تحت إشراف المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نظمت لجنة العمل النقابي والجمعوي لقاء للاتحاديين العاملين في الحقل الجمعوي بمقر الحزب بالرباط يوم الأحد 24 يونيو 2012. وقد حضر هذا اللقاء العديد من الجمعويين من مختلف المدن يمثلون العديد من الجمعيات الوطنية والمحلية. في كلمته الافتتاحية بإسم لجنة العمل النقابي والجمعوي قال الأخ الطيب منشد: «إن الحزب منذ التأسيس اهتم بالواجهة الجمعوية كما اهتم بالواجهة النقابية والواجهة السياسية واعتبر العمل الجمعوي لايقل أهمية عن الواجهتين السالفتين. فالعديد من الجمعيات أنشأت بتوجيه حزبي، والعديد من الجمعيات أطرها اتحاديون كما اشتغلوا في العديد من الجمعيات كفاعلين جمعويين، معتبرا أنها ركن من أركان العمل الحزبي للاتحاديين. وكان من نتائج اشتغال الحزب بفعالية في الواجهة الجمعوية تجديد دماء الحزب وتزويده بكفاءات متمرسة على خدمة المواطنين؛ وبذلك فإن العديد من الكفاءات الحزبية في العمل الجمعوي خلال 60/70/80 تركت بصمة واضحة في مسار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. استطاع الحزب من خلال جمعيات المجتمع المدني أن يخاطب فئات متعددة وينفتح عليها وأن يوصل توجهاته واختياراته وشعاراته للعديد من فئات المجتمع المغربي. وكما تعرض العمل السياسي من قبل الدولة للتمييع بخلق أحزاب وهمية الهدف منها مواجهة المد الاتحادي ومحاربة الممارسة الحزبية الهادفة والملتزمة، هذه الإطارات التي سميناها أيام العز الاتحادي بالأحزاب الإدارية كذلك عمدت الدولة إلى تفريخ نقابات صورية للتضييق والحد من المد النقابي الملتزم، كذلك فعلت في المواجهة الجمعوية، حيث رعت خلق جمعيات ما سميناها في وقته بجمعيات السهول والجبال والأنهار بهدف تمييع العمل الجمعوي والحد من فعاليته من جهة. ومن جهة ثانية، بهدف تجنيد مواطنين، مستغلة في ذلك عوامل الفقر والأمية وبهدف استعمالهم لكل غاية مقصودة، كإرسال البرقيات في المناسبات والتظاهر عند الحاجة والاستعمال خلال الاستحقاقات الانتخابية. كما فشلت التجربة سياسيا ونقابيا، فإنها لم تصمد في الواجهة الجمعوية كذلك، فكان البقاء للأصلح. وقد نالت الواجهة الجمعوية نصيبها من القمع والتضييق والمصادرة، فالعديد من الفعاليات الجمعوية الملتزمة تعرضت لكل أشكال القمع والاضطهاد اختطافا واعتقالا وتلفيق محاكمات صورية بمرجعية ظهير 1935 الشهير. لقد عمل الاتحاد على تأطير الإطارات الجمعوية التي أسسها مناضلوه وعملوا إذ كان العمل مؤطرا على كل المستويات إقليميا ووطنيا علما أن هذه الجمعيات في مطلع استقلال المغرب وما تلاها كانت جمعيات ثقافية وتربوية ورياضية لا تتوفر على الإمكانيات المادية معتمدة بالأساس على التضامن والتآزر والتطوع والتضحية. لقد لعبت التحولات التي عرفها العالم وعرفها المحيط الجمعوي والوطني، وكانت لها انعكاسات أهمها الاهتمام بالمجتمع المدني، واهتمام الاتحاد الأوربي خصوصا برعاية تطلعات واهتمامات المجتمع المدني بدول العالم الثالث ودعمها ماديا وأدبيا، كان لكل ذلك تأثير وانعكاس على الوضع بالمغرب، حيث عرفت هذه الفترة وما بعدها تناسل العديد من جمعيات المجتمع المدني بالمدن الكبرى والمتوسطة وبالوسط القروي بأهداف مختلفة تنموية وبيئية ونسائية وحقوقية إلخ... وإذا كان هذا التطور ناجما عن العوامل السابق تحديدها، فإن الدولة حاولت أن تجعل من هذا المد الجمعوي والتأثير الذي أصبح للمجتمع المدني حاولت أن تجعل منه منافسا للعمل السياسي. وبالقدر الذي توسع العمل الجمعوي، توسعت شبكة الاتحاديات والاتحاديين العاملين في هذا المجال مع الإشارة إلى أن هذا الانخراط الواسع يتم في غالب الأحيان بمبادرات فردية أو جماعية في غياب أي توجيه أو تأطير حزبي. وبذلك يمكن القول إن آلاف الاتحاديين يشتغلون مع غيرهم لتقديم خدمات القرب للمواطنين والمساعدة في حل مشاكلهم على اختلاف تنوعها في غياب التأطير والدعم الحزبيين، ولو أن الخلفية الحزبية حاضرة بقوة عند المناضلين والمناضلات في هذه الواجهة. هذا الوضع الجديد هو أحد عوامل التفكير في عقد هذا اللقاء للجمعويين والجمعويات الاتحاديين، الذي دام التحضير له ما يزيد على سنة ونصف. عقدت اللجنة التحضيرية حوالي 25 اجتماعا وصولا لهذا اللقاء الوطني الموسع. وبعقدنا لهذا اللقاء لاندعي أننا نظمنا هذه الواجهة، بل هي بداية صغيرة على طريق درب طويل يتطلب جهدا وإمكانيات ونفس لتنظيم هذه الواجهة المهمة التي نراهن على أن تلعب الأدوار المنوطة بها في هذه المرحلة المهمة من تاريخ بلادنا وفي مسار حزبنا. وخلال الاجتماع الذي استغرقت أشغاله من العاشرة صباحا إلى السابعة مساء، والذي حضره أكثر من 165 من الإخوة والأخوات الجمعويين، قدم مشروع أرضية اللجنة التحضيرية الذي تمت مناقشته نقاشا أوليا، وسيتابع النقاش فيه إقليميا وجهويا، وانتقل الجمع لتشكيل المجلس الوطني الذي يتكون من: - 4 أعضاء عن كل جهة مع الاحتفاظ للجهات الثلاث التي تغيبت أو حضرت جزئيا بمقاعدها في المجلس الوطني. بالإضافة لأعضاء وعضوات اللجنة التحضيرية وعضوا واحدا عن كل جمعية وطنية حضرت الاجتماع. وتم الاتفاق على تشكيل سكرتارية مكونة من واحد عن كل جهة من بين ممثلي الجهات الأربع وممثل عن كل جمعية وطنية حضرت الاجتماع على أن تستدعي السكرتارية قريبا لاستكمال الهيكلة. ومن بين الأهداف أن تعمل هذه السكرتارية والمجلس الوطني بتنسيق مع لجنة العمل النقابي والجمعوي والمنظمات المهنية والقطاعات الحزبية تحت إشراف المكتب السياسي بعد إتمام إحصاء كل الجمعويين الاتحاديين والاتحاديات في أفق لقاء وطني أو جامعة للخروج بميثاق جمعوي يحكم وينظم عمل الاتحاديات والاتحاديين في هذه الواجهة. وفي كلمته بإسم المكتب السياسي للحزب قال الأخ الحبيب المالكي إن العمل الجمعوي منبثق عن المدرسة الاتحادية التي ساهمت في تخرج العديد من الأطر الجمعوية الكفأة لكون الاتحاديين كانوا يعملون في الواجهتين وفق أهداف واحدة. واليوم، نجد أنفسنا قد تخلينا عن هذه المدرسة. وليس عيبا أن نقدم نقدا ذاتيا في الموضوع، لأن النقد الذاتي نقطة تحول في أسلوبنا وتفكيرنا. إن بعض أسباب ما نعيشه في حزبنا يرجع إلى التفكك الذي يعاني منه النسيج العلائقي بين الاتحاديين لأسباب موضوعية وذاتية. إن اهتمامنا بالعمل الجمعوي اليوم هو نوع من اهتمامنا المتجدد بقضايا المجتمع وما يعرفه من تحولات وعلينا أن نجعل من هذا اللقاء لقاء ناجحا يساعدنا على هيكلة هذا القطاع لنجعل منه في المستقبل أحد الأدوات المهيكلة للعمل الحزبي. إننا لم نجعل من التحولات التي عرفها المجتمع مجالا لنقاش فكري مساعد على بلورة تصور يمكننا من تجدر حزبنا في المجتمع. سنقوم داخل الاتحاد الاشتراكي بالعمل من أجل أن نجعل من هذه الواجهة بعدا استراتيجيا. لقد كان العمل الجمعوي يشكل لنا مدرسة للتكوين واستنبات أطر جديدة، وهو فضاء للتدريب على تدبير الاختلاف وهو قادر على المساهمة في صياغة الأجوبة للقضايا المجتمعية المطروحة. لقد ساهم العمل الجمعوي في مجالات اجتماعية متنوعة وأصبح فاعلا جديدا ومؤثرا قويا، فلا نبالغ إذا قلنا إنكم تساهمون في بناء مجتمع جديد انطلاقا من القيم التي تحملونها كمناضلين وهي قيم التضامن والتضحية والتطوع والتآزر. لقد أصبح المجتمع المدني سلطة معنوية ومدنية وهو شريك للدولة وقوة اقتراحية، كما أن للعمل الجمعوي دور بارز في تحديث الدولة والمجتمع. إن لخصومنا السياسيين مقاربتهم للقيم، يلخصونها في ما هو أخلاقي دون التفكير في بناء المجتمع الحديث؛ وبذلك نلاحظ أن هناك نوعا من الوصاية على المجتمع. لقد ساهم الدستور الجديد بالعمل الجمعوي ووضع له مؤسسة استشارية، مما سيساهم في الرفع من إمكانيات التدخل للفاعلين الجمعويين، لكن تقوية العمل الجمعوي وترسيخ ثقافته لا علاقة لهما بالدستور الجديد، بل هما ضرورة ضمن متطلبات المجتمع الحديث. إننا نسعى إلى عمل جمعوي من أجل تحقيق جزء من الأهداف العامة التي نعمل من أجلها؛ وبالتالي فإننا نعتبر أن العمل الجمعوي هو مكمل لعملنا السياسي ومساعد لنا على تعميق الطابع الجماهيري. هناك مجال آخر للعمل الجمعوي مرتبط بثقافتنا واستراتيجيتنا وهو البناء الديمقراطي الذي ناضل الحزب من أجله منذ التأسيس، كما ساهم العمل الجمعوي في نشر ثقافته وبسط آلياته في المجتمع. فالعمل الجمعوي النبيل هو الذي يجعل المواطن متحررا وغير قابل للوصاية وأن يصبح كل مغربي ومغربية شاعرا بحقوقه وواجباته مستقلا عن كل المجموعات والأطراف. بالأمس، انطلقت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، الجميع كان يشعر بثقل المسؤولية وخطورة المرحلة خصوصا وأننا اخترنا الرجوع للمعارضة. بالتأكيد سيكون هذا المؤتمر فاصلا بين مرحلتين وسيكون مؤتمرا الأمل. الاتحاد الاشتراكي ليس بحزب ظرفي ولايجب أن نجعل من المقاعد مؤشرا للإحباط. لكن الثبات على المبادئ وهوية الاتحاد هي الأساس ومن خرج عليها خاسر بالتأكيد. المرحلة المقبلة هي مرحلة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فنحن كيان حي، لا بد من تدبير المشاكل بروح وفلسفة العمل الجمعوي الذي يعتمد الإنصات، فلنجعل من حزبنا له باب واحد وعدة نوافد نطل بها على كل الفضاءات، والاتحاد الاشتراكي حزب تاريخي بالمفهوم الاشتراكي مهامنا في الحزب ليست فقط الانتخابات، بل لنا مهام جسيمة وعلينا أن نستخرج منها ماهو واجب القيام به، وقبل ذلك لابد من تصحيح ذواتنا.