باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قبل أسابيع، تحقيقا في ملف شركة »صوناداك« التي أحدثت في سنة 1989، من أجل إعادة إيواء سكان المحج الملكي، الذين تتهاوى منازلهم فوق رؤوسهم كل يوم. وفي هذا الصدد، علمنا أن رجال الأمن كانوا قد نقلوا المراقب المالي لهذه الشركة للاستماع إليه بمجرد عودته إلى مطار محمد الخامس، عائدا من رحلة في الخارج، كما يتم التحقيق مع عدد من المسؤولين السابقين والحاليين بذات الشركة وأطر في الداخلية ووزارة المالية. وقالت مصادر قريبة من هذا الملف إن الفرقة الوطنية ارتكزت في تحقيقها على ما تضمنه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي وقف على اختلاسات واختلالات مالية بالإضافة إلى كون الشركة، حادت عن الهدف الذي أحدثت من أجله وتحولت إلى مضارب عقاري بامتياز. ومن بين الاختلالات المالية التي وقف عندها التقرير ويباشر رجال الأمن التحقيق فيها، أن الشركة كان من المفروض بعد استفادتها من أراضي مشروع »النسيم« بالدارالبيضاء، أن تحول إليها 12500 قاطن بالمحج الملكي، لكنها لم تنقل إليه سوى 2400 قاطن اعتمادا على إحصائيات 1989، أما الآن فقد تضاعف هذا العدد بالمحج الملكي. كما كشف التقرير أن الشركة كانت تتعامل بما يسمى ب »النّْوَارْ« في عملية بيعها للشقق والأراضي. ذلك أنها كانت تحدد ثمن 450 درهما للمتر المربع في مشروع »إسلان« لكن على الراغب في الاقتناء أن يؤدي مبلغا آخر كثمن للتكلفة وهو مبلغ 746 درهما. كشوفات حسابات الشركة أظهرت أن ملايين الدراهم تم تبديدها، إذ أن شققا بيعت وليس هناك ما يبرر هذا البيع من الناحية المالية. كما هو حال عملية بيع مع أحد المقاولين، الذي اقتنى من الشركة 365 شقة و29 محلا تجاريا، بثمن خمسة ملايير سنتيم، لكن الشركة لا تتوفر - حسب ما أظهره البحث - لا على وثائق تثبت عملية البيع، واكتفى مسؤولوها. بالجواب، بأن المقاول أدى ثمن البيع نقدا ! تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي لم يقتنع بهذا الرد، إذ لا يعقل أن يحمل شخص 5 ملايير نقدا، وكأن الأمر يتعلق بمبلغ ضئيل، سجل أيضا أن هذا البيع لم يظهر له أي أثر في الوثائق ولا في رصيد الشركة. التقرير العريض للمجلس الأعلى للحسابات كشف كذلك أن مدير قطب المهن في الشركة استفاد من خمس قطع أرضية وتسعة محلات تجارية وأربع شقق وقطعتين أرضيتين لبناء حمام وروض للأطفال بأثمان تفضيلية جدا وغير معمول بها في سوق العقار، علما بأن هذا المسؤول هو أيضا عضو في اللجنة الداخلية لتحديد أسعار البيع، وهو ما يتعارض مع القانون، الذي يمنعه من الاستفادة من عمليات البيع والشراء التي تقوم بها الشركة. ومن مظاهر تبديد المال التي تحقق فيها الفرقة الوطنية، أن أربعة ملايين درهم دفعها مسؤولو الشركة لأحد المحامين كتعويض عن الأتعاب ليهيئ طلبات شراء لهكتارات وتتبع العملية، وهو الإجراء الذي لم يتم أصلا، لتذهب 900 مليون سنتيم في مهب الريح. شركة »صوناداك« أحدثت في سنة 1989 بقرار من الراحل الملك الحسن الثاني، بغرض تنقيل سكان المحج الملكي، إلى مشروع جديد وهو مشروع النسيم، لأن منازلهم تتداعى للسقوط من جهة، ومن جهة ثانية لإقامة مشروع بهذا المحج يليق بمكانة الدارالبيضاء ومنحت كل التسهيلات لاقتناء الأراضي، وإقامة مشاريع سكنية، جزء منها يتم بيعه لغير القاطنين بالمحج، والجزء الآخر يخصص لإيواء 12500 عائلة قاطنة بهذا المحج. لكن الشركة لم تأو إلا 2400 عائلة، ودخلت في مضاربات عقارية لا علاقة لها بالأهداف التي أحدثت من أجلها.