دعا خبراء وسياسيون يوم الثلاثاء بالرباط، إلى فتح نقاش قانوني وسياسي حول إصلاح القانون التنظيمي للمالية تشارك فيه جميع القوى الحية بالمغرب، وذلك في أفق إصلاح المنظومة المالية. واعتبر متدخلون في اليوم الدراسي الذي نظمته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول «إصلاح القانون التنظيمي للمالية» أن النقاش حول هذا المشروع لا يجب أن يكون حكرا على المؤسستين التشريعية والتنفيذية، بل يجب أن يتوسع لينفتح على كل مكونات المجتمع، خاصة الجامعة ووسائل الإعلام، داعين البرلمانيين إلى فتح قنوات مع الإعلام لإطلاع الرأي العام على تقارير المراقبة التي يمارسها البرلمان على طرق التدبير المالي من قبل المؤسسة التنفيذية. وفي هذا الصدد دعا رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والحكامة الشاملة محمد حركات إلى تجويد محتويات التقارير المنجزة من قبل البرلمان، ونشرها حتى «تتمكن كافة الأطراف من استثمارها علميا ومهنيا»، وذلك من خلال ربط «علاقات وظيفية دائمة» مع وسائل الإعلام والجامعات، وكذا دعم ثقافة التحليل الاستراتيجي والحكامة المالية وتنظيم مبادرات تحسيسية حول تحسين تدبير المال العام. واقترح الاستاذ حركات اعتماد قانون تنظيمي للمالية على المستوى المحلي،خاصة وأن المغرب مقبل على نظام الجهوية الموسعة، وإحداث مجلس للضريبة يتمتع بقدرات استشارية ويضم برلمانيين وطاقات محلية ووطنية، وكذا تبني استراتيجية جديدة في الرقابة المالية. أما عضو السكرتارية الوطنية للشبكة المغربية لحماية المال العام، أحمد شيبة، فأبرز أهمية تضمين مشروع القانون التنظيمي للمالية مقتضيات تؤدي إلى تغيير حقيقي في ثقافة تدبير الشأن العام عن طريق إصلاح للمالية العمومية وفق منظور وروح الدستور الجديد الذي نص على ربط المسؤولية بالمحاسبة ومبادئ الحكامة الجيدة. وتطمح الشبكة من وراء إصلاح القانون التنظيمي للمالية، حسب شيبة، إلى تغيير بنية الميزانية وأساليب ومنهجية إعدادها وتنفيذها وتتبعها ومراقبتها من قبل المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني. ومن جانب آخر، ركزت مداخلات الفرق النيابية على أهمية تجاوز سلبيات النظام الحالي لتدبير المالية العمومية، واعتماد نظام قانوني جديد يخرج قوانين المالية من «التدبير اللحظي» ومن المقاربة «الحسابية الضيقة» إلى التدبير الاستراتيجي وقواعد الفعالية والنجاعة. ودعت إلى ضمان المزيد من المشاركة البرلمانية خلال مراحل الإعداد والمصادقة والتنفيذ، مؤكدة على ضرورة تقوية الإدارة لتقوم بدور فعال في هذا المجال، والعمل بمنطق النتائج عند وضع قانون المالية عوض منطق الوسائل. كما سجلت أهمية فتح «نقاش واسع وغير محتشم» حول الموضوع وعدم اقتصاره على البرلمان، وتعزيز الرقابة البرلمانية، وعدم اقتصارها على نظام الأسئلة الشفوية الموجهة لوزير المالية وعلى مداخلات الوزراء داخل اللجن البرلمانية. أما وزير المالية نزار بركة فأكد أن إصلاح القانون التنظيمي للمالية يدخل في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، مضيفا أنه من الضروري أن يكون هذا الإصلاح مواكبا للإصلاحات الكبرى التي باشرها المغرب من قبيل الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري وإصلاح الإدارة ومنظومة الأجور لتقوية البعد الاستحقاقي في عمل الموظفين. ودعا الوزير إلى «أخذ الوقت الكافي» في إصلاح هذا القانون لتقوية المشروع وتطبيقه على أرض الواقع «بالتدرج «حسب ما أبانت عنه التجارب الدولية في هذا الصدد، مشيرا إلى أن تقييم السياسات العمومية لا يجب أن يقتصر على تقرير المفتشية العامة للمالية، بل ينبغي أن يفسح المجال للبرلمان وللمجلس الأعلى للحسابات وللمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ومن جانبه، اعتبر الوزير المكلف بالميزانية إدريس الأزمي الإدريسي أن إصلاح القانون التنظيمي للمالية يحتاج إلى تعبئة من قبل المؤسسات الدستورية والجامعة والمجتمع المدني، وذلك في إطار «تشارك إيجابي» وكذا إلى تعبئة الموارد البشرية المغربية.