استشهد أربعة فلسطينيين صباح أمس في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة لليوم السابع على التوالي، مما يرفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع يوم الأربعاء الماضي إلى 116 شهيدا، وأكثر من 900 جريح. وردا على ذلك أطلقت المقاومة الفلسطينية عشرات الصواريخ على جنوب إسرائيل. وذكرت التقارير إن طفلين فلسطينيين استشهدا عندما أغارت طائرات إسرائيلية على أرض زراعية في بيت لاهيا، كانا يقومان فيها بأعمال زراعية وصيد عصافير. وكثفت إسرائيل غاراتها في وقت لاحق من صباح أمس، بعد أن كانت حدتها قد خفت نوعا ما خلال الليل ، واستهدفت الغارات سبعة منازل لفلسطينيين، وخلفت نحو 20 إصابة بين سكان هذه المنازل وجيرانهم. الغارات الإسرائيلية أمس شملت جميع مدن القطاع ، كانت أعنفها تلك التي استهدفت البنك الوطني الإسلامي، وهي أول غارة تستهدف مركزا اقتصاديا بالقطاع. وفي سياق متصل تحدثت وكالات الأنباء عن مواصلة حشد إسرائيل لقواتها على حدود قطاع غزة، رغم إعلان تل أبيب أنها أرجأت لمدة 24 ساعة دراسة القيام باجتياح بري للقطاع، بناء على طلب أميركي ومصري. وكانت الغارات الإسرائيلية قد أسفرت أول أمس الاثنين عن استشهاد 38 شخصا، بعد أن نفذت إسرائيل نحو 80 غارة جوية. وطالت الغارات برجا في مدينة غزة يضم عددا من مكاتب وسائل الإعلام الدولية، واشتعلت النيران في بعضها ، وبقي عدد من الصحفيين عالقين داخل المبنى، وقد استشهد في هذه الغارة شخصان، أحدهما قيادي في حركة الجهاد الإسلامي. على الجانب الآخر أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية أمس عشرات الصواريخ على جنوب إسرائيل، وخاصة بئر السبع وأوفيكم، وإن ثلاثة منها سقطت على حافلة ومبنى. وكانت المقاومة قد أطلقت أول أمس 110 صواريخ على بلدات جنوب إسرائيل، دون أن توقع أضرارا، حسبما ذكرت الشرطة الإسرائيلية. وتقول إسرائيل إن أكثر من 1000 صاروخ أطلق على الأراضي الإسرائيلية منذ أن بدأت عملية "الزوبعة" ضد قطاع غزة. وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أول أمس أنها قصفت مدينة «بات يام» جنوب تل أبيب بصاروخ من نوع فجر 3 الذي يزيد مداه على 80 كيلومترا، لأول مرة منذ بداية العدوان. وقال الجيش الإسرائيلي إن ما يسميها القبة الحديدية اعترضت أربعة صواريخ أطلقت على تل أبيب. وعلى الواجهة الدبلوماسية ، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لوقف المواجهة فورا بين إسرائيل وقطاع غزة محذرا من خطورة تصعيد الموقف، وطالب إسرائيل باحترام التزاماتها الدولية، فيما كرر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي دعوة العرب لإعادة تقييم الموقف من المبادرة العربية للسلام. بدورها تبحث وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في إسرائيل اليوم الأزمة المتصاعدة، بينما ينظر مجلس الأمن الدولي بمشروعي قرار أحدهما عربي والآخر روسي لوقف إطلاق النار، في حين يستعد وزراء خارجية عرب ومسلمون لزيارة القطاع. فقد ناشد بان كي مون أطراف الصراع للعمل فورا على وقف إطلاق النار، وقال إنه سيطلب من المسؤولين الإسرائيليين الذين يلتقيهم في تل أبيب العمل على احترام التزامات إسرائيل الدولية، والالتزام فورا بوقف إطلاق النار، وإنه سيحذرهم من خطورة القيام باجتياح بري للقطاع، مشيرا -في مؤتمر صحفي مشترك مع نبيل العربي في القاهرة- إلى ما أسماه حق إسرائيل المشروع بالأمن. وقال الأمين العام الأممي إنه سيلتقي أيضا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله للموضوع ذاته، وذلك بعد أن ينهي مباحثاته مع المسؤولين المصريين التي بدأها أول أمس، بلقاء الرئيس المصري محمد مرسي. من جانبه قال العربي إنه أطلع بان كي مون على قرار وزراء الخارجية العرب بإعادة تقييم الموقف من مبادرة السلام العربية برمتها، وذلك بعد التجاهل المتعمد من قبل إسرائيل لالتزاماتها الدولية، وضربها عرض الحائط بكل الاتفاقات. ومن المقرر أن يعود الأمين العام الأممي للقاهرة مرة أخرى بعد أن ينهي مباحثاته في تل أبيب ورام الله. وفي سياق التحرك الدولي المكثف لوقف العدوان على غزة قال مصدر إسرائيلي إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستصل لإسرائيل يومه الأربعاء، حيث ستبحث الأزمة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان نتنياهو قد استجاب لطلب أميركي ومصري لتأجيل دراسة اجتياح القطاع بريا لمدة 24 ساعة. وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن إسرائيل تريد هدنة من 24 إلى 48 ساعة لتستطيع هي وحماس إقرار بنود وقف إطلاق النار. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أجرى اتصالين هاتفيين مع كل من مرسي ونتنياهو، وأبدى أسفه لمقتل مدنيين من الفلسطينيين والإسرائيليين، غير أنه شدد في اتصاله مع مرسي على ضرورة أن توقف حماس إطلاق الصواريخ، وفق ما ذكره البيت الأبيض. من جانبه قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح إن إسرائيل وافقت على وقف فوري لإطلاق النار لكن دون الالتزام بشروط المقاومة. لكن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل شدد على تمسك المقاومة بشروطها وهي وقف الغارات ورفع الحصار عن غزة. وفي إطار الدعم المعنوي للموقف الفلسطيني وصل أمس للقطاع وفد يضم عشرة وزراء عرب، بالإضافة لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، تعبيرا عن تضامنهم مع أهل القطاع. وسيكون ضمن الوفد وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، لتكون أول مرة منذ 2007 يزور فيها وزير في حكومة رام الله القطاع الذي تديره حماس . على صعيد التحرك الدولي وزع المغرب العضو بمجلس الأمن الدولي نيابة عن المجموعة العربية مسودة بيان رئاسي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتلبية الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية الملحة في القطاع. أما روسيا فاتهمت على لسان مندوبها الأممي فيتالي تشوركين أميركا ضمنا بعرقلة استصدار البيان، الذي يحتاج إجماع أعضاء المجلس. وقال تشوركين إن دولة "يمكنكم أن تخمنوا من تكون" تضع العراقيل بحجة أن البيان يضر بالوساطة المصرية. ووزعت روسيا بدورها مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار، ويدعم الوساطة الدولية والإقليمية، ويحث إسرائيل والسلطة على استئناف محادثات السلام. وفي تطور يؤكد الرأي الروسي، قالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن سوزان رايس إن بلادها لن توافق على أي مشروع من شأنه أن "يقوض" الجهود المبذولة للتهدئة. كما أرسلت الولاياتالمتحدة ثلاث سفن حربية للمنطقة، قالت إنها لأي عملية إجلاء محتمل لرعاياها في إسرائيل قد تضطر إليها. وخلال مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين المصريين بالقاهرة أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أيام على قطاع غزة فشل في تحقيق جميع أهدافه وفي مقدمتها تدمير البنية التحتية للمقاومة، مؤكدا أن صواريخ المقاومة لن تتوقف. وقال مشعل إن غزة استطاعت أن تقف شامخة في وجه آلة التدمير الإسرائيلية، معربا عن اعتزازه بكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس وسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي ولجميع كتائب المقاومة الذين يرجع لهم الفضل في مواجهة العدو. وعبر مشعل عن حزنه لسقوط شهداء بينهم القائد القسامي أحمد الجعبري، وأقر بأن العدو الإسرائيلي نجح في إصابة حماس باغتياله، لكنه أضاف أن الحرب سجال، وأن الجعبري نال الشهادة تاركا خلفه قادة يسيرون على نفس الدرب. في الوقت نفسه، أكد مشعل أن معنويات المقاومة الفلسطينية عالية بفضل ما يمتلكونه من إرادة وعزيمة، على عكس معنويات الإسرائيليين الذين وصفهم ب"العدو المذعور" رغم امتلاكه أقوى الأسلحة، موضحا أن المقاومة ستؤكد أنها ستنجح في الرهان كما فعلت من قبل عام 2008، في حين سيفشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاستفادة من عملية غزة لتدعيم فرصه بالانتخابات المقبلة، بل إن غزة ستكون مقبرته الانتخابية. وأضاف مشعل أن الاحتلال الإسرائيلي فشل كذلك في تجربة أسلحته وبالتحديد ما يسميها«القبة الحديدية» التي أراد تسويقها اقتصاديا واستخدامها لطمأنة الإسرائيليين بأن سلاح غزة لا يمكنه الوصول إلى عمق إسرائيل «لكن السلاح الفلسطيني الذي تم إنتاجه تحت الحصار نجح في إرباك العدو وكشف عوراته». وختم حديثه عن الوضع الميداني بتأكيد أن تهديدات إسرائيل بشن هجوم بري لن تخيف الفلسطينيين، بل إنها توضح ضعف نتنياهو حيث كان يقدم على الاجتياحات مباشرة في حين أنه اليوم يلوح بها لأنه يعلم أنها لن تكون نزهة لقواته بل وربما تقضي على مستقبله السياسي. من جهة أخرى أشاد مشعل برد الفعل المصري والعربي على العدوان ، وردا على سؤال حول الموقف الذي صدر من وزراء الخارجية العرب بأنه يلمس لغة جديدة ونفسا جديدا، ولذلك يرحب بكل جديد حتى لو لم يكن كافيا. وقال مشعل إن غزة جزء من الوطن الفلسطيني وترحب بالوفد الوزاري العربي الذي سيزورها ، كما ترحب بالإخوان في السلطة الفلسطينية وحركة فتح وبكل من يريد أن يأتي للتضامن معها. كما علق على ما رددته وسائل إعلام مصرية الأيام الأخيرة بنوايا لتوطين فلسطينيين في سيناء، بأنها تكهنات لا أساس لها، مشيرا إلى أن الفلسطينيين لا يرضون بأرضهم بديلا ومؤكدا أن التاريخ أثبت ذلك حيث إن غزة محتلة منذ 1967 ولم يفكر أبناؤها في مغادرتها، كما أنها تعرضت لحرب طاحنة استمرت أسابيع خلال عام 2008 ومع ذلك فلم يخرج منها أهلها. قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية اليوم إن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي وصفتها بأنها "ذات تنظيم عال ومهنية متزايدة"، أصبحت تحت قيادة القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري تتبنى أنظمة تدريب وتسلسل قيادي واضحين، كما أصبحت أكثر مؤسسية. وأوضحت الصحيفة أن القسام تضم حوالي 15 ألف مقاتل وهي رمز لسعي حماس للوصول إلى توازن بين "تاريخها بوصفها حركة مقاومة ودورها بوصفها حكومة في قطاع غزة منذ 2007 ». وأضافت أن الجعبري عزز خلال السنوات الأخيرة القوة السياسية للجناح العسكري كما أصبح بطلا شعبيا تملأ صورته الملصقات واللافتات على نطاق القطاع. وقالت إنه مع ترسانة تتسع باستمرار، اتسعت كتائب القسام ونضجت تحت قيادة الجعبري، إلى حد أنه تباحث مع إسرائيل العام الماضي لإعادة الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، الذي أشرف بنفسه على اختطافه قبل خمس سنوات، مقابل الإفراج عن ألف مسجون فلسطيني. ومع ذلك، قالت الصحيفة، إن القسام لا تزال «جسما جهاديا أصوليا تشبه ثقافته وأهدافه تلك التي تتبناها المليشيات». ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب شاؤول مسحال تنبيهه إلى أن نقطة الاختلاف يجب أن لا تكون أن «لدينا دولة وفي إطارها لدينا مؤسسات وفي إطار المؤسسات لدينا تقسيم للعمل». ومضى مسحال يقول إن حماس ربما تتطلع إلى أن تصبح دولة وإن «القسام توهم نفسها أحيانا بأنها جيش، لكنني في النهاية أعتقد أن نظرتهم الأساسية هي أنهم جزء لا يتجزأ من مجتمع، لقد جعلوا الحدود بين الأنشطة السياسية والعمليات العسكرية غير واضحة». وقالت نيويورك تايمز إن القسام أصبحت خلال عقدين المليشيا الأقوى والأوسع بين مليشيات غزة العديدة مع تأثير اجتماعي قوي على سكان القطاع. وقال عميد الصحافة والمحاضر في العلوم السياسية بجامعة الأمة بغزة عدنان أبو عمرو عن نفوذ القسام وتأثيرها على المستوى الاجتماعي «لم يعد سرا أن القسام لديها الكلمة الأخيرة في غزة. إذا كان لديك قريب قائد بالقسام، ستعتبر نفسك كحامل جواز السفر الدبلوماسي الذي يفتح لك كل الأبواب». وأشارت الصحيفة إلى أن البعض يقولون إنه بعد اغتيال الجعبري ستفقد القسام توازنها مؤقتا. ونقلت عن مؤلف كتاب «حماس مقابل فتح: الكفاح من أجل فلسطين» جوناثان شانزر «كلما يحدث مثل هذا الاغتيال، يفرض الواقع التغيير وضرورة التكيف». وأوضحت الصحيفة أن القسام تعمل منذ فترة طويلة بهيكل لا مركزي حتى إذا فقدت قيادتها، فإن قيادة جديدة تنهض لتحل محلها، «إنها مقسمة إلى أجزاء شبه مستقلة. إنهم يعملون في شكل خلايا. لذلك، حتى إذا كان الجعبري هو القائد، فهناك قادة آخرون». وذكرت الصحيفة أن القسام قسمت قطاع غزة إلى ست مناطق جغرافية، لكل منطقة قائدها الذي يخضع لسلطة الجعبري. ولكل منطقة مدفعيتها ومضادات الدبابات والطائرات بالإضافة إلى قناصتها، ومهندسيها، ومشاتها، علاوة على قوات خاصة بالاتصالات، والأعمال اللوجستية، والتهريب، والأسلحة، والاستخبارات والعلاقات العامة».