لم يعد صمت بعض ساكنة دوار الرواجع، في جماعة سيدي حجاج واد حصار المتواجدة بعمالة مديونة، صمت الرضى، ولكنه صمت الغاضبين، بعد أن حول حياتهم مقلع حجري يجاورهم، من السكينة إلى القلق والانزعاج على امتداد أزيد من عقد من الزمن، بسبب تأثرهم بالغبار المتطاير في كل مكان، والمتسرب إلى جوف المنازل، وهو ما أثر على صحتهم وأصابهم بأمراض تنفسية خانقة، وقد طرقوا أبواب الجهات المسؤولة مصحوبين بملف كامل يحتوي على شكاياتهم المتعددة، ورسائلهم المتنوعة، إلا أنه لا أحد اهتم لحالهم، حسب تصريحاتهم، «رغم أن هذا المقلع، قتل الزرع وجفف المنابع المائية الجوفية، ونفق بسببه العديد من الحيوانات»، كما تؤكد ذلك العديد من الخبرات والمعاينات التي أجريت بالمنطقة، آخرها تقرير صادر عن خبير معماري بتاريخ 6 أبريل 2012، والذي يشير «إلى تطاير الغبار نحو السكان ، وأن آلة تقطيع وطحن الأحجار وسحقها تصدر ضجيجا، وأن مستغلي المقلع لم يتخذوا أي تدابير لمنع تسرب الغبار، حيث لا يتم رش الماء عند استخراج الأحجار». ويشير التقرير الذي تتوفر الجريدة على نسخه منه إى أن المقلع المعني« لا يُستغل، طبقا للقوانين الجاري بها العمل الواردة في ظهير 5 ماي 1914، وكذلك القرار الوزاري الصادر في 2 يناير 1932، والذي ينص على احترام المسافة الفاصلة ما بين محور الطريق ،ومكان استخراج الحجارة، والمحددة في 300 متر، بينما عمليا فالمقلع لا يبعد عن محور الطريق إلا ب 90 متر»، مضيفا «أن آلة تقطيع وطحن الأحجار غير قانونية في ظل انعدام تصريح بذلك، خصوصا وأنها غير صحية وغير لائقة وخطيرة، حسب ظهير 13 أكتوبر 1933، الذي يحمل الرقم 70، وحتى في حالة وجود تصريح بذلك ، فيجب إخبار السلطات التي تصدر توصيات، يجب احترامها من طرف مستغل المقلع » حسب ما جاء في التقرير المذكور . في السياق ذاته، أكد التقرير «أن اللجنة الإقليمية لمتابعة ومراقبة شؤون المقالع، خلصت في محضرها الأخير، إلى عدم توفر المقلع على كناش التحملات الذي تسلمه المديرية الجهوية للتجهيز، وأيضا إلى عدم وجود ترخيص متعلق بسحق آلة الأحجار، مع تناثر الغبار وقلة التشجير وانعدام التسييج»، كما أشارت إلى «التهاون في تنفيذ توصيات اللجنة التي سبق لها أن زارت المقلع بتاريخ 14 دسمبر 2009». تقرير آخر صادر عن المركز الفلاحي لمديونة بتاريخ 11 فبراير 2011، أكد على «إتلاف ما يقارب 1000 شجرة مختلفة الأنواع بسبب الغبار والتلوث الناتج عن المقلع المجاور للسكان المتضررين» (تتوفر الجريدة على نسخة من هذا التقرير) هذا وينتظر السكان المتضررون، من العامل الجديد، العمل من أجل وضع حد لمعاناتهم مع مخلفات هذا المقلع، «الذي ألحق بنا ضرارا كبيرا، يقول أحد أبناء الدوار، وأتلف أغراسنا وأهلك ماشيتنا...».