تعتبر الحماية الاجتماعية إحدى الركائز الأساسية للتماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي في الأنظمة الديمقراطية، خصوصا بأوروبا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا، وتتجسد في توفير منظومة اجتماعية متكاملة كالتغطية الصحية وأنظمة التقاعد والتعويض عن البطالة والتعويض عن فقدان الشغل احتراما لكرامة المواطنين. إن تراكمات بلادنا في هذا المجال لا ترقى إلى طموحات وانتظارات المواطنين في ظل محدودية التغطية الصحية وغياب التعويض عن البطالة وعدم إخراج صندوق التعويض عن فقدان الشغل إلى حيز التنفيذ، فما هي خصوصية هذا الصندوق وماهي أهدافه ومن له مصلحة في إقباره قبل المهد ؟ أعلنت الحكومة المغربية في سنة 2008 بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل، عن إحداث تعويض عن فقدان الشغل لأي سبب من الأسباب انسجاما مع التوافق الذي حصل في إطار الحوار الاجتماعي لسنة 2000 بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بعدما اقتنع الجميع بأن عشرات الآلاف من العمال والعاملات يفقدون سنويا الشغل إما لأسباب نقابية أو هيكلية أو تكنولوجية أو اقتصادية... وتجد الأسر المعنية نفسها بدون أجر بالرغم من هزالته وتتشرد العائلات. استمرت لجنة القطاع منذ 2009 في التداول في الدراسة التي أنجزها صندوق الضمان الاجتماعي في الموضوع، والتي تتمحور حول شروط الاستحقاق ومدة الاشتراك ومبلغ التعويض ومدة الاستفادة وآليات التمويل وقررت خلال جلسات الحوار الاجتماعي في أبريل 2011 ، أن من حق كل أجير الاستفادة من التعويض إذا فصل عن عمله لسبب من الأسباب باستثناء ارتكابه لخطأ جسيم أو الاستقالة ومرتبط بعقد شغل ومشترك في صندوق الضمان الاجتماعي على الأقل لمدة 780 يوما وعدم مزاولته لأي عمل مأجور وإثبات تسجيله لطلب شغل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، كما حسمت في الامتيازات الممنوحة للمستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل، والتي تتمثل في منحة تعويض مادية لمدة ستة أشهر والاستمرار في استفادته من نظام التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات العائلية طيلة مدة التعويض واحتساب فترة التعويض كفترة مماثلة للتأمين بالنسبة للمعاشات ومصاحبته من أجل إعادة إدماجه في سوق الشغل والتكوين من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، كما اتفقت لجنة الدراسة (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) بناء على التوافق بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين ، على مساهمة الأجراء في التمويل بنسبة 0,19% والمشغلين بنسبة 0,38% ومساهمة الحكومة بما قدره 250 مليون درهم (انظر اتفاق 20 أبريل 2011) . يتضح من كل هذه المعطيات أننا استغرقنا أكثر من عقد من الزمن في النقاش والتداول في هذا الموضوع، وبعدما تم التوافق على كل القضايا المتعلقة بهذا التعويض الاجتماعي لايزال المجلس الإداري لصندوق الضمان الاجتماعي يؤجل اتخاذ القرار وإصدار المرسوم من طرف الوزارة المعنية، علما بأن دولا مجاورة تعمل بهذا الصندوق منذ سنين كالجزائر ومصر وتونس.....فمن يقف وراء عدم استفادة العمال والعاملات من التعويض بعد فقدانهم للشغل، أهي الحكومة أم المشغلون أم هما معا؟