بادر مسلك العلوم والتقنيات الضريبية بتنسيق مع جامعة الحسن الأول بسطات إلى فتح نقاش وطني حول موضوع الإصلاح الجبائي، وذلك من خلال ندوة وطنية عرفت مشاركة ممثلي بعض الهيئات السياسية، ومساهمة خبراء وباحثين جامعيين معنيين بالشأن المالي والضريبي، حيث أجمع المشاركون على أن مسألة الإصلاح الضريبي باتت اليوم مطلبا أكثر إلحاحا، لمعالجة الاختلالات التي تعرفها المنظومة الضريبية، لاسيما في ظل الاكراهات الخارجية والداخلية، أبرزها الازمة المالية الدولية التي بدأت بوادرها السلبية تلقي بظلالها على المغرب. استهلت الندوة بقراءة تركيبية للأستاذ الدكتور سعيد جفري منسق المسلك، للبرامج الانتخابية للاحزاب السياسية، حيث أبرز عنوانها الابرز وهو» اصلاح ضريبي» من أجل تحقيق العدالة الجبائية، والرفع من المردودية بتوسيع الوعاء الجبائي، وتحسين أداء الإدارة الجبائية، والتقليص من الإعفاءات لاسيما بالنسبة للضريبة على كبار الفلاحين، والقطاعات غيرالمهيكلة.... إصلاح يعيد النظر في النسب المرتفعة على الضرائب الرئيسية الثلاث: الضريبة على الشركات، والضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الدخل. الندوة أطرها الاستاذ عبد المجيد أسعد الذي تم تكريمه بالمناسبة نظرا لمكانته العلمية على الصعيد الوطني باعتباره من مؤسسي المادة الضريبية والمالية بشهادة خبراء وأكاديميين من جامعات المغرب، حيث أكد على الدور الاساسي والمهم الذي تلعبه الاحزاب السياسية في تدبير المالية العمومية، مبرزا المكانة المتميزة التي باتت تحتلها في دستور 2011 أغلبية ومعارضة. نقاش المشاركين بالندوة تم الاشارة من طرف بعض ممثلي أحزاب المعارضة الى غياب اللمسة الإصلاحية في مشروع قانون المالية لسنة 2013 ، مبرزين أن به بعض مؤشرات المساس بالقدرة الشرائية للطبقة المتوسطة باعتبارها تشكل مركزا لتوازن المجتمع، وقد أثير جدال حول معايير تصنيف هذه الطبقة في غياب احصائيات رسمية مضبوطة. كما أثاروا غياب برامج أحزاب الأغلبية بهذا المشروع المالي، متسائلين عن مغزى تعاقد الحكومة مع الناخبين في ظل استفراد الإدارة في التهييء والإعداد بدعوى الخبرة والتمرس، وكأن الشأن المالي شأن بيروقراطي لا يستوجب نظرة سياسية شمولية تستحضر الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والمالية. وفي مقابل هذا الرأي أكد ممثلوا بعض أحزاب الاغلبية أن المرحلة تعرف اصلاحات دستورية وسياسية في سياق حراك عربي، تؤسس لمرحلة جديدة تقودها المؤسسات الدستورية، التي تعتبر الاحزاب السياسية أحد ركائزها ممثلة في الغلبية والمعارضة هاته الاخيرة التي بصمت مشروع قانون المالية باقتراحات وجيهة تم الاشادة بها لاسيما حزب القوات الشعبية لاتصافها بالموضوعية والمصداقية كما أكد على ذلك بعض ممثلي أحزاب الاغلبية. وفي الختام خلصت الندوة الى مجموعة من التوصيات التي يمكن أن تشكل مساهمة علمية للنقاش المفتوح الذي سيتوج بمناظرة وطنية في شهر فبراير المقبل وتتمثل في: 1- توسيع الوعاء الضريبي وتقليص الفوارق الاجتماعية وتشجيع القدرة الشرائية بالتقليص من الضريبة على الدخل عن الفئات الدنيا والمتوسطة. 2- إصلاح الضريبة على الشركات، بتخفيف الضغط الضريبي على المقاولات الناشئة، الصغرى، والمتوسطة، ووضع قانون خاص للمقاول الذاتي. 3 - إقرار منظومة جديدة للضريبة على القيمة المضافة في أفق إعفاء أو فرض معدل خفيف على المواد الأساسية على المستويين الغذائي والطبي،وإقرار ضريبة حقيقية على كل القيمة المضافة، مع فرض سعر مرتفع على الكماليات. 4 - سن ضريبة الثروة، لأهميتها على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، و مساهمتها في تحريك الرأسمال المغربي، والمساهمة في بناء ثقافة التضامن والتكامل. 5 - تقوية الإدارة الضريبية وعولمتها، و جعلها قادرة على القيام بمهامها على أحسن وجه، وتقويتها ماديا، وبشريا كما وكيفا، أخلاقيا وتواصليا. 6 - تفعيل وتعزيز مختلف أشكال الرقابة الجبائية، وإصلاح منظومة القضاء الجبائي. 7 - القيام بإصلاح شمولي للإطار القانوني المنظم للقانون المالية العمومية، وفق قواعد الشفافية، والتبسيط، والتوحيد، والتدبير القائم على النتائج والبرامج. 8 - تقوية مجهودات الدولة في محاربة الغش، والتملص الضريبي، وسن قانون صارم في هذا الشأن، واقتراح مجلس وطني للضرائب. 9 - وضع إستراتيجية وطنية لمحاربة اقتصاد الريع، والعمل على تخفيض، أو حذف بعض الإعفاءات،و الامتيازات الضريبية، التي تؤثر سلبا على العدالة الضريبية وموارد الدولة. 10 - نشر التوعية، وبعث الاطمئنان لدى الملزمين بتطبيق العدالة الضريبية، وإتباع سياسة مبدأ الرضى، والقبول، والمشاركة، لترسيخ الواجب الوطني في المساهمة في تمويل النفقات العمومية.