هل المراقبة تعني «بهْدلة» المراقَب بوجْهيها القبيحين المادي والمعنوي؟ إنه سؤال كبير يتبادر إلى ذهن ركاب حافلات النقل الحضري التابعة منها ل«مدينا بيس» بالخصوص الذين لا تكاد تخلو رحلاتهم اليومية من «حصة» في التنكيل أبطالها بعض المراقبين، ممن أنيطت بهم مهمة مراقبة توفر كل راكب على التذكرة، والذين يشتغلون، بالأساس، على متن حافلات تؤمّن الربط بين نقط سيدي معروف، ليساسفة ، الألفة ، الحي الحسني ، عين الذئاب.. كما هو الشأن بالنسبة لتلك الحاملة لأرقام (109 ، 9 ، 90...). ومن آخر «غزوات» هذه العينة من «المراقبين» ، ما حدث صباح الجمعة الماضية بالحافلة رقم (9 بيس) على مقربة من مركز«موروكو مول». فقد صعد أربعة من هؤلاء بعد أن أنجزوا المهمة بالحافلة المتجهة إلى منطقة الزوبير، وبمجرد اكتشاف حالات للذين لا يتوفرون على تذكرة ، حتى كشف بعضهم عن سلوكه «الفج» ، الذي بلغ حد تفتيش جيوب أحد الشبان بطريقة أقل ما يمكن أن توصف به أنها «مهينة»! وازدادت اللحظة سوادا من خلال التعامل مع شابة سينغالية (س. فاتو 22 سنة)، تتابع دراستها العليا بالمغرب ، هي الحاصلة على إجازة في القانون الخاص! فقد حاولت إفهامهم بأسلوب ، غاية في التمدن، بأنها انتظرت قدوم الجابي نحوها ، بعد أن تعذر عليها الوصول إليه ، نظرا للزحام الخانق، لكنهم ظلوا على «غِلظتهم»، وانبرى أحدهم لها موهما إياها أنه ينصت لدفوعاتها، التي كانت تُقدم بفرنسية راقية، وما أن سكتت حتى طالبها بأداء الذعيرة المحددة في 35 درهما! استسلمت سفيرة بلاد السينغال لدينا ، وفتحت حقيبتها الصغيرة لتخرج المبلغ، تَسلّمه صاحبنا ب«الغطرسة» ذاتها، وكأنه حقق نصرا على عدو مفترض! تعالت أصوات الاستنكار شاجبة مثل هذه التصرفات، فيما اقتعدت «س.فاتو» مقعدا فرِغ لتوه ، لتُغالبها دموع الإحساس ب«الغُبن» وعدم استيعاب ما حصل! اللافت في «استعراض العضلات» هذا أنه يتم أساسا مع ركاب مُسالمين ، ذكورا وإناثا ، الذين غالبا ما يكون الاكتظاظ سببا في عدم أدائهم لثمن التذكرة ، حيث تراهم مُحرجين يحاولون تدارك الموقف في صمت ، لكن بعض المعنيين بالمراقبة يتلذذون بالتشهير بهم دون اكتراث بما يسببونه لهم من أذى كثيرا ما ترجمته الدموع ، في الوقت ذاته لا يتجرؤون على القيام ب«مهمتهم» تجاه عصابات الشغب والتخريب التي يوقف أعضاؤها الحافلات وسط الطريق ويصعدون جماعة «مجانا» ، محدثين ضجيجا لايطاق ، قوامه الكلام الفاحش ، والتدخين ( سجائر عادية أو مخدرات)، وأحيانا يكملون «الحفلَة» بتبادل كؤوس الخمر دون أن يُقلقهم أحد! إن السلوك «البلطجي» المميز لبعض وليس الكل لحسن الحظ مراقبي تذاكر «الطوبيسات» بالعاصمة الاقتصادية، يطرح العديد من علامات الاستفهام بشأن معايير اختيارهم لهذه «المهمة» ، التي تحتاج إلى «أخلاق» ودروس تكوينية في «حقوق الإنسان» ، بعيدا عن لغة «تخراج العينين»، التي لا تسلم «جرتها» كل مرة!