لايزال هول الصدمة يرخي بظلاله على ساكنة دوار المرامدة بجماعة مجاط التابعة لإقليم شيشاوة و التي تبعد عن مراكش بحوالي 80 كلم. ففي مساء السبت 16يونيو عم الذعر مختلف أرجاء الساكنة بعد أن علموا بالكارثة، حيث قتلت امرأة حامل في شهرها التاسع و أصيب أزيد من 7 أشخاص من عائلة واحدة ثم تلتها صدمة أخرى عندما علم عن وفاة مرتكب الجريمة بعيد فعلته تلك. «الاتحاد الاشتراكي»، والتي واكبت الحدث منذ إعلانه تمكنت من الحصول على معطيات و حيثيات تهم ظروف العائلة و ملابسات الحادث المأساوي و الذي شكل جرحا عميقا في عائلة « الكمري» الكبيرة و الصغيرة. العربي.ك هو شاب عمره 37 سنة الكل يجمع على سلوكه غير الطبيعي الا أنه يلاحظ عليه ميوله للعزلة باعتبارها الملجأ الوحيد له للتخلص من مشاكله النفسية و التي تفاقمت مؤخرا. يقطن وحيدا بغرفة بجانب منزل أسرته و لا يشترك معهم الا نادرا ، يقدم له المأكل و المشرب و منزوي دوما في ملجئه. أشياء غريبة توجد في غرفته و بعض الكتب القديمة اضافة الى كتابات غير مفهومة تتجسد في الدفاع عن الأرض حتى الموت وتحييده للموت في مسقط رأسه....و هو ما يؤشر على فرضية مرضه النفسي. الخلافات المتكررة مع أهله و جل أفراد عائلته جعلته يقدم على الانتقام منهم جميعا و محاولة تصفيتهم إثر دخولهم لحمام عائلي بالمنطقة، فكيف تمت العملية؟ مساء يوم السبت حوالي الساعة الخامسة والنصف و فيما كانت جل نساء العائلة داخل حمام شعبي صغير بالدوار و الذي عادة ما تتوافد عليه العائلات ، حيث يخصص كل يوم لعائلة واحدة ، هذا الحمام بسيط و تقليدي حيث يبلغ طوله حوالي المترين و عرضه أقل من متر، كان مسرحا للفاجعة حين أقدم العربي على إشعال النار في عجلة مطاطية مستعملة بواسطة قطرات من البنزين و بمساعدة 14 ولاعة لتتحكم النار جيدا في الإطار المطاطي و هم برميها داخل الحمام حيث توجد أمه و أخته و زوجتا شقيقيه بمعية ولديهما و جارة قريبة للعائلة. فبعيد رميه للإطار المطاطي أصيب هو كذلك بحروق في حين هم هاربا و محكما إغلاق الباب من الخارج حتى لا تتمكن النسوة من الخروج. و اعتبارا لضيق مساحة الحمام و عدم توفره على متنفس لتصريف الهواء تجمعت الأدخنة و الغازات السامة المنبعثة من الإطار المشتعل لتصاب النسوة بداخل الحمام باختناق حاد و كانت الكارثة. شقيقة الجاني توفيت على الفور حيث كانت حاملا و في شهرها التاسع تاركة طفلتين وزوجها (مصطفى.ب) و الذي انهار لهول الصدمة. الأم زهرة ( 62 سنة ) أصيبت باختناق حاد و حروق بليغة من الدرجة الثانية في وجهها و مفاصلها و الشقيقتان كذلك إضافة إلى طفل في ربيعه الأول أصيب باختناق و غيبوبة و سيدة قريبة منهم تمكنت من مغادرة المستشفى باستثناء الأم و التي تعدت الحروق ثلث جسدها. أخ الجاني تدخل حينها و في الوقت المناسب فور علمه بالخبر لإنقاذ الضحايا و محاولة إخراجهن من داخل الحمام حيث أصيب هو الآخر بجروح متفاوتة ، فلولا تدخله لكانت الكارثة أفدح. مأساة حقيقية سببها نزاع عقاري على تقسيم المنزل العائلي و عقار آخر إضافة إلى نفسية الجاني و التي شكلت دوما مبعث قلق و خصام مع جل أفراد العائلة. هذه الأخيرة و التي أصيبت بصدمة كبرى نتيجة سلوك غير إنساني و من أحد أفرادها. الجاني هو الأخر وجد ميتا بالقرب من إحدى المؤسسات التعليمية حيث اكتشف ملقى على الأرض مما طرح التساؤل عن سبب مقتله ليتم نقله لمستودع الأموات بمراكش لتشريحه بغية التعرف على ظروف وفاته. الأجهزة الأمنية فتحت تحقيقا حول الحادث لضبط ملابساته و أسبابه فيما الذعر لا يزال مخيما على ساكنة دوار المرامدة تكماظت بجماعة مجاط بإقليم شيشاوة. السؤال سيطرح من جديد حول تنامي الجرائم في المجتمع المغربي و هي تختلف باختلاف طرقها و الوسائل المعتمدة في ذلك و فضاءاتها، و هو ما يستدعي التدخل من الجميع لمراقبة الظاهرة بكل أسبابها و العمل على معالجتها عبر مشاريع وبرامج علمية حقيقية تساهم في الحد منها و تقلل من المعاناة المتتالية و المفاجئة أحيانا.