أعلنت وزارة الداخلية في الخامس من الشهر الجاري عن تفكيك شبكة إرهابية يتزعمها قيادي بارز في تنظيم المجاهدين المغاربة، تنشط بعدة مدن ومناطق مغربية في أفق التحضير لمشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام. مباشرة بعد ذلك، سيصدر بلاغ ثان لوزارة الداخلية يفيد بأن التحقيقات التي تباشرها المصالح الأمنية في إطار هذه القضية مكنت من العثور على أسلحة رشاشة وأسلحة أوتوماتيكية في منطقة سبع عيون وضواحي تيفلت كانت مخبأة في انتظار استصدار الأمر من الأمير المفترض للقيام بعمليات إرهابية ضد قوات الأمن والمصالح الغربية بالمغرب. قراءة في هذه البلاغات الصادرة عن وزارة الداخلية تسمح بتكوين قناعة مؤداها أن المغرب لا يزال مستهدفا من قبل التنظيمات الإرهابية الإقليمية والمحلية، وأن اليقظة الأمنية مطلوبة وبإلحاح لتفادي أي عمل إرهابي ضد المغرب، خصوصا بعد تسجيل تطورات مضطردة في الأساليب المعتمدة من قبل هذه الخلايا الإرهابية، وتحول نوعي في عمليات تمويلها واستقطابها، فضلا عن رصد تقاطعات كبيرة بين مجموعة من الخلايا الإرهابية التي تنشط بالمنطقة. المراهنة على السلاح أول معطى جديد كشف عن البحث الأمني المنجز على خلفية الخلية الإرهابية التي فككتها المصالح الأمنية خلال هذا الشهر، هو حجز أسلحة رشاشة وأخرى أوتوماتيكية فضلا عن ذخيرة حية، مما يؤشر على تحول نوعي في الأسلوب الإجرامي المعتمد من قبل هذه الخلية الإرهابية. فبعدما راهنت أغلب الخلايا التي تم تفكيكها خلال العشرية المنصرمة من القرن الحالي على العمليات الانتحارية باستعمال المتفجرات، أو تقنية التفجير عن بعد كما حدث في عملية أركانة، عمدت الخلية الجديدة إلى المراهنة على الأسلحة الفردية والأسلحة النارية لتنفيذ عمليات دقيقة ضد مصالح وأهداف لها رمزيتها في الدولة. فالمغرب، لم يشهد منذ قضية أطلس أسني وشبكة بلعيرج حجز أسلحة بهذا الحجم، وهو ما يعني أنه تطور نوعي في هامش تحرك هذه الشبكة، يحيل على العمليات التي شهدتها فرنسا مؤخرا والتي تم فيها استهداف عسكريين وتلاميذ مدرسة عبرية بالاعتماد على أسلحة نارية. تقاطعات عقائدية المواكبة الإعلامية التي حظيت بها هذه الشبكة الإرهابية، والتحليلات المقدمة بشأنها، تفيد أن هناك تقاطعات بين شبكة عبر الرزاق سوماح التي تم إجهاضها مؤخرا وأحداث 16 ماي الإرهابية ومع خلية بلعيرج. ويظهر ذلك بجلاء من خلال وجود قواسم مشتركة على مستوى الفكر العقدي لهذه الشبكات، المتمحور حول الجريمة الإرهابية الملتحفة برداء الدين، فضلا عن وجود تداخل على مستوى الأشخاص والمخططات الإرهابية. فمحمد النوكاوي الذي تم توقيفه في أعقاب أحداث 16 ماي الإرهابية هو من سلم الأسلحة لعلي البوصغيري الذي كان يشكل الأمير الوطني لشبكة عبد الرزاق سوماح قبل أن توافيه المنية بداء السرطان ويتم دفنه في ضيعة فلاحية بمنطقة الغرب، كما أن محمد النوكاوي سبق أن أقام علاقة مع الفرنسي أنطوان ريشارد في إطار ما يعرف بالسلفية الجهادية، كما أن هذه الشبكة سبق أن تسلمت في 2002 و 2003 أسلحة نارية ومتفجرات من علي عراس الذي تم استرداده من إحدى الدول الأوروبية لعلاقته المفترضة بخلايا إرهابية بالمغرب. كل هذه المعطيات تؤكد أن المغرب في مواجهة خلايا متفرقة، منطلقها واحد هو استهداف المغاربة في أمنهم وسكينتهم، بدوافع ظلامية تقوم على تفسيرات معيبة ومضللة. تحريات أمنية تفيد المعلومات المحصلة لحدود الساعة أن المصالح الأمنية تمكنت من توقيف 21 مشتبه به في إطار هذه القضية، بمن فيهم الأمير الوطني للخلية، كما استطاعت حجز كل الأسلحة التي ظلت مخبأة منذ سنة 2003، كما تمكنت من رصد مكان دفن علي البوصغيري الذي كان موضوع أمر دولي بإلقاء القبض. هذه التحريات، حسب مسؤول أمني، مكنت من وضع حد لمجموعة من الأسئلة المحيرة التي ظلت تؤرق عناصر الاستخبارات ومحققي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ويتعلق الأمر بمكان إخفاء الأسلحة التي كشف عنها البحث في أعقاب أحداث 16 ماي, ومكان تواجد علي البوصغيري المبحوث عنه في إطار تلك الأحداث, لكن بوضع حد لهذه الأسئلة سوف تضطر المصالح الأمنية إلى مزيد من اليقظة خاصة في ظل الأخطار التي تحدث بالمملكة من شيء غريب عن مجتمعنا وثقافتنا اسمه الإرهاب الغاشم.