عن سن 64 عام انتقل إلى جوار ربه، الموسيقار الكبير عمار الشريعي، والفقيد واحد من صناع التأليف الموسيقي، بعد رحيل العمالقة (عبد الوهاب، السنباطي، الموجي، كمال الطويل، بليغ حمدي، وسيد مكاوي) وغيرهم. الراحل دارس كبير للموسيقى، كما هو حاصل على شهادة جامعية آداب إنجليزي، التحق بالأكاديمية الملكية البريطانية. ابتدأ كعازف (كورديون) ثم (أورغ)، بعدها انتقل إلى التأليف الموسيقي بتأثير وتشجيع من الملحن الكبير سيد مكاوي، الذي ربطته به علاقة حميمية، ترجمت إلى العمل معا في إطار جمعية إنسانية تعنى بشؤون المكفوفين. تأثر أيضا بالموسيقى العاطفية ونهل منها عن طريق رائدها، الكبير بليغ حمدي. شق طريقه في التلحين والتكليف الموسيقيين، فكان خير خلف لجيل العمالقة. أسس في بداية تعاطيه للتلحين فرقة الأصدقاء الموسيقية، التي تعنى بالأغاني الخفيفة. وذلك قبل أن تظهر الأجيال الشبابية كعمرو دياب، وإيهاب توفيق وما بعدهما .. يرجع له الفضل في ظهور العديد من النجوم الطربية، كأنغام وأمل ماهر وغادة رجب الذين هو من اكتشفهما (هذين الأخيرين). كما لحن للعديد من المطربين المصريين والعرب وفي مقدمتهم، علي الحجار، محمد الحلو وعبد الله الرويشد. أبدع من جانب آخر في مجال الموسيقى التصويرية للأفلام والمسرحيات والمسلسلات، من روائع هذه الأخيرة (الراية البيضاء، رأفت الهجان، بوابة الحلواني، أم كلثوم، أرابيسك وزيزينيا). وتعامل من خلالها مع قامات كتاب السيناريو، كالراحل الكبير أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد وإسماعيل عبد الحافظ. وكانت له أيضا برامج فنية إذاعية ك «غواص في بحر النغم»، وتلفزية ك «سهرة شريعي»، والتي كنت أتابع بعض من حلقاتها من حين لآخر لأستمتع بثقافته الموسيقية الرفيعة، فكان بحق مؤسسة موسيقية قائمة الذات. أدخل بواسطة آلة «الأورغ» - الربع الموسيقي Quard de temps ، إلى ذاكرة الكومبيوتر بمركزه باليابان ومنه إلى الموسيقى العالمية. وفوق هذا وذاك، كانت للرجل مواقف جريئة من قضايا وطنه. ففي خضم الاحتقان السياسي بمصر، وقبل ثورة 25 يناير، أطل الشريعي من خلال برنامج شهير للإعلامية المتميزة «منى الشادلي» بإحدى القنوات الخاصة، ليطلب علانية وبشجاعة نادرة من الرئيس السابق التنحي عن السلطة. على الرغم مما كان يحظى به من طرفه بتقدير كفنان. ثم نزل إلى ميدان التحرير وسط أبناء شعبه. بعد أن قال قولته المؤثرة بالعامية المصرية «ساعة ما يكون دم، تكون لحظة فارقة» . وكذلك كان حدس الفنان ... لقد ربط الإحساس الموسيقي الناعم بالموقف الوطني الجريء، في توليفة نادرة من خصال الكبار.