أيت بوكماز منطقة سكنت قلوب عشاق الجمال وحفظ اسمها السياح الأجانب، لجاذبيتها وفتنتها الطبيعية الساحرة، وخبَّر جراحها وألمها سكانها الذين يعانون من عدم الاهتمام بها على المستوى التنموي. كانت تشكل بالنسبة لنا نقطة وددنا زيارتها، لكن الكثيرين يحذروننا من طرقها الوعرة ومسالكها الضيقة، ونصحنا الآخرون أن نرافق المرشدين الجبليين، ونستعمل الدواب أو نمشي راجلين، والحالتان تتطلبان منا إرادة خاصة ووقتا طويلا .. لكن فضولنا الصحافي دفعنا إلى المغامرة واستعمال سيارتنا.. قبيل مغادرتنا لمدينة أزيلال في اتجاه أيت بوكماز عبر جماعة أكودي نلخير وجماعة آيت أمحمد ، مرورا بآيت عباس و آيت بوولي، فتبانت، و على طول 78 كلم استقبلتنا طريق في قمة الرداءة و تشكو النسيان الذي طالها لسنوات عدة. مسالك ضيقة تتخللها الحفر ومنعرجات تتطلب الحنكة والحذر في السياقة قال مرافقنا: «إن هذا الطريق شكل نقطة سوداء للساكنة أو الوافدين من السياح الأجانب والمغاربة. نسميها طريق الموت نظرا لما عرفته من حوادث سير مميتة، كما أنها تشكل عدوا حقيقيا لوسائل النقل على المستوى التقني حيث تؤدي إلى أعطاب مختلفة في الآليات الأساسية لهذه الوسائل كالنوابض وغيرها مما يضاعف من معاناة السكان ماديا ومعنويا، لذا فالأمر يستدعي التدخل العاجل لإنقاذ ساكنة المنطقة باستصلاح هذا الممر والذي يشكل المتنفس الوحيد لهم للإطلالة على العالم..» . قلنا له وكيف يصبح الحال أثناء التساقطات الثلجية؟ فرد بابتسامة فيها نوع من السخرية على هذا الواقع المر: «الثلوج تحاصر منطقة آيت بوكماز لعدة أسابيع، وهو ما يحتم على سكان المنطقة أن يشمروا عن سواعد الجد ومواجهة المستحيل وتوفير وتخزين كل ضروريات العيش من دقيق وسكر وزيت وحطب قبل حلول فصل الشتاء وتساقط الثلوج الذي يمنعها ليظلوا معزولين عن العالم كل هذه الفترة.. » . وأضاف : «في الآونة الأخيرة استبشر السكان خيرا لفتح طريق ثانوية جديدة قد تكون متنفسا مهما للمنطقة و توفر أزيد من50 كلم ، أي ساعة زمنية، لكن هاته الطريق المارة عبر زاوية احنصال و أيت محمد تسير الأشغال فيها ببطءٍ وتذبذبٍ شديدين ». ويُجمع سكان المنطقة على أن همهم الوحيد هو فك العزلة عنهم و تمكينهم من حقهم في الولوج والتنقل بدون مشاكل لقضاء أغراضهم و حاجياتهم الضرورية. بهذه المناطق ليست هناك وسائل نقل من النوع الذي ألِفناه في المُدن أو المناطق شبه الحضرية، فقد لفت انتباهنا استعمال الشاحنات وحافلات صغيرة أو ما يطلقون عليه «الطرونزيت» يتكدس فيها الأدميون كما يتكدس السردين في علبه، ويختلط الإنسان بالحيوان، المهم أن يصلوا إلى مبتغاهم ويتنقلوا بين دورهم والأسواق أو المناطق التي تضم بعض الإدارات لقضاء مآربهم.. عاد مرافقنا ليقول: «وسائل النقل بالمنطقة عبارة عن شاحنات وطاكسيات و سيارات النقل المزدوج و أي شيء يقدر على التحرك والحمل يمتطيه السكان. ومن يرغب في التوجه الى أزيلال عليه الانتظار منذ 5 صباحا و اذا أراد العودة لأيت بوكماز ينتظر حتى الرابعة مساء أو إلى غاية اليوم الموالي » . وصلنا أيت بوكماز بعد معاناة حقيقية، حيث تراقصت بنا السيارة في الحفر والمنعرجات والحجارة.. و بعدما قطعنا مسافة 250 كلم من مدينة مراكش مرورا بمدينة أزيلال، في مدة زمنية تجاوزت أربع ساعات ونصف، فوجدناها قرية هادئة في قلب جبال ألأطلس.. أيت بوكماز من أجمل الفضاءات السياحية في المغرب و لربما في العالم لو منحت لها الأولوية عبر مشاريع حقيقية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية والحياة اليومية للناس بعيدا عن الفلكلرة.. تشكل قبلة لكل السياح من مختلف الجنسيات. وحول هذا الفضاء الجميل تحدث لنا مرافقنا حيث قال: «التوزيع الجغرافي و السكاني لأيت بوكماز وسط جبال الأطلس الكبير الأوسط بين بني ملال شرقا و قمة ايغيل جنوبا وقمة جبل مكون. وتمتد دواويره بشكل متجانس وتراتبية بديعة على امتداد الطريق حيث روعي في تشييدها المحافظة على جمالية الفضاء والخصوصية الجغرافية، البيوت غالبا ما تبنى إما في أعلى الجبل أو على البساط المشرف على الأراضي الزراعية، الظروف الطبيعية تفرض على السكان بناء دورهم وفق النمط التقليدي العتيق المتوارث عن الأجداد منذ قرون والمتمثل في التابوت ، و هي طريقة تعتمد على دك التراب في إطار خشبي مستطيل وتغطية السطوح بالقش والقصب وطلائها بعجين من طين ممزوج بالتبن ليكون سميكا وبالتالي تكون له القدرة على مواجهة مياه الأمطار والثلوج ولابد من وضع ما يسمونه «أكفاف» وهو ستار منسوج من القصب ونباة «السمار» يوضع على هوامش الجدران من أعلى السطوح ويوضع عليه الطين وهي طريقة لحماية الجدران من التآكل بفعل الأمطار والثلوج، وهذا ما يوحد الدواوير المتفرقة عبر امتداد هذا الحوض ». لا يمكن المجيء إلى ايت بوكماز دون زيارة القصبة التاريخية سيدي موسى التي يبلغ عمرها أربعة قرون ونيف ما جعلها تصنف من طرف اليونسكو كتراث عالمي وقصبات أخرى لها خصوصية في بنائها المعماري وتزيد هذه المنتزهات السياحية بهاء.. قلنا لمرافقنا: جمال الطبيعة، مراكز إيواء، كرم الضيافة، أشياء كلها تشجع على ان تكون لهذه المنطقة جاذبية خاصة، فقال: « تشكل مراكز الايواء أهم المرافق بأيت بوكماز وهي أيضا فضاء خصب لمراكز عالمية أهمها «دار اثران» الذي ينتمي الى إحدى المؤسسات العالمية و المتخصصة في السياحة الجبلية يشكل واحدا من الفضاءات التي تلخص الثقافة المحلية و المعمار البديع بكل مقوماته و خصوصياته...» . من الأشياء التي لها جاذبية في الاستقطاب السياحي أيضا بهذه المنطقة ، خصوصيتها الجيولوجية، وعن هذا الجانب تشير اللوحة المعلقة على مدخل أيت بوكماز : منطقة ايت بوكماز عبارة عن انزلاق صخري تسبب في قطع الوادي على مستوى تيوغزة، حيث تكونت بحيرة في أعلى الوادي تجمعت فيها الرواسب الرملية و الطباشيرية التي تجرفها المياه. بعد تلك الانكسارات ظهرت أراض مسطحة من تيوغزة الى تبانت، لها عرض متميز و بالتالي أصبحت مصدرا خصبا للفلاحة بالمنطقة. في المنطقة أيضا نجد المنتزه الجيولوجي ل «مكون» و يعد الأول من نوعه الذي يضم عددا هائلا من المواقع الجيولوجية و الأثرية المهمة، كما تم العثور فيه على الهيكل العظمي الوحيد و الكامل لديناصور «Atlasaurus Imlakei» الذي يعود الى 164مليون سنة بالإضافة الى رسوم صخرية مضت عليها 4000 سنة » . و من بين الآثار المهمة المرتبطة بحياة السكان وعيشهم منذ قرون، المطاحن التقليدية المائية المنتشرة على طول الطريق المحاذية للأودية والتي تعتمد على قوة الدفع المائي التي تجعل الأسنان الخشبية المرتبطة بقرص دائري يتوسطه عمود خشبي سميك يتحكم في الراحة الحجرية تتحرك بقوة ويمكن النقص أو الزيادة من سرعة الدوران حسب نوعية الدقيق التي يريدونها، ففي حالة دقيق الخبز فلابد من السرعة القصوى ، أما في حالة دقيق الكسكس فإنهم يضعون عصا خشبية على الرحى تنقص من سرعتها. ازدهار السياحة الجبلية خلال السنوات الماضية شجع الكثيرين لبناء مراكز إيواء صغيرة، لكن مع الأزمة التي تعرفها اليوم، فهناك نوع من الإحباط واليأس، يقول أحد المرشدين السياحيين الجبليين: « صحيح، لكن المشكلة لا تعنينا وحدنا فحسب، فالأزمة العالمية التي تجتاح العالم لها تأثير سلبي على بلادنا أيضا، فالأوربيون أنهكتهم هذه الأزمة وفضلوا نوعا من التقشف في رحلاتهم ناهيك عن الثورات التي عرفتها المنطقة العربية، إضافة إلى بعض الاعمال الإرهابية، كل هذه العوامل كان لها أثر سلبي على السياحة بالمغرب..». لمرافقنا دراية كبيرة بالمنطقة إلى درجة أنه يعرف دواوير المنطقة واحدا بواحد، بل يعرف حتى الأسر المقيمة بها وأصولها ، وقال بأن آيت بوكماز تتشكل من الدواوير: زاوية ألمزي، ايغيرين، ايت وشي، ايفران، تاغليت، ايت وانكدال، تادروت، تالموضعت، إيخفن ايغير،اسكاطافن، املغس، تبانت، أكوتي، آيت إيمي، ايباقلون ،الرباط، الرباط اكوربي، تيميت، اكلض نوزرو، ايت زيري، تالسنانت، ايتوكالن، تاخيدا، آيت أوشي، آيت أوهام وآيت سلام. وأضاف متحدثا عن القبائل: «بالمنطقة أربع قبائل :أيت بوكماز، أيت عباس، أيت بولي وأيت محمد. جميعها لعبت دورا رياديا في تاريخ المنطقة و المغرب عموما حيث شكلت قطبا مهما للتواصل و التنسيق مع قبائل مجاورة فيما يسمونه «القبلة» ، أي في اتجاه قبائل مغران وأمكونة بإقليمي ورزازات وتنغير أي الواجهة الأخرى لجبال الأطلس » . خلال زيارتنا لهذه المنطقة الساحرة وجدنا أن الإنسان الجبلي يتميز بالصمود والصلابة في مواجهة قساوة الطبيعة والإهمال والتهميش المفروضين على المنطقة منذ عقود. يقول أحد السكان: «مازلنا نعتمد على الزراعة بوسائل جد تقليدية كالمحارث الخشبية المجرورة بالدواب في حقول عبارة عن مساحات ضيقة أشبه برقع الشطرنج أومدرجات ملتصقة بالجبل.. نزرع فيها القمح والشعير شتاء، والذرة صيفا، إضافة إلى أشجار الجوز المرتبطة بالمنطقة منذ القدم وأشجار التفاح التي تعاطينا لها في العقدين الأخيرين من القرن الماضي..» . تضارس المنطقة مغطاة أيضا في جانب منها بأشجار مختلفة لتشكل فضاء غابويا مهما وعنها قال محدثنا: « تمتد أشجار مختلفة الأصناف على مساحات لا بأس بها من حوض أيت بوكماز وما يليه، ومن أهم هذه الأشجار، نوع يستخرج منه خشب يسمى محليا «تاولت»،إضافة إلى أشجار العرعار والجوز، هذا الأخير يبقى ملتصقا بحقول وبساتين السكان عبر كل المناطق الجبلية المحيطة » . لكن هذه الثروة الغابوية تشكل معاناة للسكان أكثر مما تفيدهم ، بل تحولت إلى حجة لدى بعض المسؤولين لتلفيق التهم للسكان خاصة منهم الرافضين للخضوع والخنوع.. يقول أحد أبناء المنطقة: «نعاني كثيرا ، خصوصا في ما يتعلق بحطب التدفئة الذي يشكل واحدا من أهم الضروريات بالنسبة للساكنة في فصل الشتاء، حيث تنزل درجة الحرارة أحيانا إلى أكثر من 10 تحت الصفر، لكن بعض المسؤولين يضيقون الخناق علينا و يهددوننا بالسجن بدعوى الاعتداء على الغابة واجتثاثها وطبعا يُسَخِّرون في ذلك «بوغابة» للوصول إلى غايتهم..» . شاهدنا على امتداد الوادي الكثير من الأبقار ترعى على الأعشاب وعن هذا أضاف هذا المواطن: «تتشكل الثروة الحيوانية بالمنطقة من الماعز والأبقار والأغنام، لكن شأنها شأن الزراعة، مازالت خاضعة للوسائل التقليدية وبالتالي شقاؤها أكبر من منتوجها، هناك أيضا التعاطي لتربية النحل، ورغم المجهودات التي يحاول بذلها بعض الشباب من خلال تأسيس جمعيات للتنمية، إلا أن غياب الحماس من الجهات المسؤولة وأيضا غياب الوعي لدى فئات عريضة من الساكنة، مازال يشكل عقبة أمام خلق فلاحة تعتمد على التحليل العلمي للمنطقة ودراسة خصوصياتها التضاريسية والمناخية لخلق زراعة منتجة ومدرة للربح بدل هذا الواقع المر » . قلنا له : لكن المنطقة غنية بثروة مائية مهمة، فقال: « نعم تتوفر المنطقة على ثروة مائية مهمة تتكون من ثلاثة وديان وما يفوق ستين عينا ومنبعا مائيا انطلاقا، لكن هذه المياه تستغل بطرق جد تقليدية و بنظام ري عتيق.. صحيح أنه في السنوات الأخيرة تم تأسيس جمعيات تشرف على تنظيم وتوزيع الماء واستثماره بشكل إيجابي لصالح الزراعة، لكن لابد من الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والتي لها نفس الخصوصية الجبلية كمنطقة الألب بأروبا ». كان لابد من التعمق في أيت بوكماز والإطلالة على سوقها الأسبوعي الوحيد، لاحظنا أن أغلب المصالح الادارية تتمركز بمركز تبانت وهي قرية تشكل القلب النابض لقبائل أيت بوكماز، تحاول أن تنهض من سباتها لتربط الساكنة ببعض مظاهر المدينة كالهاتف والبريد إضافة الى مركز المرشدين السياحيين.. لكن السوق الأسبوعي لا يختلف عن الأسواق الجبلية بالمغرب، تثيرك فيه كثرة الدواب التي تشكل ناقلات للبدويين القادمين من مختلف المناطق للتبضع بالمواد الغذائية الأساسية من زيت ودقيق وسكر وخضر وملابس وغيرها.. يقول أحد السكان: « السوق بالنسبة لنا يشكل يوم عيد، لأنه ليس مجرد فضاء للتبضع فحسب، ولكنه مناسبة ليلتقي الناس من مختلف القبائل، ثم إنه يخرجنا من ذلك الروتين اليومي الذي نعيشه في حقولنا.. هو أيضا مناسبة لقضاء بعض مصالحنا الإدارية، صحيح أنه مازال متخلفا ولكن على الاقل نشم من خلاله رائحة المدينة..» . جولتنا في المركز فرضت علينا طرح السؤال الصحي، خاصة أن حوارا بين مواطنين في السوق يستفاد منه أن أحدهم جاء بزوجته المريضة على بغل وأنه سينقلها إلى المستشفى بأزيلال.. قال مرافقنا: «لا يوجد بالمنطقة سوى مركز صحي وحيد يفتقد للأطر المتخصصة و التجهيزات الضرورية الخاصة بالحالات الحرجة، فما بالكم بالخدمات الطبية التي من المفترض تقديمها للساكنة و الزوار.. ومن مظاهر الأزمة الصحية أيضا لا تتوفر المنطقة إلا على سيارة إسعاف وحيدة وحالتها مهترئة و أن من أراد الاستفادة من خدماتها يجب عليه أداء 400 درهم .. ومما يزيد الطين بلة انعدام مركز الولادة الخاص بالنساء الحوامل» . قلنا له: إذن الحمل هنا ينتهي إما بفرحة الوضع أو حزن عميق على موت الأم والولد؟ قال: «مستوصف الولادة هو الحلم الذي يراود ساكنة أيت بوكماز والقبائل المجاورة وتحقيقه سيرسم ابتسامة مشرقة على محيا الأم والأب على حد سواء، لا أخفيكم سرا أن قمة المعاناة والجحيم الذي نعيشه هنا هو أن أكثرية الحوامل لهن ذكريات سيئة مع الحمل. أغلبهن يتم نقلهن على ظهور البغال قصد الوصول إلى أية نقطة يمكن الحصول فيها على وسيلة نقل للوصول الى أزيلال، في أحسن الحالات يمكن إيجاد شاحنة أو سيارة «ترونزيط « مكتظة بالآدميين و كثيرا ما يلدن وهن في طريقهن لأزيلال وفي ظروف خطيرة تؤدي ببعضهن إلى الموت..» . غياب الطرق، موت الحوامل، فلاحة بدائية، شقاء متواصل، هذه هي التحديات التي تواجه سكان هذه المناطق والتي لا يمكن التغلب عليها إلا من طرف الساكنة التي تحتاج إلى وعي خاص للدفاع عن حقوقها، وعيٌ لا يمكن تحقيقه إلا بالتعليم ومواجهة الأمية، صحيح أننا شاهدنا أقساما مدرسية معلقة على هوامش الطرق التي مررنا منها ، لكن واقع الحال هو ما سيؤكده لنا أحد رجال التعليم من أبناء المنطقة حيث قال: «تتوفر المنطقة على مجموعتين مدرسيتين، نسبة التمدرس أصبحت مهمة في المدة الاخيرة خاصة في صفوف الفتيات اللواتي يحاولن متابعة تمدرسهن حتى المستوى الاعدادي. لكن شكايات السكان تمحورت حول مستوى التحصيل، خصوصا بالأقسام الابتدائية وانعدام المراقبة و لربما قساوة الطبيعة وانعدام أبسط ظروف العيش يحول دون تحقيق الجودة المتوخاة ». لكن أحد الآباء لم يُرضه الوضع التعليمي ولم يعجبه ما قاله لنا رجل التعليم فقال: «إن الغيابات المتكررة لبعض الأساتذة تؤثر سلبا على تحصيل أبنائنا الدراسي الذين يقرأون أسبوعا ويجدون أنفسهم خارج القسم أسبوعين.. كلما اشتكينا من هذا الوضع أوطالبنا بتعويض المتغيبين بآخرين جدد ، يقولون لنا بأن الموارد البشرية غير موجودة». أحد الأطر التربوية صادفناه في عين المكان قال لنا بأن بعض الجهات تحاول النيل من الأساتذة رغم أنهم يعملون في ظروف استثنائية في مناطق منعزلة ووعرة، يكدون ويجتهدون من أجل إنجاح العملية التربوية، بل يمكن أن اعتبر أي رجل تعليم بأنه مناضل، لأن الظروف القاسية هنا يستحيل معها العمل ، ومع ذلك فإنهم يتحدون كل الصعاب بكل تفان ولا يسعنا إلا أن ننوه بمجهوداتهم.. الرحلة إلى حوض أيت بوكماز ممتعة رغم بعض الألم الذي أحسسنا به ونحن نستمع إلى هموم المواطنين في مختلف المجالات، فهذه المنطقة الغنية بسحرها وجمالها ، مسيجة بالكثير من الحواجز التي تمنع عنها ولوج التنمية بمفهومها الحقيقي، وهذا وعيآخر لمسناه من أبناء المنطقة وشبابها ممن شكلوا العديد من الجمعيات التي تشتغل في مجال التنمية.