موضوع شائك، ويحتاج إلى مهارة خاصة من أجل الخروج من المطبات التي يطرحها بأقل خسارة ممكنة. ودليلنا على ذلك أنه ليس أرضا غير مطروقة، إذ كلما أثاره باحث أو تطرق إليه طالب كلما أدرك أنه يمشي في حقل ألغام هائج تصنعه توترات الصراع بين «العقل» والتعلق الشامل بالمقدس الديني. ذلك أن أي «شبهة حياد ديني» عادة ما يترجمها الغلاة إلى مسّ وانتهاك للانتماء الديني، وهو ما يطرح إشكالات أخرى ترتبط ب»التكفير» و»الارتداد» و»إهدار الدم» و»المحاكمات».. ولعائشة حوادث كثيرة مع ملاك الوحي جبريل. فحين خاصمها النبي مرّة، جاءه جبريل، وقال له: »إرجع وصالح عائشة« - قاله أيضاً حين طلق النبي حفصة -؛ ولمّا صالحها، عاد جبريل حاملاً صحن حلوى (كذا)، وقال: «الله يقول لك: كان الصلح منا، وطعام الصلح علينا». كان جبريل «يقريها السلام»، بل إنها بين كلّ نساء النبي الصحابة والتابعين، لم نصادف أحداً تمكّن من رؤية جبريل سوى عائشة. فقد رأته »من خلل الباب قد عصّب رأسه الغبار»؛ ورأته مرة أخرى »عند معرفة فرس دحية الكلبي، والنبي يضع يده عليه ويكلّمه«؛ ورأته أيضاً بصورة «رجل واقف وعليه عمامة بيضاء بين كتفيه». ويروي مسلم عن عائشة قولها : «ما غرت على امرأة ما غرت علي خديجة ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها . ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها «. وفي رواية أخرى قالت : «فأغضبته يوما فقلت خديجة ؟ فقال الرسول (ص) : « إني قد رزقت حبها «. وفي رواية أخرى قالت : «وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها»، فكان رده عليها حاسما بقوله : «لا والله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بما لها إذ حرمني الناس . ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء «. وفي رواية لمسلم أن «النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة. وكان النبي إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة: «ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر». فقالت : «بلى» . فركبت. فجاء النبي إلى جمل عائشة وعليه حفصة، فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا. وافتقدته عائشة. فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر (نبات بري) وتقول : «يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني . ولا أستطيع أن أقول شيئا»؛ فهل أرادت عائشة أن تنتحر من شدة غيرتها، علما أن قتل النفس محرم في الإسلام؟ ويروى أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي اللتين قال الله تعالى فيهما : « إن تتوبا إلى الله فقد صفت قلوبكما». فقال عمر: هما حفصة وعائشة «. وكان الرسول (ص) قد قرر اعتزالهما شهرا كاملا من شدة موجدته - أي ضيقه وغضبه ? عليهن».