لم يستسغ سكان المجمع السكني سوكاتور أن «يتلاعب» صندوق الإيداع والتدبير بمصالحهم، لم يستسغ السكان أن يتطاول الصندوق على المساحات الخضراء والبقع المخصصة مسبقا كفضاءات لمنشآت ترفيهية مفتوحة في وجه الساكنة والعبث بها بحجج واهية ومن دون وجه حق، كما ورد على لسان الساكنة، لم يستسيغوا كل هذا فبادروا إلى البحث بكل الطرق والوسائل، لأجل إثبات زيف ادعاءات الصندوق ، خاصة بعد أن لمسوا تحركات قوى خفية تتحرك تحت جنح الظلام بين بركان ، وجدةوالرباط عبر فاس للإسراع بطمس معالم الجريمة البيئية بعدما تم الإستيلاء على حديقة سوكاتور والإجهاز عليها بعد إعدام عشرات الأشجار عمرت لمدة تزيد على عقود من الزمن. الجديد في الملف المعروض على الاستئنافية الإدارية بمدينة الرباط، أن السكان اكتشفوا صورا جوية حديثة للمجمع السكني قبل عبث الصندوق ومن حرك خيوط الجريمة بالمجمع، الصور تبين بالواضح ، وجود مجموعة أشجار بالبقعة المستولى عليها ، وبالتالي دحض ادعاءات من أنكر وجود الحديقة أصلا. يقول أحد السكان المتضررين في تعليقه على الوضع : «.. كل من حاول إنكار وجود الحديقة فهو متآمر، بل حتى تقرير الخبرة المطعون في دقته مشكوك في أمره، ألم يكن من الواجب على هؤلاء الذين تداولوا الملف أن ينتبهوا إلى ذلك؟ ..». سكان سوكاتور الذين رفضوا أن تنطبق عليهم حكاية الثيران الثلاتة، انتبهوا إلى كون الملف المعروض على القضاء هو محاولة من صندوق الإيداع والتدبير لجس نبض السكان للإجهاز على باقي المساحات الخضراء بعد أن سال لعاب أباطرة الإسمنت وتجندوا للإستيلاء عليها وتنفيذ مخطط مدروس لتحويل باقي المساحات الخضراء إلى بنايات سكنية وتغيير المعالم الطبيعية للمجمع السكني. أحد السكان الذين التقيناهم في زيارتنا لعين المكان احتج على المسؤولين بشدة قائلا : «.. لا أعتقد بأن أحدا له من النزاهة والمصداقية سيقبل بمثل هذا العبث المعماري، لا أعتقد بأن أحدا سيقبل أن يتم حجب الضوء عنا والتجسس علينا ليل نهار في عقر دارنا، فأباطرة العقار لم يكتفوا بإعدام حديقة عمرت لعقود فقط، بل قاموا بإقامة برج مراقبة ملاصق لمنازلنا يطل بشكل فاضح على أزيد من خمس إقامات سكنية ، فماذا يريدون منا؟ هل يريدوننا أن نرحل تاركين لهم المكان؟ لانقبل أن يتذرعوا بأسباب وتبريرات واهية من أجل تزكية الفساد والتلاعب، لانقبل أن يقولوا لنا بأن المقتني قد استثمر ماله وستلحقه خسارة مالية كبيرة، لانقبل أن نتحمل تبعات أخطاء الغير، فهم من وضعونا في هذا الموقف وعليهم هم لوحدهم تحمل تبعات أفعالهم وإصلاحها بعيدا عنا، لن نسكت ولو استدعى الأمر خوض أشكال احتجاجية أكثر ، لقد أكثروا من تدخلاتهم لتركيعنا وقبول الوضع الجديد، لكن نحن لن نركع ونحن على صواب وأصحاب حق..». تطورات في ملف قيل حوله الكثير كان المجمع السكني سوكاتور بالسعيدية تابعا لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير ، هذه التجزئة احتوت على مجموعة من القطع الأرضية المهيأة للبناء ، حسب ما هو ثابت في تصميم التجزئة، إلا أن الصندوق فوت حديقة تتوسط مجموعات من الفيلات الى أحد الأشخاص وهذه الحديقة هي عبارة عن شتات وبقايا من تلك القطع الأرضية، لذلك فالفضاء لم يهيأ كقطعة أرضية قابلة للبناء، كما لم يتم وصله كما هو الشأن بالنسبة لباقي البقع الأرضية، بالشبكات الداخلية من توزيع الماء والكهرباء وصرف المياه العادمة، هذا فضلا عن أنه تم تشجيره منذ مدة تفوق عشرين سنة وأصبح يشكل مساحة خضراء تتم العناية بها الى أن تم اجتثاث هذه الأشجار وإقامة بناء اعتبره السكان غير قانوني بمقتضى عقد بيع فوت للسيد (م. ب)، هذه الحديقة بناء على رخصة تجزئة مسلمة من طرف رئيس المجلس البلدي للسعيدية ، يأذن بمقتضاها بالتجزئ وباقتطاع وإحداث رسم عقاري مستقل يستخرج من الرسم العقاري الأم وأعطي لهذا الفضاء المشتمل على مساحة 620 مترا مربعا جزء رقم 58 مكرر، وهذا خلاف العقود المعمول بها مع صندوق الإيداع والتدبير بواسطة الشركة الفرعية الحاملة لتسمية سوكاتور والتي تحرر بشكل معين وترفق بتصميم بناء محدد مسبقا، واعتبارا الى أن رخصة التجزئة والاقتطاع جاءت مخالفة لضوابط التعمير خاصة مقتضيات المادة العاشرة من الظهير الصادر بتاريخ 07/06/1992 بتنفيذ القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير وأن الرخصة المذكورة تسلم للبقع الأرضية المهيأة مسبقا وفق تصميم التجزئة المطابق لضوابط التعمير، وأن تصميم التهيئة من خلاله يتضح أنه يحتوي على 93 بقعة وليس من بينها الفضاء المفوت من صندوق الإيداع والتدبير، ونظرا للآثار الناجمة عن القرار والمتمثلة في منح رخصتين للبناء، الأولى بتاريخ 09/05/2008 تحت عدد 138/08 مسلمة للسيد (ب. م) لبناء مساحة قدرها 123 مترا مربعا عن الطابق السفلي و 123 مترا مربعا عن الطابق العلوي، والثانية بتاريخ 24/12/2009 وعدد 311/09 والتي تأذن بتغيير الاسم من السيد (ب. م) الى السيد (م. ت) مع تغيير في السفلي والطابق الأول بإضافة 59 مترا مربعا للأول و 28 مترا مربعا للثاني ، واعتبارا الى أن القرار مشوب بالتجاوز في استعمال السلطة لعيب عدم الاختصاص وعيب انعدام التعليل ومخالفة القانون والانحراف في استعمال السلطة، فبالنسبة لعدم شرعية القرار ومخالفته للقانون يتبين ذلك من كون القرار الصادر عن السيد رئيس الجماعة الحضرية لمدينة السعيدية بتاريخ 28/02/2008 ودون رقم جاء غير شرعي لكونه لم يحترم مقتضيات قانون التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات رقم 25.90 . المجزئ عمد الى البناء في قطعة هي عبارة عن مساحة خضراء رغم أن الفصل 22 من دفتر التحملات المتعلق بالتجزئة نص بصريح اللفظ على أن الأجزاء من القطع المتروكة حرة من البناء سيتم إعدادها لتكون حدائق، ورغم أن قرار الترخيص بالتجزئ موضوع الطعن قد استند إلى محضر اللجنة المؤرخ في 08/02/2008، فإن المحضر المذكور غير موجود لدى مصالح بلدية السعيدية حسب ما يؤكده محضر المعاينة التلقائية المؤرخ في 08/02/2010، هذا فضلا عن أن قرار الترخيص بالبناء المؤرخ في 09/05/2008 تحت عدد 188/08 قد انتهت صلاحيته بتاريخ 08/05/2009، ورغم ذلك فإن الجهة المطلوبة في الطعن قد منحت ترخيصا آخر تحت عدد 311/09 أذنت بمقتضاه بتغيير الاسم والمساحة عن طريق الإضافة الى المساحة المرخص بها في القرار الأول ، الشيء الذي يجعله مبني على فراغ وعمل على تعديل شيء لا وجود لأصله ومخالف للمادة 49 من قانون التعمير . مع العلم أن الوكالة الحضرية قد أكدت على أن قرار التجزئ قد تم رفضه، لكون الأمر يتعلق بتجزئة مصادق عليها ولكون القطعة الأرضية موضوع النزاع هي مجرد شتات لا يمكن أن يكون محل تجزئ، هذا فضلا عن السيد (ت. م) يؤكد على أن قرار التجزئ قد صدر عن لجنة ثلاثية وبالتالي فالقرار مشوب بعيب الاختصاص، ذلك أن رأي اللجنة هو رأي استشاري فقط، أما بخصوص تطبيق مقتضيات ظهير 30/09/1953 وليس قانون 25/90 فإن ذلك مخالف للقانون باعتبار أن تجزئة سوكاتور قد أنجزت في إطار الظهير الأول ووقع التسليم النهائي بتحديد البقع الصالحة للبناء واستخراج الرسوم العقارية، أما قرار الترخيص بالتجزئ المطعون فيه فقد صدر لاحقا والقانون المطبق هو القانون الذي يسري وقت صدور القرار المذكور . حكم وطعن وعناصر جديدة لقد قضى الحكم التمهيدي رقم 312 المطعون بإجراء خبرة بواسطة خبير حدد مأموريته في منطوقه دون أي تعليل ودون بيان الأسباب، بحيث اكتفى بالقول «حيث ارتأت المحكمة وقبل مناقشة الوسائل والدفوع المثارة بشأنها، الحكم تمهيديا بإجراء خبرة بواسطة الخبير قصد الوقوف على الحديقة والاسترشاد برأيه .... في حين يجب أن يكون كل حكم معللا تعليلا كافيا وهذا ينسحب حتى على الأحكام التمهيدية ، بحيث أن بيان الأسباب التي جعلت المحكمة لا تتمكن من البت في القضية على حالها من دون اللجوء الى الخبرة ضرورة لازمة، ومن دون بيانها يكون الحكم غير معلل، وبالتالي متنصلا من القضاء في النازلة بلجوئه الى تفويض القضاء للخبير . بل الأدهى أن التعليلات الرامية الى إجراء خبرة جاءت في الحكم الصادر في الموضوع وبالطبع بناء على ما جاءت به الخبرة، بمعنى أن الخبير هو الذي أتى بتعليلات الحكم التمهيدي ! لقد كان على الخبير، يقول أحد أعضاء هيئة الدفاع «.. أن يمتنع على الجواب عن سؤال المحكمة، لأن له علاقة بالقانون ظهير 1953 وكناش التحملات) بل وصل الأمر بالخبير إلى درجة الإدلاء بنص الفصل 76 من قانون 92-25 وكأن المحكمة تجهل القانون .(علما بأن المحكمة ذاتها قيدته بظهير 1953 . مما يجعل الخبرة مخالفة لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من ق.م.م ومنعدمة الأثر . لقد جاء في تقرير الخبرة بأنه تبين أنه لا يوجد أي تصميم كلي لتجزئة سوكاتور مصادق عليه، هل لكونه من الأساس لا وجود له، أم تم تغييبه بفعل فاعل، علما بأنه سبق للمجلس البلدي ، المهندس البلدي، بأن صرح في محضر ملف التنفيذ عدد 24/10 بناء على الأمر القضائي ع .م 127/10 المدلى به سابقا في الملف، أن صرح للمفوض القضائي بأن التصميم لا تتوفر عليه حاليا البلدية وأنه بإمكانه تمكينه منه بعد حوالي أسبوع، دون جدوى. ويضيف المشتكون في ردهم على ماورد في تقرير الخبرة الذي ارتكزت عليه المحكمة في إصدار حكمها أنه «.. جاء في تقرير الخبرة ذكر التصميم الطبوغرافي الإجمالي الذي يوضح بدقة جميع مواقع ومساحات البقع وكذا الرسوم العقارية المستخرجة منه بعد عمليات الاقتطاع كما يؤكده جواب السيد المحافظ العقاري ببركان بالنسبة لجميع الاقتطاعات المنجزة على الرسم العقاري عدد 49277 ، ويبين كذلك الطرق وموقف السيارات وكل ما تبقى من المساحة الباقية كما يتبين بأنه لا يوجد أي جزء من هذه المساحة الباقية تحمل تسمية خاصة تتمثل في مساحة خضراء أو حديقة أو أي ارتفاق عمومي آخر . والحال أننا نحن الذي نتمسك بهذا التصميم منذ البدء وهو الذي يظهر بجلاء أن لا وجود لأي جزء يحمل رقم 58 مكرر إطلاقا، كما أن جواب المحافظ جاء ردا على كتاب وجهة المحامي حيث تلافى المحافظ الرد على السؤال بذلك الرد التمويهي، حيث أن السؤال والذي كان بحضور المفوض القضائي ( بتاريخ 25 فبراير 2010 هو المطالبة بنسخة من محضر التسلم المؤقت للتجزئة ومحضر التسلم النهائي ودفتر التحملات والتصميم الكلي للتجزئة ، غير أنه أجاب بأن هاته المحافظة لا تتوفر على هاته الوثائق ( سبق الإدلاء بمحضر المفوض القضائي بهذا الصدد ) وكل ما فعله المحافظ هو توجيه ذلك الكتاب الذي تحدث عنه الخبير وأدلى بصورة منه رفقة تقريره والذي هو في صالح المنوب عنه وضدا على الجهة المطعون ضدها . فلو سايرنا كلام الخبير الذي يتحدث عن ( المساحة الباقية - وهي تسمية ابتدعها حتى تفي بالغرض الذي يرومه لأن ما جاء في دفتر التحملات هو الحديث عن الفضاءات الفارغة العمومية - ) أنه لا يوجد أي جزء من هذه المساحة الباقية يحمل تسمية خاصة تتمثل في مساحة خضراء أو حديقة أو أي ارتفاق عمومي آخر لكانت تجزئة السوكاتور كلها بناءات إسمنتية ولا وجود لأية مساحة خضراء أو فضاء عمومي ، بل إن عدم وجود التسمية هو الذي يؤكد بأن المساحات الخالية من البناء تحول إلى فضاءات وحدائق وإلا لما كان للفصل الثالث من دفتر التحملات أي معنى وهو يتحدث عن الطرق والفضاءات الفارغة العمومية كما جاء أيضا على لسان الخبير في الصفحة السادسة بخصوص الباب الثاني . فضلا عن ذلك كان على المحكمة مصدرة الحكم المستأنف ومعها الخبير أن يتوقفا عند الفصل الرابع من دفتر التحملات تحت عنوان مصاريف الصيانة المشتركة ليتبين له من خلال الفقرة الثالثة منه أن من بين ما تعطيه هاته المصاريف هو السقي ( ARROSAGE ) وبطبيعة الحال فإن السقي يقصد به سقي الحدائق والمساحات الخضراء وليس الطرقات والمر ائب والفضاءات الفارغة العمومية . وحيث جاء في الباب الثاني، الفصل الثالث من دفتر التحملات المخصص لملكية الأرض المشتركة الذي يبين أن داخل حدود التجزئة أجزاءها الخارجة عن حدود بقع المشترين تمثل الأرض المشتركة تخصص للطرق والفضاءات الفارغة العمومية وذاك ما أعاد ذكره الخبير في الصفحة السادسة من التقرير . وبالتالي ألم يتمكن الخبير من استيعاب مفهوم عبارة أو لفظ « المشتركة « وأيضا مفهوم عبارة « الفضاءات الفارغة العمومية « بطبيعة الحال المشتركة تعني الغير المفرزة والتي لا يستقل ولا يستأثر بها طرف واحد سواء أكان المشترون أو مالك التجزئة ذاته ومعنى التفويت وعدم حق الاعتراض يدل على تفويت الأرض المشتركة على أساس أن تبقى مرصدة للغاية التي أعدت لها بمعنى إذا كانت موقفا له للسيارات تبقى كذلك ويكون للمفوت له أو للمفوض له حق التدبير والتسيير وإذا كانت ملعبا رياضيا تبقى كذلك على أن يعهد تسييره أو تدبيره للشخص المفوت له وكذلك الشأن بالنسبة للمقصف وملاعب التنيس وجميع الفضاءات الفارغة العمومية التي يمكن أن يسند أمر صيانتها أو العناية بها لأحد من الاغيار ، وان قلنا بعكس هذا فسيستبيح بيع الطرقات وسمح للصندوق التصرف في الفضاءات العمومية ..الخ علما بأن الفصل الثالث تحدث عن الفضاءات الفارغة العمومية ، في حين وجد لها الخبير تسمية أخرى وهي المساحة الباقية ! . وحيث أن الفصل 22 من دفتر التحملات يتحد ث بصريح العبارة عن أن القطع الأرضية التي تترك عارية من أي بناء تعد لكي تكون حدائق تتم المحافظة عليها والاعتناء بها على أساس موافقة صندوق الإيداع والتدبير . أما التحجج بأن ذلك البند يخص فقط حدائق الفلل من الداخل فذاك ما يدعو إلى الدهشة والاستغراب . إنه بعد تطبيق تصميم التجزئة فإن ما يتبقى من طرق ومساحات فارغة يتحول مبدئيا إلى الملك العمومي للجماعة الحضرية وهو ملك غير قابل للتفويت والتداول والتملك أو التمليك . فما وقع الترخيص به من طرف الجماعة الحضرية للسعيدية وما بيع من طرف صندوق الإيداع والتدبير» السوكاتور» يدخل في الملك العمومي ولا يحق لأي كان أن يتصرف فيه ..» الآن وبعد أن «دخلت صور موقع غوغل» على الخط مؤكدة أن المساحة موضوع النزاع عبارة عن حديقة، فهل سينصف القضاء السكان المتضررين أم أن المعاناة ستستمر وتفتح الباب على مصراعيه لعمليات ترامٍ وإعدام للفضاءات الطبيعية بمدينة السعيدية؟ ذلك ماستبينه لنا الأيام والأحكام...