أصبحت قضية برونشتاين قضية فعلية من الآن فصاعدا. فقد وجدت قيادة العدالة والتنمية نفسها مجددا محاطة بتاريخها في الموقف من الشخص الذي استدعته. وأول من تداركته اللحظات السابقة هو وزير العدل والحريات الحالي، مصطفى الرميد، الذي يجد نفسه، في أقل من سنة ينتقل من موقع إلى آخر ومن وضع إلى وضع معاكس تماما. في البداية، كان معهد أماديوس، الذي يقف وراءه نجل وزير الشؤون الخارجية السابق الفاسي الفهري، قد استدعى إلى ندوة بطنجة العديد من الشخصيات السياسية والفكرية، تحلقت حول خارطة الشرق الأوسط والسلم في فلسطين. وكان من بين الحضور، شخص يسمى برونشتاين. ووقتها قامت قيامة الأصولية المغربية بكل تلاوينها، مدعومة بقوى علمانية ومدنية وحقوقية وتقدمية، في الإعلان عن إدانة حضور كل الذين يشتم منهم أنهم من أعوان الطابور الصهيوني في العالم. وكان من بينهم شخص يدعي .. عوفير برونشتاين! وقد كتبت يومية «التجديد»، المتحدثة باسم حركة التوحيد والإصلاح والقريبة، من العدالة والتنمية - بشريا وتحريريا، إن لم يكن سياسيا وتنظيميا- بهجوم عنونته بصهاينة في ضيافة «أماديوس» بطنجة. وكتبت اليومية ذاتها، منذ سنة بالتقريب ما يلي« كشفت الوثائق الرسمية للمشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى ميدايز 2011، الذي افتتح يوم الأربعاء 16 نونبر 2011 بطنجة، عن مشاركة شخصيات إسرائيلية غير رسمية، تقدم نفسها مناضلة من أجل السلام بين المحتلين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي مقدمة هؤلاء المشاركين، Ofer Bronstein، الذي لا يوجد اسمه في لائحة المشاركين في الموقع الإلكتروني لميدايز 2011، إلا أن الوثائق الرسمية للمنتدى، أظهرت مشاركته، باعتباره رئيس المنتدى الدولي للسلام، ويتم تقديمه في عدد من المحافل، بصفة مساعد سابق للصهيوني إسحاق رابين، رئيس الكيان الصهيوني سابقا، كما حصل مؤخرا على جواز سفر فلسطيني سلمه له محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بسبب «مساعيه للسلام». ولم تتم الإشارة إلى الجنسية الصهيونية لأفير برونشتاين، في وثائق ميدايز 2011، وسيشارك صبيحة يوم الجمعة 18 نونبر 2011 ، في ندوة حول «الديمقراطيات العربية والمجتمع المدني الإسرائيلي، أي فرص لتحقيق السلام للشعوب؟.» وقتها كان عوفير برونشتاين بمثابة فيكتور فرانكانشتاين الشهير في أفلام الرعب والخيال الوسواسي.. لا داعي للبحث في الأسباب التي جعلت فيكتور يصبح، فجأة عوفير، و فرانكاينشتاين يصبح لنفس السبب الغامض برونشتاين.. القصة ستزداد تشويقا، عندما سيدخل الأستاذ المحامي مصطفى الرميد في المسألة ويرفع دعوى قضائية، كما يجيدها المحامون المغاربة الملتزمون، ضد الجهة التي استدعت برونشتاين. ويطالب بحل الجمعية.. المنتدى الذي يرأسه ابن وزير مغربي.. اليوم مازالت الدعوة قائمة ضده، وإلى حدود يوم أمس كان القضاء، الذي يشرف الرميد على إصلاحه، مطالب بأن «ينطق» في الأمر. ماذا سيكون موقف الوزير الرميد من قضية المحامي مصطفى؟ ماذا يعني الإصلاح اليوم إذا لم يشرف على تنفيذه، كما كان يؤمن به عندما كان برونشتاين قدجاء باسم غير اسم المنتدى؟ لن نذهب إلى طرح السؤال : هل سيرفع قضية لحل العدالة والتنمية من أجل ضيافة برونشتاين؟ لكن، نترك له الاستنتاج من القياس، حتى لا نفسد فرحة العرس الكبير الذي أقيم في نهاية الأسبوع الماضي!! أم ستكون الأمور أكثر بساطة، ويقر الجميع بأن الأمر في حكم المحتمل والوارد في التعامل مع عالم يتحرك وأن المواقف السابقة كان يحكمها موقع المعارضة وال«تعزير» الشعبوي، والقفز على حقائق الواقع، التي تظهر بوضوح عندما يكون الانسان مسؤولا، ومطالبا بحل تناقض ما في موقف أو في موقع. على كل، ليس مطلوبا من الرميد الصمت، ومن التجديد الدفاع بما لم تؤمن به منذ سنة.. المطلوب فقط الوضوح والمنطق في الموقف..