ينتمي الفنان التشكيلي زكريا القفز إلى الجيل الجديد من الفنانين التشكيلين المغاربة. يستعد إلى إقامة معرض بالرباط خلال هذا الشهر. للاقتراب من تجربته أجرينا معه هذا الحوار. { أنت من الجيل الجديد في الفن التشكيلي، ماهي بداياتك في الفن التشكيلي؟ كانت بدايتي في منزل العائلة. وهو بيت متواضع، لكن أسرتي كانت تشجعني رغم أنها لم تكن تدرك فعلا ما أقوم به. إنه تشجيع غامض لطفل يلعب بالألوان. وقد تقليت أيضا التشجيع في المدرسة. أنا أيضا مدين لأساتذتي. وعند انتقالي إلى مستوى الإعدادي والثانوي بدأت تجربة جديدة من خلال الرسوم الهندسية وفي العلوم الطبيعية، خصوصا عندما كنا نرسم الكائنات الحية لدراستها،حيث كان الأساتذة يكلفونني بالعمل على رسمها لصعوبتها على التلاميذ، وبعد ذلك يتم نسخ رسوماتي وتوزيعها على التلاميذ. ومع مرور السنين تخصصت في التصميم الهندسي والديكور. وهو تخصص ساعدني كثيرا. { بدأت مصورا فوتوغرافيا قبل أن تنتقل إلى الفن التشكيلي ما هي الدواعي؟ هناك علاقة بين التصوير والفن التشكيلي من خلال الظل والضوء، وكذلك من خلال زاوية النظر و الرؤية. و أنت أمام اللوحة، و عندما تريد الاحتفاظ بمشهد ما فأنت في حاجة ماسة إلى الصورة الفوتوغرافية للإنطلاق منها و العمل عليها. { يلاحظ على لوحاتك ومجمل أعمالك الفوتوغرافية، ارتباطك بالتراث المغربي: الفروسية التقليدية على الخصوص. أنا مغربي من وسط شعبي. تأتير حياة المدينة القديمة التي عشت فيها كان قويا ومازال. أنا من عشاق الخيل وتستهويني حركة الفروسية. وقد وحاولت أن أبرز في لوحاتي تلك الحركة الجامحة، حركة الفارس والفرس. وهنا لابد أن أذكر أنني أستعين بآلة التصوير الفوتوغرافي. و أنا إلى اليوم أزور المواسم والمهرجانات. { الألوان هي مادة العمل الخطيرة بالنسبة للفنان. كيف تتعامل مع الألوان؟ بحكم تعاملي مع الفن منذ الصغر كان لابد أولا من اكتساب التقنية التي تستدعي الاطلاع على جميع الطرق لمزج الألوان في بداية الاستعداد للعمل، وأنت وحيد أمام لوحة بيضاء و ألوان كثيرة مخيفة. هنا اللحظة الجوهرية بالنسبة لكل فنان. لابد من الاستعداد، الذي أقول إنه يقترب من الاستعداد الروحي. في كلمة واحدة: لابد من تطويع الألوان حتى تكون النتيجة مرضية. ومن جهة أخرى، اللون لا يهمني بقدر الموضوع، وهذا الأخير هو الذي يفرض علي اللون لإبراز مضمون اللوحة. قد تلاحظ أن اللون الأزرق يغلب في بعض الأحيان، ربما يعود ذلك إلى نشأتي بالقرب من البحر. وفيما بعد اكتشفت أن اللون الأزرق يعطي للوحة وللعمل الفني ككل تدرجات جمالية. { من هم الفنانون المغاربة الذين تنتمي إلى تجربتهم؟ تعاملت مع مجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة. وبحكم إقامتي بمدينة الدارالبيضاء لفترة طويلة كان لي احتكاك مع مجموعة من الفنانين، فكانت فرصة للإطلاع على أعمالهم، مثل المرحوم نبيلي، عبد اللطيف الزين، جرير، الحريري، رحول، زويتنة، حجي، بوزلماد، هارت... و آخرين. أما القدامى فأنا دائم البحث عن أعمالهم والقراءة عنهم. لقد خلدوا الفن المغربي، و أنا شديد الاعتراف لهم بالفضل. أما في مدينة الرباط فقد تعرفت عن قرب عن تجربة الراحل ألبرت بيلو، والفنانين: الشكير، الدواح، الصواب، قرمان،السكوني... { وما هي علاقتك بالفن العالمي؟ بالموزاة مع اشتغالي على التشكيل اطلعت على مجموعة من التجارب للفنانين عالميين أمثال المستشرقين منهم دولاكروا ، ماجوريل، البرتوتشي. كما تأثرت بالفنان العالمي دالي .. كنت دائما أتساءل على موقع الفن المغربي، هل لديه خصوصيته التي يمكن أن تصب في نفس الاتجاهات والمدارس والتجارب العالمية. هذا جعلني أحاول أن أبرز خصوصية الفروسية المغربية من حيت الشكل والألوان أو تعامل الحصان مع سائسه متجاوزا التفاصيل المملة في بعض الأحيان. { كيف تنظر إلى قصية تدريس الفنون التشكيلية في المدارس المغربية؟ تدريس الفنون التشكيلية في حد ذاتها فكرة جميلة، لأنها تندرج في إطار التربية و تحسيس الناشئة بأهمية الجمال والحس الفني بصفة عامة سواء الرقص أو الموسيقى أو التشكيل والتجربة تكمن أهميتها في كون أننا نبعد الناشئ على ممارسات أخرى حتى، إذا لم يصبح فنانا فسيكون لديه حس فنى سينعكس على حياته وعلى المجتمع بشكل إيجابي.