الكتابة العامة التي كانت تعيش الأزمة التي شرحنا قررت بضغط من الجهاز النقابي حجب تقرير المهدي بن بركة لأنه يتناول بصراحة ما كان مسكوتا عنه ويراد الاستمرار في السكوت عنه 1 المناصفة مع الجهاز النقابي... وحجب تقرير المهدي كيف يمكن لمؤتمر يستدعي في ظروف الأزمة الراجعة إلى عدم الاتفاق على تحديد العلاقة بين الحزب والنقابة، أن يحل هذه الأزمة؟ من الناحية النظرية يمكنم القول إن ذلك ممكن، لأن المؤتمر هو أعلى سلطة في الحزب باتفاق الجميع. ولكن الناحية النظرية في مثل هذه الأمور شيء والناحية العملية شيء آخر! ذلك أن عقد المؤتمر يتطلب الإعداد له، والهيئة التي تتولى الإعداد له هي الكتابة العامة. وهنا أساس المشكل. فالمؤتمرات الحزبية - وغير الحزبية - يعتمد نجاحها ونوع قراراتها على نوع الإعداد لها. ولما كانت الكتابة العامة تعيش أزمة، بسبب قضية يراد لها أن يفصل فيها المؤتمر، فمن الطبيعي أن يعمل كل طرف في الكتابة العامة على أن يتم الإعداد للمؤتمر بالصورة التي تجعله يسفر عن نتائج ترضيه. فمعركة المؤتمر تبدأ داخل الجهاز المكلف بإعداده. فكيف حصل الاتفاق داخل الكتابة العامة على الكيفية التي سيعقد عليها المؤتمر؟. لم يكن من الممكن الاتفاق إلا على »»عدم الاتفاق««, لقد كانت المسطرة التي حصل »الاتفاق« عليها تقوم على الثنائية والمناصفة. فقد ألح ممثلو الجهاز النقابي على أن تسفر المؤتمرات الإقليمية عن كتابات يكون أعضاؤها مناصفة: نصف من الجهاز النقابي ونصف من الاتحاديين، وبالتالي يكون المؤتمرون كذلك مناصفة، وفي مقابل ذلك يغض هذا الجهاز الطرف عن الاستمرار في «»تحزيب العمال»« في خلايا، ولا يضع كشرط مسبق للمؤتمر توقيف الذين يقومون بذلك، وبعبارة الجهاز النقابي: الذين لا يحترمون »الاستقلال النقابي«، وفي مقدمتهم عمر بنجلون. وهكذا بدأ التحضير للمؤتمر في جو من الثنائية، لتعلن الكتابة العامة يوم 16 أبريل 1962 عن قرار بانعقاد المؤتمر أيام 25-27 ماي 1962. ولاشك أن الشهيد المهدي - الذي قلنا إنه اختار الغربة بقصد التخفيف من التوتر داخل الكتابة العامة بسبب علاقاته السلبية الصدامية مع المحجوب بن الصديق عضو الكتابة العامة - كان متتبعا لهذه التطورات بدقة واهتمام، ومن هنا قرر أن يبادر إلى كتابة تقرير نقدي لتجربة الاتحاد ككل، السياسية والتنظيمية، وإرساله للكتابة العامة كمساهمة منه في توضيح الرؤية في المسائل الأساسية التي يجب أن يخرج المؤتمر بشأنها بقرارات واضحة: مسألة التنظيم، الخط السياسي المرحلي، الأفق الثوري. لكن الكتابة العامة التي كانت تعيش الأزمة التي شرحنا قررت بضغط من الجهاز النقابي حجب هذا التقرير لأنه يتناول بصراحة ما كان مسكوتا عنه ويراد الاستمرار في السكوت عنه، أقصد تحديد الخط السياسي المرحلي والأفق الثوري للاتحاد من جهة، والفصل في المشاكل التنظيمية المزمنة. وفي مقدمتها مشكلة العلاقة بين الحزب والنقابة، من جهة أخرى. 2 مقالات حجبت في منتصف الطريق...! وعلى الرغم من حجب الكتابة العامة لتقرير الشهيد الذي كنا نطلق عليه» »النقد الذاتي»«، فقد كان بين يدي. لقد وصلتني نسخة منه. وبما أنني كنت أعرف أنه لن يعرض على المؤتمر ولن يطلع عليه المناضلون فقد ارتأيت أن أكتب مقالات تحليلية في »التحرير« في إطار الاستعداد للمؤتمر مع استيحاء فكرة »النقد الذاتي« من تقرير المهدي. بالفعل بدأت في كتابة سلسلة من المقالات، نشر المقال الأول يوم 9 ماي 1962 على أسفل الصفحة الأولى تحت عنوان: »استعدادا لمؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«. كان هذا المقال ذا طابع تمهيدي وقد خصصته باقتراح، من الأخ اليوسفي، للربط بين مؤتمر القوى الشعبية في القاهرة ومؤتمر المجلس الوطني للثورة الجزائريةبطرابلس ليبيا ومؤتمرنا نحن. وكانت هذه المؤتمرات متزامة تقريبا. أما المقالات التالية فقد قدمت لها بمقال تمهيدي بعنوان »خواطر حول المؤتمر« وقد وقعته بعبارة «»يكتبها اتحادي»«، حتى لا ألزم بها رئيس التحرير، عضو الكتابة العامة. يلي ذلك مقال بعنوان» »بعد سنتين من تجربة الحكم الفردي«« وهذا المقال نشر جزء منه فقط لأن الأمر صدر من »الكتابة العامة«، بأن» »أوقفوا هذه المقالات وستأتيكم مقالات أخرى مكانها«« لم يكن من الممكن سحب كامل المقال الذي كتبته لعدد ذلك اليوم، لأن الإخبار بالمنع كان قد جاء متأخرا، وكان جزء من المقال في الصفحة الأولى التي كانت قد اجتازت مرحلة التصفيف، فاقتصرنا إذن على سحب بقية المقال من الصفحة التي كان فيها و لم تكن قد تهيأت بعد للطبع، خصوصا لأن ما هو مستوحى من تقرير المهدي، وهو ما تعترض عليه »الكتابة العامة«، كان في هذا الجزء من المقال. وهكذا فلأول مرة منذ صدور التحرير في 2 أبريل 1959 لم تتعرض مقالاتي لأية مراقبة كيفما كان نوعها، بله أن تتعرض للتوقيف. ولابد من التنويه هنا بأن الأخ عبد الرحمان اليوسفي رئيس التحرير لم يكن يتدخل قط فيما أكتب. وعندما يكون هناك ما يستوجب الرجوع إليه كان يوافق، وقلما كان يبدي تحفظا وتحفظاته لم تكن تغير من الأمر شيئا. فلقد كنا شبابا مناضلين بالكلمة على الأقل، وفي نفس الوقت مصرين ومعاندين. أما الأخ البصري الذي كان يتحمل المسؤولية القانونية على ما ينشر في الجريدة. بوصفه مديرا لها، فلم يحدث قط، أبدا، أن تدخل في مثل هذه الأمور. كان يأتيني ب «»الأخبار«« وينقل إلي ردود الفعل في أوساط الحكم، والباقي كان كله يقع تحت قولنا: »سيروا على بركة الله«. وإنما أدليت هنا بهذه الشهادة في حق الرجلين كي لا يتصرف ذهن القارئ إلى أنه ربما يكون لهما يد في منع مقالاتي لكون أمر المنع قد جاءنا من »الكتابة العامة«، وهما عضوين فيها. لقد كان صاحب الأمر هو الأستاذ عبد الله ابراهيم الذي كان منهمكا في كتابة »التقرير المذهبي« للمؤتمر، وهو يختلف مضمونا وأفقا عن تقرير المهدي. وقد وصلتنا منه فعلا بعد ثلاثة أيام من توقيف مقالاتي، مقالات نشرناها مكان المقالات الموقوفة. وفيما يلي نصوص ما نشر من مقالاتي (وبطبيعة الحال ليس لدي ما لم ينشر، لأني كنت أكتب في مكتبي بالجريدة وأدفع للطبع ورقة ورقة). المقال الأول: كان تحت العنوانين التاليين: »»استعدادا لمؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية»« »»مؤتمر الاتحاد الوطني ومحيطه الثوري»« يقول المقال: »بعد أسبوعين فقط ,يشهد المغرب حدثا تاريخيا هاما ستكون له ولا شك نتائجه الإيجابية البعيدة الأثر. وليس هذا الحدث إلا انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وأهمية هذا المؤتمر ليست راجعة فقط إلى كونه المؤتمر الحقيقي للاتحاد الوطني. لأن المؤتمر الماضي الذي انعقد في 6 شتنبر 1959 كان فقط مؤتمرا تأسيسيا، كما أن أهميته ليست راجعة فقط إلى الموضوعات التي سيدرسها ولا إلى المقررات التي قد يتخذها، بل راجعة أيضا إلى الإطار الزماني والمكاني الذي يدخل فيه هذا المؤتمر، مما يجعله مؤتمرا تاريخيا حقا وجزءا من حركة تاريخية بشمال افريقيا بالمفهوم الواسع للشمال الإفريقي. سينعقد المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في هذا الشهر، شهر ماي. وشهر ماي في هذه السنة 1962 يمكن وصفه بأنه شهر المؤتمرات الثورية في الشمال الإفريقي لأنه سيشهد ثلاث مؤتمرات تاريخية حاسمة فاصلة، أحدها في القاهرة، و ثانيها في المغرب، وثالثها في الجزائر. في القاهرة: مؤتمر القوى الشعبية ففي القاهرة سينعقد خلال هذا الشهر المؤتمر العام للقوى الشعبية في الجمهورية العربية المتحدة، وهو مؤتمر من الأهمية بمكان, خصوصا وقد جاء بعد أحداث جسيمة كانفصام سورية عن الجمهورية العربية المتحدة، وبعد ثورة في الحكم طهرت البلاد من الإقطاعية والاستعمار وأخذت تفكر الآن في مواجهة المرحلة الدقيقة في كل ثورة، وهي مرحلة التنظيم الجماهيري وإعطاء محتوى اجتماعي حقيقي هادف للحركة الثورية التي أنقذت مصر من مخالب الطغيان والإقطاع والاستعمار. فأهمية مؤتمر القوي الشعبية في الجمهورية العربية المتحدة أهمية واضحة، خاصة إذا جعلنا نصب أعيننا الأحداث التي شهدتها الجمهورية العربية في الشهور الأخيرة وتصريحات النقد الذاتي التي أدلى بها غير ما مرة وبشجاعة محمودة الرئيس جمال عبد الناصر، تلك التصريحات التي أعقبتها حركة تطهيرية وضعت يد الدولة على رؤوس الرجعية والإقطاع المتبقية وعلى ممتلكاتها التي حصلت عليها با ستغلالها جماهير الكادحين في عهد الطغيان والإقطاع، عهد ما قبل الثورة والتجارب التي مرت عليها الجمهورية العربية المتحدة سواء مع الاستعمار والإقطاع والرجعية أو في أسلوب الحكم في التنظيم الجماهيري تجعل قادة هذه البلاد يخرجون بدروس وعبر ستكون، ولاشك وكما نرجو, النبراس الذي يقود المؤتمر المقبل، مؤتمر القوى الشعبية في الجمهورية العربية المتحدة، وهذا بعض عوامل أهمية هذا المؤتمر التاريخي الفريد من نوعه في العالم العربي. مؤتمر المجلس الوطني للثورة الجزائرية وفي طرابلس سينعقد في أواخر هذا الشهر المؤتمر العام للمجلس الوطني للثورة الجزائرية. وأهمية هذا المؤتمر لا تخفى على أحد، فهو أول مؤتمر للمجلس المذكور بعد إيقاف القتال وقبل استلام الثورة الجزائرية للحكم في الجزائر. ولربما سيكون هذا الاجتماع هو أول اجتماع يحضره كافة أعضاء المجلس الوطني للثورة بمن فيهم قادتها وإطاراتها المناضلة. ومن المتوقع أن يخرج هذا المؤتمر بتنظيم شعبي ثوري، سياسي عسكري، ومخطط عام يعطي للثورة الجزائرية محتواها الاجتماعي والاقتصادي أي كيانها الثوري العام. هذا علاوة على أنه سيتناول الدرس مشكلة التنظيمات العامة في الجزائر وقضايا تقرير المصير وإعلان الاستقلال واستلام الثورة للحكم وغير ذلك من قضايا الساعة بالنسبة للثورة الجزائرية، سواء منها التي تدخل في الإطار الجزائري المحض أو في إطار المغرب العربي العام. في المغرب مؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وفي المغرب, وفي ما بين 24 و28 من الشهر الحالي سينعقد المؤتمر الوطني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو في الحقيقة والواقع مؤتمر الجماهير المغربية كلها. وقد لا نكون في حاجة إلى إبراز أهمية هذا المؤتمر وظروفه التاريخية، الظروف والأوضاع التي تعيشها بلادنا والتجارب التي مرت بها منذ إعلان الاستقلال, أي منذ أكثر من ست سنوات خلت، والوضعية الراهنة الشاذة التي يرزح تحت و طأتها الشعب المغربي، فذلك كله يجعل من هذا المؤتمر مؤتمرا تاريخيا مثقلا بمسؤولية تاريخية كبرى. إن مؤتمر الاتحاد الوطني هو مؤتمر جماهير الشعب المغربي التي تقف مناضلة في معارضة عراكية ضد الحكم الفردي وضد الرجعية والإقطاع وضد الاستعمار ومخلفاته. إن الأحداث التي تعيشها بلادنا ويعيشها الاتحاد الوطني كقوة سياسية أحداث جسيمة و خطيرة، و نحن لا نشك في أن جماهير الاتحاد ومناضليه وقيادته سيجعل من هذا المؤتمر موتمرا في مستوى هذه الأحداث الداخلية وفي مستوى الأحداث التي يعيشها المغرب العربي خاصة، والعالم العربي والإفريقي عامة. إن نضج الأوضاع الثورية في بلادنا وتنظيم الأسس الثورية لثورة الجزائر والجمهورية العربية المتحدة، كل ذلك يجعل من مؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مؤتمرا ثوريا وفي محيط ثوري خصب. وهذا سر تاريخية هذا المؤتمر بل هذه المؤتمرات التي ستشهدها شمال افريقية خلال الأسابيع القليلة القادمة««. المقال الثاني »نشر يوم 10 ماي 1962 تحت عنوانين: »»استعدادا لمؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«« »»خواطر حول المؤتمر»« هذا نصه: »»لا حديث في هذه الأيام في صفوف جماهير الشعب إلا حديث المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية, الذي أخذ موعد انعقاده يقترب شيئا فشيئا، بل يمكن القول - وهذا صحيح بدون شك - إنه لا حديث في الكواليس الرسمية من أجهزة الدولة العليا إلى الأجهزة السفلى إلا حديث مؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. الكل يتحدث عن المؤتمر: المناضل والمنخرط والعاطف والمؤيدون ثم الخصوم السياسيون ورجال الدولة. الكل يتساءل كيف سيمر المؤتمر؟ ومانوعية الخطب التي ستلقى فيه؟ وما نوعية القرارات التي سيتخذها؟ ثم ماذا بعد المؤتمر؟ وأكثر من ذلك يذهب بعض الناس إلى التكهن: تارة يقولون إنه سيصبح منظمة على صعيبد المغرب العربي، وطورا يقولون إن الاتحاد سيكون له رئيس وأن هذا الرئيس أو الكاتب العام هو فلان أو فلتان! وطورا آخر يقولون إن التقرير التوجيهي سيشتمل على كذا وعلى كذا، وأنه سيلقيه فلان أو فلان إلى آخر التكهنات والتنبؤات التي تأتينا أصداؤها نحن الاتحاديين من خارج الاتحاد وأحيانا من الخصوم ومن السائرين في ر كاب الدولة. ونحن معشر الاتحاديين تهمنا هذه الأحاديث عن مؤتمر منظمتنا، لا لأنها تحمل إلينا أخبارا أو تنبؤات أو تكهنات, فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل، وإنما لأنها أحاديث وتعاليق تدل دلالة واضحة على مدى الأهمية التي يعلقها الناس في الداخل والخارج والأصدقاء والخصوم على المؤتمر الاتحاداي المقبل. وهذه الأهمية آتية من أهمية المرحلة التاريخية التي تجتازها بلادنا في الظروف الراهنة ومن المعطيات المحيطة بهذه الظروف. كما أنها آتية أيضا من المرحلة التي وصل إليها الاتحاد. بعد أن مضى على تأسيسه سنتان وتسعة أشهر، وهي أهمية آتية أيضا من كون الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عود الناس الصراحة والوضوح في قراراته وبلاغاته, سواء تلك التي يصدرها المجلس الوطني عقب اجتماعاته أو التي تصدرها الكتابة العامة أو المواقف التي يتخذها الاتحاد في كل مناسبة بواسطة جريدته «»التحرير»«. والناس حينما ينتظرون المؤتمر وقراراته ويسابقون الأيام والأحداث للتحدث عنه لهم الحق في ذلك. سواء كانوا مع الاتحاد أو عليه. ونحن معشر الاتحاديين لا يهمنا أن يتساءل غيرنا كيف سيكون المؤتمر ولا كيف ستكون مقرراته، فذلك أمر يتعلق بنا و حدنا، وإنما الذي يجب علينا أن نقوله ونسأل عنه بعضنا بعضا هو: كيف نريد أن يكون مؤتمرنا؟ وكيف يجب أن تكون قراراتنا في هذه الحقبة التاريخية التي تعيشها داخل إطار مغربنا الضيق وداخل إطار مغربنا العربي الواسع ومحيطنا العربي والإفريقي الأوسع؟ علينا أن نستعرض حياة منظمتنا وجميع الأحداث والمعارك التي خاضتها، وهي أحداث ومعارك عاشتها بلادنا جميعها, لأن الاتحاد الوطني كان دائما سوآء داخل الحكم أو خارجه الموجه للأحداث. علينا أن نستعرض حياة منظمتنا والمراحل التي مرت بها ومختلف القرارات والمواقف التي اتخذتها في مناسباتها. ثم وهذا هو الأهم: علينا أن ندرس الحياة الداخلية والتنظيمية للاتحاد منذ نشأته إلى اليوم. وبعبارة أخرى إن علينا جميعا أن نقوم بالنقد الذاتي, فنعرف مواطن القوة فينا فنريدها قوة ومواطن الضعف فنزيل عنها الضعف. إننا جميعا معشر الاتحاديين مسؤولون عن قوة منظمتنا أو ضعفها، عن كلامها أو سكوتها، لأن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كان ولايزال منذ نشأته منظمة لا مركزية، للقاعدة القول الفصل فيها. ولعل هذا بعض جوانب سر صمود منظمتنا أمام جميع الأحداث والمؤامرات والمناورات التي تعرضت لها، ولعل هذا أيضا بعض جوانب الضعف التنظيمي الذي تظهر نتائجه أحيانا في السير العام لمنظمتنا. إن الأهمية التي يكتسيها مؤتمرنا سواء لدى الأصدقاء أو الخصوم أو الأعداء, لن تأخذ مدلولها الحقيقي إلا إذا أعطيناها نحن هذا المدلول الحقيقي، وذلك بتقمص حياة منظمتنا ومعاركها والأحداث التي تعرضت لها تقمصا واعيا يمكننا من القيام بعملية نقد ذاتي تمكننا هي الأخرى من استخلاص الخطوط العامة لما يجب أن يكون عليه مؤتمرنا و للقرارات التي يجب أن نخرج بها منه، وللمرحلة التي يجب أن تسمى مرحلة ما بعد المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية». المقال الثالث: نشر يوم 13 ماي 1962 تحت عنوان: »»استعدادا لمؤتمر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية»« »»بعد تجربة سنتين من الحكم الفردي»«