صدر قبل أيام قليلة الكتاب الجديد للمفكر المغربي عبد السلام بنعبد العالي بعنوان «الفلسفة فنًّا للعيش» وذلك عن دار توبقال للنشر في الدارالبيضاء، ويقع في 137 صفحة من الحجم المتوسط، أمَّا لوحة الغلاف فهي للفنان العالمي «ماتيس ». يُحاول الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي في كتابه هذا أن يطرح آراءه ووجهات نظره في عدد من القضايا والإشكاليات التي تمس وتُشغل بال الفرد العربي في حياته اليومية والمعيشيّة. فقارب المؤلف بقلمه وفكره عددا من القضايا من قبيل: ?الفلسفة فنَّا للعيش، الشائعة في زمن فايسبوك ، ?من هو المثقف، الهشاشة، 11 أيلول، بعد الثوراث العربية، المثقف بين السياسة والسياسي، الأخلاق والسياسة، صناعة الأبطال، في شبكات المقاومة، العمل الثقافي والثورة، التشبه والاشتباه والتشابه، ربيع الوطن، خريف الثقافة، بعد الربيع العربي، المعرفة والسلطة... من جديد ، نساء المرشحين للرئاسة، المثقف النجم، في السعادة . ففي مقالته الفلسفة فنًّا للعيش يُؤكد بنعبد العالي أن الأمر لا يتعلق بحنين إلى نزاعات وجودية أو فلسفات قديمة، شرقية أكانت أم يونانية. مضيفا لسنا نروم هنا العودة بالفلسفة إلى ماضيها الإغريقي، قبل أن تغدو منظومات نظرية ومذاهب فكرية، وإلى شكلها الحكمي يوم كانت فنّا للعيش، وأسلوبا في الحياة، ومحبة للحكمة. شارحا للقارئ أن هذا الرجوع لن يكون بالأمر المتيسر، لأن لذلك الماضي ظروفه وملابساته وحيثياته، ولأنه كان يخضع لشعائر، وينطلق من مبادئ، ويرعى قيما ربما لا مكانة لها في حياتنا المعاصرة. وهي قيم كان يفترض فيها أن تُسلّح الفرد ضد أهوال الوجود وضروب الشقاء الإنساني كالخوف من الموت أو الألم، بحثا عن طمأنينة، وتكريسا لسكينة، وضبطا لأهواء، ونشدانا لقناعة». وبرأي المؤلف فقد كان الأمر يتم عن طريق انتظام في مدرسة ، واقتداء بشيخ طائفة، وولاء لحكيم قدوة. وقد احتفظ لنا التاريخ بأسماء لبعض أولئك الحكماء الذين لن يكون من السهل تناسيها، ويكفي أن نذكر منها على سبيل المثال فيثاغورس وأبيقور وديوجين وبيرون وسنيكا ومارقوس أوريوس. كانت الفلسفة في الوقت ذاته اختيارا لنمط عيش، وممارسة علاجية تجد أسسها في خطاب مدعم على نحو ما يتم به الأمر اليوم عند أصحاب التحليل النفسي. لم تكن قيمة القول الفلسفي في كونه تبريرا مجردا لنظرية، وغنما في ما يتولد عنه من مفعول، فلم تكن وظيفته لتمكن في أن يطلع على معلومة informer، وإنما في أن يكون المتلقي ويمرنه former.