بيرنار ڤاليت، واحد من أصدقاء المغرب تربطه علاقات صداقة طيبة بعدد من المغاربة المنحدرين من مكناس تافيلالت. كان، باعتباره عمدة لمدينة «بلوا» عن الحزب الاشتراكي الفرنسي ونائب رئيس المجلس الجهوي لوسط، أحد مهندسي الشراكة اللامركزية بين جهتي «وسط فرنسا»ومكناس تافيلالت، التي تمخضت عنها مشاريع ملموسة همت ساكنة المنطقة. ويسعى ڤاليت اليوم، من خلال جمعيته «بلوا أزرو»، إلى بلورة مشاريع قيد الدرس لدعم التوأمة ما بين «بلوا» وأزرو تروم التقارب بين ساكنة المدينتين وتقاسم القيم الانسانية المشتركة، وتعزيز التعاون الاقتصادي والدعم الاجتماعي والثقافي بين الجهتين، ثم بين المغرب وفرنسا، بل بين ضفتي المتوسط. ولتقريب تجليات هذه الصداقة والشراكة كان لنا ، على هامش الندوة، التي نظمها النسيج الجمعوي بمدينة «فيرنويي» بشراكة مع قنصلية المغرب في «أورليان» حول موضوع «العيش معا باختلافاتنا» لقاء مع بيرنار ڤاليت بمدينة «بلوا» هنا نصه. السيد بيرنار ڤاليت، بعد تنظيمكم للدورة الأولى من الأسبوع المغربي بمدينة «بلوا»، هل هناك خطوات أخرى في المستقبل تعتزمون القيام بها، من أجل دعم التعاون المشترك بين جهتي الوسط ومكناس تافيلالت، أو إن صح القول، هل تفكرون في دورة ثانية لهذا الأسبوع بتصور مغاير؟ أجل، إن تنظيم الدورة الأولى من الأسبوع المغربي بمدينة «بلوا»، هو واحد من المبادرات التي نسعى من خلالها لدعم الشراكة بين مدينتي أزرو و«بلوا»، التي هي انعكاس لتعاون وطيد ما بين جهتي مكناس تافيلالت وجهة الوسط هنا بفرنسا. ولن أخفيكم سرا إن قلت لكم أن الدورة الثانية من هذا الأسبوع لن تتخذ فقط طابعا احتفاليا، بل ستكون أيضا نسخة غنية بلقاءاتها وندواتها عبر إشراك كل الفعاليات من الطرفين المغربي والفرنسي، لتدارس الجوانب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. هكذا، فالنسخة الثانية من هذا الأسبوع سوف تتخذ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية دعامتها الأساسية، في إطار مقاربة تشاركية تروم تبادل خبرات فعاليات كل من مدينتي أزرو و«بلوا»، من أجل شراكة وتنمية لامركزية مستديمة، دون أن ننسى دعم مكانة المرأة، التي سنعمل على بلورتها من خلال اقتراح مشاريع عملية كجواب عن مطلب خرجت به توصيات النسخة الأولى من الأسبوع. وأؤكد لكم، أنه تحدونا، في جمعية «بلوا أزرو» الرغبة في أن يكون برنامج الدورة الثانية من الأسبوع غنيا قدر الإمكان، إذ أن من بين فعاليات النسخة القادمة تنظيم ندوات ومعارض خاصة من أجل التعريف بما تزخر به مدينة أزرو، خاصة الثقافة والموروث الأمازيغيين اللذين يعتبران رأسمالا مهما بالنسبة لهذه المنطقة من الأطلس المتوسط، كما نسعى أن نكون خير سفراء للتعريف بما يزخر به مطبخ المنطقة بشكل خاص والمغرب بشكل عام، والمعروف بتنوع أطباقه، دون أن ننسى العمل، في إطار تبادل التجارب، للتعريف بالمطبخ في جهة الوسط وفرنسا بشكل عام. ومن مميزات مدينة «بلوا» أنها تتوفر على جالية مغربية من بينها نساء ورجال يتقنون فنون الطبخ بمقدورهم تيسير عملية التعريف به، والأمر ذاته بالنسبة لساكنة هذه المدينة من الفرنسيين الذين سوف يكون الأسبوع المغربي فرصة لهم لإبراز قدراتهم في هذا المجال. ويبدو أن إشراك الواحد منا للآخر لاكتشاف أذواق من الضفتين، لا ينفصل في مجمله عن مبدأ التشاركية من أجل تقاسم الساكنة لقيمهما المشتركة، هذا بالإضافة إلى تنظيم سهرات تنشطها مجموعات غنائية سواء قادمة من المغرب أو مكونة من فرنسيين من أصل مغربي تعيش هنا. أفصحتم في معرض جوابكم عن بعض من المظاهر الاحتفالية لبرنامج النسخة الثانية من الأسبوع المغربي بمدينة «بلوا». أين يمكن للساكنة أن تتلمس المجهود الأكاديمي والعلمي ضمن فعاليات هذا الأسبوع. هل ستكون لملفات ذات طابع اجتماعي، ثقافي واقتصادي، مكانة في البرنامج؟ أكيد أن المظاهر الاحتفالية للنسخة الثانية من الأسبوع المغربي لمدينة «بلوا» حاضرة، لكن ليس إلى الحد الذي يمكن معه أن تغطي على مناقشة القضايا ذات الطابع الاجتماعي، الثقافي والاقتصادي التي تهم الطرفين المغربي والفرنسي. فحضور الاحتفالية مكمل للجدية في إبراز شراكتنا الثنائية ما بين جهتي الوسط ومكناس تافيلالت وبين مدينتي أزرو و«بلوا» بشكل خاص. وبوضوح أكثر، فإن لقاءات الأسبوع المغربي، التي نريدها متنوعة وغنية، سوف تنصب على مناقشة شقين أساسيين خاصة الجانبين الاقتصادي والسياحي، وستكون هذه اللقاءات فرصة سانحة للتفكير في أحسن السبل لتنمية السياحة بمدينة أزرو، التي سيكون لتنميتها وفق مشاريع ملموسة من قبيل تطوير دور الإيواء مثلا، النفع الكبير على الساكنة المحلية. وفي اعتقادي أن بلوغ هدف شبيه بهذا لا يتطلب إمكانيات كبيرة، خاصة وأننا نتوفر على شريحة كبيرة من السياح الفرنسيين الذين يعشقون هذا النوع من السياحة وما يرتبط بها محليا من خدمات، وما يزيد في اطمئنانا على نجاح مثل هذه المشاريع، خصال الترحاب التي يتمتع بها المغاربة. وهكذا، فإننا نتصور وضع مشاريع تضمن تنشيط الحياة السياحية بالمدينة عبر خلق مسارات سياحية متكاملة الخدمات يسهر عليها ويضمن نجاحها شركاء محليون وتساهم في خلق حركية تجارية واقتصادية بمدينة أزور تمتد إلى كل جبال الأطلس. وبالموازاة، نطمح إلى تعميق النقاش من أجل تقييم يروم خلق استمرارية في مصاحبة مشاريع سبق ودعمناها، ويتعلق الأمر هنا بمشاريع جني النباتات العطرية والطبية، وذلك عبر بلورة تصور يعزز تنمية هذا النشاط ويجعله أكثر مردودية من قبيل التفكير، من الجانب الفرنسي، في وضع أرضية تسويقية تمكن هؤلاء النساء بمدينة أزور وجهة مكناس تافيلالت، من دخل قار من خلال اقتحام السوق الفرنسية عبر تصدير منتوجاتهن. هل تمكنتم، من خلال جمعيتكم وأيضا من خلال موقعكم كعمدة سابق لمدينة «بلوا» وعضو سابق في المجلس الجهوي لوسط فرنسا كواحد من مهندسي الشراكة اللامركزية في جهة الوسط رفقة سعيد شباعتو رئيس جهة مكناس تافيلالت، من تشخيص حاجيات ساكنة أزرو؟ إن صح التعبير، كيف وقع اختياركم على هذه المدينة؟ الواضح أن اختيار مدينة أزرو يجد مبرره في كونها أحد مكونات جهة مكناس تافيلالت التي تربطني علاقات صداقة طيبة بعدد من المغاربة المنحدرين منها، لكن الأكيد أنه اختيار تحكمت فيه اللمسة الانسانية وملاقاة رجال من طينة السيد سعيد اشباعتو، الذي كان له الفضل في تعرفي عليها بشكل أفضل وفهم مكوناتها التي تتميز بخصوصية تكامل مكوناتها الثقافية، الجغرافية والحضارية. بل يمكنني القول إنه نوع من الوقوع في غرام أزرو، هذه المدينة التي تتمتع بطبيعة جبلية خلابة وتزخر بمعمار وحضارة غنيين وكذا تاريخها الضاربة جذوره في القدم بالرغم من كونها لا تشبه في شيء شريكتها مدينة «بلوا» . أكيد أن هناك اختلافا كبيرا بين أزرو و«بلوا» سواء على المستوى المعماري، التراثي والسياحي، لكن تمتعهما بلمسة إنسانية مرهفة يمكنهما من تقاسم القيم الإنسانية ويجعل منهما توأما يشق طريقه بثبات. إن أزرو، مدينة الأرز هاته التي لا يتجاوز عدد ساكنتها 50 ألفا مثلها مثل «بلوا» والمتربعة في قلب جهة مكناس تافيلالت المترامية الأطراف على جبال الأطلس المتوسط، لن تكون سوى وجهة يسعى كل فرنسي لا يعرفها، إلى اكتشافها. هل تمكنتم ، في إطار جمعيتكم «بلوا أزروش، التي ترأسونها، من تجسيد مشاريع على أرض الواقع بمدينة أزرو؟ نعم لقد تمكنا من ذلك. فبالنسبة لجهة الوسط ومكناس تافيلالت ثمة مشاريع عرفت طريقها للإنجاز وأخرى قيد التبلور، تسهر الجمعية على وضعها من بينها تجسيد شراكة على المستوى الطبي ما بين مستشفيات كل من أزور و«بلوا» يقودها خبراء طبيون مغاربة وفرنسيون من المدينتين. فكما سبق وأشرتم ، فقد أنجزنا مشروعا لجني النباتات العطرية والطبية بدعم من وكالة التنمية الاجتماعية بالمغرب وبتمويل من صندوق دعم الشراكة اللامركزية الفرنسي المغربي وتم إنشاء تعاونيات بالإضافة إلى مشروع تطهير وتدبير النفايات ومعالجة المياه بمنطقة إيتزر وتهيئة مسار سياحي بهضبة زيز، وكذا تبادل الزيارات ما بين تلاميذ وأساتذة إعداديات وثانويات بمدينتي أزرو و«بلوا»، لأننا نعتبر أن الأساتذة والتلاميذ وخبراء التنمية والتعاون والمتطوعين سند بالغ الأهمية في بلورة ودعم المشاريع، وكذلك المساهمة في تحقيقها وإنجاحها، بالإضافة إلى مشاركتنا في المعرض الفلاحي لمدينة مكناس، وذلك للطابع الفلاحي لجهة الوسط المعروفة بزراعة الحبوب، وأيضا لاهتمامنا بالصناعات الغذائية وطموحنا في التعاون المشترك وتبادل الخبرات بخصوصها. في ما يتعلق بالتوأمة بين المدينتين، أزرو و«بلوا»، هل تعتقدون أنها نتيجة لذلك التقارب الإنساني ما بين ساكنة المدينتين أم أنها نتاج لسيرورة تجسيد الشراكة الاقتصادية التي تجمع الجهتين ؟ إنهما الأمران معا، لكن صلبها هي تلك العلاقات الانسانية التي نسعى دوما لتطويرها. ورهاننا، في هذا الإطار، أساسي لدعمها. وكما سبق وأشرتم إلى التعاون المشترك بين الجهتين، فإن الهدف هو توطيد العلاقة الانسانية التي تجمع ما بين الساكنة الفرنسية في مدينة «بلوا» والفرنسيين من أصل مغربي في ذات المدينة. فالأمر بالنسبة للجانبين رهان قوي ومهم وإن كان جل المغاربة الذين يقيمون في «بلوا»، الذين يعتبرون الجالية الأولى المقيمة في «بلوا»، لا ينتمون إلى مدينة أزرو وحدها، بل إلى مدن وقرى متعددة في المغرب. إذن، إنه رهان يستمد قوته من كونه يروم تعزيز ارتباط الجالية المغربية بالبلد الأم من خلال الحفاظ على تلك العلاقة العاطفية مع البلد الأصل، عبر التفكير في خلق مشاريع تنموية تفيد الساكنة هناك وأبناءها هنا وتجعلهم أطرافا فاعلة في دعم التوأمة بين أزرو و»بلوا»، هذا بالإضافة إلى أنه التزام اقتصادي إزاء المنطقة بإمكانه المساهمة، إن صح القول، في خلق تقارب، ليس فقط، بين الجهتين والمدينتين، بل ما بين ضفتي المتوسط من خلال العمل على التعرف أحسن على حضارتين مختلفتين تتمتعان بقيم مشتركة، وتحقيق مزيد من تعلم قيم الاحترام المتبادل. هكذا، وكما كان الأمر بالنسبة لندوات النسخة الأولى من الأسبوع المغربي في «بلوا» وتلك التي ستنظم في مارس المقبل، فالهدف هو التأكيد على قيم العيش المشترك هنا وهناك. هل الصورة الايجابية التي تمتع بها الجالية المغربية المقيمة هنا بمدينة «بلوا» وجهة الوسط و وضع الاستقرار الذي يعيشه المغرب على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، هو ما شجعكم على الانخراط في بلورة ما سبق من مشاريع؟ وهنا أحيلكم إلى الندوة، التي نظمها النسيج الجمعوي ب«فيرنويي» بشراكة مع قنصلية المغرب في «أورليان» حول موضوع «العيش معا باختلافاتنا» ؟ نعم، إن رهان العيش معا، كما قلتم هو في اعتقادي، من الأهمية بمكان، لأنه في الآن ذاته هو القول بالعيش الأفضل إن صح التعبير، و التواصل ما بين الجالية المغربية والفرنسيين ضروري لأجل حياة مشتركة، ولا يمكننا أن نتصور في عالم يتقلص حجمه يوما بعد يوم أن يعيش الواحد منا بمعزل عن الآخر. لهذا فإن التوأمة بين مدينتي أزرو و»بلوا»، بالإضافة إلى دعم التعاون المشترك، تروم في نهاية المطاف، تحقيق الفهم الجيد للآخر، مع تثبيت الاحترام المتبادل وتقوية القبول به بما يحمل معه من قيم، والتعايش مع اختلافاته. ومجمل القول إن تنوعنا هو مصدر غنانا.