«طيارة طارت .. والأرض دارت .. الطفل غنى والطفلة ضاعت ..» عدد من الناشطين الجمعويين والمناضلين يتذكرون جيدا هذه الأغنية التي استطاعت أن تفرض لها مكانا ضمن جملة من الأغاني الأخرى من قبيل «يمشي على الجمر شبل .. طفل ولكن مقاتل» ... واللائحة طويلة التي قد تنطبق بعض توصيفاتها على واقع حال بعض مغاربة اليوم، تذكر يتم خلاله بدون شك استحضار واقعة الشاب المخترع ببرشيد الذي استطاع بمجهوده الخاص أن يخترع طائرة، ويتعلق الأمر بمحمد نحمد البالغ من العمر 22 سنة والذي استطاع بإمكانياته الذاتية أن يخرج إلى الوجود طائرة طولها 3 أمتار وعرضها 4 أمتار و64 سنتيمرات، تشتغل بمحركين، وبإمكانها التحليق لمسافة 120 كلم وعلى ارتفاع 33 مترا في الجو بسرعة قصوى قدرها 200 كلم في الساعة، إلا أن «طيارته» لم تطر، لكن بالمقابل دارت الدنيا وقامت ولم تقعد، ليس من باب الإشادة والتنويه ولكن من منطلق الرهبة و»الدهشة» التي انتهت بالاستهانة و «الحكرة»! الاستخفاف بمؤهلات الشاب، والحديث عن مصادرة اختراعه، والكيفية التي تم التعامل معه بها، لها عوامل أدت إلى سيادة حالة من السخط في وسط الناشطين الفايسبوكيين الذين سارعوا إلى إحداث صفحات للتضامن معه تدعو إلى إيلاء المخترعين الشباب المغاربة المكانة التي يحظى بها أصحاب العقول النيرة والذين تتفتق ذهنياتهم عن عبقرية في مجالات مختلفة أسوة بالمخترعين الأجانب في دول أخرى. صفحات من قبيل « لا لإقبار الطاقات المغربية والأدمغة المحلية»، و «كلنا مول الطيارة» هذه الصفحة «الفايسبوكية» التي على بعد يوم واحد من إحداثها بموقع التواصل الاجتماعي بلغ عدد محبيها في ظرف ساعات قليلة 2838 قبل منتصف ظهر أمس الخميس. دافع من خلالها مرتادو الشبكة العنكبوتية عن المخترع المغربي، ودعوا إلى القيام بحملة تضامنية واسعة معه، في حين استشهد بعضهم بخبر « بدء المرحلة الثانية لإنتاج 21 طائرة مصرية موجهة بدون طيار بالتعاون مع شركة صينية , حيث تصل نسبة التصنيع المحلي في هذه الطائرة إلى 99.5 % « مستنكرين بالمقابل تهميش الكفاءة المحلية، هذا في الوقت الذي دعا البعض إلى «تخصيص رقعة جغرافية يجمع فيها العلماء والنوابغ، مع توفير الميزانية التي تهدر، وفق تعبيرهم، على أبطال المنشطات، عوضا عن الذهاب إلى لندن أو بكين، وبالتالي أخذ عطلة من رياضة غير منتجة وتمويل العلماء عوضا عنها وإن هم اخترعوا عود ثقاب فقط، لكن أن يكون منتوجا من صنع مغربي خالص». عدم السماح بضياع الطاقات المغربية، ووقف الاستفزازات حيال الشباب المغاربة والتي تكون دافعا لهجرة عدد من العقول إلى الخارج، مطالب رفعت بإلحاح شديد ورافقتها موجة من التعاليق، التي تطالب بأن تحلق طائرة الإبداع بكل حرية في سماء المغرب.