موضوع التعذيب في آسفي ظنه البعض ملفا منتهيا وتصلح أوراقه للاستقرار في أرشيف الذاكرة. لكن نسي هذا البعض أن الله جعل سر قوته في أبسط خلقه .. و من لم يكن ينتظرهم أحد أن يبقوا مصرين على ملاحقة جلاديهم ، هم اليوم من يصنعون الفارق ويطالبون عبر وسائل الإعلام الوطنية والرسائل المرفوعة إلى الجهات المعنية من عدل وقضاء ومجالس وجمعيات حقوق .. أن يستردوا حقهم ويستفيدوا من جبر الضرر المادي والنفسي.* مكتب آسفي: محمد دهنون موضوع التعذيب في آسفي ظنه البعض ملفا منتهيا وتصلح أوراقه للاستقرار في أرشيف الذاكرة. لكن نسي هذا البعض أن الله جعل سر قوته في أبسط خلقه .. و من لم يكن ينتظرهم أحد أن يبقوا مصرين على ملاحقة جلاديهم ، هم اليوم من يصنعون الفارق ويطالبون عبر وسائل الإعلام الوطنية والرسائل المرفوعة إلى الجهات المعنية من عدل وقضاء ومجالس وجمعيات حقوق .. أن يستردوا حقهم ويستفيدوا من جبر الضرر المادي والنفسي. ياسين المهيلي الذي أرسلته حفلات التعذيب بكوميسارية آسفي إلى أهله معطوبا وشبه مشلول ، باتت حكايته معلومة لدى الجميع ، لكن ليس هو الوحيد الذي ذاق من «غلة التعذيب» والمعاملة القاسية الحاطة من كرامة البشر، بل هناك شباب آخرون منهم من تعفف عن ذكر التفاصيل ، ومنهم من يتشبث إلى حدود الساعة بكشف وفضح ما وقع يوم فاتح غشت وثانيه من السنة الماضية في ولاية الأمن . عمر مرتاب صديق حميم لياسين المهيلي ، تشاركا معاناة النضال على الشغل، والاعتقال، بل تجاورا في زنزانة واحدة لتسعة أشهر، ذاقا خلالها الأمرين وعاشا على أمل معانقة الحرية والبحث عن الإنصاف . الاتحاد الاشتراكي» عبر مكتبها في آسفي استقبلت هذا الشاب الجريء والهادئ من أجل التحاور والإنصات له ولبعض التفاصيل والحقائق التي عاشها هو الآخر في «ملحقة دار المقري الجديدة « التي فتحت أبوابها في الصيف الماضي باسفي ... !!!!! ، والتي استقبلت أفواج المعتقلين في فاتح رمضان المنصرم أيضا ، والذي يعيش اليوم وضعا نفسيا جد متدهور نتيجة تداعيات الاعتقال والتعذيب أقرب إلى الرهاب النفسي كما شخص ذلك طبيب متخصص. إليكم التفاصيل . { هل يمكن أن تعيد لنا شريط اعتقالك بتركيز و بوصف دقيق..؟ قصة اعتقالي سابقة على تاريخ عرقلة سكة القطار وإحراق المقاطعة وتخريب الكوميسارية ، لأن استهدافي من طرف رئيس الشرطة القضائية آنذاك ومن معه، تم في العديد من الوقفات والاعتصامات ، عندما كنا نتلقى عنفا لا مثيل له من عناصره أمام مقر الولاية وفي معتصمات أخرى ، لقد كان يعتبرنا رؤوس فتنة داخل تنسيقية خريجي المعاهد والجمعية لاحقا، ومما زاد الطين بلة .. هو الشكاية التي تقدمنا بها إلى السيد الوكيل العام لمحكمة الاستئناف نتهم فيها الحامد رئيس مصلحةالشرطة القضائية بضربنا .. بتاريخ 16 ماي 2011 ، أي سنة لحد الآن، كنا نحن 11 عضوا من تنسيقية المعاهد الذين توجهوا بتلك الشكاية . بطبيعة الحال عندما سنحت الفرصة كنا من بين من يجب أن يؤدي الثمن ناجزا انتقاما منا ، ومن البيانات التي كنا نصدرها ونتحدث فيها وندين العنف المبالغ فيه لمجموعة من رجال الأمن وعلى رأسهم الضابط المذكور. { إذن المسألة تتعلق بتصفية حسابات وبشكاية وببيان .. بعدها كنت في «ضيافتهم» هناك .. وتحدثت للشباب ولمن زارك من المناضلين أنكم تعرضتم للتعذيب .. ؟ يومان من شتى أصناف الضرب والتعنيف.. لقد لعبوا بنا الكرة، تقاذفتنا أرجلهم، لن أنسى حذاء أمريكيا من نوع «الكات» كان يتجول بأريحية فوق لحمي وعلى عظامي ..! .. { وضح لنا أكثر ..؟ العنف بدأ بمجرد اعتقالنا أمام فيلاج أنطونيو، وتواصل بدون انقطاع في مقر الأمن ، كل من يدخل يوجه لك لكمة أو صفعة أو «يضربك بنص» ، ونحن مصفدون مع الكراسي ومع المكاتب ، وتصور معي أن يقذف بك أحدهم وأنت ملتصق مع كرسي، ورجل من هنا ورجل من هناك ، الكل يضرب كيفما اتفق، كانوا يقولون لنا .. «باغين تخدمو ، ملي غادي تخرجو باقين تدويو على الخدمة ، الله آدين مكم أولاد القح... يا الق .. تاتشوفو آش كيستناكم . » { تحدث ياسين وبعض المعتقلين ممن التقيناهم ، أن البانضة كانت رفيقة وفية لعيونكم قبل ترحيلكم إلى السجن وتقديمكم إلى السلطة القضائية .. هل صحيح..؟ أصدقكم القول الدراري داروا ليهم البانضة ، والعصا ديال المعقول ، شربة ماء يرفضون تقديمها لنا بعد يوم صيام طويل ، وتعرف أننا اعتقلنا بيومين ومكثنا عندهم بالجوع .. كانوا هائجين بشكل كبير والعملة الوحيدة التي صرفوها معنا سواء في اليوم الأول أو رمضان ، هي العنف .. أنا لم يضعوا لي البانضة ، لكن «ورموني عصا »والضربات بقيت أحمل آثارها حتى بعد مرور أكثر من شهر على وضعنا في السجن . { قيل إنهم استعملوا الزراويط وعصي البلياردو في «تطويع» ضلوعكم ..؟ نعم .. ليس فيهم لا شفقة ولا رحمة ، السباب والركل ، خرجنا نحتج ، اعتقلنا وعوملنا مثل عتاة المجرمين .. ما قاله ياسين في استجوابه مع جريدتكم ، هو عين الحقيقة وأبصم على ذلك بالعشرة { التهديد بالاغتصاب و الخوزقة من أجل التوقيع بالإكراه على المحاضر .. ؟ نعم شخصيا وقعت لأنهم هددوني بالاغتصاب .. «إلى ما وقعتيش غادي ندخلو عليك ربعة، وشوف شكون غادي يفكك ديك الساعة » التهديد ، الضرب ، رغما عنك . { أنت كنت كما قلت من الذين لم توضع لهم البانضة .. هذا كاف لكي تميز من كان يضربك ويعذبك ويعلقك بين المكاتب، هل تتذكر بعض الوجوه ..؟ اتذكرهم كلهم، الحامد كان يدخل ليرانا، و عندما يخرج يدخل الآخرون ، ويستمر التعذيب ، لو عرضوهم علي لميزتهم .. أكثر من هذا رأيناهم في مسرح الجريمة الذي بث على قناة ميدي 1 و نحن في السجن . { البرنامج الذي صورت فيه جريمة درب بوجرتيلة بالمدينة العتيقة ..؟ إذا عادوا لذلك البرنامج، سأريهم كل من عذبنا، وأطالب القضاء ووزير العدل وكل المسؤولين الغيورين على هذا الوطن بفتح تحقيق صارم في أمر التعذيب الذي لاقيناه من طرف العميد المذكور رئيس الشرطة القضائية ، «راهم دوزوا علينا العذاب»، لقد ضربوني على العمود الفقري وعلى صدري ، بحركة تشبه حركات التكواندو ، يضربك على فمك لتنحني كليتك ، والضربة / المطرقة بالأرجل حتى تنهار بشكل كامل { سمعنا أنهم أزالوا ملابسكم وقدمتم إلى المحكمة حفاة مكدومين .. ؟ عندما كانوا يحققون معنا بالطريقة الوحشية ، مر من أمامي مجموعة من الصغار عراة إلا من تبان يلبسه الواحد فيهم، أذكر أنهم كانوا قاصرين ولا ملابس على أجسامهم بالمطلق ، أما نحن فعلوا معنا كل شيء ، نعم ذهبنا للمحكمة وقدمنا للنيابة العامة حفاة وآثار التعذيب والضرب بادية علينا جميعا، حتى أن مريضا عقليا كان معتقلا معنا لم يسلم من العنف . { ماهي كلمتك الأخيرة .. بعد أن عرفت ووضحت وشرحت حقيقة ما وقع يوم فاتح غشت الماضي في كوميسارية آسفي ..؟ جبر الضرر ، النفسي أولا. يجب أن أعرض على خبرة طبية عالمة ومتخصصة، تراودني كوابيس في نومي وهلوسات في يقظتي ، تصفية ملفاتنا القانونية وتبرئتنا نهائيا من ملف مطبوخ ، فنحن لم نحرق لا مقاطعة ولا كوميسارية، تم الزج بنا في هذا الملف ظلما وعدوانا .. نحن شباب نحمل دبلومات ، لا ننتمي للأجندات المتطرفة ، وغير متسيسين بالمرة .. خرجنا وسط حراك مغربي ، نطلب الشغل والشغل فقط . وأصر على ملاحقة من عذبوني بالطرق القانونية .. راسلت المجلس الوطني لحقوق الإنسان وراسل أبي وزير العدل .. وما زلنا ننتظر تحريك المتابعة القانونية والتحقيق بشان التعذيب الذي تعرضنا له .. وعموما من اعتقد أنه سيفلت بجريرته أو جريمته فهو خاطئ.