كلما دخلت إدارة لقضاء مصلحة من مصالحك , إلا واجهك عدوك الأبدي ومدمر أعصابك كإنسان , بل ومشعل ثورات الغضب عندك الذي قد يوصلك إلى ارتكاب جريرة تؤدي بك إلى السجن , عدوك الذي إن تغلبت على استفزازه أفلحت بالخروج بسلام من معركة أنت الخاسر الثاني في خوضها, بعد أن خسرها قبلك اقتصاد الوطن برمته, هذا العدو ليس إلا الانتظار بلا معنى مدمر الوقت والزمن, الانتظار المعطل للمصالح والمحفز على الخضوع للرشوة , الانتظار الذي هو نتيجة الكسل وتضخم الأنا . فالانتظار كنتيجة للجهل هو من قتل المفكرين كمدا, لأنهم أتوا قبل عصورهم ولم يجدوا غير انتظار نضج العصر الذي قدموا إليه, وقدموا له فكرهم ولم يستوعبهم, فماتوا وفي نفوسهم غصة, والانتظار هو من جعل شعوبا تتخلف لأنها بقيت تنتظر ثورة على حالها دون بدل أي جهد لفهم أوضاعها, وتنتظر زعماء يقودون إصلاحات من أجلها دون مرافقتهم في الإصلاحات ,إلى أن يستسلموا هم أيضا لليأس, والانتظار هو من جعل اقتصاديات لدول تنهار, وتهوي إلى القعر وهي تنتظر إقلاعا بإمكانيات طبيعية فقط , كانتظار العثور على ثروة مخزونة, أو الاعتماد على المطر, وكم تضحكنا نحن في المغرب (حكومة المطر). والانتظار فيه المقصود وغير المقصود: فالمقصود هو الذي تتعمده القوى الخفية لتمتحن الناس في إيمانهم بما ينتظرون, مثلا عندما يجعلك مسؤول ما تنتظر حاجتك منه, فهو يختبر قوة صبرك على تسلطه, ويختبر إيمانك بما ستحصل عليه منه, ويختبر مقدار طاعتك له, ويروض انفعالاتك تجاه الوضع الذي يخلقه لك في كل مرة . والانتظار غير المقصود هو الخارج عن إرادة القوى الخفية هي نفسها, فيصبح الانتظار حالة تستفز وتستنفر الجميع, مثلا عندما يتعطل نظام ما كيف ما كان نوعه , سواء سياسي واقتصادي بحيث تصبح كل آليات اشتغاله معطلة, وكل أرصدته الفكرية والعملية مفككة, أو معلوماتي وتكنولوجي آلي, أو حتى ميكانيكي يدوي, يشغل منظومات يعتمد عليها كل الناس في كل المجالات , فهذا النوع من انتظار إصلاح العطل يهم الجميع, لايستثنى منه أحد, وهذا الانتظار يفضي كنتيجة لعطل غير مقصود, إلى شحذ الهمم للتعاون من أجل إصلاح كل الأعطاب والتصدي لكل من يعطل عجلة الإصلاح. إذن الانتظار له زمن محدد وطبيعي, قادر على جعل البشر يتحملونه, بل يصبرون على الزيادة فيه بنسب خفيفة, أما إذا ما أصبح هناك تمادي في دفع البشر إلى الانتظار , فهنا يصبح ذا عواقب غير منتظرة ويصير محفزا على الغليان .