مفارقة غريبة هذه التي تدفعني إلى الانطلاق من الأسماء، إلى العلاقة السياسية بين هؤلاء، وبتفكه لا يقصد منه تجريح، أو تحقير لهؤلاء السادة المحترمين؛ وسأنطلق بسطحية المعنى لكل اسم. من المفارقات أن اسم السيد رئيس الحكومة هو بن كيران، والذي افتخر بمغرب أنجبه ليفهمنا ما لم نفهم، والمفارقة هو أن الكير تسمية للمنفاخ الكبير، الذي يستعمل في نفخ النار على الحديد ليصهره، ويسمى عندما يكون صغيرا (الرابوز) لأنه يزند العافية، وسميت النار عافية من منطق التطبيب بالكي منذ أن شاع التداوي بالكي، فكان يقال في العراق، وأظن لازال ذلك في زمنها الأغبر : « داويه بالتي كانت عافية على فلان» أي الكي؛ ونحن والحمد لله لنا ابن كيران، وليس ابن كير واحد، لينفعنا الله ببركاته في تزنيد عافية الأمة؛ أي الشمس الذي حبانا بها رب السماوات. ربما لتزنيد اللهب الذي ينتمي إليه العاملون تحت الشمس، جاء ابن الكيران لنفخ المهمة الموكولة إليه من الصناديق، والتحصل على الهمة بين ظهراني الشعب المغربي العريق، والذي هو منه طبعا بحكم حبه لكسكس الحاجة، وتحية من هذا العمود للحاجة (الله يطول عمرها)، أي لتزنيد لهب بعض القربى من الشمس كالسيد بن شماس المحترم، والذي أكن له شخصيا احتراما خاصا، من خلال تفانيه في خدمة دائرته كمستشار؛ وما اسم بن شماس في اللهجة القريبة منا، إلا تسمية جاءت من الشماس نسبة لمن يصنع المظلات لدرء حرارة الشمس عن العباد؛ وقد كانت تجارة عرفتها الهند قبل العرب، وهي التي استغلها المهراجات الهنود، وتفنن فيها كل الصناع الهندوس والصينيين القدامى، بحكم الصحارى التي كانت تمر بها مواكبهم، فهل حبانا الله بفصيل يبحث عن درء حرارة الشمس عنا؟ من خلال رئيس فريق استشاري يمتاز بمشاغبته، وأعود للأخ العزيز عبد الحميد الجماهيري، لأتفق معه أن حزب العدالة والتنمية، أو بالأحرى بن كيران، كان سيبحث عن خلق حزب الأصالة والمعاصرة ليتمم عليه نرفزته؛ قبل أن يلجأ السيد بن شماس إلى الرميد ليطفأ نفخ بن كيران في حزب الأصالة. لا غرو أن الرميد كلمة تستعمل عند صناع الفخار في ناحية دمنات وناحية الشياظمة، وتعني الرماد الذي تدفن فيه الأشياء المحروقة أو الساخنة، لتعقيمها من الجو البارد والرطب، بحكم أن ذلك الرماد برد وانتهت فعاليته الحرارية دون أن يفقد جدواه في حفظ الأشياء، تصوروا أن بعض النساء يضعنه قناعا تجميليا للمحافظة على نقاوة جلدهن، وأمي رحمها الله كانت بعد أن تطهي لنا العشاء على (العواد كوقود للكانون)، بعد أن تخمد نار الطهي تضع رميدها على جباهنا لحفظنا من العين، بل من كل الكوارث المحيقة بنا من الجن والإنس قبل أن ننام؛ فلعل ابن شماس لجأ إلى الرميد في رفع دعواه، لأنه يرغب في تحريك رميد العافية ضد ابن كيران ليحد من نفخه؟ أو لعل بن كيران عطل الرميد الذي لن يستجيب لابن شماس، لأن العملية في الصهر تبدأ دائما من النفخ، وتنتهي بالرماد والترميد. أطال الله عمر هده الحكومة، وجعلنا من الصديقين بها وبعافيتها، إنه عليم سميع.