كشفت زيارة كريستوفر روس، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالصحراء، أن أحقاد الجزائر وصلت إلى حدود غير مقبولة. إذ جمعت دفعة واحدة كل ما لديها من ضغينة لشن حملة لا هوادة فيها تروم من خلالها كسب تعاطف المبعوث الأممي الذي كان المغرب قد أقدم، في خطوة سابقة، على سحب ثقته منه بسبب عدم «حيادته» وتحيزه الواضح للآلة الاستخباراتية الجزائرية، قبل أن يعود لاستقباله. هذا الموقف الجزائري أبان عن أن جينرالات قصر المرادية ما زالوا يتحركون حول ملف واحد ووحيد، ألا وهو نزاع الصحراء، معتقدين أنهم بصدد دق أخر مسمار في نعش هذا الصراع بعد تسع جولات من المفاوضات غير الرسمية. وهكذا توالت الحملة المعززة هذه المرة بالمواقف الرسمية ليتبعها الجميع يرددها ورائها إعلام مأجور.. لا أحد يريد دفن ليالي الشتاء الباردة التي تمسك بخناق البلدين (المغرب والجزائر) منذ أكثر من نصف قرن؛ إذ يتضح، يوما بعد يوم، أن بين الرباط وقصر المرادية ثأر قديم يمضغ، بكل شراسة، رؤوس العصافير التي قد تظهر في أي «سماء هادئة» محتملة بين البلدين. آخر هذه الشراسة أبانت عنها زيارة المبعوث الأممي، كريستوفر روس، إلى المنطقة، حيث شحذت «البروباغاندا» الجزائرية كل سكاكينها استعدادا لغرسها في خاصرة المغرب، خاصة أن أي ضربة موجعة للمغرب في نزاع الصحراء قد تتحول إلى كرة لهب بإمكانها أن تحول «الوجود المغربي» في شمال إفريقيا، كنقطة ارتكاز قوية، إلى رماد. وهذا ما دفع الآلة العسكرية والاستخباراتية الجزائرية إلى رفع نشاطها إلى «حالة التأهب القصوى»، ووضع علاقتها بالمغرب في مربع التصعيد، بدل «التهدئة» وتعزيز «ديبلوماسية الورود». جرائد المخابرات الجزائرية تقرع الطبول حالة «التأهب الحربي» ظهرت كالعادة على صفحات جرائد «الخبر» و»الشروق» و»الوطن» المحسوبتين على الدوائر النافدة بالجيش الجزائري (الجنرال مدين) حيث بدأ العزف والنفخ في الجمار الراقدة ل»شيطنة» الموقف المغربي وإظهار المسؤولين المغاربة كجلادين ومهربي مخدرات. ولم يخرج هذا العزف عن كون المغرب «أكبر منتج للحشيش»، وأنه يغدق على جيرانه من هذا «الإنتاج الوطني» عبر تحويل الحدود إلى معابر آمنة للمخدرات، وأنه منخرط في حرب اضطهاد لا هوادة فيها للصحراويين، وأنه خطر محدق بالعالم.. وربما الحل، كل الحل، في محوه من الخريطة، وإلحاق أراضيه ب «أراضي الجزائر السعيدة والآمنة». لم يكن العزف الاستخباراتي الجزائري لينطلي على المغرب، إذ بغض النظر عن «تمويل الاحتجاج»، وبغض النظر عن «الثبات الديبلوماسي» لإحراق الأوراق المغربية في المنتظم الدولي، وبغض النظر عن «اليد الحاقدة» التي تصافح، والتي تدمي، وبغض النظر عن إرادة تحويل المغرب إلى مستنقع وصب الزيت على نار العلاقة السيئة بين المغرب والمبعوث الأممي.. كان الرد المغربي حازما وصريحا عبر الخطاب الملكي.. الملك: مأساة تندوف تتحملها السلطات الجزائرية حمل الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى «المسيرة الخضراء مسؤولية مأساة اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف «حيث يسود القمع والقهر واليأس والحرمان بأبشع تجلياته في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان»، بلا مواربة، إلى المسؤولين الجزائريين. كما وجه نداء إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام «بحكم مسؤولياتها في مجال الحماية والالتزامات الدولية للجزائر باعتبارها بلد الاستقبال بتسجيل وإحصاء سكان المخيمات تطبيقا لقرارات مجلس الأمن لسنتي 2011 و2012». طبعا لم يتأخر الرد الجزائري، كثيرا، حيث بعثر الوضوح المغربي كل الأوراق، حيث ألح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، شخصيا، أمام كريستوفر روس خلال زيارته للجزائر - حسب جريدة الخبرالجزائرية - على ضرورة تخفيف الطرف المغربي من لهجته الدبلوماسية تجاه الجزائر، وأطلعه على تكثيف تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين قريبا. كما عبر له عن قلقه من خطر المخدرات التي تأتي عبر الحدود مع المغرب. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن البرلمانيين الجزائريين الذين التقوا روس « أكّدوا أن بلادهم ليست طرفا في هذا النزاع (...) كما أجمعوا في تدخلاتهم على أن الأمر يتعلق بقضية تصفية استعمار، وأنه من الضروري تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقّه في تقرير مصيره عبر استفتاء حر ونزيه وتحت إشراف الأممالمتحدة». مسؤول جزائري: الملك ذهب بعيدا هذه المرة من جهة أخرى نقلت صحيفة »»الوطن«« الناطقة بالفرنسية عن مسؤول »رفيع« لم تذكر اسمه، قوله »إن ملك المغرب ذهب بعيدا هذه المرة«، في انتقاداته للجزائر، بل اعتبر أن المغرب يقود حملة ضدها، على مستويات متعدده ومنها التهريب المكثف للمخدرات باتجاه الداخل الجزائري، إضافة إلى الحملات الصحافية «بالرغم من وعود الرسميين المغاربة بوقفها». (والحال أن جرائد العسكر الجزائري تطفح يوميا بالحقد على المغرب). وأدرجت «الشروق» تصريحا للمسؤول نفسه، يرد فيه على الخطاب الملكي: «نقول بهدوء، ، إن المغرب نسف عملية تطبيع العلاقات بين بلدينا، في حين كانت الجزائر تشارك في بناء عميق وجاد لتنظيف ودفع العلاقات الثنائية». وقال إن «الجانب المغربي مازال بعيدا عن الصدق والنية والثقة والإرادة، في إنجاح مسعى التقارب بين العلاقات الثنائية، في ظلّ النداءات المتكررة لتعزيزها بين المغرب والجزائر، وأكد، أنه لا يمكن ترسيخ هذا التقارب، عن طريق حلقة حزينة فضحها التعامل المغربي البائس مع زيارة رئيس الحكومة الجزائرية إلى المغرب، في يونيو 2005، والتي أطلق بشأنها جيراننا تصريحات «غير لائقة»، وبالتالي تورطهم في العمل على نسف عملية التقارب التي لم تبخل الجزائر، ولم تتردّد في الإعلان عن إرادتها وجاهزيتها لتوفير كلّ الظروف العملية قصد تحقيق التقارب بين الشعبين الشقيقين». ورقة المغاربة المطرودين من الجزائر استمرت تماسيح الجزائر (الذراع الإعلامي للسلطة الجزائرية) في إهراق الدموع لدفع تورطها في «مأساة تندوف» ليشهر يوسف العمراني، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية التعاون، بكل الوضوح الممكن، ورقة المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975، حيث نفى أن يكونوا قد تخلوا عن ممتلكاتهم من أجل تسويغ ضمها إلى إلى الملك العام للدولة الجزائرية، مؤكدا أن المغاربة ذوي تلك الممتلكات، لم يتخلوا عنها بمحض إرادتهم، بل تعرضوا للطرد بشكل جماعي وتعسفي. وقال إن الدبلوماسية المغربية وضعت قضية المغاربة المطرودين من الجزائر من بين القضايا العالقة ذات الأولوية، وكان الموضوع حاضرا خلال اجتماعات اللجنة المغربية الجزائرية المختصة بالأموال والممتلكات? مبرزا أنه تم التأكيد على أهمية تحقيق نتائج مرضية وإيجابية لهذه القضية، حيث اتفق الطرفان، فعلا، على الشروع في إعداد الملفات الخاصة بكل القضايا العالقة وقوائم المواطنين من أجل دراستها وتقديم الحلول الممكنة والمناسبة لها. مضيفا أن الجانب المغربي قدم لنظيره الجزائري كافة القوائم معززة بالوثائق الضرورية? إلا أن الدورة الثالثة للجنة التي كانَ من المقرر أن تعقد في نونبر 2004، لم ترى النور بموجب قرار جزائري». ومرة أخرى، لم يتأخر «الانفعال الجزائري»، حيث سارعت الخارجية الجزائرية لتتهم المغرب بإفشال الاتفاقيات المتعلقة بملف المنازعات الخاصة بالملكية. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، في بيان مكتوب عممته على وسائل الإعلام الجزائرية ، إن «مئات المواطنين الجزائريين، طردوا من المغرب وصودرت ممتلكاتهم دون تعويض. وبالإضافة إلى ذلك، كانت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ومئات الممتلكات والعقارات العائدة لملكية مواطنين جزائريين، تعرضت للتأميم دون تعويض، وهو ما حدث بتاريخ 2 مارس 1973، بشأن نقل تلك «الأملاك الأجنبية» إلى المباني الحكومية المغربية. في وقت تمّ تعويض أصحاب الجنسيات الأوروبية وجنسيات أخرى متضررة من هذا الإجراء، باستثناء أصحاب الممتلكات الجزائرية». وأضاف البيان: «لقد اتفق الجانبان الجزائري والمغربي، خلال اجتماعين للجنة القنصلية والاجتماعية التي عقدت على التوالي في 25 يونيو 2003 في الجزائر العاصمة، وفي الرباط يوم 21 جوان 2004، على تنظيف ملف المنازعات المتعلقة بالملكية، على أساس المعاملة بالمثل. لكن للأسف، ظلت هذه الالتزامات مجرّد حبر على ورق ولم يتم الرد عليها بالنسبة للمغرب». وتابع، في خطوة اعتبرت هروبا إلى الأمام، «الأغلبية العظمى من المغاربة الذين غادروا الجزائر نهاية العام 1975، لم يكونوا من أصحاب الممتلكات الشخصية في الجزائر، وإنّما هم من المستأجرين للعقارات والأراضي العائدة لملكية الدولة الجزائرية أو لأطراف ثالثة». ونقلت «الشروق» الجزائرية عن مصادر مطلعة، أن المغرب مطالب بتقديم تعويضات لا تقلّ عن 20 مليار دولار (ما يعادل 150 ألف مليار سنتيم)، لنحو 14 ألف جزائري تعرّض- تقول الشروق- خلال السبعينات إلى مصادرة ممتلكاته وعقاراته على الأراضي المغربية.. اتهام المغرب بمحاولة اغتيال رئيس موريتانيا ما دامت كل الضربات مشروعة في هذه الحرب المكشوفة التي تشنها الجزائر، فإنها بادرت إلى استخدام «الوكالة الموريتانية المستقلة»، وهي تابعة للجهاز الاستخباراتي الجزائري، لنشر خبر مسموم حول اتهام السلطات المغربية بالوقوف وراء محاولة اغتيال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز رميا بالرصاص. وقد نفى الناطق الرسمي بوزارة الخارجية الموريتانية السفير محمد الأمين ولد علال، علمه بالموضوع، مؤكدا أن وزارته «لم ترسل أي رسالة رسمية حتى اليوم بهذا الخصوص».