كل يوم أحاول أن أفهم المقصود بخلق سوق للتجارة الدينية، والصراع على جلب أكبر عدد من المريدين بين القنوات والمواقع لهذا الفقيه أو الداعية أو الخطيب أو المقرئ أو المفتي أوالعالم الديني أو المفسر والعديد من الوظائف التي تشتغل بالدين وتطل عبر قناته المؤثرة على عواطف الجمهور، هل المقصود هو توعية الناس بدينهم وحثهم على عدم التخلف في إقامة شعائرهم وتذكيرهم بمزايا التسامح الذي ينبني عليها إسلامهم ؟ أم المقصود هو تجييش عواطف الناس وتهييجهم على كل خصوم الإسلاميين سياسيا لتعبيد الطريق للاستفراد بالحكم وقطع رأس كل فكر معارض للاستبداد ؟ فالمسلم في نظري مكتمل الإسلام قبل أناديه مسلما، لأنها صفة المقتنع والمكتمل الأركان ولا حاجة بنا لإرهاقه بدعوته إلى ما يتصف به، بل من البلادة أن تدعوا مسلما بالمسلم أو يهوديا باليهودي، وكفانا أن نكمل تحسيس من لم يكتمل إسلامه بكل القضايا وألاركان التي لم يدركها بعد، ولا ضرورة للهيجان الذي يظهر به بعض هؤلاء المسخرين لهذه الأسلمة على شاشات القنوات ومقاطع الفيديو، وإلا سيصبح الأمر تدافعا نحو خلق تشويش على إسلام المسلم وجعله مجرد شخص مخدر تحت تأثير لغط هؤلاء، فيصبح مسلما بالترهيب وليس بالترغيب ويجعلونه يعيش الخوف من الفكر المخالف بل حتى الفقه الديني المخالف لهذا المذهب أو ذاك، ومن يعيش الترهيب يكون مستعدا لردة أفعال عنيفة بالضرورة سواء تجاه الآخرين أو تجاه نفسه، فلله ذر هذا المسلم الذي أصبح يشك في صحة إسلامه بهذه الدعوات عبر هذه القنوات المؤطرة بمال وفكر وصناعة تسخر الدين والدين منها براء، لصالح أجندة تهدم قوة البنيان الذي بدأت تتشكل في أفق انفتاحي للإنسان المسلم وغير المسلم في الدول التي تسير في طريق النمو كالمغرب، والتي ابتليت بطبيعة انفتاحها بعدد من الدخلاء الذين يعملون عندنا كما هو شأن مصري شيخ يعيش في بحبحة من الخير المغربي منذ عشرات السنين حسب قوله، ويشتم ثقافة شعب هذا المغرب ومؤسساته انطلاقا من الوازع الديني، لقد فوجئت به بقطار الخليع الجهنمي يحدث شبابا عن الغي الذي يعيشون فيه من جراء ابتعاد دولتهم عن روح الإسلام (الوهابي طبعا)، ولما تصديت له ولفقه الظلام الذي يتحجج به ما كان منه إلا أن يكرر الحوقلة والتعويذة إلى أن أصاب الشباب بالهلع، وهذه التجارة المربحة لهؤلاء المتهافتين قد تجيش الناس لغزو كل من يعتقدونه حسب توجيه تجار الدمار مثل هؤلاء ضد دين الشعب ومصالح عقيدته، لكنها تجارة تحمل في ريعها كسادها لأنها تصنع الإنسان الروبوت بطريقة ذهنية مدمرة ستدمر من توخى منها التدمير للآخر، ويا لمرارة ما تتذوقون مما صنعت أيديكم .