ستشكل إضافة نوعية حقيقية ، لدى هؤلاء القادمين من قطاع التربية الوطنية ، في تدريس الطلبة بالجامعة. والإنسان بعد كل هذا قابل للتعلم واكتساب المهارات التي يفرضها عليه كل واقع جديد ، ناهيك عما إذا كان هذا الإنسان متعلما إلى درجة حصوله على أعلى شهادة وهي الدكتوراه ، فيكون الأمر بالنسبة له في حكم تحصيل حاصل. على أننا لن نفوت أن نتساءل عما إذا كان كل الأساتذة بالجامعات الآن هم كفاءات عالية لا يتطرق إليها النقص لا من بين يديها ولا من خلفها. وإننا نتحمل المسؤولية كاملة عن رأينا هنا أن الكثيرين ممن يدرسون بالجامعات لا كفاءة لهم ، بل ومنهم فئة لم تتخلص بعد حتى من أبسط الأخطاء اللغوية ؛ ولدينا على هذا شواهد لا حصر لها . إن كل هذا الاستخفاف والجرأة على الدكاترة في تصريح الوزير لن يكون بدرجة خطورة أن يتخذ , أي الوزير , هذا الأمر ذريعة لعدم إلحاق أي من الدكاترة بالجامعة والسعي إلى استبقائهم بالثانويات ، حيث تهدر طاقاتهم ولا يستفيد منهم البلد في البحث العلمي الذي يعتبر القاطرة الرئيسية لأية تنمية منشودة للإنسان ، وللواقع العام من حوله. ولا نخفي أن أغلب ظننا يميل إلى أن السيد الوزير إنما يريد برفضه لانتقاء الدكاترة بالمباراة أن يجعله ذريعة فعلا لعدم حل مشكل الدكاترة عبر الإلحاق بالجامعة ، والذي لم يعد من حجة حقيقية لتأخيره ، مادامت توفرت كل شروطه ، كما أوضحنا ذلك فيما سبق ، وما دام فيه مصلحة حقيقية للبلد ، ولجميع الأطراف ، المعنية بهذا الملف. إنه من غير المفهوم تماما أن يظل الوفا على هذا الموقف الرافض ، وأن يظل يطرح في كل مرة ذرائعه وتحليلاته التي لا تنتهي، والتي لا يخفى أنه يقصد منها التهرب والتملص. ولقد بدأ السيد الوزير يخلق عن نفسه انطباعا أنه رجل صعب المراس وعنيد في قبول الحق ، متفلت كما الزئبق بين الأصابع ، ولا يقضي غرضا.
في الجزء الأخير من تصريحه يقول السيد الوزير: «.. إما أن هؤلاء دكاترة جميعا ، تأخذهم الجامعة يدرسون كأساتذة للتعليم العالي ، وزارة التربية الوطنية قبلت وستضحي بأن تمنحهم لوزارة التعليم العالي بمناصبهم .. وزارة المالية رحبت بالأمر ولا اعتراض لديها.. فعلى رؤساء الجامعات أن يقبلوا ، وعندهم خصاص».
إذا أخذنا هذا الكلام على محمل الجد ، واعتبرنا أن السيد الوزير يعبر عن حقيقة الأمر فعلا ، فما الذي يجعل رؤساء الجامعات يرفضون ويقفون وحدهم في وجه وزير التربية الوطنية ووزير التعليم ووزارة المالية !!. الواقع أن هذا لن يكون شيئا مفهوما ؛ فكيف يكون لهؤلاء ، كل هذه السلطة التي يتحدون بها ثلاثة وزراء يرون مصلحة محققة في قرار معين ، فيحولون بينهم وبين إمضائه. وعلى الأقل كيف يعقل أن يكون لهؤلاء الرؤساء سلطة تفوق سلطة وزير التعليم العالي ، وهم أقل منه درجة في التراتبية الإدارية. ولعل البعض أن يحاجج هنا بأن الرؤساء يمتلكون خبرة لا يمتلكها الوزير ، بحكم أنهم أكثر قربا وأكثر احتكاكا بواقع التعليم ومجرياته ، والسيد الوزير تشغله الأمور الإدارية ومشاكل التسيير في الغالب. لكن من الواضح تماما أن هذا الأمر غير صحيح ، لأن السيد وزير التعليم العالي جاء أساسا من وزارة التعليم العالي، بعد أن راكم خبرة طويلة من عقود من الزمن قضاها بها مدرسا ومتوليا مناصب تسييرية مختلفة. وهو عندما قرر أن إلحاق دكاترة وزارة التربة بالمؤسسات الجامعية فيه مصلحة راجحة ومحققة لوزارته ، فإنه لم يكن أقل سدادا وصوابا من هؤلاء العاملين تحت إمرته الذين جاؤوا يتحدونه ويرفضون قراره. أم أن هؤلاء الرؤساء يريدون أن تظل الجامعة المغربية ، التي يرأسونها ، تعرف هذه الحالة المزرية من هزالة المخرجات ، وانفصالها -أي الجامعة - عن الواقع من حولها ، ومن الخصاص المهول في الموارد البشرية التي تتولى التدريس ، ومن جيوش العرضيين من كل حدب وصوب، التي تملأ الجامعة غثاثة وهزالة وضعف مستوى في الغالب. وأنى لها أن تكون أفضل وهي في الغالب من حملة الإجازة ومن شواهد أخرى غير مؤهلة. إن الجامعة المغربية تغرق في مشاكل لا حصر لها، وعلى جميع الأصعدة ، لكن رؤساءها لا يريدون التصدي لها بالحلول الملائمة. وتكشف الحالة التي نتحدث عنها كيف أنهم لا يملكون بعد النظر اللازم والتفكير الواقعي الذي يمكنهم من ابتداع الحلول الصائبة.
وبالتركيز على جوهر اعتراضهم وما يفرضونه من ضرورة إجراء المباراة ، فإننا نتحداهم أن تكون هناك شفافية ونزاهة ولا يتفوق الدكاترة ؛ ولقد أجريت المبارتان السابقتان وشابتهما خروقات قانونية عدة وحالات تزوير على عدد كبير من المتبارين الدكاترة ، الذين يمتلكون ملفات وازنة معرفيا ، بحيث تم إنجاح آخرين، من النيابات والأكاديميات ومراكز التكوين، غير مستحقين. وهذا أمر موثق ، وأقرت به الوزارة نفسها، وأساسا، في شخص الوزير الوفا. إن هذه في الواقع حجة واهية جدا ؛ وهل يحصل الطلبة على الدكتوراه في المغرب ويكونون بمستوى ضعيف ؟ إن الكل يعلم أن هذا لا يحدث إلا في الحالات المشبوهة التي يكون لأصحابها ظهور في الوزارة، أو في نفوذهم، أو في أموالهم تسندهم. كذلك فإننا نعجب لقرار الوزير وتشبثه بأن يؤخذ الدكاترة جميعا، أو يتركوا جميعا ؛ وهو، أكثر من غيره، يعلم أن الدكاترة، في اشتراطهم للحل الشامل، لا يرفضون أن يكون على دفعات. ان السيد الوزير، هنا، يقرر، في مصير الدكاترة، استنادا إلى تصور لا يوافقون عليه، وهذا ليس من حقه مطلقا، خاصة أنه، في هذه الحالة، يعوق، بدرجة كبيرة، حل الملف.
وزارة المالية تتبنى الإلحاق
ضمن آخر مضمون، من تصريحه، يحاول السيد الوزير أن يعطي عن نفسه انطباعا أنه يعنيه بدرجة ملحة حل مشكل الدكاترة ؛ وهو لذلك ينحو باللائمة على رؤساء الجامعات، الذين يقفون حجر عثرة أمام صيغة الحل الأخيرة، التي وقع عليها الاتفاق بينه وبين وزير التعليم ووزير المالية. يؤكد السيد الوزير أن من يرفض هذه الصيغة من الحل (الإلحاق لجميع الدكاترة) هم الرؤساء ؛ فهو يقبل ووزير التعليم العالي يقبل، ووزارة المالية تقبل ، فلا يبقى إلا الرؤساء الذين يجب عليهم ألا يظلوا على رفضهم، وخاصة أن لديهم خصاصا فادحا على مستوى هيأة التدريس.
يعد هذا قولا مكررا في واقع الأمر. ولقد كنا بينا أن الرؤساء ، وبخلاف المصرح به هنا ، لا يرفضون مطلقا قرار الإلحاق لأنه سيسعفهم في حل مشكلة كبيرة تعرفها الجامعات جراء الخصاص في الموارد البشرية، وخاصة المكلفة بالتدريس. وأغلب الظن أن السيد الوزير إنما يتعلل بهذا الأمر ليبرر به رفضه، هو، لحل الملف، بالكيفية المطروحة هنا. لكن ثمة شيئا هاما، في هذا الجزء الأخير من التصريح، وهو إقرار الوزير وتأكيده أن وزارة المالية توافق على الإلحاق، ولا اعتراض لديها من أي نوع. إن هذا الإقرار من وزير مسؤول يجب أن يعد إثباتا قاطعا أن ما كنا نقوله من أن ملف الدكاترة لا يكلف المالية شيئا ، هو معطى صحيح تمام الصحة. ولطالما كانت هذه هي أقوى تعلة يتحجج بها المسؤولون لعدم حل الملف، لكنها، الآن، تسحب منهم ويشهد على بطلانها واحد من كبارهم.
التصريح من منظور عام
أخيرا، ومن نظرة إجمالية على هذا التصريح الرسمي، الذي يشهد فيه على نفسه ، نستطيع ، ظاهريا على الأقل ، أن نفهم عن السيد الوزير أنه يقطع على نفسه عهدا ، وبكلمة مسؤولة ، أنه سيحل مشكل الدكاترة، بوزارة التربية الوطنية، حلا نهائيا. على أنه يتوجب، من الناحية المبدئية ، أن يكون هذا التعهد ملزما ولا يمكن التنصل منه. بل إن الغالب على الظن أن السيد الوزير إنما يريد من هذا التصريح ، ومن التصريحات المماثلة، التي أطلقها في الآونة الأخيرة ، أن يربح مزيدا من الوقت، وأن يمتص غضب الدكاترة، إلى حين صدور القانون الأساسي، الذي من شأنه أن يقبر الملف لمرة أخيرة. وكيف لنا أن نصدق السيد الوزير في أنه سيكون عند وعده ؛ وهو أخلف مع الدكاترة كل عهد أعطاه ؛ وما نكثه بما تعهد به، من طي الملف في متم 2012 ، عنا ببعيد. إن الدكاترة لن يخسروا شيئا كثيرا اذا لم يحل ملفهم ، أما السيد الوزير فعليه أن يحذر كل الحذر لأنه بمواقفه إنما يرسم عن نفسه صورة قد تكون شديدة السوء، شائهة الملامح، لاتقع عليها عين الا مجتها وفزعت من بشاعتها.. وقد تكون، لو شاء أن يفيء للحق، غير ذلك.
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.