منذ سنوات طويلة يحرص التلفزيون المغربي على إمتاعنا حسب قوله بأعمال كوميدية، وأصبح هذا تقليدا سنويا لايمكن الاستغناء عنه، لدرجة أن الكثير من الناس خاصة المهتمين بالمجال الإعلامي سيتساءلون عن أوجه المقاربة بين الكوميديا كفن الإمتاع والمؤانسة وشهر رمضان، هل لا يحق لنا أن نضحك إلا في هذا الشهر الكريم ونكشر عن أنيابنا في ما تبقى من الشهور ؟ أم أن المسألة مجرد صدفة تلفزية. لكن ما علاقة رمضان الكريم بالضحك، ربما أن القيمين على الشأن التلفزي يريدون أن يطبقوا حديث رسول الله (ص) : تبسمك في وجه أخيك صدقة، فيقومون بتوزيع ملايين الصدقات على المغاربة ؟ مادام أن زرع البسمة على وجوهنا هو من باب الأجر الذي وعد به النبي، لكن لماذا لا يتم تعميم هاته الصدقات طيلة السنة. غير أن من يتصدق عليه أن يتصدق من جيبه وليس بصرف سبعة ملايير من جيوب المغاربة المتصدق عليهم، وإن فرضنا أنه لا ضررفي ذلك فعلى الأقل أن يأخذوا رأينا في ما نحب مشاهدته وهذا الأمر لم تجرؤ الشركة التي تبشرنا كل أسبوع بأرقام المشاهدة التي لا علاقة لها بالعطاء الفني، إن غالبيتنا يشاهد المنتوج المغربي لأنه فعلا يحب أن يشاهد نفسه لكن للأسف أن الأعمال التي تقدم كل رمضان أغلبها وليس كلها لا تعكس ضحكنا وانشغالاتنا، إنهم وكلما اقترب الشهر الكريم إلا وجيشوا الجيوش وأعدوا العدة لإعداد وجبات كوميدية إلا أنها غير قادرة على تقديم الجديد بل أن بعضها وجد صعوبات كبيرة في الكتابة وصناعة المواقف وسعة الخيال والبحث عن المواهب المشبعة بالأمل لكن الجديد هذه السنة هو إنتاج بعض الأعمال الدرامية ك«دموع الرجال» و«شبح الماضي» و«بنات لالة منانة» و«رباعية محمد الحياني» لكن لا واحدة من هاته الأعمال استطاعت أن تكسب رهان العرض في وقت الذروة باعتبار أن المستشهر هو المتحكم الأول والأخير في صناعة وفرض البلادة التلفزيونية، عندما يتابع الإنسان سلسة «فرقة ناجي عطا الله» للعملاق عادل إمام وكتابة المبدع يوسف معاطي وإخراج الابن رامي إمام رغم أن المقارنة بعيدة إلى حد ما فانك ستكتشف كيف يمزج الجد بالهزل والضحك بالبكاء في خليط باهر وأخاذ وتشويق مبهر، مما يعطيك انطباع أن العمل بني وفق خطة مدروسة وتروي و دراسة جيدة للحلقات وأبعادها الشاملة حيث تجد نفسك أمام أيقونة متلازمة بين الإضحاك والاستفادة، وليست أية استفادة إنها دروس تاريخية وتوابل حضارية تقدم ببهارات كوميدية وهذا ليس غريبا على فنان كعادل إمام لربما حان الوقت للاستفادة من الدروس ومما تكتبه الصحافة ومما يقدمه فنانون غيورون من نصائح كي نعيد سكة الكوميديا إلى مسارها لأنه لدينا تاريخ زاخر بالأعمال ولم نأت من فراغ وربما الرهان الصعب الذي ينتظر الحكومة الحالية هو جعل الإعلام أحد روافد التطور أو على الأقل تعبيد الطريق للقادمين، كما علينا أن نتصالح مع ذواتنا وتأخذنا الغيرة قليلا على منتوجنا بفتح المجال على مصراعيه لكل الطاقات الإبداعية في كافة المجالات وطرد الطفيليين والسماسرة بشكل تدريجي لأنه كلما اندفعت حزم الضوء إلا وانزاحت غشاوة الظلام وكما يقول المغاربة: «البدية هي لي صعيبة». في لقائه الأخير نوه وزير الاتصال بزيادة ملموسة حسب قوله للبرامج الدينية الرمضانية لكنها تبقى برامج ليست ذات تأثير نظرا للمنافسة التي تلقاها مثل هاته البرامج مع نظيراتها بالمشرق ولأن غالبية المشاهدين المغاربة يفضلون تتبع جديد الداعية الإسلامي عمرو خالد على تتبع برامج مازالت منشغلة بنواقض الوضوء في حين أن القضايا الحساسة التي تشغل بال المواطن مستبعدة ولا يجد الجواب عنها إلا في مشايخ الشرق، لذا من اللازم التفكير في برامج دينية مؤثرة وتعكس هموم ومشاكل الناس اليومية وهنا الكرة في باب المجلس العلمي ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وتحدث الوزير عن مستوى الحكامة الذي سيفعل بعد نهاية شهر رمضان غير أن هاته الحكامة لا يجب أن تنسى الممثل وكتاب السيناريو إضافة إلى التقنيين العاملين بالقطاع فتسعى الوزارة إلى تفعيل حقوقهم وضمانها والضرب على يد المتلاعبين ولم لا الكشف عن تماسيح وعفاريت الفن بالقطب العمومي.