ألغى الرئيس المصري محمد مرسي مساء السبت الإعلان الدستوري الصادر في نهاية الشهر الماضي، والذي قالت المعارضة إنه كان يمنحه سلطات واسعة، وأصدر آخر جديدا مع إبقاء الآثار المترتبة على الإعلان السابق، وذلك بعد جلسة حوار استمرت من ظهر يوم السبت إلى ساعة متأخرة من مسائه. ونص الإعلان الجديد في مادته الأولى على إلغاء الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 نونبر 2012، وعلى إبقاء ما ترتب عليه من آثار. وأوضح السياسي الإسلامي محمد سليم العوا، وهو أحد المشاركين في جلسة حوار السبت في مؤتمر صحفي بمقر الرئاسة، أنه تم الاتفاق على إبقاء موعد 15 دجنبر الجاري للاستفتاء على مشروع الدستور «لأنه لا يمكن قانونيا تغيير هذا الموعد». وذكر العوا أن جلسة الحوار التي استمرت تسع ساعات وشارك فيها 54 من ممثلي القوى السياسية، خلصت إلى أن «الميعاد المنصوص عليه في الإعلان الدستوري السابق للاستفتاء على الدستور، ميعاد إلزامي وليس تنظيميا، وبالتالي لا يمكن تغييره». وقال العوا أيضا «إذا وافق الشعب على الدستور فستبدأ الدولة في بناء مؤسساتها، وإذا قال المواطنون لا فإن اللجنة أوصت بأن يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة تنتخب في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من إعلان نتيجة التصويت بلا». كما قال العوا إن قانون حماية الثورة الأخير يبقى ساريا «ولم يرد ذكره في الاجتماعات». ونصت المادة الثانية للإعلان الجديد على إعادة التحقيقات في جميع جرائم القتل التي ارتكبت في حق الثوار، إذا توفرت أدلة وقرائن جديدة، وتتم إعادة المحاكمة حتى لو كان قد صدر حكم نهائي بالبراءة. أما المادة الثالثة فنصت على أنه «في حالة رفض الناخبين للدستور، يقوم الرئيس بدعوة الشعب لانتخاب جمعية جديدة لوضع الدستور تتكون من مائة عضو وتقوم بوضع الدستور في فترة لا تتجاوز ستة أشهر». ونصت المادة الرابعة على أن الإعلان الدستوري الجديد غير قابل للطعن. من ناحيته، قال وزير الدولة للشؤون النيابية محمد محسوب إن الإعلان يعالج أسباب الاحتقان، مشيرا إلى أنه لم تعد لرئيس الجمهورية قرارات محصنة. أما رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي، فوصف الإعلان الدستوري الجديد بأنه هدية كبيرة للشعب المصري، واعتبر أنه يتضمن حلولا لكل المعضلات التي ثار جدل بشأنها. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم حزب النور السلفي نادر بكار إن الإعلان الجديد لبى الكثير من مطالب المعارضة والقضاة. واعتبر أن الحوار رسم خريطة طريق محددة لمسار الاستفتاء على الدستور، سواء بنعم أو لا. بدوره قال رئيس حزب غد الثورة أيمن نور -الذي شارك بالحوار- إن الإعلان الجديد تجنب الألغام السابقة، حيث ألغى كل ما يتصل بتحصين قرارات الرئيس. وأشار إلى أن الإعلان الدستوري سينتهي العمل به فور إعلان نتيجة الاستفتاء. وأضاف «ما تم اليوم خطوة مهمة جدا ألغت النصوص التي أثارت الجدل والخلاف». في مقابل ذلك، رفض القيادي بحزب الدستور جورج إسحاق ما تمخض عنه الحوار، وقال إن الإعلان الدستوري الملغى «جرت إعادته بعد التجميل» معتبرا أن جميع المشاركين في الحوار ينتمون لفصيل سياسي واحد. وقال أيضا إن «الحل هو تأجيل الاستفتاء على الدستور حتى يتم التوافق». وأشار إلى أن جبهة الإنقاذ التي تضم كلا من محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي والتي لم تشارك بالحوار، ستعقد اجتماعا وشيكا لبلورة موقفها. وكانت الساعات التي سبقت التوصل للإعلان الدستوري الجديد قد شهدت مبادرة لحل الأزمة أطلقتها أحزاب مصر القوية والوسط وغد الثورة والحضارة، وتتضمن إصدار إعلان دستوري جديد بتعديل المادة الثانية وإلغاء المادة السادسة من الإعلان الدستوري محل الخلاف. كما تتضمن إعادة مشروع الدستور الى الجمعية التأسيسية لمناقشته من جديد. وبينما أعلنت الحكومة من جانبها قرارا بتأجيل تصويت المصريين بالخارج على الدستور إلى الأربعاء القادم، دعا تحالف القوى الإسلامية الذي يضم جماعة الإخوان وجماعات إسلامية أخرى إلى إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بموعده المقرر في 15 ديسمبر الجاري، في حين تطالب قوى مدنية بتأجيل الاستفتاء على المشروع الذي يعدونه متحيزا. وقال متحدث باسم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في مؤتمر صحفي بالقاهرة إن الهيئة تؤكد الحاجة إلى إجراء الاستفتاء في موعده دون أي تعديلات أو تأجيل. وفي المؤتمر قال خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان إن هناك محاولة لإسقاط النظام عبر إشاعة الفوضى في البلاد، وقال «لن نرضى أن تسرق الثورة، وسندعم الشرعية». وفي تطور نوعي منذ اندلاع الأزمة السياسية الحالية، حث الجيش المصري القوى السياسية على الاحتكام للحوار لحل خلافاتها، مشددا على أنه لن يسمح بالعنف. وقال المتحدث باسم الجيش في بيان تلاه التلفزيون الرسمي «تؤكد القوات المسلحة أن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل الوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به». ويعد هذا التصريح أول تدخل من نوعه للجيش في الأزمة التي نشبت بعد إطلاق مرسي الإعلان الدستوري الذي قوبل برفض قوى بالمعارضة، وبأحداث عنف ذهب ضحيتها عدد من القتلى ومئات الجرحى.