بعد حوالي 14 شهرا من تسلمه مقاليد الحكومة عقب انتخابات نونبر 2011 ، يجد الحزب الشعبي الإسباني نفسه في قلب عاصفة سياسية يرى المتتبعون أن من شأنها أن تضر كثيرا بمصداقية الحزب، وتؤدي إلى انتخابات سابقة لأوانها تفقده الأغلبية التي يتوفر عليها حاليا. فقد نشرت يومية إيل موندو قبل أيام مقالا يكشف عن وجود حسابين سريين للحزب ، أهمهما في سويسرا ، كان يتصرف فيهما أمين المال السابق وذلك لأداء أجور شهرية لعدد من قادة الحزب ، منهم وزراء حاليون ، تتراوح قيمتها بين 5000 و 15000 أورو . وأضافت نفس المصادر أن أمين المال السابق للحزب الشعبي ظل يستخدم هذا الحساب لمدة لا تقل عن 20 سنة ، لكن المثير في الموضوع هو أن هذه الأموال كان لحزب يتحصل عليها بطرق غير مشروعة ، حيث أنها كانت عبارة عن صندوق أسود تضخ فيه الأموال التي يتحصل عليها الحزب بطرق غير مشروعة ، كعمولات من شركات للبناء وشركات للتأمين وغيرها مقابل تسهيلات يقدمها الحزب لهذه الشركات. وحسب عدد من المتتبعين، فإن الفضيحة التي كشفتها إيل موندو قد لا تكون سوى الجزء الظاهر من جبل الثلج ، ذلك أن المعني الأول بالقضية أمين المال السابق ولويس بارسيناس ، هدد بكشف المزيد من التفاصيل إذا لم يدافع عنه الحزب في قضية فساد أخرى يجري التحقيق فيها منذ 2009 ، وإذا ما قام هذا الأخير بترجمة تهديداته على أرض الواقع فيتوقع أن تكون حلقة أولى من مسلسل مثير يهدد المستقبل السياسي لقيادات سياسية عديدة في اليمين الإسباني . ماريانو راخوي زعيم الحزب ورئيس الحكومة سارع إلى محاولة إبعاد حزبه وأركان حكومته عن هذه القضية ، حتى لا تضطره إلى الاستقالة وأجراء انتخابات سابقة لأوانها لن يستطيع الفوز فيها ، محملا لويس بارسيناس وحده المسؤولية عن إدارة أموال وسخة، قائلا في تجمع حزبي بألميرية إنه متأكد من الذمة المالية لقيادة الحزب والحكومة لا تشوبها شائبة. غير أن محاولة راخوي الدفاع عن حزبه وحكومته لم تقنع الرأي العام ، حيث أنه لم يقدم التوضيحات اللازمة حول السبب الذي جعل الحزب يقبل بحصول قياداته على أجور شهرية وبمبالغ كبيرة طيلة عقدين من الزمن ، من حسابات بنكية تتغذى من عمولات لشركات كبرى. وفي الوقت الذي تتواصل المظاهرات المنددة أمام مقرات الحزب منددة ، طالب الحزب الاشتراكي العمالي بضرورة إجراء تحقيق قضائي وآخر داخل كونغرس النواب وكذا مثول راخوي أمام البرلمان للإجابة عن أسئلة النواب حول هذه القضية ، وهي خطوات يسعى الحزب المتزعم للمعارضة إلى الدفع قدما بهذه القضية مع ما ستؤدي إليه من مضاعفات سياسية لدفع الحكومة إلى الاستقالة وإجراء انتخابات سابقة لأوانها.