{ لماذا لم تنجح المعارضة السورية في توحيد صفوفها؟ في الواقع كل فصائل المعارضة توحدت يوم 3 يوليوز في القاهرة حول وثيقة الميثاق الوطني، وتصور مشترك حول المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية بدون الأسد. والجيش السوري الحر والحركات الكردية جددت انضمامها إلى هذا التوافق. كان ذلك تمرة مجهود كبير، وإطار للمستقبل. لكن بعض مجموعات المعارضة والقوى التي تساندها لا ترى في ذلك سوى حبرعلى ورق. هذا هو حال فرنسا التي بذلت ضغوطا كبيرة من أجل توقيع هذا الاتفاق، لكنها كانت تريد أساسا أن يتم اعتماد الوثائق قبل اجتماع «»أصدقاء سوريا«« يوم 6 يوليوز بباريس ولم يكن يهمها فعلا تعزيز وحدة المعارضة. { الرئيس هولاند طلب مع ذلك من المجلس الوطني السوري الانفتاح على تيارات أخرى.لماذا يرفض المنتدى الديمقراطي وحركات المعارضة الأخرى هذا الاقتراح؟ فوجئت لإعلان الرئيس هولاند، وكان على مستشاريه أن يأخذوا رأي معارضين تاريخيين أمثال ميشيل كيلو الذي يقيم في باريس, فالمجلس الوطني السوري كان أملا أجهض. فقد اهتم بإقصاء المعارضين بل وحتى رموز »»ربيع دمشق«« أكثر من اهتمامه ببناء جبهة موحدة. وخلق بداخله «»دولة عميقة«« من أجل الهيمنة وليس من أجل أهداف الحرية والديمقراطية تقريبا على شاكلة حزب البعث. ويرفض تغيير قوانينه ومطابقتها مع اتفاقيات القاهرة. والمنتدي الديمقراطي لن ينظم أبدا إلى المجلس الوطني السوري الذي قد يعيد انتاج النظام السابق بأشكال أخرى، وهو يعرف اختلافات عميقة. ويمكن للمنتدى أن يشكل آليات للتنسيق مع المجلس الوطني السوري ومكوناته. ولكن في كل مرة تتدخل قوى مثل قطر أو تركيا من أجل كسر هذا المسلسل. { الجيش السوري الحر يجد بدوره صعوبة في توحيد صفوفه. القوى التي تدعم مختلف فصائل الجيش السوري الحر تدفع بعناصرها وأغلب الضباط الذين انشقوا يوجدون محاصرين في المخيمات. والتعامل يختلف بين الشمال الذي تديره تركيا والجنوب الذي يديره الأردن. والأكيد أن وحدة الجيش السوري الحر ضرورية من أجل الحفاظ على وحدة البلاد واحترام قواعد للتعامل وتفادي الحرب الأهلية. { بهذا الخصوص هل هناك حل؟ لابد من توحيد مصادر التمويل والتزود, وهذا هو مشروع «»الجيش الوطني«« الذي يجب أن يرأسه الجنرالات المنشقون( مفاف طلاس ومحمد حسين الحاج علي) لكن بعض القوى التي تسمى نفسها »أصدقاء سوريا« ترفض ذلك. وهكذا بعد أسبوعين على إعلان خلق «»الجيش الوطني»«، علمنا أن الجيش السوري الحر نقل قيادته الى داخل البلد، طبيعيا من المفروض ألا يبقى وجود للجيش السوري الحر إذا كانت كل قواه موحدة تحت سلطة الجيش الوطني الجديد. { ما هو السبب الكامن وراء عدم حماس الولاياتالمتحدة تجاه اقتراح فرنسا الاعتراف بحكومة مؤقتة؟ حسب اتفاق القاهرة، لا يمكن تشكيل حكومة مؤقتة إلا بعد سقوط النظام، وبعد مؤتمر وطني. وفكرة حكومة مؤقتة في هذه المرحلة يأخذ تصور الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في ليبيا. هذه الفكرة التي يتم ترويجها اليوم، تعد في رأيي لخلق منطقة »»حرة«« في شمال البلاد، والتي قد تصبح بؤرة للتقسيم في مناطق نفوذ القوى الإقليمية والدولية. وهذا أمر خطير بالنسبة للسوريين وللكثيرين. { اقترحت مجموعة من الخبراء السوريين في برلين خارطة طريق موجهة للمعارضة في الداخل. والتي ترسم الطريق الذي يتعين نهجها بعد سقوط النظام, هل توافقون عليها؟ هذا المشروع الذي يطلق عليه «»ما بعد الأسد«« لا يأخذ في الاعتبار لا اتفاقات القاهرة ولا الميثاق الوطني ولا تصور المرحلة الانتقالية، وهذا أمر يثير الدهشة. وهو يفتح للمجلس الوطني السوري إمكانية التنصل من التزاماته لكون بعض القوى »»الصديقة»« هي التي تموله. بعض توصياته لها معنى ولكن توصيات أخرى كثيرة خطيرة، لأنها تعيد انتاج الأخطاء التي ارتكبها الأمريكيون في العراق. مثلا تفكيك الجيش ومصالح الأمن بدل العمل على تعزيزها تحت قيادة جديدة. هذا المشروع يتحدث أيضا عن إضفاء الشرعية على المحاكم «»الثورية»« وفي العمق إنه برنامج للانتقام وتصفية الحسابات. والعديد من المناضلين الذين ساهموا فيه في البداية، ابتعدوا عنه. { إذا ما استمرت الانقسامات الحالية، ما هي السيناريوهات التي تتوقعها؟ إذا لم يحصل وبسرعة اتفاق بين السوريين وبين القوى المتدخلة. أميل إلى الاعتقاد أننا ندفع بالبلد نحو طريق التقسيم الفعلي مثل ما وقع في العراق. وإذا لم يحصل تحول سوري من محور إلى آخر، فإن كل طرف سيكون تابعا لمحور, والقوى لاتهمها معاناة السوريين أكثر من الاصطفاف الاستراتيجي. { هل سيكون لنتائج الانتخابات الأمريكية تأثير على سير الأحداث؟ المرشح ميت رومني يعد بإرسال مئات الآلاف من الجنود إذا ما فاز. أما باراك أوباما فتتجادبه التحالفات بين حلفائه الأتراك والاسرائيليين وحلفائه في الخليج، وهذا كذلك يسير في اتجاه التقسيم الى مناطق نفوذ.