شكل موضوع "أربعة قرون على تهجير المورسكيين. ذاكرة مشتركة"، محور ندوة دولية انطلقت اشغالها يوم الجمعة الماضي بالرباط، بمشاركة أساتذة جامعيين وباحثين ومهتمين ومؤرخين مغاربة وأجانب . وقال محمد نجيب لوباريس رئيس (جمعية ذاكرة الاندلسيين) خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التي تنظمها الجمعية على مدى يومين، إن رد الاعتبار الذي ترنو اليه الجمعية ليس فقط لذاكرة الاندلسيين المهجرين، بل لكل الصفحة التاريخية المشتركة بين جنوب اوروبا وشمال افريقيا من خلال حمل المتخصصين في العالمين الاسلامي والغربي على " ابداع قراءة جديدة وموضوعية لصفحة مشتركة من تاريخ الضفتين سجلت تعايش الثقافات وتفاعلها وتلاقحها خلال تسعة قرون" ، مضيفا أن هذا التعايش تجسد في أدبيات ومعالم عمرانية شاهدة على تجربة رائدة في تاريخ البشرية . وشدد لوباريس على أن رد الاعتبار لهذا البعد الاسلامي الاسباني في النسيج الثقافي والتاريخي والحضاري لشبه الجزيرة الإيبيرية، يعني أيضا حمل الجهات الاكاديمية والسياسية الاسبانية المعنية وجمعيات المجتمع المدني بنفس البلد على الاقرار بأن ما لحق بمئات الآلاف من المسلمين الاسبانيين في فترة عصيبة من تاريخ شبه الجزيرة الإيبيرية بعد سقوط مملكة غرناطة عام 1492 ميلادية وخاصة خلال الفترة المتراوحة ما بين 1609 و1614 ، كان "جرما ليس في حق المسلمين الإسبان فقط بل في حق إسبانيا كلها وفي حق الحضارة الانسانية، معتبرا أن هذا الجرم "أفرزه التعصب والاستبداد". من جانبه استعرض رئيس مجلس مدينة أورناتشوس الاسبانية فرانسيسكو بوينا فيستا غارسيا، تاريخ هذه المدينة التي اعتنق غالبية سكانها الاسلام منذ القرن الثامن الميلادي،واصفا القرار الذي صدر في حقهم بالطرد النهائي سنة 1609 ب" السياسي والديني" . وأشار إلى أن "مأساة طرد المورسكيين كانت لها تداعيات اقتصادية وثقافية على المدينة تجسدت أساسا في فقدان يد عاملة متمرسة، وضياع الرصيد الثقافي لهذه الحاضرة الاسبانية، مؤكدا أن سلطات مدينة أورناتشوس تحرص على النهوض بالتراث الموريسكي بالمدينة من خلال نشر دراسات وأبحاث علمية حول هذه المرحلة . كما ذكر بأن مدينة ارناتشوس تربطها اتفاقية توأمة مع مدينة الرباط، مبرزا أن هذا الاتفاق يعكس العلاقات المتينة القائمة بين المدينتين. من جانبه، قال عبد الكريم بناني عضو الهيئة الشرفية لجمعية ذاكرة الاندلسيين في كلمة تليت بالنيابة عنه إن المورسكيين الذين عاشوا فترات عصيبة قبل تهجيرهم اتسمت بالتربص والقهر والتحسر والعذاب، استطاعوا الاندماج في بلدان الاستقبال من بينها المغرب حيث ساهموا في البناء الحضاري، يجمعهم الوئام والعطاء الفاعل . وأضاف بناني وهو ايضا رئيس جمعية رباط الفتح والتنمية المستدامة أن المقاربة الجديدة التي " نؤمن بها تعتز بمكونات التعاون والتواصل والعلاقات مع اسبانيا في أبعادها الانسانية المبنية على قيم التسامح والتكامل"، داعيا الى إرساء أسس متينة لتحقيق التنمية المشتركة والازدهار المنشود للبلدين. ويتضمن برنامج هذه الندوة تنظيم ثلاث جلسات علمية، تتمحور حول "المأساة الموريسكية في ذاكرة الإنسانية" ، و"وصول الموريسكيين إلى المهجر" و"الدور الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي للموريسكيين في اسبانيا وفي البلدان المستقلة". ويذكر أن (جمعية ذاكرة الاندلسيين) تأسست بالرباط في ماي 2012 من طرف نخبة من الباحثين الجامعيين المهتمين بالتاريخ المشترك بين المغرب واسبانيا والبرتغال، ومجموعة من ذوي الاصول الاندلسية وذلك بعد إقرار الدستور الجديد للرافد الأندلسي كواحد من روافد الهوية المغربية.