يحتفي المغرب والولاياتالمتحدة هذه السنة بذكرى مرور قرنين وربع القرن على مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي على أقدم معاهدة في تاريخ أمريكا، وهي المعاهدة الأمريكية - المغربية للسلام والصداقة. فبتاريخ 18 يوليوز 1778 صوت 1787 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي لصالح المعاهدة، التي جاءت لتتوج علاقات متميزة بدأت قبل ذلك بعشر سنوات، أي سنة 1777 عندما كان المغرب أول دولة في العالم تعترف بالمستعمرات الأمريكية كدولة مستقلة. وإثر ذلك الاعتراف التاريخي، عمل الطرفان على تعزيز تعاونهما في مختلف المجالات، وتم الشروع سنة 1783 في المفاوضات بشأن اتفاقية رسمية تتعلق بالتجارة والصداقة. مفاوضات قادها من الجانب الأمريكي توماس باركلي، ووقع عليها جون آدامز وتوماس جفرسون سنة 1786. ولقد وضعت الاتفاقية إطارا للعلاقات الدبلوماسية بينالبلدين من خلال نبذ العداوة بينهما، وتمتيع كل طرف بصفة الأفضلية في الولوج إلى الأسواق وحماية السفن الأمريكية العابرة للمياه المغربية، خصوصا في مضيق جبل طارق. وفي سنة 1789، سيوجه الرئيس الأمريكي جورج واشنطن رسالة إلى السلطان محمد الثالث يشكره فيها على الدعم الذي لقيته الولاياتالمتحدة من المغرب. وتضمن المعاهدة 25 شرطا جاء في تقديمها: «الحمد لله، هذا تقييد شروط الصلح التي جعلناها مع ألماريكانوس وأثبتناها في هذا الدفتر ووضعنا عليها طابعنا لتبقى مستمرة إن شاء الله. وكُتبت بحضرة مراكش في الخامس والعشرين من شعبان المبارك عام مائتين وألف.» السلطان محمد بن عبد الله. وتنص شروط المعاهدة على أنه في حال دخول أحد البلدين معركة مع بلد ثالث، فلا يقدم أي منهما دعما لذلك الطرف الثالث، وحتى في حال كسب غنيمة من ذلك الطرف وتبين أن من بينها أحد رعايا البلدين، فيتعين إطلاق سراحه وتمكينه من ممتلكاته إن كانت من بين الغنائم. وحسب الشرط الثامن من المعاهدة، فإنه في حال تعرض سفينة أحد البلدين لعطل وزاحت نحو سواحل البلد الآخر، فإنه يسمح للسفينة بتفريغ حمولتها وإصلاحها وتحميلها مجددا دون أداء أية رسوم، ودون أن يسمح لأي شخص بالاقتراب منها دون ترخيص من قائد السفينة. كما أن الاتفاقية تشير إلى أنه على المغرب تقديم الدعم للسفن الأمريكية في حال دخولها حربا مع سفن «النصارى» في مكان قريب من مكان وجود سفن مغربية، ونفس الشيء بالنسبة للجانب الأمريكي. وتنص الاتفاقية أيضا على أن يعمل كل طرف على عدم تعقب سفن العدو لسفينة أحد البلدين كانت راسية في ميناء الآخر ،إلا بعد مرور أربع وعشرين ساعة على مغادرتها الميناء. وعلى المستوى التجاري، تؤكد المعاهدة على التعامل مع الولاياتالمتحدة مثلما يتم التعامل مع إسبانيا، أو تمتيعها بصفة الأفضلية، إلى جانب احترام المواطنين الأمريكيين وتقديرهم ومنحهم الحرية الكاملة للعبور من المغرب في أي وقت وحين دون أن يعترض أحد طريقهم. وفي حال نشوب حرب بين الطرفين وسقوط أسرى ، فإنه يتم تبادلهم، وفي حال عدم توفر أحد الطرفين على أسرى، يقوم بتقديم فدية بقيمة مائة ريال. وتشدد المعاهدة على مكافحة تهريب السلع، حيث تشير إلى مراقبة السلع في الموانئ قبل شحنها، وفي حال ثبوت محاولة تهريب إحدى السلع، تتم معاقبة المسؤول عنها، دون معاقبة السفينة أو باقي الأشخاص.