منذ لحاق شهر الصيام بفصل الاصطياف بات موسم السياحة الداخلية اقل مدة، واضعف اجتذابا للسياح المغاربة، واقل مردودا بالنسبة لمدينة الصويرة التي اعتادت خلال العشرية الاخيرة على اجتذاب إعداد قياسية من السياح المغاربة إلى درجة اربكت لغة الارقام في اذهان مالكي الفنادق والشقق المفروشة المعدة للكراء سلفا، فبتنا نسمع عن اثمنة قياسية ما انزل الله بها من سلطان، ولا تتسع لها القدرة الشرائية المحدودة للأسر المغربية ، إلا من رحم ربك طبعا ،الباحثة عن سحر الصويرة وبرودتها في فصل الصيف القائظ. غير أن الاختزال الذي تعرض له موسم السياحة الداخلية خلال الموسم الحالي في العشرينية الأولى من شهر يوليوز، عوضه بالمقابل منتوج سياحي جديد ، يتجلى تحديدا في المناخ البارد لمدينة الصويرة خلال فصل الصيف دونا عن باقي المدن المغربية التي تلتهب خلال فصل الصيف الحالي. الجو البارد المصحوب برياح قوية محملة احيانا كثيرة بالرمال لم تعد مصدر ازعاج او باعثا على اختزال مدة الاقامة ، بل باتت عامل اجتذاب للسياح المغاربة الصائمين الهاربين من جحيم الحرارة المرتفعة والتي جاوزت الخمسين درجة بمدينة مراكش، وقاربتها في مدن مجاورة كقلعة السراغنة، فالحوز، فبني ملال فاخريبكة. وهي المدن التي ينحدر منها اغلب زوار المدينة خلال شهر رمضان الحالي . « لا مجال للمقارنة بين رمضان بالصويرة وبينه في مراكش او غيرها. الجو رحيم هنا مما يجعل تمرين الصيام اكثير احتمالا مقارنة بالمدينة الحمراء التي جاوزت حرارتها الخمسين، مما اضطر الكثيرين الذين خانتهم احوالهم الصحية وطاقتهم على التحمل إلى الافطار تحت سطوة العطش. بالأمس زرت مراكش لأجل قضاء غرض إداري لم اتحمل مقامي بها إلا ساعات، وعدت مسرعا ساعات قبل الافطار إلى مدينة الصويرة حيث اكتريت محلا سكنيا لمدة شهر كامل « صرح لنا سائح مغربي ينحدر من مدينة مراكش. اسر كاملة حملت متاعها ولوازم شهر الصيام وانتقلت إلى مدينة الصويرة حيث تقضي رمضان داخل شقق مفروشة مقابل اثمان تتباين تبعا للجودة، وقدرتها على المفاوضة في مواجهة اصحاب الشقق او الوسطاء الذين يشعلون الاثمان في اغلب الاحيان. « اكتريت شقة لشهر كامل مقابل 200 درهم لليلة. هذه المدة ستكلفني 6000 درهم في المجمل، إلا أن المبلغ لا قيمة له مقارنة مع المعاناة التي كابدناها خلال شهر رمضان الفائت بمدينة مراكش « صرح لنا زائر مغربي من مدينة مراكش ايضا. وهو محظوظ مقارنة مع اسر اخرى اكترت محلات بأثمان اكثر أو بجودة أقل فيما خاصمت اخرى فكرة الاقامة من اساسها احتجاجا على الاثمان القياسية التي يطلبها بعض ارباب الشقق، والأساليب المزعجة للوسطاء. « مضت اكثر من ساعة وأنا ازور الشقة تلو الأخرى ,انتقل من زقاق إلى اخر بدون أن اجد ضالتي، الاثمان جنونية تصل إلى 300 درهم احيانا كثيرة، علما أن تجهيزات الشقق متواضعة، وموسم السياحة الداخلية يعرف شبه كساد بسبب تزامنه مع شهر الصيام. افضل العودة الي بيتي بمدينتي على أن اخضع لاثمان لا يحكمها اي منطق « صرح لنا رب اسرة محتجا على ارتفاع اثمان الشقق المعروضة عليه. هكذا تحولت الرياح التي شكلت طوال السنوات الفائتة مصدر ازعاج للسياح المغاربة إلى درجة اختصار اقامتهم بالمدينة، تحولت إلى عامل استقطاب خلال موسم السياحة الرمضانية بمدينة الصويرة التي تصبح اكثر هدوءا، وتغدو اجواؤها اكثر تحريضا على التأمل والإنصات إلى الذات.