كشفت مصادر عليمة ل «الاتحاد الاشتراكي» عن معاناة قسم التوليد، وما يتخبط فيه من مشاكل شتى قد تجعل المرأة الحامل «تدخل إليه سليمة وتخرج منه وهي محمولة على نعش»، ومن ذلك أساسا ما يتعلق بأزمة الأطباء بقدر ما ارتفعت وتيرة الجدل على خلفية وفاة مفتشة الشرطة بخنيفرة، نجمة إدراسن (41 سنة)، أثناء الوضع، اتسع اهتمام الرأي العام بحالة مواطنة من «حي أحطاب»، رابحة العزوي (31 سنة)، وكان لابد من مواجهة مسؤولين بالمستشفى الإقليمي بقضية هذه المواطنة التي لقيت حتفها بقسم أمراض النساء والتوليد، حيث اعترفت مصادرنا ب»الخطأ» الذي أودى بحياة هذه المواطنة، وبأن الطبيب الرئيسي بالقسم أجرى ذلك اليوم خمس عمليات جراحية متتابعة، بينها المعنية بالأمر التي أجريت لها، حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء، عملية قيصرية ناجحة انتهت بإنجابها لأنثى، فتم نقلها إلى سريرها، غير أنها شعرت بآلام موجعة في أحشائها، وظلت تصرخ خلف إهمال المداومات لنصائح الطبيب الذي أمر بوضع هذه المواطنة تحت المراقبة بشكل منتظم، وقياس ضغطها بالآلة الخاصة، ما حمل والدتها التي كانت برفقتها إلى طلب الإغاثة إلى حين اضطرت إلى تكسير زجاج أحد الأبواب لإسماع صوتها دون جدوى، وقيل إن المداومات كن لحظتها يتابعن حلقة جديدة من مسلسل تركي، على حد تصريح لوالد الضحية، كما لم تتم المناداة على الطبيب إلا في وقت أشرف على الفجر، حيث انتقل على وجه السرعة لمعاينة حالة المواطنة قبل دقائق معدودة من رحيلها إلى دار البقاء. حالة هذه المواطنة وغيرها، زادت من حجم دائرة الضوء المسلطة على قسم أمراض النساء والتوليد بالمستشفى الإقليميبخنيفرة، ومنذ نشر قضية مفتشة الشرطة لم تتوقف الفاكسات وأسلاك الهاتف والاجتماعات، فضلا عن بعض الاجتهادات للرد على استفسار الوزارة الوصية ولو بأي «توضيح» يمكنه سل شعرة المسؤولية من عجين النازلة، وفي هذا الإطار خرجت مصادر عليمة عن صمتها، وكشفت ل»الاتحاد الاشتراكي» عن معاناة قسم التوليد، وما يتخبط فيه من مشاكل شتى قد تجعل المرأة الحامل «تدخل إليه سليمة وتخرج منه وهي محمولة على نعش»، ومن ذلك أساسا ما يتعلق بأزمة الأطباء، «إذ لا يعقل أن يواجه طبيب أو طبيبان المئات من الحالات الواردة عليه من كل مناطق الإقليم المعروف بشساعته ونموه الديمغرافي المتسارع»، وب»معدل عمليتين إلى ثلاث عمليات قيصرية» في اليوم الواحد. كما أشارت مصادرنا لما وصفته ب»العدد غير الكافي للمولدات القابلات»، بالقول إن من يوجد منهن يجدن أنفسهن عاجزات عن التغلب على عدد الحالات الواردة على القسم بالأحرى الحالات المستعجلة، ما يضع المواطنات والحوامل «رهينات لساعات طويلة تحت ألوان المعاناة والإهانة في حالات كثيرة، بسبب الضغط النفسي للمولدات والممرضات»، على حد تبرير مصادرنا، وكم كانت مفاجأة المتتبعين كبيرة لما خرج وزير الصحة، الحسين الوردي، على الرأي العام بما يفيد أن المغرب يتوفر فقط على 242 طبيبا مختصا في أمراض النساء والتوليد في المستشفيات العمومية. وصلة بالموضوع، أفاد مصدر معين، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن العاملين بقسم التوليد «يشتغلون في غالب الأحيان في شروط صعبة جدا لا تقل عما يتعلق بواقع الإمكانات والظروف التي لا تسمح بتأدية الخدمات على أحسن وجه»، ومن ذلك ما يتعلق بقاعة العمليات الجراحية التي لا يتوفر منها المستشفى الإقليمي إلا على واحدة/ وحيدة يتناوب عليها جميع أطباء الاختصاص، ما يسفر عن انتظارات ومواعيد قد تنتهي بمضاعفات ووفيات، وقد يصل الحال إلى درجة حدوث صراعات حول الحق والدور في استغلال القاعة، ما يهدد بتعريض المرضى لخطر الأخطاء الطبية، أضف إليها مشكل عدم توفر قاعة العمليات إلا على فريق واحد لكل الأطباء المستعملين للقاعة التي تستقبل في أحيان كثيرة أزيد من 12 عملية جراحية في اليوم والليلة الواحدة، وأسوأ لحظة هي التي تصل فيها الحالات المستعجلة فتصطدم بأن هذه القاعة غير شاغرة، أما الحديث عن طبيب الإنعاش فحدث ولا حرج، إذ كيف يمكن لمستشفى إقليمي مواجهة المئات من الحالات بطبيب واحد للإنعاش، وبنظام الاستفادة من أيام خاصة للراحة، ومن حق هذا الطبيب التشكي مما يلاقيه من معاناة نفسية وظرفية. ولم يفت مصادرنا القول إن الطبيب بقسم أمراض النساء والتوليد يعمل «أناء الليل وأطراف النهار» بعلم من مختلف الجهات المسؤولة إقليميا ومركزيا دون القيام بإضافة أطباء آخرين لقسم التوليد، علما بأن وزارة الصحة سبق أن وضعت مخططا، للفترة الممتدة ما بين عام 2008 و2012، في سبيل تحسين شروط الولادة وتخفيض نسبة وفيات الأمهات والمواليد، والمؤكد أن الكثيرين سيصابون بالخيبة والأسف عندما يعلمون أن قسم التوليد بخنيفرة ظل يطالب بأجهزة ضرورية وبسيطة، ولا أقلها مثلا آلة لقياس الضغط، هذه التي أُرسل في «تسليفها» أكثر من مرة من قسم المستعجلات عبر مواقف غير مقبولة، علما بأن قسم المستعجلات يعاني من ضغط شديد رغم جهود العاملين به والمندوبية والإدارة. وإلى جانب مواطنة حي أحطاب، حاولت مصادرنا تبرير ما جرى لمفتشة الشرطة، نجمة إدراسن، بالقول إنها أنجبت في ظروف طبيعية، و»لم يتهاون الطاقم الطبي عن القيام بما يلزم من الجهود لإنقاذ حياتها دون جدوى»، حسب مصادر المستشفى، بدعوى أن حالتها «تعتبر من الحالات النادرة»، إذ لم يمهلها القدر أدنى فرصة لمعانقة وليدها الثالث، مخلفة وراءها ثلاث طفلات، و13 سنة من العمل في سلك الأمن، حيث أصيبت بنزيف حاد انتهى باستئصال رحمها بقسم التوليد، قبل استدعاء نقلها على متن مروحية دركية إلى المستشفى الجامعي بفاس، حيث فارقت الحياة، وتشير مصادر «الاتحاد الاشتراكي» إلى احتمال تقدم زوج الشرطية بشكاية مستعجلة ضد وزير الصحة. ومن جهة أخرى نفت مصادر طبية أي علم لها بمواطنة، رقية أمادي (36 سنة)، كانت قد لقيت حتفها أمام باب المركز الصحي لكهف النسور، إقليمخنيفرة، ليلة الأحد 20 ماي الماضي، حيث نقلها أهلها في حالة جد حرجة لهذا المركز الصحي لكنهم فوجئوا به مغلقا، ولم يبادر أي أحد من الطاقم الطبي أو حتى ممرض المداومة، لمعاينة الحالة، رغم الإشعار بها، وربما تحركت السلطة المحلية قبل أصحاب المركز، حيث ظلت المواطنة مهملة تتضور ألما قبل وضعها لوليدها وفارقت الحياة، مخلفة أربعة أبناء، ما كان بديهيا أن يثير استياء عميقا لدى ساكنة وفعاليات المنطقة.