قالت إيزابيل جيمنيز كارسيا، النائبة الأولى لرئيس لجنة الاقتصاد والمنافسة بمجلس النواب الإسباني صباح أمس في افتتاح المنتدى البرلماني التأسيسي المغربي - الإسباني بمقر مجلس النواب المغربي، أن «الذي يهمنا في العلاقة مع المغرب ليس قرب المجال الجغرافي فقط، بل الذي يهمنا استقراره السياسي ووجود قوانين وتشريعات تعزز واقع الاستثمارات فيه من أجل رفاهية شعبه وباقي شعوب المنطقة». واعتبرت المتدخلة أن الدور المنوط بممثلي الشعوب في هذه المنطقة هو الدفع بالحكومات في هذا الاتجاه. وأشارت المتدخلة الى أن إسبانيا منحت المغرب 500 مليون يورو كقرض لتحسين البنية التحتية، كما كشفت المتدخلة أن منحى الواردات والصادرات بين المغرب وإسبانيا عرف تطورا كبيرا بين سنتي 2002 و 2011، مؤكدة أن المغرب سيظل الوجهة الأولى لإسبانيا لكن يجب على حكومتي البلدين أن تخلقا آليات جديدة في ظل التحديات التي تعرفها المنطقة. وعلى إثر سماعنا بقرض آخر يضاف الى القروض السابقة التي جلبتها حكومة بنكيران الى المغرب، الشيء الذي سيترتب عنه إثقال كاهل المغرب بالديون الخارجية، وجهنا السؤال الى وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة الذي حضر اللقاء، ونوه بالعلاقات المغربية الاسبانية على المستوى الاقتصادي بين 2002 و2011، أكد نزار البركة ذلك، معتبرا هذا القرض يدخل في إطار دعم التنمية في المغرب. وفي تدخله رد عبد العزيز العمري باسم فريق العدالة والتنمية على المتدخلة إزابيل كارسيا النائبة الأولى لرئيس لجنة الاقتصاد والمنافسة بمجلس الشيوخ الإسباني، في ما يخص إشارتها الى الاستقرار السياسي بالمغرب، أن هذا الأخير يفتخر بتداعيات الربيع العربي في ساحته، معتبرا هذا الربيع ربيعا ديمقراطيا، وأن الحاجة اليوم في العلاقة بين البلدين هي تأسيس فضاء للحوار لتقارب وجهات النظر، الشيء الذي جعل بعض الحاضرين في القاعة من الإسبان ينظرون الى بعضهم البعض. وجاءت مداخلة رئيس فريق العدالة والتنمية بعد مداخلة عضوة من الفريق الاستقلالي التي قالت إن العلاقة المغربية الاسبانية هي في حاجة الى فضاء للتعارف، وأعطت مثالا ببعض الاسبان الذين لا يعرفون خارطة المغرب ويعتقدون أنه يوجد في قارة أخرى، الشيء الذي بدا غريبا على الاسبان الذين جاؤوا بخطاب البحث عن آليات جديدة في التشريع والقوانين والتدبير الحكومي من أجل استثمارات مشتركة بين البلدين، في حين ركزت فرق المعارضة على ضرورة أن يكون المغرب شريكا حقيقيا في ظل سياسة متكافئة مبنية على آليات مبتكرة. والانتقال من سياسات حماسية الى مبادرات فعلية تخص المجال الاقتصادي والسياسي، بناء على أن الخيار الوحيد عند البلدين هو وجود سياسة اندماجية بمنطق التعاون والتكامل وليس بمنطق التنافس، وذلك من أجل تحقيق الرخاء في منطقة المتوسط. وفي تدخله قال أحمد الزيدي رئيس الفريق الاشتراكي، إن هناك مواضيع تتعلق بالاقتصاد والهجرة والتنقل والعلاقات البرلمانية، ولا يمكن أن ننطلق فيها من فراغ، بل إن هناك مؤسسات متخصصة تشتغل في هذا المضمار بملفات دقيقة، وبالتالي هناك تراكمات من الصعب جدا أن نستحضرها بعجالة في هذا اللقاء. وأضاف الزيدي الذي تدخل في إطار مناقشات العروض المقدمة من طرف الإسبانيين، أنه من الجانب الاقتصادي الكل متفق على ضرورة خلق جيل جديد من الشركاء يتلاءم ومستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين، أخذا بعين الاعتبار موقع المغرب ومكانته والإصلاحات التي قام بها. واستحضر الزيدي في مداخلته كلمة السيدة كارسيا التي قالت إن البرلمانيين حاملون لرسائل قوية من شعوبهم الى الحكومات، وهي رسائل ينبغي توجيهها اليوم. وأضاف الزيدي «صحيح أن العولمة تعني التنافسية في مفهومها الواسع كما فسرها مولينا أورتز رومان الناطق باسم الفريق الاشتراكي الاسباني، ولكن ينبغي قراءتها قراءة سياسية جديدة وكذلك اقتصادية واجتماعية في إطار التحولات التي يشهدها العالم». وأكد الزيدي أن الفريق الاشتراكي يرى أن هناك مشاكل حقيقية بين البلدين، لا يمكن إخفاؤها اليوم وهي تحتاج الى معالجة بمفهوم جديد، ومن هنا يأتي التفكير في تطوير العلاقات بين برلماني البلدين ومأسسة ذلك في هذا المنتدى مثلا، لكي يكون حاملا لرسائل مستقبلية في مستوى العمل التاريخي والحضاري والانساني بين المغرب وإسبانيا. فلا أحد ينكر بأنه عندما تحدث أزمة بين الرباط ومدريد وهذا ليس جديدا، تتأثر بالتتابع مختلف العلاقات، والتي تحتاج الى وقت لوضعها في السكة الصحيحة، ولتفادي ذلك يضيف الزيدي ينبغي مأسسة العلاقات البرلمانية بين البلدين لتكون علاقة عميقة في أبعادها بالشرعية السياسية والشعبية. وفي تدخله أشار راتز رومين مولينا، باسم الفريق الاشتراكي الاسباني، الى أهمية الخطاب الملكي الذي ذكر فيه محمد السادس بأهمية العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، الشيء الذي يستدعي مخططات جديدة لتعزيز هذه العلاقة لمواجهة تداعيات الأزمة، وتداعيات العولمة الجديدة التي حدت من دولة الرفاهية والدولة المركزية. وربط ذلك بالانعكاسات السلبية التي تستدعي التوافق بين الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن اسبانيا دعمت هذا المنحى في المغرب فيا لسنوات الأخيرة. وقال رئيس مجلس المستشارين الشيخ بيد الله إن المغرب شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في مسألة الديمقراطية، وينبغي مأسسة ذلك مع الجانب الاسباني والفرنسي، مشيرا الى أن المنطقة الجنوبية وخاصة في الساحل والصحراء تعرف تحديات كبيرة أمنية. وعن قضية الصحراء صرح بيد الله لجريدتنا أن الوحدة الترابية ككل للمغرب تخيم على هذا اللقاء، وأن قضية الصحراء أخذت حيزها في لقائه مع نظيره الاسباني، إضافة الى قضايا أخرى مشتركة. وقال رئيس البرلمان كريم غلاب إن المتوسط يحدد العديد من علاقات المغرب وإسبانيا، وأنه يمنح كل الأسباب والقيم المؤسسة لعلاقات استراتيجية، داعيا الى تطوير هذه العلاقة وأن يكون البرلمانيون رافعة أساسية في الافكار والمقترحات للجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتي ستنعقد في الايام المقبلة. يشار الى أن المنتدى المنعقد بالرباط يحضره وفد اسباني رفيع المستوى، والمكون من رئيسي مجلسي النواب والشيوخ الاسباني ورؤساء اللجن الاقتصادية ونواب الرؤساء الاسبان، وممثلي الدبلوماسية الاسبانية في المغرب ووسائل إعلام . كما يحضره من الجانب المغربي وزير الداخلية والعلاقة مع البرلمان ووزير المالية والاقتصاد ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورؤساء الفرق البرلمانية. ويخصص اللقاء لمحاور حول الاقتصاد والتنقل والهجرة والسياسة والأمن والعلاقات البرلمانية.