دعا مشاركون في الندوة الدولية حول «الحق في الحصول على المعلومات» إلى فتح مزيد من النقاش حول مشروع القانون المرتقب المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الفعاليات في هذا الميدان، قبل إخراج مسودة هذا المشروع. واعتبروا أن النقاشات التي شهدتها هذه الندوة، التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان يومي 21 و22 شتنبر الجاري بالدار البيضاء، أبانت عن وجود طاقات وطنية يمكن أن تغني مضامين هذا المشروع، بل وتساهم مستقبلا في تفعيل مضامينه، وذلك إعمالا لمقتضيات الدستور الذي ينص على الديمقراطية التشاركية. وتعكف وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة أن الوزارة تعكف حاليا على إعداد مشروع قانون خاص بالحق في الحصول على المعلومات، يراعي المعايير الدولية والدروس المستخلصة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال، وذلك في إطار لجنة مشتركة بين الوزارات، سيتم عرضه للتشاور مع جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية النشيطة في هذا الميدان والقطاع الخاص ومختلف الفاعلين الاجتماعيين، قبل إعداد الصيغة النهائية للمشروع وإحالتها على مسطرة المصادقة قبل متم شهر دجنبر المقبل. وفي سياق متصل، أكد ممثلو مؤسسات ومراكز وجمعيات، شاركوا في جلسات اليوم الأخير من هذه الندوة، أن إعمال الحق في الحصول على المعلومات له عدة مداخل: منها الدستوري والمؤسساتي والاجتماعي والمعرفي، ومنها ما يتعلق بجانب التكوين والتدريب، مشيرين، في هذا الصدد، إلى ضرورة توثيق التعاون مع منظمات المجتمع المدني وأخذ بعين الاعتبار تصوراتها في الموضوع. ويعتبر الحق في الحصول على المعلومة الضرورية للمواطن والذي أصبح يستأثر باهتمام متزايد لدى المنظمات والفاعلين الدوليين ينطوي على مقاصد وأبعاد، منها البعد السياسي (الحصول على المعلومة يقيد الإدارة بمدى التزامها باحترام القانون والحريات الفردية)، والبعد الثقافي والأخلاقي (إرساء ثقافة جديدة مبنية على علاقة تسودها الشفافية والمسؤولية)، والبعد الاقتصادي (تهيئ المناخ الملائم لجلب الاستثمارات الأجنبية عبر ضمان الولوج إلى المعلومة)، والبعد الدولي (ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق والاتفاقيات الدولية). وركزت مداخلات المشاركين على الاهتمام الذي اولته لموضوع الحق في الحصول على المعلومات باعتباره أحد مداخل محاربة الفساد، وذكروا في الوقت نفسه بمضامين الفصل 27 من الدستور المتعلقة بهذا الحق، والذي ينص في جانب منه على أنه للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. وأبرزت أهمية تلقي المعلومات عبر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، مشيرة من جهة أخرى إلى أن حرية الرأي والتعبير والصحافة، يدخل في صلبها الحق في الحصول على المعلومات. واعتبرت المداخلات أن الحق في الحصول على المعلومات يعد مفتاحا للتطور السياسي والاقتصادي للبلد، مشيرة إلى أن الصحافيين هم من بدأوا معركة الحصول على المعلومة أو الحق في الولوج إلى مصادر الخبر. وفي سياق متصل وقال إدريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمة ختامية لأشغال الندوة «أن النقاشات التي شهدتها هذه الندوة أبانت عن وجود علاقة وطيدة بين الحق في الحصول المعلومة من جهة وحقوق الإنسان ومشاركة المواطنين في الإصلاحات، وضرورة بذل مزيد من الجهود لتعزيز الديمقراطية التشاركية من جهة أخرى». وبعد أن أشار إلى أن موضوع الحق في الحصول على المعلومات «معقد»، قال «إن القانون هو الذي يؤسس لهذا الحق وهو الذي يضمن المحاسبة». وذكر بأن الحكومة تشتغل على مشروع قانون خاص بهذا الحق، والذي سيطرح للنقاش بعد إعداده، لكن هذا لا يمنع من وجود مبادرات أخرى للخوض في هذا الموضوع، لكن الرهان، كما قال اليازمي، هو عملية تفعيل هذا القانون، والتي تتطلب «ثورة ذهنية» من جانب كل الفاعلين. وكان مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الجمعة خلال افتتاح الندوة «أن قانون الحق في الولوج للمعلومات سيكون جاهزا سنة 2013»، مشيرا إلى أن هذا القانون المخول إعداده لكل الفاعلين، والقطاعات الوزارية، والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني سيركز على جوانب مسطرية، خاصة ما يتعلق بالجهات المخول لها توفير المعلومة، وآجال تسليمها، واستعمال المعطيات. يذكر أن هذا الملتقى الدولي، المنظم بمبادرة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وضع ضمن أهدافه فتح نقاش يجمع بين المؤسسات والسلطات العمومية والمقاولات العمومية والخاصة والمؤسسات المنتخبة ومنظمات وهيئات المجتمع المدني وخبراء دوليين حول المعايير الدولية التي يمكن أن يستلهمها المغرب في سن القوانين المتعلقة بالحق في الولوج إلى المعلومة. وشمل برنامج هذه التظاهرة تنظيم موائد مستديرة حول «الحق في الحصول على المعلومات والمعايير الدولية» و«الحصول على المعلومات والديمقراطية وحقوق الإنسان» و«الحق في الحصول على المعلومات وآليات المراقبة : تجارب دولية» و«الحق في الحصول على المعلومات والمؤسسات» و«التحديات المستقبلية».