قام والي جهة الدارالبيضاء الكبرى الجديد يوم 2 يونيو الجاري بزيارة تفقدية للمطرح العمومي المتواجد بتراب الجماعة القروية المجاطية بعمالة مديونة، وقد كان مرفوقا بعامل مديونة ورئيس مجلس المدينة ، وعدد من رجالات السلطة المحلية وإدارة الشركة المكلفة بتدبير النفايات. وكانت الزيارة ، مناسبة للوالي والعامل اللذين عينا مؤخرا ، للوقوف على العديد من المشاكل التي تعاني منها «أم المزابل» ، وتداعياتها الخطيرة على محيطها المجاور، التي ساهمت في تلويث الهواء والفرشة المائية، وأضرت بصحة ساكنة دوار الحلايبية على وجه الخصوص، نتيجة تدفق عصارة الأزبال نحوه ، بالقرب من تجمع آهل بالسكان. وقد تم الوقوف على واقع المزبلة ،الذي تتعايش في تفاصيله اليومية فئات عريضة من الساكنة المحلية ،تتخذ من نفاياته موردا للرزق في ظل غياب مورد حقيقي للعيش ، بالهبش والنبش في الأزبال عن المواد القابلة للبيع من إجل إعالة أسر متعددة الأفراد، رغم أن مكان عدد كبير من الأطفال هو مقاعد التحصيل العلمي! وعاين المسؤولان الجديدان ، أيضا، المئات من رؤوس الأبقار والأغنام ،تقتات على مخلفات المنازل من الخضر وغيرها، وتتخذها كعلف مجاني ، شجع العديد من الرعاة من مختلف المناطق المجاورة من امزاب وأبناء الشاوية، على التوافد بكثرة رفقة قطعانهم من الأغنام والاستقرار بفضاء المزبلة، والدواوير المجاورة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني ، وتكاثر الاعتداءات وتضييق الخناق على عمال الشركة المكلفة بتدبير المزبلة ، لدرجة تعنيفهم والاعتداء عليهم، كما حدث في عدة مناسبات متفاوتة. وقدمت للوالي والوفد المرافق له شروحات حول العمل الذي تنوي الشركة الأمريكية Ecomed القيام به من اجل التغلب على مادة «الليكسفيا»، والمتمثلة في عصارة الأزبال التي مازالت تتسرب من المزبلة من غير أن تحتويها بشكل جيد الصهاريج المعدة لهذا الغرض، ومن غير التغلب على الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المياه ،التي تزداد حدة في الليل، لأن سير العمل البطيء بهذه المزبلة يحول دون تجاوز العديد من المشاكل على رأسها عصارة الأزبال ،وغياب خطة عمل ، من أجل التسريع بوتيرة عمل جاد بعيدا عن التواري خلف مبررات من قبيل انعدام الأمن وإكراهات الاشتغال ، وردم النفايات في مساحة ضيقة جنبا إلى جنب مع البهائم، وجامعي الخضر في العربات المجرورة. وقد دعا الوالي الشركة المذكورة إلى تحمل مسؤوليتها كاملة في المزبلة بالتنسيق مع سلطات مديونة عبر خطة عمل متكاملة تبتدئ بتشديد الحراسة ،وتطويق فضاء المكان بعناصر الأمن الخاص، ووضع كاميرات الحراسة بهدف وضع حد لحالة الفوضى والسرقات والاعتداءات التي تعم فضاء المزبلة الشاسع ،والعمل على إخلاء المطرح العمومي من الدخلاء ،وفتح حوار مع الأطراف التي تتخذ من عملية التنقيب في الأزبال مهنة لها، بهدف الحصول على مطرح مراقب يحترم المواصفات البيئية. وحسب مصادر مطلعة، فقد كان من المتوقع إغلاق مزبلة مديونة في نهاية 2010 ،إلا انه وأمام غياب مفرغ جديد، ثم تمديد العمل بها إلى غاية متم 2012 ، وهناك وفق نفس المصدر مفاوضات على قدم وساق مع مالك أرض مجاورة للمزبلة من جهة دوار الحلايبية ، من أجل شراء هذه الأرض ،وتأهيلها لتكون المفرغ الجديد للدار البيضاء ،وهو نفس المنحى الذي أكد عليه الوالي ، حيث دعا إلى ضرورة التسريع بعملية اقتناء الأرض المذكورة لكي تحتضن نفايات البيضاويين ، خصوصا وأن المطرح الحالي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الامتلاء النهائي! لكن الذي لم تقف عنده كثيرا الزيارة، هو موضوع سكان مطرح النفايات، لأن عملية تأهيل المطرح الحالي ،بشكل حديث يحترم المواصفات البيئية، تمر أساسا عبر إخلاء المزبلة من سكانها، الذين رفضوا مرارا عرض السلطات تحويلهم إلى مساكن بدوار الحلايبية شيدوها من أموال المبادرة الوطنية ،لأنهم اعتبروا دوار الحلايبية أكثر قذارة من المزبلة، وأن المنازل التي شيدت لهم فيه لم تراع الشروط البيئية، وبنيت في مكان متسخ، بجوار حفرة مكشوفة خاصة بالوادي الحار، تنبعث منها روائح كريهة، وتعج بمختلف الحشرات والقاذورات، والسكان في تصريحهم للجريدة لا يرفضون الرحيل عن المزبلة ، وأن ما يرفضونه هو الزج بهم في مكان قذر، تحيط به الأزبال والقاذورات ولا يحترم المقومات البيئية الضرورية المنصوص عليها في فلسفة المبادرة الوطنية. وفي نفس السياق دائما، اتهم رئيس الجماعة القروية المجاطية ،التي تحتضن النفايات البيضاوية رئيس مجلس المدينة وأمام الوالي والوفد المرافق، بأنه لا يهتم بالمنطقة ،ولا يقدم أي خدمة مهما صغر شأنها للجماعة التي تُرمى فيها أزبال البيضاويين ! وهنا تدخل الوالي وطلب من رئيس المجلس بأن يهتم بالمنطقة ويخصص الحاويات الضرورية لساكنة دوار الحلايبية المجاور، بهدف جمع الأزبال بدل رميها في الخلاء، بجوار المدرسة والمسجد وبوابات المنازل، كما يحدث حاليا!