قدم الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقريرا مفصلا عن الانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر 2010 إلى شهر مارس 2012، بكل من عمالة فاس وعمالة مولاي يعقوب، خلال الندوة الصحفية، التي نظمها فرع فاس مساء يوم الخميس الماضي بمقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بفاس تخليدا للذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس الجمعية. تقرير سنوي اعتبره عبد المجيد لطفي نائب رئيس فرع فاس، إحدى الآليات لتتبع مدى تطور الوضع الحقوقي بالمغرب، ومدى إعمال الدولة المغربية لالتزاماتها والوعود التي قدمتها أمام المنتظم الدولي وللمساهمة أيضا في الدفع بالوضعية الحقوقية إلى التطور والتقدم، حيث تطرق في عرضه إلى مختلف القضايا والأحداث التي تابعها الفرع وسجل من خلالها عددا من الانتهاكات التي طالت على حد سواء الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والثقافية، كما هو عليه الأمر بالنسبة لحقوق المرأة وحقوق الطفل، ثم وقف في الجزء الثاني من التقرير عند بعض الخلاصات والاستنتاجات، قبل أن يستعرض بعض التوصيات. وخلص التقرير، الذي تطرق إلى الفترة التي اتسمت بالهجوم على الحريات والقمع العنيف للحق في التجمع والتظاهر السلميين، إلى مجموعة من الخلاصات همت قمع العديد من الأشكال الاحتجاجية السلمية، منذ انطلاق حركة 20 فبراير، والتنكيل بنشطاء الحركة والداعمين لها على يد القوات العمومية التي أفرطت في استخدام القوة، وانتهاك الحق في التجمع والتظاهر السلمي الذي تكفله المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إلى جانب اعتداء القوات العمومية على العديد من المواطنات والمواطنين جسديا وإهانتهم والمس بكرامتهم رغم عدم مشاركتهم في الأشكال الاحتجاجية السلمية، ذنبهم أنهم عبروا بشكل من الأشكال عن امتعاضهم من الطريقة والقسوة التي تعاملت بها القوات العمومية مع المحتجين والمحتجات، والامتناع عن تقديم المساعدة لمن تعرضوا من بينهم للضرب المبرح على يد عناصر القوات العمومية، حيث يشير التقرير إلى أنه في بعض الحالات تم رمي المصابين منهم في الخلاء وتأليب المتحلقين حولهم. كما تطرق التقرير إلى التمييز بين المواطنين من طرف السلطات المحلية بسبب آرائهم، وقمع الأصوات التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية والتضييق عليها وحرمانها من التعبير عن رأيها بحرية، ووقف على الاستمرار في التضييق على القوى المعارضة لسياسة الدولة، وعلى الصحفيين أثناء مزاولة مهامهم، معلقا على فشل المقاربة الأمنية للحد من الجريمة والانفلات الأمني الذي تعرفه مدينة فاس في غياب مقاربة اقتصادية واجتماعية وتربوية وتنموية ومحاربة جميع مظاهر الفساد الإداري والمالي. وبخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية، سجل التقرير استمرار انتهاك مقتضيات مدونة الشغل على علتها لعدم قيام السلطات المختصة بواجبها المتجسد في فرض احترام القانون، وانتهاجها سياسة اللاعقاب في حق المشغلين المخالفين لمدونة الشغل، وتسترها على المستفيدين من اقتصاد الريع، واستمرار التضييق وقمع الحق في الانتماء النقابي، دون أن يغفل مشكل الدور الآيلة للسقوط الذي أصبح يهدد أمن واستقرار العديد من الأسر وانتهاك الحق في السكن اللائق، واستمرار انتهاك الحق في التعليم الذي رغم الأموال التي صرفت من أجله فإن أثرها شبه منعدم، كما هو حال النقل الحضري نتيجة سوء التدبير والتسيير والحق في الصحة، الذي هو راجع إلى تدني خدمات المستشفيات العمومية والتراجع عن مجانية العلاج وعدم استفادة جميع الفئات المعوزة من التغطية الصحية. في مجال حقوق المرأة، سجل الفرع كذلك من خلال القضايا التي تابعها الفرع خلال الفترة المذكورة، والتي اعتبرها مؤشرا على حجم الانتهاكات التي تطال حقوق المرأة في جميع المجالات، استمرار مختلف مظاهرالعنف والتحرش بالنساء، واستمرار معها جميع مظاهر التمييز ضد النساء المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبالخصوص بقطاع الخياطة والتصبير، الذي لا يحترم الحد الأدنى للأجور، عدد ساعات العمل وعطلة الأمومة، كما سجل الفرع في هذا الباب تردي الخدمات العمومية، خاصة في مجال الصحة الإنجابية وما لها من تأثير على صحة النساء وأطفالهن، إلى جانب تهديد الحق في الحياة والسلامة البدنية للعديد من النساء القاطنات بالدور الآيلة للسقوط بمجموعة من المناطق بمدينة فاس، وكذلك القاطنات بدور الصفيح. ومن بين الحالات التي تابعها الفرع بخصوص حقوق الطفل، حالات تتعلق بالاغتصاب وهي معروضة على القضاء، كما سجل خلال هذه الفترة رفض مجموعة من الآباء تسجيل أبنائهم في سجل الحالة المدنية، والصعوبات التي تعترض الأمهات في تسجيل أبنائهن في سجل الحالة المدنية، وانعكاس ذلك على نفسية الطفل، ويسجل أيضا استغلال الأطفال من طرف أحد الأبوين أو كلاهما معا، خلال مرحلة النزاع بينهما أو أثناء مرحلة سريان مسطرة الطلاق، يكون من بين نتائجه حرمان الأطفال من حقهم في التعليم. موضوع الاعتداءات الجسدية التي تطال مجموعة من التلاميذ والتلميذات وسلب ممتلكاتهم بمحيط المؤسسات التعليمية، بسبب انعدام الأمن، كانت ضمن التقرير الحقوقي الذي يرصد الانتهاكات خلال أكتوبر 2010 وشهر مارس 2012، حيث تناول نموذج الاعتداء الجسدي الذي تعرض له رحو بنطالب حارس عام بالثانوية التأهيلية ابن هانئ بمنطقة المرينيين يوم 19 ابريل 2011، على يد أحد الأشخاص الذي منعه الضحية من ولوج المؤسسة، فحسب بيان موقع من طرف الأطر الإدارية والتربوية العاملة بالمؤسسة، فإن المعتدي يستغل منزل بجوار المؤسسة كوكر لترويج المخدرات والاستغلال الجنسي للتلميذات. ومن بين أهم توصيات التي رفعها الفرع، فتح تحقيق حول القمع الذي تعرضت له العديد من الأشكال الاحتجاجية السلمية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي نتجت عنه، وتحديد المسؤوليات مع إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب في حق كل من ثبتت مسؤوليته في التجاوزات والانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان. وكشف الحقيقة كاملة بشأن الأحداث المؤلمة التي عرفتها مدينة فاس أيام 20، 21 و22 فبراير 2011، وتحديد المسؤوليات بشأنها وتنوير الرأي العام حول الجهة التي كانت تقف وراءها، والتي سخرت عناصر مشبوهة (البلطجية) للاعتداء على شباب وشابات حركة 20 فبراير والداعمين لها، ووضع حد لمثل هذه الممارسات، مع احترام وحماية الحق في التجمع والتظاهر السلميين، ورفع جميع العراقيل أمام حرية تأسيس الجمعيات، وذلك باحترام مقتضيات قانون الحريات العامة، مع وضع حد لجميع أشكال التمييز بين الجمعيات، واعتماد معايير شفافة في عملية توزيع المنح بعيدا عن الولاء الحزبي أو أي شيء آخر، ثم أوصى الحقوقيون كذلك بجعل حد لجميع أشكال التمييز بسبب الرأي، وحماية حق الجميع في التعبير عن رأيه، واتخاذ التدابير الكفيلة للحد من الجريمة وحماية أمن وممتلكات المواطنين والمواطنات. وضع حد لجميع أشكال العنف بالجامعة ورفع الحصار عنها واتخاذ التدابير الكفيلة لتسترجع دورها التنويري بعيدا عن العنف والتعصب الفكري والعقائدي، ووضع حد لجميع أشكال القمع والمضايقات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، واحترام الإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى سن سياسة تنموية مندمجة للقضاء على جميع أشكال التهميش بالمنطقة، ومساءلة كل المتورطين في الفساد الإداري والمالي، وضع حد لاقتصاد الريع، وتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب في حق كل المفسدين المباشرين و غير المباشرين والمتسترين عليه، إلى جانب الإسراع في وتيرة القضاء على دور الصفيح مع مراعاة وضعية الأسر الفقيرة والمعوزة، وسن إجراءات كفيلة لمحاربة ظاهرة «Noir» والمضاربات العقارية، وحل مشكل التعليم الذي يعاني من الاكتظاظ والخصاص في الأطر التربوية والإدارية وضعف مردوديته وجودته.