انسجاما مع اختصاصاته في مجال النهوض بحقوق الإنسان المنصوص عليها في ظهير تأسيسه، وبهدف المساهمة في مسلسل إعداد النص التشريعي المؤسس ل«هيئة للمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز»،التي نصت عليها المادتان 19 و164 من الدستور، أعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان رأيا فيما يخص النظام الأساسي لهذه الهيئة و انتدابها ومهامها ووظائفها، واختصاصاتها ونظام حكامتها، مستندا في ذلك إلى الدروس المستخلصة من التجارب ذات الصلة على المستوى الدولي، وعلى المقتضيات الدستورية والآليات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى المعطيات الخاصة للسياق المغربي الخاص. وأكد المجلس في رأيه هذا، على أن يتم تركيز عمل الهيئة على مناهضة التمييز المنبني على أساس الجنس، و على أهمية توفرها على صلاحيات واسعة في توجيه وتقييم السياسات العمومية في مجال المساواة ومحاربة أشكال التمييز ضد النساء و على انتداب يتميز بالاستقلالية والتسيير الذاتي، و يرتكز على قاعدة معيارية قانونية، تعرف التمييز، وتضفي الطابع الإلزامي للإجراءات الايجابية الواردة في مقتضيات الدستور (المواد 6 و19 و30) ومقتضيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( المادة 4)، و يحدد عقوبات زجرية في حالة خرق للنصوص القانونية المتعلقة بالمناصفة ومناهضة أشكال التمييز. أما فيما يخص مهام الهيئة، فقد أكد المجلس في رأيه على أهمية إدماج الحماية من التمييز و النهوض بالمساواة ضمن وظائف الهيئة، وعلى ضرورة تزويدها بصلاحيات شبه قضائية لضمان تكامل تدخلاتها وفعالية أدائها، مع الحرص على عدم تضارب صلاحياتها مع هيئات أخرى، و على انسجام عملها و مهامها مع باقي المؤسسات الوطنية التي تعمل في مجال المساواة بين الجنسين، تفاديا لتشتيت الجهود و تبذيرها. وبالنسبة لتشكيلتها، فقد أوصى المجلس باعتماد قيادة جماعية محدودة أو فردية على غرار نموذج الوسيط، واختيار الأعضاء بالاستناد إلى معايير الالتزام، الكفاءة / الخبرة الميدانية، المصداقية والتعدد. و قد استند في رأيه هذا إلى الدروس المستخلصة من التجارب الدولية والتي أثبتث أن التمثيلية المؤسساتية والقيادة الموسعة، قد تحد من استقلالية و نجاعة هذا النوع من المؤسسات. لقد اختار المجلس الوطني لحقوق الإنسان تخليد اليوم الوطني للمرأة بإصدار رأي فيما يخص تأسيس هيئة المناصفة و مناهضة كافة أشكال التمييز، لما لهذا اليوم من رمزية فيما يخص الإرادة القوية للدولة والمجتمع في تعزيز حقوق النساء والنهوض بها، ولاستحضار التحديات الكبرى التي تم رفعها من أجل ترسيخ قيم ومبادئ المساواة بين الجنسين ومناهضة التمييزضد المرأة، للدعوة من أجل تكثيف الجهود والمضي نحو إعمال للدستور في مجال المناصفة والمساواة ومناهضة التمييز بين الجنسين بمنطق الترصيد، و بنفس الروح والارادة التي انخرط فيها المغرب خلال العقد الأخير من أجل تقليص الفوارق بين الجنسين وتعزيز وحماية حقوق النساء والنهوض بها واحترام تعاقداته والتزاماته الدولية في هذا المجال. ويشير المجلس إلى أنه لاستكمال صياغة هذا الرأي بشكل نهائي، تم الاستناد إلى دراسة مقارنة لتجارب البلدان التي تتوفر على آليات مماثلة أعدها لهذا الشأن، وعرض نتائجها للإغناء و التشاور وتبادل الرأي عبر سلسلة من المشاورات واللقاءات وجلسات استماع نظمها مع مختلف الفاعلين المعنيين، من خبراء وطنيين ودوليين، وممثلي قطاعات حكومية، ومؤسسات وطنية ومختلف هيئات المجتمع المدني. وقد تم اعتماد هذا الرأي في الدورة الثالثة للمجلس المنعقدة يوم السبت 6 أكتوبر الجاري.