نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة وتزامنا مع الاحتفال بالذكرى الأولى لتأسيسه، دورة تكوينية لفائدة القضاة وباقي مساعدي القضاء في موضوع: «آليات مناهضة الرشوة» وذلك بشراكة مع الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، يوم السبت 03 نونبر 2012 بقاعة الندوات بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بتازة ، وهي الدورة التي عرفت حضور رئيس نادي قضاة المغرب وعدد كبير من القضاة وفعاليات واسعة من مكونات منظومة العدالة وشخصيات حقوقية وجامعية واعلاميين وفعاليات من المجتمع المدني. افتتحت أشغال الدورة بكلمة لرئيس نادي قضاة المغرب الأستاذ ياسين مخلي الذي اعتبر تخليق منظومة العدالة المدخل الحقيقي لتخليق الحياة العامة، نظرا للدور المحوري الذي تلعبه السلطة القضائية في ضمان شفافية أداء باقي الوظائف داخل الدولة وكذا حماية الأمن القضائي بجميع تجلياته، مضيفا بأن دور الجمعيات المهنية للقضاة تبقى من أهم الأدوار التي من شأنها المساهمة الواعية في تخليق منظومة العدالة، الا أن ذلك يستلزم كذلك توفر ارادة سياسية تستند الى برامج متكاملة. وأشار بالمناسبة إلى تجربة نادي قضاة المغرب في الانخراط في ورش التخليق من خلال عدة مبادرات أهمها تفعيل منظومة التصريح بالممتلكات، والاعلان عن مشروع برنامجه الوطني لتخليق منظومة العدالة تحت شعار: »محاكم بدون رشوة« وهو البرنامج الذي يستند على مرجعية وطنية ودولية كما يعتمد عدة آليات للعمل تقوم بالأساس على إشراك جميع المتدخلين في منظومة العدالة, فضلا عن القطاعات الحكومية المعنية، وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب «ان محاربة الرشوة تستلزم توفر ارادة سياسية قوية، وبرامج متكاملة طويلة المدى، وعملا منسجما ومستمرا من أجل التحسيس والتوعية، وتتجلى الترجمة الفعلية للإرادة السياسية في اتخاذ اجراءات عملية بدل اعتماد خطاب سياسي متجدد، أو قوانين شكلية، أو حملات انتقائية». وذلك من خلال مجموعة من الاقتراحات أهمها: - تسهيل ولوج المتقاضين الى العدالة والمعلومة القضائية. - ضمان شفافية عمل المؤسسات القضائية. - اعتماد آليات استطلاعات رأي المتقاضين بخصوص الادارة القضائية...». ثم تناول الكلمة الأستاذ عبد الخالق الشرفي ,رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة الذي اعتبر هذا اللقاء واحدا من المواعيد المميزة التي حرص المكتب الجهوي على برمجتها انطلاقا من الأهداف المسطرة في القانون الأساسي للنادي وعلى رأسها الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين، و رفع مستوى أداء القضاة لمهامهم القضائية، وتنمية البحوث و الدراسات في مجالات الفقه و القانون والقضاء، والمساهمة و المشاركة في إعداد مشاريع القوانين التي لها صلة بالقضاء؛ مؤكدا أن المكتب الجهوي الذي يحتفل بالذكرى الأولى لتأسيسه سيستمر في جهوده من أجل تحقيق هذه الأهداف من خلال الانفتاح أيضا على المجتمع المدني وتطوير الشراكات الهادفة والفعالة. وأشار الأستاذ الشرفي إلى أهمية موضوع الدورة التكوينية «آليات مناهضة الرشوة» خاصة لكونه يتزامن مع اعلان نادي قضاة المغرب عن برنامجه الطموح لتخليق منظومة العدالة في أول سابقة من نوعها يرفع فيها هذا الشعار من طرف الجمعيات المهنية للقضاة. وقدم الأستاذ فؤاد الزراري كلمة باسم الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة, حيث تناول ظروف تأسيسها في أواسط التسعينات في أجواء صعبة من طرف حقوقيين مغاربة، وتطرق أيضا إلى مرصد الرشوة والنهوض بالشفافية الذي تأسس من طرف الجمعية سنة 2007 بدعم مالي من السفارة الهولندية بالمغرب مستعرضا بعض مهامه المتمثلة في جمع وتطوير ونشر معلومات نوعية حول الرشوة والحكامة.. كما قدم الأستاذ محمد علي لحلو نبذة عن مراكز الدعم القانوني ضد الرشوة التي أحدثت بدعم من منظمة الشفافية الدولية وتضطلع بتقديم الاستشارة المناسبة للحالات التي تدخل ضمن اختصاصات المركز والمتعلقة بالرشوة بمفهومها الواسع وذلك وفق إجراءات مسطرية وهيكلية خاصة. واستعرض الأستاذ لحلو مجموعة من مهام المركز ومنها تقديم الدعم القانوني المناسب للمشتكي وإرشاده حول كيفية الحصول على وثائق مدعمة لشكايته، أو مساندته على تحرير الشكاية. فضلا عن مراسلة الجهات المسؤولة من أجل طلب استفسارات أو طلب فتح تحقيقات متى توفرت العناصر التي تثبت وجود الرشوة أو غياب الشفافية. وتواصلت أشغال الدورة التكوينية بمداخلة الدكتور عبد الله حارسي أستاذ القانون العام والعلوم الإدارية وعضو المجلس الوطني لجمعية الشفافية المغربية حول موضوع « الحق في الوصول إلى المعلومة لتعزيز الشفافية» حيث تطرق لكون الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 كرس لأول مرة حق المواطن في الوصول إلى المعلومة من خلال الفصل 27 منه, إلا أنه لم تصدر بعد أي قوانين تنظم هذا الحق، مبديا مجموعة من الملاحظات الأولية والأساسية بخصوص الفصل 27 والتي يتعين على القوانين القادمة أن تجيب عنها خاصة على مستوى المستفيدين من نطاقه وكذا الجهات المخاطبة والملزمة بتوفير المعلومات، ومستعرضا مجموعة من المقترحات التي قدمتها ترانسبرنسي المغرب بشأن قانون الحق في الحصول على المعلومة ومن بينها: - ضرورة سن قانون خاص بالحق في الوصول إلى المعلومات ينسجم مع المواثيق الدولية ومستوحى من أفضل التجارب المقارنة؛ - استكمال الجهود التي تمت في مجال الإدارة الإلكترونية بوضع الإطار القانوني الملزم وتوسيع مجال المعاملات على الخط ؛ - إلغاء المقتضيات القانونية التي تعرقل ممارسة هذا الحق، والنص على إلزامية نشر التقارير البرلمانية وكل تقارير المجالس الجهوية للحسابات وغيرها وتعزيز دور القضاء في إطار الإصلاح الشامل المنتظر، - تطوير التكوين والتربية الإلكترونية وجعلها رافعة اجتماعية ووسيلة للتمتع بالحقوق وسد الفجوة الرقمية الموجودة داخل المغرب وفي علاقاته الدولية، وتطوير البنية التحتية للإدارات، والمرافق العمومية، وتكوين الموظفين للحصول على خبرة في مجال إنتاج وتدبير ونشر المعلومات ؛ - تقوية سلطات ووسائل عمل الهيئة المغربية للنزاهة ومكافحة الرشوة . وتطرق الأستاذ فاتح كمال المستشار بمحكمة الاستئناف بتازة في مداخلته للإشكاليات العملية المرتبطة بجرائم الرشوة من خلال الاجتهاد القضائي, حيث اعتبر أن التعديلات الجديدة في ميدان الاختصاص القضائي أربكت اجتهاد المحاكم وتواتريته, مشيرا إلى التناقض الموجود بين مستجدات الدستور الجديد خاصة فيما يتعلق بالحق في الولوج الى المعلومة و بعض النصوص القانونية أهمها الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية و الفصل 446 من القانون الجنائي. وأضاف بأن السياسة الجنائية والتطبيقات السيئة لقانون حماية الشهود وتعدد وإنعدام التنسيق بين المتدخلين في مجال الوقاية و زجر الرشوة كلها عوامل تعمق من ضعف ردع الاحكام لهذه الظاهرة, مؤكدا في الوقت ذاته بأن عدم قيام الأبناك و مراقبيها بتفعيل قانون تبييض الأموال انضاف إلى جمود وحدة المعلومات المالية و أثر على عمل محكمة الرباط في مجال مكافحة تبييض الأموال. وقد أجمعت المناقشات المقدمة في نهاية الدورة التكوينية على دور الجمعيات المهنية للقضاة في المساهمة في تخليق منظومة العدالة من خلال الانفتاح على كل الفعاليات المعنية بهذا الورش, حيث تم تثمين مشروع البرنامج الوطني لنادي قضاة المغرب المعلن عنه من أجل تخليق منظومة العدالة تحت شعار محاكم بدون رشوة والذي سيتم تفعيله خلال الأيام القليلة القادمة.