فقد موسم الاصطياف الذي يعرف قمة انتعاشة السياحة الداخلية بمدينة الصويرة الكثير من بريقه وإيقاعاته وأجوائه منذ ثلاث سنوات حيث بدا يصادف شهر الصيام، غير أن الصويرة قد تفوقت على نفسها في الموسم الحالي على مستوى سوء التنظيم وتفشي معالم الفوضى وغياب الضبط والمراقبة، كما تفوق المجلس البلدي على نفسه ككل مرة من حيث الغياب والسلبية والمراهنة على حسابات ما بعد المرحلة ... عمليا لم يدم موسم السياحة الداخلية بالصويرة سوى الأسبوعين الأخيرين من شهر يوليوز اعتبارا لتأخر العطل المهنية والمدرسية من جهة، ومن جهة أخرى بسبب حلول شهر رمضان المبارك أوائل غشت 2011 . وبالتالي فقد انضاف هذا المعطى الزمني إلى المعطى الظرفي المتمثل في الأزمة التي تضرب قطاع السياحة بالمدينة ليزيد من معانات الفاعلين السياحيين بالمدينة سواء تعلق الأمر بأرباب الفنادق أو المطاعم أو البازارات ومعهم الصناع التقليديين ومختلف الخدمات اللصيقة بالقطاع،ولتنخفض أكثر مؤشرات الإقبال على المدينة ومعها معدلات ليالي المبيت التي تأثرت كثيرا بالظرفية السياحية الصعبة التي تعرفها المنطقة بعد الحدث الإرهابي لأركانة. « نعيش الآن ظروفا جد دقيقة اعتبارا لصعوبة السياق الاقتصادي اثر أزمة السياحة الطارئة، ومن جهة أخرى بسبب الاختزال الذي طال موسم الاصطياف بالمدينة بسبب تصادفه خلال السنوات الثلاث الأخيرة والسنتين القادمتين مع شهر رمضان المبارك. فاغلب التجار وأرباب المطاعم ومحلات الوجبات والصناع التقليديين وأصحاب الفنادق المتوسطة وحتى الشقق يراهنون على موسم الاصطياف لأجل تحقيق رقم معاملات يحقق التوازن لحصيلتهم السنوية المتواضعة. الموسم الحالي كان الأقصر لعدة اعتبارات ، كما كان عدد الزوار اقل من السنوات الماضية، لكن الملاحظة الأهم هي محدودية إنفاق الزوار سواء كانوا مغاربة أو أجانب، حيث قلت مشترياتهم ومصاريفهم، فلوحظ عليهم الاكتفاء بالأساسيات، وهو ما انعكس بقوة على مداخيل التجار والبازارات وحتى المطاعم « صرح لنا احد التجار بالسوق الجديد. ألقت الأزمة بظلالها على مدينة الرياح التي جعلت من السياحة قطب اقتصادها ومحركه، وانخفضت معدلات ليالي المبيت إلى مستويات مقلقة،وبات العديد من أرباب الفنادق ودور الإيواء يدقون ناقوس الخطر. كما لم يحمل لهم موسم الاصطياف قيمة مضافة، لان الشقق والمنازل المفروشة تناسلت كالفطر بالمدينة، أصبحت الظاهرة مقبولة من الجميع سلطات محلية أو قوات عمومية وحتى فاعلين سياحيين، وانتشر الأطفال والشباب بمداخل المدينة ومحطتها الطرقية يلوحون بمفاتيحهم أملا في الظفر بزبائن لشققهم. « أظن أننا قد فشلنا جميعا في الحد من الظاهرة أو هيكلتها أو على الأقل تنظيمها، فقد تضاعف عدد الشقق المعدة للكراء، وباتت منتوجا مفضلا من لدن السياح المغاربة وحتى الأجانب في أحيان كثيرة، مما دفع العديد من أرباب الفنادق إلى تهيئة شقق للكراء مجاراة لهذا الواقع « صرح لنا صاحب فندق بالصويرة. غير أن السياح المغاربة يرون في الظاهرة تقوية للعرض السياحي للمدينة بما يتلاءم مع خصوصيات الأسرة المغربية وقدرتها الشرائية في ظل ارتفاع تكلفة الإقامة بالفنادق وإحجام الفاعلين السياحيين عن دعم سوق السياحة الداخلية. « أرى في ظاهرة الشقق المفروشة معطى صحيا يتناسب مع خصوصية الزائر المغربي الذي يحتاج إلى مساحة من الخصوصية والى مقومات للحياة اليومية لا توفرها له الفنادق، كما أن العرض متنوع وقابل للملاءمة مع القدرة الشرائية لجميع فئات الزوار، ناهيك عن التطور المستمر لجودة الشقق. وما ينقص إلى حدود الساعة هو تنظيم النشاط وإخضاعه للرقابة الأمنية على الأقل ضمانا لاحترام القانون وحفاظا على سلامة الزوار « صرح لنا سعيد القادم من مدينة الدارالبيضاء. مع حلول شهر الصيام بدأت تخلو المدينة من زوارها بالتدريج، وانصرفت الأغلبية الساحقة إلى مدنها وبيوتها استعدادا لقضاء شهر الصيام في الأجواء المألوفة،فالكثير من المواطنين صرحوا لنا برغبتهم في البقاء، غير أن خصوصيات الحياة اليومية خلال شهر رمضان وما تتطلبه من مقومات وأجواء تتناسب مع الأنشطة اليومية لشهر الصيام تقتضي إحساسا بالاستقرار والألفة لا يتوفر إلا في البيت وسط العائلة والمحيط الخاص. في المقابل فضل العشرات من زوار المدينة قضاء شهر رمضان بمدينة الصويرة هربا من الطقس الملتهب بمدنهم، كما هو الحال بالنسبة لبعض الزوار المنحدرين من مدينة مراكش، والذين اكتروا شققا طيلة شهر الصيام هربا من حرارة المدينة الحمراء التي لا تطاق خصوصا وقد خبروا صعوبة الصوم في حرارة تتجاوز الخمسين درجة خلال السنة الفائتة. موسم الاصطياف 2011 بمدينة الصويرة طغت عليه الفوضى، والاجتراء على الملك العمومي وغياب المراقبة والضبط من لدن السلطة المحلية والمنتخبة للمدينة. بداية بمواقف السيارات التي تناسلت كالفطر وخرجت أثمانها عن المعقول، فالاكتساح غير مسبوق للباعة المتجولين الذين احتلوا الممرات والمعابر والأزقة من شارع المسيرة مرورا بباب دكالة فالخضارة فالحدادة فسوق واقة مرورا إلى ساحة مولاي الحسن، ناهيك عن التجزئة الخامسة. عربات مدفوعة مفروشة « بالهندية»، الفواكه وغيرها، وبضاعة مفروشة على الأرض وسط الطريق ولا من ناه ولا منته. والقوات العمومية حاضرة غائبة لا تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها على الإطلاق. « أنا من عشاق مدينة الصويرة، أزورها سنويا ولم يسبق لي أن رأيتها على هذه الحال من الفوضى وغياب التنظيم، لقد تحولت المدينة العتيقة إلى ما يشبه السوق الأسبوعي !! « صرح لنا مواطن مغربي بكثير من الاستياء. غير أن احتلال الملك العمومي والساحات والممرات قد تحول إلى رياضة جماعية بمدينة الصويرة، فحتى أصحاب المطاعم والمقاهي والوجبات السريعة قد أبدعوا في التضييق على الزوار وسد المنافذ في ممرات إستراتيجية كما هو الحال قرب ساحة مولاي التي اجترأ عليها أصحاب الوجبات السريعة بشكل غير مسبوق في ظل التواطئ المكشوف للمجلس البلدي الذي تملكت رموزه حمى الانتخابات ورعشتها قبل الأوان . في المقابل، فقدت المدينة العتيقة التي تعتبر المدار السياحي الأساسي الكثير من بهائها بسبب أشغال إعادة تهيئة شبكة التطهير السائل، ففي باب مراكش، باب السبع، الحدادة، وغيرها، اخترقت الحفر الممرات، وتراكمت الأتربة، وتجمعت برك المياه العادمة بشكل مقزز ! فتحولت الجولة بالمدينة العتيقة إلى ما يشبه السير وسط ورشة بناء . « كنت أسير في ممر الحدادة مساء الأسبوع الفائت، فإذا بسائح فرنسي يغطس رجله دون وعي منه في بركة المياه العادمة التي تجمعت في الشريط المحفور وسط الطريق. ضحك السائح ورفيقته ظنا منه بان الأمر يتعلق بمجرد ماء غير ملوث، لكنني لم افهم إلى حدود الساعة من أين تسربت المياه المستعملة إذا كانت أشغال الحفر والربط بقنوات تصريف الواد الحار قد تمت ؟ ! « صرح لنا مواطن تعليقا على الأمر.