أصدرت مجموعة من المثقفين المصريين بيانًا تطالب فيه بمقاطعة الانتخابات في جولة الإعادة، داعين إلى تشكيل كيان سياسي يستثمر النجاح الذي حققه المرشح» حمدين صبّاحي»، ومشيرين إلى المجلس العسكري والإخوان و»فلول النظام» بالعمل على إخراج الثورة عن مسارها وإدخالها في معارك وهمية. واعتبر البيان حصول المرشح حمدين صباحي على النسبة التي حصل عليها مفاجأة، داعيًا إلى التأمل بحصوله على هذا العدد الكبير من الأصوات، بحيث اقترب بشدة من إمكان خوضه جولة الإعادة وهو ما أمله الكثيرون. وأضاف « الأهم والأجدى هو أن تكتشف هذه الكتلة الناخبة - التي صوتت للمرشحين المحسوبين على الثورة - تكتشف في نفسها صوت التغيير الحقيقي، ومن ثم ألا يرتبط تكتلها بلعبة الانتخابات التي نعرف مسبقا فسادها وبطلانها لأسباب نوردها» بحسب البيان. وشدد الموقعون على البيان، أن هذه الكتلة عليها الآن أن تتوحد ما أمكن ليس فقط لمقاطعة انتخابات الإعادة ولكن الأهم لتشكيل كيان سياسي يستثمر النجاح الذي حققه صباحي، معتبرين أن الاكتفاء بالنزول إلى الميدان الآن لتغيير النتائج قد لا يكون مجديًا بل قد يدفع إلى عنف وتشويه يجب تحاشيهما، ويكفي أن تكون هناك تظاهرات رمزية كإعلان موقف. لكن أن يتبع ذلك بشكل عاجل الدخول في تفاوض مع الأطراف الديمقراطية لجمع هذه الكتلة الانتخابية وذلك لإنشاء حزب جديد. وقد وقع على البيان عدد كبير من المثقفين المصريين، منهم: بسمة الحسيني، سيد محمود، دعاء زيادة، محمود عاطف، نسرين كشك، سامية بكري، مدحت صفوت، زين العابدين فؤاد، علا الساكت، حاتم حافظ، وسام سليمان، سوسن بشير، جهاد محمود، سمر سعد، منى برنس، شرين شريف، عزة رشاد، مصطفى محمود السيد، طه عبد المنعم، عمرو أسعد، عصام سلامة، إيهاب العزازي، مهاب نصر، وأحمد الفخراني. أصبحنا أصدقاء من بعيد ، وتركنا للصدفة اللقاء في ملتقى ، أو حين تجود الصدفة على الرصيف . هكذا إلى أن هاتفني في منتصف التسعينيات يخبرني بشأن مهم . كان قد هيأ مشروعا لفائدة القناة الرابعة . يتعلق الأمر ببرنامج «ياز»لتعليم الأمازيغة من خلال حروف تفيناغ. كانت أول مادة في هذا المشرع هو حكاية ترويها ممثلة ، وهذه الحكايات تولى كتابتها محمد قوتي نفسه ، وقد كان بارعا في صنيعه ، إذ هي حكايات بليغة كتبت بلغة مطرزة تضاهي مقامات بديع الزمان الهمداني في أناقتها وجمالها . يتناول في كل واحدة منها ظاهرة من الظواهر المتفشية في المجتمع ،وغالبا ما تنتهي بالدرس الذي ينبغي أن نستخلصه، أو الموعظة. ساهم آخرون فيما بعد في التأليف ، لكن تحت مراقبته لأنه يحرص دائما على الجودة والإتقان ، لذلك فهو صارم في العمل ، ولا يتنازل قيد أنملة. هذه الميزة جعلت منه إنسانا مقاولاتيا ناجحا . لا يقدم على الشيء إلا بعد طول تفكير ودراسة من كل الجوانب . لا شك أن شخصية الأستاذ علمته بيداغوجيا الأهداف ، وكفايات التواصل . عدا هذه الصرامة المطلوبة في العمل مع نفسه أولا ، ثم مع الآخرين، فهو إنسان منطلق خاصة في جلساته الحميمية التي تحضر فيها النكتة والشعر والذكريات الجميلة. كانت تلك الحكايات تنقل من الدارجة المغربية إلى لهجات اللغة الأمازيغية الثلاث : الريفية بقلم الكاتب أقضاض ، وتشلحيت تولى أمرها الكاتب والصحفي لعسيبي ، أما الأمازيغية فكانت من نصيبي . تعلمت من هذه التجربة مع سي محمد قوتي الانضباط في العمل ، والالتزام بالمواعيد . كيف لا وهو نموذج يحتدى به. ولعل أكره شيء إليه هو عدم الوفاء بالالتزامات . هذه الأخيرة التي يفي بها في السقف الزمني المحدد لها ،من ذلك على سبيل المثال رواتب كل المشتغلين معه ، وقد يستلف وهذا فعله مرات من أجل أن يكون في الموعد . هذه خصلة يعرفها عنه كل الذين اشتغلوا معه في برامج كثيرة أنتجها للتلفزيون . في الختام أهديه باقة شعر من قصيدة «وحيد المغنية» لابن الرومي . هذه القصيدة التي ظلت راسخة في ذهنه منذ زمن التلمذة الشيق ، وكم يحلو له في لحظات الصفاء مع الذات أن ينشد منها هذا المطلع الجميل : يا خليليَّ تيَّمتني وحيدُ ففؤادي بها مُعَنَّى عميدُ غادةٌ زانها من الغَصْنِ قدُّ ومن الظَّبْيِ مُقْلتانٍ وجيدُ وزهاها من فرعها ومن الخدْ دَيْنِ ذاك السوادُ والتوريدُ أوْقَدَ الحُسْنُ نارَهُ من وحيدٍ فوق خدٍّ ما شانهُ تخديدُ فَهْيَ بردٌ بخدها وسلامٌ وهي للعاشقين جهدٌ جهيدُ لم يَضِرْ قطُّ وجهها وهْوَ ماءٌ وتذيب القلوب وهْي حديدُ مع محبتي الخالصة دامت لك الصحة والسلامة . محمد بوجبيري .البيضاء 04 أبريل 2012 وأكد محمد بنطلحة، الذي كان يتحدث مساء أول أمس بنادي «الاتحاد الرياضي المغربي لكرة المضرب» أمام قلة من أصدقائه ومحبيه لا يتعدى عددهم عشرين نفرا، أنه بدأ مقلدا، و»بالتدريج أحسست بأن الأمر ليس سهلا.. وحين التحقت بالجامعة في سن الثامنة عشر وانفتحت على تجارب شعرية أخرى كانت تتيحها مجلة «الآداب البيروتية»، شعرت بالأزمة.. فمزقت حتى أتقدم، وما زلت أمزق إلى الآن، وأحاول أن أقشر البصل لأصل إلى اللب». وعن علاقته بالشاعرين الفذين، أحمد المجاطي ومحمد الخمار الكنوني، قال بنطلحة إنهما كانا يفهمان ما نفهم، ويقرآن ما نقرأ، ولم يكونا شعريا «أساتذة» لنا، بل ينحدران من التجربة نفسها التي ينتمي إليها شعراء مثل عبد الله راجع وأحمد بلبداوي وغيرهما. مضيفا: «لقد كان الخمار الكنوني يطلعني على ما يكتب، وكنت أدلي برأيي حول شعره، فمن سيصدقني الآن؟ حتما سيقولون إنه يكذب على الأموات..». أما المجاطي- يتابع- فلم يكن يتحدث عن الشعر.. وفي ما يشبه البوح، أوضح بنطلحة أن شعره ينتمي إلى «فيزياء الارتباك»، وأنه محاولة للتغلغل في كينونته. مؤكدا أنه يكتب، بعكس المعتاد، في الضجيج، وقال:»أول قصيدة نشرتها في جريدة العلم كانت بعنوان «دمعة أخيرة»، وكنت قد كتبتها دفعة واحدة في إحدى مقاهي فاس (مقهى المعمورة) سنة 1970. ولهذا أنا من الشعراء الذين يحتمون بالمقهى ويصرون على الكتابة داخل هذا المكان». ولفت الشاعر الانتباه إلى المقهى كمجال خصب للنقد. وقال: « لا ينبغي الاستهانة بنقد المقاهي، فهذا الفضاء ساعد كثيرا على تعميق النظر في التجربة الأدبية المغربية، وينبغي فعلا الالتفات إلى هذا النوع من النقد». وألقت المطربة والشاعرة الفلسطينية شادية حامد وابلا من الحب على مسامع محمد بنطلحة الذي وصفته بالشاعر الألمعي والإنسان النبيل والأنيق الذي يظهر لها كأن الريح تحته. وتحدثت بإسهاب على مطعم «بوتي بوسي» بالدار البيضاء كمكان تاريخي ارتاده العديد من المشاهير كإيديث بياف وأزنافور وتشرشل. واعترفت بأنها مبهورة بالرجل، شاعر الأعماق الذي جعلها تؤجل اللقاء بالأهل والشغل بحيفا.. من جهته، قدم محمد علوط توصيفا نقديا لشعر محمد بنطلحه، وقال «إن الدهشة كما تتجسد في قصائد بنطلحة تنشأ من احتفال الشاعر، لا بيقين اللغة، ولكن باشتغاله على الصدى (ففي الصدى يتكرر الصوت حاملا معنى أخر). وقال: «بين الوجود والعدم يشتغل الشاعر على الأثر/ الآثار، وهو ما يجعل قصيدته (طرسا) لتصادي غوريات النصوص والطبقات الأركيولوجية للمعنى في العبور المداوم والمراوحة بين تنسيب المعنى ومطلقيته، بين القصيدة وشجرة أنساب الشعر الكبرى». اللقاء أداره الناقد محمد البكري الذي أوضح القلق الأنطولوجي الذي يعتري الشاعر حول هويته كشاعر، وحول إنتاجه الشعري، مع كل المسافة التي يقيمها الشاعر مع ما يكتب، وما يطمح إليه من وراء ذلك.