يمكن للكتابة أن تتآمر على حياة زوجين: رسام مقعد وزوجته «المنحرفة». هذا ما تنقله الرواية الجديدة للكاتب المغربي، الطاهر بنجلون: «السعادة الزوجية». رواية تعيدنا إلى تلك الإبر الرمزية التي تؤطر علاقة الرجل بالنساء؛ فيصبح «الإذلال»، ولو عبر الكتابة، هو النصر الوحيد الذي تستحقه المرأة. غير أن تقدمنا في الكتابة يجعلنا نعي أن «الكرسي المتحرك» مجرد فخ يستدرجنا إليه الطاهر بنجلون بحنكة هائلة. ذلك أنه يحشد تفكيرنا بذلك الانفجار الوقح الذي اسمه «السعادة الزوجية».. ما هي السعادة الزوجية إذا كان طالبوها يتحركون خلف الأسلاك الشائكة للمؤسسة؟ هل هي ظل يحتاج إلى شارة مرور، أم واجهة أسمنتية تستعصي على الحاجة الشيقة للدفء؟ هل هي ظلال مائلة تقتات على مزيج من الجُبن المحلى بالأوهام والخيانات والمكابرة والادعاء، أم حياة تُشوى على نار مجازية هادئة يسهر على إضرامها طرفان: إيمان (الزوج) وأمينة (الزوجة)؟ الرواية التي يقترحها علينا الطاهر بنجلون تحكي قصة فنان تشكيلي أغارت عليه جلطة دماغية جارحة في بداية العام 2000، فأنزلته كرسيا متحركا منعه من التشرد بين صالات العرض، بل أفقدته القدرة على الإمساك بالقماش والحديث إلى الألوان، والإقامة السعيدة بين الأضواء والظلال. وعوض أن يترك الفاجعة تتخمر في أعماقه، شرع في الكتابة عن امرأة منحرفة عرفت كيف ترسم حدود عذاباته، وعن علاقة مدمرة ظل يكافح ويسعى جاهدا من أجل تنظيف عواطفه من أوحالها.. وعن ذلك القفاز الذي ظل يرتديه عقله طيلة سنوات بحثا عن حياة تليق بملجئه الفني. هذا الجزء يستغرق ما يقرب ثلثي الرواية، قبل أن تتسلم مقود الحكي الزوجة (أمينة) التي قررت الرد- بعد اكتشافها لدفتر الملاحظات- على اتهامات زوجها، والخروج- كتابة- من عدد من المزالق، ومقارعة الحجة بالحجة والوقائع بالوقائع والأرقام بالأرقام.. هذا النزال بين الزوجين يكشف أن الزواج مجرد شرَك فادح، يتسرب من خلاله كل شيء، أو تقريبا كل شيء ممكن، ذلك أن الأزواج، في كل الحالات، يعملون لإخفاء توعكاتهم النفسية داخل غرفة مؤثثة بغير قليل من النفاق.. رواية «السعادة الزوجية» ما هي إلى لمسة مغربية يضيفها الطاهر بنجلون إلى كشك الروايات التي سيستمتع بها الفرنسيون خلال الدخول الأدبي الفرنسي في سبتمبر القادم. حيث من المتوقع أن يصل عدد الروايات إلى 646 رواية جديدة »فرنسية وأجنبية مترجمة«، منها 69 رواية يكتب أصحابها الرواية لأول مرة. نقرأ لمحمد المزديوي حول «الدخول الأدبي الفرنسي» في الشرق الأوسط: «من إيجابيات هذا الدخول الجديد عودة باتريك موديانو من خلال روايته «عشب الليالي»، وهو روائي ينتظره مريدوه الكثيرون بشوق، وإطلالة باسكال كينيارد الجديدة «المضطربون» وأيضا ظهور جديد «الخالد» أمين معلوف من خلال عمله: Les Désorientés. وكوكبة من أهم روائيي فرنسا سيكونون على موعد، نذكر منهم بيير جورد وجان إشنوز وفيليب دجيان وباتريك دوفيل والروائي الهندي الكبير تارون تيجبال والأميركية الحائزة على »نوبل« طوني موريسون. الحاضرة الدائمة هي البلجيكية أميلي نوطومب »تؤلف ما بين 3 و4 مؤلفات في السنة« وهي من مواليد كوبي باليابان 13 أغسطس (آب) 1967، وألفت عن هذا البلد رواية حازت على كثير من النجاح. وستصدر في نهاية شهر أغسطس 2012 روايتها ال21، حول موضوع »الرجل ذو اللحية الزرقاء«. والمدهش في حياة هذه الروائية غير العادية ولعها الشديد بالكتابة، وليس غريبا أنها تحتفظ بمخطوطات ل45 رواية. ونوطومب، التي فازت بالجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية، لا تبيع أقل من 100 ألف نسخة في أي من كتبها، رغم ابتعاد الجوائز الكبرى عنها، من »الغونكور« وما شابه! وهي تمتلك جمهورا وفيا لها منذ 20 عاما، ولا عجب أن روايتها »ذهول ورهبة«، وقد صدرت سنة 1999 »باعت منها أكثر من 450 ألف نسخة«، وهي الآن بصدد كتابة روايتها ال75 . في عملها الجديد تستحوذ على حكاية أطفال لتحولها »تعيد كتابتها« إلى رواية - تعترف أنها كانت، من دون شك، حكايتها المفضلة- »الرجل ذو اللحية الزرقاء«، ولكنها تستثمر هذه الحكاية وتمنحها توابل جديدة بحيث يصبح قاتلا للنساء، وللتأكيد على أهمية المرأة في المشهد الروائي الفرنسي والفرانكوفوني أن مبيعاتها ارتفعت إلى 15 مليون نسخة. تعود الفضائحية كريستين أنجو (أسبوع إجازة) إلى جمهورها وتتخذ فلورونس أوبيناس من »الضاحية حين لا تحترق« موضوعا لها، كما يعود أوليفيي آدم ب»التخوم« وفليب ديليرم.. وسيكون الجمهور على موعد مع »الطفل الإغريقي« للفرنسي ذي الأصول اليونانية فاسيليس أليكساكيس ومع »نابليون أو القدر« لجان ماري روارت».