«قفز» طبيب بيطري من مصالح جماعة الدارالبيضاء، دونا عن الجميع، ليشرح لنا، إثر تسرب غازالأمونياك بقاعة تبريد اللحوم بالمجازرالبلدية ، بأن هذا الغاز لا يؤثر على صحة الإنسان «كما تعتقدون، لأنه فقط يغير مذاق اللحم لا أقل ولا أكثر»! وكان «فرحان» وهو يشرح للمواطن البيضاوي عبر المذياع والمواقع الإلكترونية، بأن الأمونياك لا ضرر فيه سوى مسألة المذاق. دراسة علمية للمعهدالوطني الفرنسي للأبحاث والسلامة (INRS)، توضح لنا ، من خلال دكاترة مختصين، بأن مادة الأمونياك، تتسبب في الإصابة بالسرطان، وقد تحدث ثقبا ونزيفا في المعدة وتؤثر على الحنجرة (الدراسة متوفرة وهي طويلة الشرح بالتدقيق). نترك الدراسة جانبا ، ونبقى في المذاق الذي تطرق له البيطري، أو ليس الذوق مُهما لدى الإنسان وما يفرق الأخير بالحيوان؟! الطبيب يدعونا ، من خلال خرجته، لأن «نهضم» تلك الكارثة ومعها اللحوم بدون أن نتذوقها، فليزد في علمه ويدعونا لأكل الوحل، والتراب والكاغيط وكل ما لا ذوق له! إذا ما اتبعنا منطق الطبيب البيطري، ورأينا حالة الاستنفار التي أعلنتها سلطات الدارالبيضاء، يمكن أن نعتبر والي المدينة وساجد رئيس المجلس البلدي بها، اللذين وقفا على عملية إتلاف تلك اللحوم التي لا «ذوق» لها فقط - حسب البيطري - سنعتبر أن ساجد والوالي أكبر «ذواقين» في العالم، لدرجة أن ضميرهما لم يسمح لهما بأن يأكل البيضاويون أغذية لا مذاق لها، بعدما تمكنا من حل جميع مشاكل الدار البيضاء ، بدءا بالاختلالات المالية التي تعرفها هذه المجازر، وكانت آخرها فضيحة أحد مسؤولي الشركة، كان يريد «تهريب الأموال» عبر المطار وتم «شقمه»، مرورا بقضية الكاريانات التي تؤثث معظم فضاءات العاصمة، والأبنية العشوائية التي مازالت فؤوس أصحابها «تهتك» أراضي الجهة والسطوح، وفك حالة الاختناق التي تعيش على إيقاعها الشوارع ، والتلوث المحدث في الشواطئ، بالاضافة إلى باقي المشاكل الأخرى كالاختلاسات التي عرفها سوق الجملة، والحيوانات التي «تتمرح» في معظم الفضاءات والشوارع، وغيرها من المعضلات التي لا أول ولا آخر لها. إذن فالوالي وساجد، بعد انتصارهما على كل هذه المعوقات، أصبحا الآن يبحثان عن الذوق والمذاق الرفيعين لسكان المدينة. وإذا ما اتبعنا ذات المنطق للبيطري المذكور، فإننا مطالبون ب«توشيح» الشركة التركية، المسيرة للمجازر، بوسام «النقاوة العالية»، باعتبارها «أنظف وأنقى وألطف» شركة استثمارية في العالم، لأنها بمجرد ما علمت بتسرب «غاز الأمونياك»، حتى بادرت إلى إتلاف اللحوم، لتتكبد خسارة مالية بلغت ثلاثة ملايين درهم، يجب أن تعوض بها الجزارين، الذين أتلفت لحومهم بسبب «تأثير الأمونياك على المذاق»، لدرجة أنها فضلت إحراق هذه اللحوم، بدل بعثها الى الحيوانات في حديقة عين السبع، ربما لكي لا تفسد لا ذوق مذاقها، بما أن «الحنانة» بلغت أقصى ذروتها لدى هذه الشركة! أحيانا يستغرب المرء من بعض الخرجات لأطر ، المفروض أن المواطنين يعولون عليها في تقويم الإعوجاجات الحاصلة في شتى المجالات، ويستغرب أيضا لبعض الكلام «المرصع الذي فقد المذاق»!