احتضنت حديقة رايموند السادس بمدينة الجنوب الفرنسي فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الثقافي المغربي، وقد اختار منظمو هذه التظاهرة «التراث الصحراوي بين الفنون والتقاليد» كعنوان بارز من أجل الاحتفاء بالتراث الصحراوي على الخصوص وإبراز غنى مخزونه، بالموازاة مع دعم الانفتاح على كل مكونات التراث المغربي الأصيل. وقبل إبراز بعض من ملامح هذه الاحتفالية، التي سعت على مدى ثلاثة أيام أن تحول المدينة الوردية إلى «ملتقى ثقافي استثنائي وأصيل» لابد من التذكير أن هذه الفعاليات اتخذت من مجازر المدينة، وهي إحدى أهم المعالم طبعت تاريخ تولوز، التي تحولت إلى دار للفنون الجميلة جارا لها للتعبير الفني والثقافي أخفقت الدارالبيضاء في تقفي خطاها بعد أن تعطل تحويل مجازرها إلى ملتقى فني دائم. إن أبرز مكون من مكونات هذا المهرجان، بالموازاة مع طابعه الاحتفالي الذي تحول فضاء فعالياته بالدرجة الأولى إلى «لحظة ممتعة لتقاسم الصداقة سافر خلالها الجمهور على مدى ثلاثة أيام في رحلة إلى عمق حضارة غنية ومنفتحة على العالم»، كما عبر عن ذلك القنصل العام للمغرب بتولوز عبد الله بيضوض، كونه اعتمد على نسيج جمعوي يضم أكثر من 40 جمعية. فقد انتظم هذا النسيج في اطار «واحة الجمعيات»، وهي فضاء مخصص للنسيج الجمعوي النشيط في الميادين الثقافية والتعليمية والإنسانية والبيئية والتنمية المستدامة ودعم الأشخاص في وضعية هشاشة، فكان واحدا من تجليات الديبلوماسية الجمعوية حيث شكلت الواحة «فضاء للتعبير عن التضامن والصداقة بين الشعبين الفرنسي والمغربي»، وابراز الاهتمام بالمغرب بكل مكوناته فكانت واحدا من أهم نجاحات هذه التظاهرة. كانت الصحراء المغربية حاضرة في حديقة رايموند السادس، إذ فرضت نفسها موضوعا من خلال نقل كل مكوناتها المتجانسة إلى الجمهور الفرنسي، الفنية والثقافية وتنوع تعابيرها، وجعلت من خيمتين واحدة أبرزت التراث الفني الغنائي للمنطقة بضيوف من عمق الصحراء صدحت معهم في أرجاء تولوز أغنية «العيون عينية» ورددها الجمهور، وأخرى ضمت أبرز مخزون المنطقة بمجوهراته ولباس رجاله ونسائه وفن العيش وتاريخه الغني، فترسخت الصورة الايجابية وبدأت الصور النمطية تنمحي لدى الزائر وتمت الاجابة عن أكثر من سؤال عبر لقاءات لعب فيها الإعلام المحلي دوره، ثم عبر لقاءات اتخذت من قضايا التنمية والتطور الذي حققه المغرب هنا وهناك عبر شراكات متميزة ندوات لها في المهرجان، كما سجلت في نقطة إضافي في تفعيل الحضور الديبلوماسي دفاعا عن وحدتنا الترابية. غير أن أبهى تجليات هذا الاحتفاء كون هذه التظاهرة، التي نظمت بتنسيق مع القنصلية العامة للمغرب في تولوز وبشراكة مع مجلس المدينة والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج ووكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، استطاعت أن تبرز مؤهلات المغرب وجهوده واستطاعت، أيضا، أن تتوجه للسواد الأعظم من المواطنين الفرنسيين من خلال لقاء مباشر تفعيلا لديبلوماسية شعبية وأخرى فنية وإعلامية لعبت دورها الأساسي في تقريب المواطن الفرنسي من ما سجلته مناطقنا الصحراوية من تقدم في كل الواجهات. هذا، وتتوزع فعاليات هذه الدورة بين تنظيم ورشات للكتب والمخطوطات ومجوهرات الصحراء، وتقديم كتب حول الصحراء، وأيضا حكايات وقصص للأطفال تقدمها الكاتبة والحكواتية المغربية المقيمة في فرنسا حليمة حمدان، وبالاضافة الى تنظيم عروض للصناعة التقليدية والتعريف بتقاليد الطهي وكذا تقديم عروض الموسيقى تشارك فيها عدد المجموعات الموسيقية من المغرب وفرنسا، ثم تنظيم ورشات الزخرفة وللفنون الجميلة تنشطها فعاليات جمعوية من قادمة من عدد من المدن الجنوبية المغربية وأخرى من مدينة تولوز. وللاشارة فقد حصل المهرجان الثقافي المغربي لتولوز مؤخرا، الذي استقطب العام الماضي على مدى ثلاثة أيام حوالي 70 ألف زائر من تولوز ومنطقتها، على الجائزة الأولى في فئة مهرجانات تولوز و المنطقة.