وزارة العدل والحريات يعتبر ورش إصلاح القضاء من بين أهم الأوراش التي حددها جلالة الملك في خطابه ليوم 20 غشت 2009، كما جاءت في ديباجة الدستور الجديد. وباعتبار الحق القانوني والقضائي ركائز أساسية لترسيخ الثقة التي تحظى بها بلادنا لدى المستثمرين الأجانب والمغاربة على حد سواء. لذلك ومن خلال تتبعنا للشأن القضائي نلاحظ بعض التراجع على المكتسبات التي حققها الشعب المغربي على مدى سنوات عديدة، ومن تجلياته على سبيل الذكر لا للحصر، المحاكمات الاستثناية، التراجع على الحريات، الاستعمال المفرط للقوات العمومية في فض المظاهرات السلمية، التضييق على الحريات النقابية، ومعاناة المتقاضين داخل المحاكم وغيرها من المشاكل التي لا حصر لها. لقد جاء الدستور الجديد بتحديد للسلطة القضائية، وقرر جلالة الملك إحداث اللجنة الملكية لإصلاح القضاء، غير أنكم أقصيتم أهم مكون من مكونات منظومة العدالة وهي هيئة كتابة الضبط، وممثلها النقابة الديمقراطية للشغل، النقابة الأكثر تمثيلية. فما هي الخلفية التي تحكمت في قراركم بإقصاء هذه الفئة من الحوار الوطني حول العدالة؟ أمام الإجماع على ضرورة استقلال القضاء وجعل العدالة قادرة على رفع التحديات وترسيخ الديمقراطية وروح المسؤولية وسيادة القانون. فهل يمكن أن نتحدث عن استقلال القضاء في ظل استمرار رئاسة وزير العدل للنيابة العامة، مما يفتح المجال أمام كل التأويلات حول التعليمات والتوجيهات التي يمكن أن تصدر من جهات معينة في بعض الملفات؟ هل يمكن للسيد الوزير أن يطمئن الرأي العام الوطني في هذا المجال؟ ما علاقة النيابة العامة بالضابطة القضائية من حيث تسريع البت في العديد من القضايا، إذا علمنا أن هذه الأخيرة هي التي تتحكم في مسار التحقيقات؟ ما هي سلطة وزارة العدل والحريات على إدراة السجون خاصة بعد صدور تقرير من مؤسسة رسمية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول وضعية السجون والسجناء؟ ما هي المعايير المعتمدة في مسطرة العفو، وإن كنا لا نشك في نزاهة ومصداقية القائمين على هذه اللجنة؟ ما علاقة الوزارة بالهيئات التمثيلية للقضاة خاصة بعد تأسيس نادي القضاة الذي عانى من التضييق على أنشطته؟ ما هي حدود سلطات المفتشية العامة ومدى تدخلها في شؤون القضاة قبل التحقق من السبب الذي أدى لذلك؟ ما هي الظروف التي يشتغل فيها الجسم القضائي، إن على مستوى بنيات الاستقبال بمختلف المحاكم، أو على مستوى النقص الحاصل في الموارد البشرية علما أن هناك أزيد من مليون قضية سنويا، يبت فيها فقط 3300 قاض دون أن ننس استمرار غياب قضاء متخصص كالقضاء الاجتماعي، على غرار قضاء الأسرة، والمحاكم المالية؟ ما هي الأوضاع الاجتماعية لموظفي هذا القطاع بمختلف فئاتهم؟ ما مآل العديد من ملفات الفساد؟ في ما يخص الاقتطاع من أجور المضربين: إن قرار وزير العدل والحريات الاقتطاع من أجور المضربين بقطاع العدل، مؤخرا، أعتبره مساً بحق الإضراب المنصوص عليه دستوريا، في غياب القانون المنظم للحق في الإضراب، الذي سيحدد شروط وكيفية ممارسة هذا الحق. فبدل الاستجابة لمطالبهم المشروعة المتمثلة في دمقرطة المؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل التجأ الوزير إلى الاقتطاع من أجور المضربين. هذا القرار جاء ليزيد من حدة التوتر والاحتقان الذي يعرفه قطاع العدل والذي يعيش على وقع وقفات احتجاجية وإضرابات كان من الممكن تفاديها. إن قرار الاقتطاع من أجور المضربين يستند إلى مجموعة من المراسيم والمناشير وقرارات القضاء الإداري التي تتحدث عن الغياب على العمل غير المبرر، في حين أن الأمر يتعلق? في قطاع العدل، بممارسة حق دستوري. إن مطالب النقابة الديمقراطية للعدل هي مطالب مهنية وقانونية واجتماعية كان بالإمكان معالجتها عبر مفاوضات جدية بدل اللجوء إلى تأزيم الوضع? وخلق توتر إضافي من خلال خرق الدستور عبر قرار الاقتطاع من الأجور. إن الطبقة العاملة عبر التاريخ ناضلت من أجل ترسيخ الديمقراطية والدفاع عن المصالح العليا للبلاد وقدمت في سبيل ذلك شهداء وضحايا، ونستحضر في هذا المقام عمر بنجلون شهيد الطبقة العاملة الذي نحن على بعد أسبوع من ذكرى اغتياله. ولن نسمح بالإجهاز على المكتسبات والحقوق التي حققتها من خلال تضحيات جسام. فرغم اختلافنا معكم على مستوى المرجعية، فإننا نتمنى لهذا الورش الكبير ولهذه التجربة النجاح، لأن في نجاحها نجاح للمغرب، وأول بوادر النجاح الحفاظ على باب الحوار مفتوحا مع الفرقاء الاجتماعيين وإشراكهم في إطار الحوار الاجتماعي وفي كل القضايا المتعلقة بإصلاح القضاء. الأمانة العامة للحكومة أوكل المشرع للأمانة العامة للحكومة بمقتضى المادة 4 من المرسوم المؤرخ في 19 ماي 2010 المتعلق بتنظيم الأمانة العامة للحكومة مهام التنسيق وإعداد وصياغة مشاريع القوانين، من هذا نتساءل ما هو المخطط التشريعي للحكومة؟ وأين وصل إعداد 20 قانون تنظيمي حملته الوثيقة الدستورية الجديدة ، كالقانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية ( الفصل 5)، وقانون الإضراب ( الفصل 29 )، والهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز( الفصل 164) ... ماهي الأجندة المفصلة حول تنزيل مضامين الدستور؟ إن على الأمانة العامة للحكومة مسؤولية جسيمة في مجال التأهيل التشريعي والمؤسساتي ومنها على سبيل المثال لا الحصر: - جرد لائحة القوانين والمعاهدات التي تبدو غير منسجمة مع الدستور الجديد بهدف مراجعتها وتطويرها؛ - مراجعة وتحيين التشريعات المتقادمة والصادرة قبل الاستقلال؛ - تحيين المنظومة التشريعية الوطنية وملاءمتها مع الدستور الجديد والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب؛ - تعزيز الخبرة التشريعية للحكومة بتحديث وتقوية دور الأمانة العامة للحكومة في أفق رفع منسوب وسيولة الإنتاج والتكامل مع المصالح الوزارية في باقي القطاعات، وتعزيزها بالأطر والخبرات حتى تتمكن من الاضطلاع بدورها كاملا في صياغة النصوص القانونية؛ المندوب الوزاري لحقوق الإنسان السيد الرئيس السادة الوزراء السيدات والسادة المستشارين يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية لمناقشة الميزانية الفرعية للمندوبية حقوق الإنسان وهي مناسبة للحديث عن تطورات وضعية حقوق الإنسان ببلادنا. السيد الرئيس، إن الدستور المغربي في فصله 22 ينص صراحة على أنه: " لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية. ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون". وإذا كان الدستور الجديد يعتبر دستورا لحقوق الإنسان، وميثاقا لحقوق وواجبات المواطنة وذلك من خلال دسترة كافة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا بكل آليات حمايتها وضمان ممارستها، فإن واقع الحال وممارسة بعض الأجهزة الأمنية يناقض المقتضيات الدستورية الجديدة ويحن البعض إلى ممارسات الماضي الأليم. وإننا إذ نسجل أهمية قرار الحكومة بالتصديق على الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإننا نطالب بالإسراع بملاءمة القوانين المحلية معها واستكمال الإجراءات المسطرية الوطنية والدولية لتفعيل قرار التصديق. كما ننبه الحكومة إلى حجم التراجعات في الآونة الأخيرة، في مجال الحريات العامة في زمن وزارة تعنى بالعدل والحريات، وفي زمن مندوبية خاصة بالحقوق، وفي زمن مجلس وطني لحقوق الإنسان. وهي الهيئات المطالبة بالتحرك الفوري لحماية حقوق الإنسان طبقا لمقتضيات الدستور الضامن للحقوق والحريات. إننا ننبه الحكومة من الإفراط في نهج المقاربة الأمنية لتدبير التوترات الاجتماعية وقمع المعطلين والطلبة وكل المحتجات والمحتجين بشكل سلمي. إننا في الفريق الفيدرالي نستنكر الإفراط في استعمال القوة العمومية في فض الاحتجاجات السلمية وتغليب المقاربة الأمنية في التعاطي مع الحق في التظاهر والتجمع. ونشجب التدخلات العنيفة وغير المبررة للقوات العمومية ضد وقفات رمزية وسلمية بعدد من المناطق. كما نطالب بضرورة إجلاء الحقيقة بشأن ملفات المختطفين مجهولي المصير التي لازالت عالقة، وجعل حد لممارسة الاختطاف والاعتقال خارج نطاق القانون. ليس المطلوب منكم، السيد المندوب الوزاري، سوى تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بتفعيل مبدإ عدم الإفلات من العقاب اتجاه المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. السيد الرئيس، لقد صدم الرأي العام الوطني من هول ما جاء في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول معاناة السجناء داخل السجون المغربية، وإننا من هذا المنبر ندعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في أنسنة السجون ووضع حد للانتهاكات الجسيمة التي تمارس داخل السجون من تعذيب وممارسات مهينة ولاإنسانية ضد السجناء وامتهان كرامتهم وكرامة عائلاتهم في خرق سافر للقوانين الجاري بها العمل وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة. كما نطالب بفتح السجون في وجه الحركة الحقوقية للقيام بواجبها في تتبع أوضاع السجناء. السيد الرئيس، السيد الرئيس، إننا لا نرى مبررا معقولا لامتناع الحكومة عن التصويت على قرار إلغاء عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة. فلم يعد مقبولا ولا مستساغا عدم وفاء المغرب بالتزاماته الدولية، سواء أمام مجلس حقوق الإنسان، أو أمام لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وذلك من خلال المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ورفع جميع التحفظات بخصوص الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب خاصة الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة. وفي هذا السياق لابد من تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وإعمال روح ومضامين وفلسفة الدستور الجديد خاصة فيما يتعلق بحماية الحق في الحياة، وأولوية الإتفاقات الدولية المصادق عليها، وذلك من خلال إصدار الأمر بإلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الجنائي المغربي، خاصة أن المنحى العام على الصعيد الدولي يتجه نحو إلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية. السيد الرئيس إن بلادنا اليوم محتاجة أكثر من أي وقت مضى لتدابير تعيد الثقة في العمل السياسي والحكومي. فلقد اخترنا كبلد بإرادة سياسية واضحة، أن نبني ديمقراطيتنا بشكل يعزز ثوابت الأمة ويقوي الشعور بالمواطنة في تكريس المساواة في كافة الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية. إننا في حاجة مستعجلة وبدون تلكأ أو تأخير لأجرأة الضمانات الدستورية لحقوق الطبقة العاملة والعدالة الاجتماعية والتضامن الوطني وتكريس حرية المبادرة الخاصة ودولة القانون. فعلينا امتلاك الجرأة لتكريس قيم حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا والقطع مع ممارسات الماضي، وتسريع إجراءات انضمام وتصديق المغرب على مجموعة من الإتفاقيات الدولية لتعزيز جهود النهوض بحقوق الإنسان بما فيها قرينة البراءة وضمان شروط المحاكمة العادلة وتجريم التعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية، وضمان حرية التعبير والرأي والولوج إلى المعلومات تفعيلا لمقتضيات الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011. وزارة الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات العامة السيد الرئيس، السيد الوزير تعاني منظومة الأجور من اختلالات كبيرة بسبب غياب سياسة واضحة في مجال الأجور مما يؤثر سلبا على التناسق العام للمنظومة، ويمكن إجمال أهم الاختلالات في التفاوت الكبير بين أعلى أجر وأدناه مما ساهم في وجود فئة تضم أعوانا يعيشون على عتبة الفقر، وفئة محظوظة من الموظفين. وقد أدت هذه الاختلالات إلى ارتفاع كبير في كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام، وهو مستوى جد مرتفع مقارنة مع دول ذات اقتصاد مماثل، إذ لم يستطع برنامج المغادرة الطوعية التخفيف من حدتها ، هذا فضلا عن انخفاض في قيمة أجور الموظفين بالمقارنة مع مؤشر تكلفة المعيشة. وبمناسبة الحديث عن المغادرة الطوعية نسائلكم السيد الوزير، ألم تخطئ الحكومة في العمل بتوصية البنك الدولي المتعلقة بهذه العملية التي لم تغير من كثلة الأجور أي شيء؟ بل إن هذه العملية كان لها انعكاس على التوازنات المالية للصندوق المغربي للتقاعد، كما أن الدولة فرطت في العديد من الأطر الكفأة في مختلف المجالات؟ وقد وعدتم في البرنامج الحكومي بإصلاح منظومة الأجور بشكل يجعلها متوازنة ومنصفة وعادلة، لمعالجة التناقض داخلها وتدارك ما يشوبها من نواقص وثغرات وذلك بتشاور مع الشركاء الاجتماعيين، غير أن شيئا من ذلك لم يحدث. وإننا بهذه المناسبة، ندعوكم لمباشرة هذا الورش الكبير في أقرب الآجال لتحقيق العدالة والإنصاف والحد من الفوارق الشاسعة بين الأجور العليا والدنيا ووضع معايير مضبوطة وموضوعية في تقييم الأداء المهني الفردي. السيد الوزير، لقد وعدت الحكومة وأخلفت فيما يخص مباشرتها إصلاح النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ولازلنا ننتظر خطتها لإصلاح هذه المنظومة التي نتمنى أن تتم بتنسيق وتشاور مع الشركاء الاجتماعيين. السيد الرئيس لازالت وثيرة الإصلاح الإداري تُراوح مكانها بفعل عدة أهمها تعقيد المساطر وكثرة الوثائق الإدارية، وتفشي الفساد الإداري، والرشوة، وعم قدرة الإدارة على التحكم في تضخم هياكلها، وسوء توزيع موظفيها إداريا وجغرافيا . بالإضافة إلى المركزية التي لازالت تطبع مسار اتخاد القرار الإداري، وتقف حاجزا أمام مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين وتحسين خدماتها اتجاه المستثمرين. مما خلق جو من عدم الرضى لدى المواطنين على الإدارة أمام صعوبة الوصول إلى الخدمات العمومية وسوء الاستقبال وتعقد المساطر وضعف الشفافية وتأخر معالجة الطلبات. لذلك فمن بين التحديات الكبيرة المطروحة على الحكومة هو كيفية التخلص من النزعة المركزية في النظام الإداري، والرفع من مستوى عقلانيته وفعاليته، خدمة لمبدأ تقريب الإدارة من المواطنين جهويا وإقليميا ومحليا، وجعل الإدارة ذات مردودية عالية وقريبة من المواطنين، وخادمة للتنمية الاقتصادية أكثر مما هي عليه الآن. الحوار الاجتماعي إننا نسجل بكل أسف، السيد الوزير، إجهاز الحكومة عن مكتسبات الطبقة العاملة خلال السنوات الأخيرة. فبعد أن عرف الحوار الاجتماعي تقدما خلال تلك السنوات توج بمأسسته على أساس اجتماعين قارين في السنة (واحد في أبريل والثاني في شتنبر) تم التراجع على هذا المبدأ وتغييب الحكومة للحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، رغم ما تعرفه الساحة الاجتماعية من أوضاع متردية وتراجعات خطيرة بسبب المحن التي تتعرض لها الحريات النقابية، وقمع التظاهر السلمي، ومحاكمة النقابيين، والاقتطاع من أجور المضربين من أجل إضعاف الفعل النقابي والتضييق على حق يخوله الدستور والمواثيق الدولية،، وعدم الاستجابة للمطالب المادية والاجتماعية لعموم الأجراء، وعدم تنفيذ مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 العالقة وكذلك مجموعة من الاتفاقيات القطاعية المبرمة. لذلك، ومن باب المسؤولية، فإننا في الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية ننبه الحكومة إلى خطورة الاحتقان الاجتماعي الذي تغذيه سياستها ومقاربتها لتدبير الشأن الاجتماعي والاستمرار في نهج التعامل الإقصائي للتنظيمات النقابية. العلاقات مع البرلمان تميز المغرب منذ أزيد من 60 سنة بوجود مجتمع مدني قوي، وبعد مصادقة المغرب على دستور جديد أصبحت الحاجة ملحة لإجراء حوار وطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة? وذلك بمشاركة مكونات وفعاليات المجتمع المدني من أجل الاسهام في بلورة ترسانة قانونية وتنظيمية متكاملة تضطلع بتكريس قيم الحرية والاستقلالية والشفافية والنزاهة كأساس لاشتغال الجمعيات والمنظمات غير الحكومية. ودعم بناء تجربة مغربية في مجال الديمقراطية التشاركية. وكنا نتمنى أن تتقدم الحكومة بمشاريع القوانين ذات الصلة. كما كنا نتمنى أن تضطلع وزراتكم بالمهام المنوطة بها لدعم قدرات الجمعيات في مجال صياغة المشاريع وتدبيرها وتعزيز حكامة المجتمع المدني. غير أننا لم نسجل في هذا الباب سوى إعمال السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مقاربة الهيمنة والتحكم في الجمعيات عوض بناء علاقات الشراكة والتكامل، بين الحكومة والمجتمع المدني. إن منشور الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني يمس بشكل جلي بالمقتضيات التي جاء بها الدستور والتي ارتقت بمكانة المجتمع المدني ومدته بصلاحيات هامة كشريك في التشريع وفي البناء الديمقراطي والتنموي، خاصة في فصليه 12 و13 اللذان اعتبرا المجتمع المدني وجمعيات الشأن العام كشريك أساسي في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية. إن الصياغة التي جاء بها المنشور تبرز محاولة الاحتواء التي تريد أن تتبناها الحكومة في علاقتها بالمجتمع المدني واعتباره مجرد أداة لتنفيذ السياسات الحكومية عبر حصر مجال الشراكة في مشاريع الفقر والتهميش والهشاشة. في حين أن المجتمع المدني بمختلف أطيافه لعب دورا أساسيا على مدى عقود من أجل البناء الديمقراطي (الجمعيات الحقوقية، الحركة النسائية، جمعيات محاربة الفساد، اتحاد الكتاب...). ومن تم نؤكد على ضروة انكباب الحكومة على القضايا والإشكاليات العميقة التي يعاني منها المجتمع المدني، وفتح نقاش صريح لوضع تصور عام حول تفعيل الدستور في المجالات التي تهم المجتمع المدني، بعيدا عن أي رغبة في التحكم والضبط. السيد الرئيس، السادة الوزراء صرح أكثر من عضو في الحكومة أن الدورة الخريفية للبرلمان لهذه السنة ستتميز بتقديم الحكومة للمخطط التشريعي الذي سيكون بمثابة خارطة طريق واضحة لالتزامات الحكومة من خلال المدخل التشريعي. لكن لحد الساعة لم تستطع الحكومة تقديمه حتى نتمكن كفرق برلمانية من تحضير مسبق لكل نص تشريعي مبرمج? مما سيساهم في ربح الزمن التشريعي وتنظيمه بطريقة جيدة? إلى جانب تمكين المجتمع المدني وكافة القوى الحية من الانخراط في النقاش التشريعي من خلال المذكرات والترافع مع الفرق البرلمانية.. السيد الرئيس تعتبر جلسة الأسئلة الشهرية لرئيس الحكومة مكسبا دستوريا هاما، ورغم الأهمية التي تكتسيها هذه الجلسة الشهرية، إلا أنها للأسف تحولت إلى جلسة للدفاع عن حزب رئيس الحكومة، مما يفقد هذه الجلسة قوتها الدستورية لتصبح مجرد لحظة ضمن الحملة الانتخابية للسيد رئيس الحكومة (الوحيد الذي لا يمل من الحديث عن حزبه، وعن المؤامرات التي تحاك ضده من طرف العفاريت والتماسيح..) كما أننا ننبه الحكومة لسوء تعاملها مع المعارضة رغم المكانة التي أعطاها الدستور للمعارضة، ورغم أن الدور الرقابي للبرلمان منوط أساسا بهذه المعارضة، فإن التجربة تجعلنا نستخلص بأن الحكومة وأغلبيتها لا تسير في هذا الاتجاه ولا تعمل على ترسيخ أي مقاربة تشاركية من شأنها مواصلة الاستحقاق الدستوري الذي أناط بالبرلمان استكمال مهمته بإصدار القوانين التنظيمية المتبقية والتي من الضروري أن تتحكم فيها نفس المقاربة التشاركية التي حكمت إعداد الدستور. فالحكومة مصرة على عدم إشراك المعارضة في إعداد القوانين التنظيمية، كما أخلفت وعدها بنهج مقاربة تشاركية في إعداد قانون المالية لسنة 2013 مما يفقر أوراش الإصلاح التي ابتدأت مع الدستور الجديد. السيد الرئيس، السادة الوزراء يتميز المجتمع المغربي بتعدده وتنوعه الثقافي واللغوي وبفوارق بين جهاته تكون صارخة أحيانا، مما يجعل من الديمقراطية التشاركية آلية لتجاوز نقائص الديمقراطية التمثيلية التي أظهرت ضعف المشاركة ومحدوديتها مما يؤثر على مشروعية المؤسسات المنبثقة عنها. والعرائض هي إحدى وسائل إيصال المقترحات والمطالب والمشاركة في الشأن العمومي لتمكين المواطنات من التعبير عن مطالبهم والإسهام في السياسات التي من شأنها تلبية مختلف حاجياتهم. مما يفرض إشراك كل الحساسيات والتوجهات وكل الفاعلين بمختلف مشاربهم وأساسا منظمات المجتمع المدني لإيجاد صيغة توافقية حول القوانين التنظيمية للعريضة الشعبية والمبادرة وإرساء أسس ديمقراطية تشاركية مواطنة خدمة للتقدم الديمقراطي والتطور المجتمعي والتنمية الاقتصادية والبشرية لمغرب الحداثة والديمقراطية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعموم المواطنات والمواطنين وإرساء أسس التوازن بين الفاعل السياسي والمجتمع المدني بمختلف مكوناته . لقد كان فريقنا سباقا لدشين انطلاق نقاش عمومي من قلب المؤسسة التشريعية حول تنظيم المشاركة لمساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، وتفعيل مبادئ الديمقراطية التشاركية، وأيضا ما يجب أن يتضمنه الققوانين التنظيمية لتقديم الملتمسات في مجال التشريع والعرائض إلى السلطات العمومية طبقا لمقتضيات الفصلين 14 و15 من الدستور. وتسيير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها من خلال آليات تشاركية للحوار والتشاور على مستوى الجهات والجماعات الترابية طبقا لمقتضيات الفصل 136. فإذا كان النظام الدستوري لبلادنا يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، وأيضا على الديمقراطية المواطنة والتشاركية والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة كمبادئ عامة، تتطلب من أجل ممارستها قوانين تنظيمية يجب أن تكون مطابقة لروح النص الدستوري، لذلك ندعو الحكومة للإسراع بتقديم مشاريع القوانين التنظيمية المكملة للوثيقة واستشارة كل المؤسسات المهتمة بهذا الشأن، وبدون ذلك لا يمكننا الحديث عن التنزيل الديمقراطي السليم والتشاركي للمقتضيات الدستورية، كما لا يمكننا الحديث عن الارتقاء بالممارسة إلى مستوى ما ينص عليه الدستور في مجال الديمقراطية التشاركية. تلكم السيدات والسادة المستشارين، السيد الرئيس، السادة الوزراء، وجهة نظر الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية في القطاعات التابعة للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لسنة 2013، نتمنى أن تجد ملاحظاتنا صدى لدى الحكومة، وأن تتجاوب مع مقترحاتنا التي بسطناها أمام مسامعكم سواء داخل اللجنة أو في الجلسة العامة.